كانت صافرة المباراة الافتتاحية في بطولة «كأس العالم FIFA قطر 2022» بين قطر والإكوادور، يوم الأحد الماضي، لحظة فارقة في لعبة كرة القدم، حيث كان ذلك إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من استخدام التكنولوجيا في عالم الساحرة المستديرة، بإطلاق يد التكنولوجيا بشكل غير مسبوق لم يحدث من قبل في تاريخ اللعبة.
وسخّر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) خلال المونديال الحالي، أنواعاً مختلفة من التقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتحسين الأداء وتجربة كرة القدم لمشجعيها داخل الملعب وخارجه، بعد أن أُقر من قبل، نظام الحَكم المساعد بالفيديو (VAR) في كأس العالم الماضية (روسيا 2018)، وهو النظام الذي تم تطبيقه في أكثر من 100 مسابقة كروية حول العالم.
ويشهد «كأس العالم FIFA قطر 2022» عدداً من التقنيات المستحدثة؛ أبرزها تقنية الكرة الرسمية لكأس العالم، والمعروفة باسم «الرحلة» (كرة الرحلة)، والتي أنتجتها شركة «أديداس» في مصر، ونفذها أول مصنع بالبلاد معتمد عالمياً في مجال تصنيع كرة القدم، وتحتوي على مستشعر داخل الكرة يمكنه اكتشاف سرعات اللعبة القصوى. وبحسب «فيفا»، فإن الكرة تنتقل في الملعب أسرع من أي كرة في تاريخ البطولة.
وتحتوي الكرة أيضاً على عنصر للكشف عن حوادث التسلل لمستشعر وحدة القياس بالقصور الذاتي (IMU) الموجود داخل الكرة. ويتم إرسال بيانات الكرة إلى غرفة عمليات الفيديو أكثر من 500 مرة في الثانية، مما يعطي كشفاً دقيقاً إلى حد ما، عن نقطة الركلة.
بدوره، استقبل رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أول من أمس، مسؤولي الشركة المصرية المنفذة للكرة. ونقل بيان حكومي أنّ شركة الدكتور جاسر السيد رئيس مجلس إدارة شركة «فورورد إيجيبت» للصناعات الرياضية، تُشارك في تصنيع حصة محددة من كرة القدم الرسمية لبطولة كأس العالم لعام 2022، إلى جانب مصنعين آخرين في اثنتين من دول العالم.
وأضاف أنّ شركة «أديداس» العالمية اعتمدت مصنع شركة «فورورد إيجيبت»، وتعاقدت مع الشركة من أجل إنتاج 1500 كرة قدم بقياسات عالمية. وأشار إلى أنّ مصنع الشركة بمصر، يُعد الأول والوحيد المعتمد من شركة «أديداس» العالمية في الشرق الأوسط.
واستخدم «فيفا» نظاماً جديداً هو تقنية التسلل شبه الآلي، لاكتشاف موقع كرة القدم، ومساعدة الحكام على اتخاذ قرارات تسلل دقيقة، بمساعدة 12 كاميرا تتَبُّع حول الملعب وكرة الرحلة. وسيؤدي ذلك إلى تقليل الاعتماد على عمليات إعادة التشغيل المطوّلة بتقنية VAR لتحديد ما إذا كان اللاعب متسللاً أم لا.
أما تقنية تبريد الملاعب، فقد تم استحداثها مع المخاوف من الظروف البيئية والطقس الحار في قطر. وتتميز 7 من الملاعب الثمانية التي تستضيف البطولة، بتقنية تبريد متقدمة للحفاظ على برودة الجو داخل الاستاد، من خلال دفع الماء البارد في خط أنابيب أسفل الملعب، والذي سيتم تحويله إلى هواء بارد، ودفعه إلى ميدان اللعب ومناطق جلوس المتفرجين بطريقة تعتمد على الذكاء الاصطناعي ومستشعرات عالية الدقة.
قام «فيفا» أيضاً بتوظيف التكنولوجيا لمساعدة ذوي الإعاقة البصرية على الاستمتاع بكأس العالم وعيش تجربته مثل أي شخص آخر، وذلك عبر أجهزة اتصال تعمل باللمس لنقل رسائل تشبه طريقة «برايل» -وهو أسلوب يعتمد الكلمات الناتئة ليتمكّن المكفوفون من قراءتها- إلى المشجعين أثناء المباريات.
كما يتم استخدام تطبيق FIFA Player الذي طوّره فيفا. وسيمنح التطبيق مقاييس أداء اللاعبين وتحليله، ومقاييس الأداء البدني، ومواقع التسلم والضغط على اللاعب المستحوذ على الكرة.
كما اعتمد «فيفا» نظاماً جديداً لاحتساب الوقت بدلاً عن الضائع، حيث يقوم الحكم الرابع وبمساعدة من حكام غرفة (VAR)، بالتدقيق في إيقاف التوقيت.
وهذه التقنية الأخيرة أحدثت جدلاً بين الجماهير مع امتداد زمن المباريات، وهو ما يدعو للتساؤل: هل حققت التقنيات الحديثة زيادة المتعة الجماهيرية؟ وإلى أي مدى تمكنت من تحقيق العدالة التحكيمية؟
يقول الناقد الرياضي أيمن أبو عايد لـ«الشرق الأوسط»: «يسعى (فيفا) بشكل دائم لتحقيق العدالة داخل البساط الأخضر، وهو ما تجلى بداية في ظهور نظام الحكم المساعد بالفيديو (VAR) في نسخة كأس العالم الماضية، والتقنية المستخدمة لتحديد عبور الكرة بكامل محيطها خط المرمى من عدمه، وبالتالي تحديد مشروعية الهدف. ثم كان ما رأيناه من تقنيات حديثة تطبق لأول مرة في كأس العالم FIFA قطر 2022، وهو أمر يحسب لإدارة (فيفا)، حيث السعي المتواصل لتحقيق العدالة وحسم حالات الشك بالتطور التكنولوجي».
إلا أن الناقد المصري يرى من ناحية أخرى، أن هذه التكنولوجيا قد أخرجت اللعبة عن سياقها بإفقادها عنصر الإثارة، مستشهداً في ذلك بمقولة السويسري جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السابق، بأنّ «أخطاء التحكيم جزء من متعة كرة القدم»، مضيفاً: «هذه التقنيات تقضي على كلّ ما هو مثير في لعبة تحتاج للإثارة بشكل دائم لمتابعتها. كما أن المشاهد العادي قد يصيبه نوع من الريبة والشك بسببها، وهو ما رأيناه في مباراة الافتتاح بين قطر والإكوادور مع إلغاء الهدف الذي سكن شباك العنابي في أول دقائق المباراة».
ويرى «أبو عايد» أن هناك قرارات بسيطة يمكن أن يقرها «فيفا»، تسهل من العدالة وتحافظ على المتعة، قائلاً: «على غرار قوانين كرة اليد، يمكن إقرار أن أي كرة تلمس يد المدافع تحسب ركلة جزاء، وهو ما يلغي الجدل نهائياً حول ذلك، دون الرجوع لتقنية فار أو تدخل الحكم لرؤية وضعية اليد، وهو ما يحافظ على متعة الكرة ويحقق العدالة في الوقت نفسه».
كُرة صُنعت بمصر وملاعب مبرّدة... ما جديد مونديال قطر تقنياً؟
كُرة صُنعت بمصر وملاعب مبرّدة... ما جديد مونديال قطر تقنياً؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة