جلسة سادسة للبرلمان اللبناني تفشل في انتخاب رئيس... واسم فرنجية يظهر للمرة الأولى

باسيل لكوادر «الوطني الحر»: من دوننا لا يمكنهم إيصال رئيس للجمهورية

الرئيس نبيه بري يدلي بصوته أمس (إ.ب.أ)
الرئيس نبيه بري يدلي بصوته أمس (إ.ب.أ)
TT

جلسة سادسة للبرلمان اللبناني تفشل في انتخاب رئيس... واسم فرنجية يظهر للمرة الأولى

الرئيس نبيه بري يدلي بصوته أمس (إ.ب.أ)
الرئيس نبيه بري يدلي بصوته أمس (إ.ب.أ)

ظهر اسم رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية في صندوق الاقتراع الرئاسي بالبرلمان اللبناني أمس، للمرة الأولى منذ انطلاق جلسات انتخاب الرئيس الست التي بدأت في سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت الأخيرة أمس، من غير أن تثمر عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيما هاجم النائب جبران باسيل الوزير فرنجية في تسريب صوتي، وانتقد حقبة التسعينات، مما دفع برئيس مجلس النواب نبيه بري للرد قائلاً: «في جميع الحالات ما كان الأمر عليه في العام 1990 نعتقد أنه أفضل مما قدم لنا في السنوات الست الماضية والذي يتلخص: عون - باسيل - جريصاتي».
وفشل البرلمان اللبناني، أمس، للمرة السادسة على التوالي في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في ظل غياب أي توافق بين الكتل على تزكية رئيس يحوز ثلثي أصوات أعضاء البرلمان (86 نائباً) في الدورة الأولى، أو يضمن تأمين نصاب الجلسة في الدورة الثانية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، لانتخاب رئيس بالأكثرية المطلوبة في الدورة الثانية.
وحاز النائب ميشال معوض في الجلسة الأولى 43 صوتاً في مقابل 46 ورقة بيضاء، و7 أصوات لعصام خليفة، و9 أوراق حملت عبارة «لبنان الجديد»، فيما حاز الوزير الأسبق زياد بارود 3 أصوات، بعد صوت له في الجلسة السابقة، وحاز رئيس «المردة» سليمان فرنجية صوتاً واحداً، للمرة الأولى منذ أول جلسة، كما حاز ميشال ضاهر صوتاً، وسجلت ورقتان في حكم الإلغاء. وبعدما خرج نواب قوى «8 آذار» من القاعة، فقدت الجلسة نصاب الثلثين، فرفع رئيس المجلس نبيه بري الجلسة، وحدد أخرى في الأسبوع المقبل.
وورود اسم فرنجية لا يخلو من مؤشرات جديدة، رغم تأكيد مصادر قريبة من «حركة أمل» التي يرأسها بري، أن من اقترع لفرنجية ليس أحد نواب «كتلة التنمية والتحرير»، بالنظر إلى أن فرنجية لم يعلن ترشحه بعد، فيما يدفع بري و«حزب الله» على حد سواء للتوافق على اسم الرئيس المقبل. أما حصول بارود على 3 أسماء، فهو مؤشر آخر عبّر عنه أحد داعمي وصوله، وهو نائب رئيس البرلمان إلياس بوصعب، بالقول إنه أعاد التصويت له مرة أخرى، وحصل على صوتين إضافيين «من دون كتلة أو حزب يتبناه»، وأضاف: «لا أعرف إذا يريد التواصل مع الآخرين الآن، ولو أنه غرّد بعدم إعلان ترشحه حالياً، وأنا لم أدفع بأي اتجاه»؛ في إشارة إلى زيادة أصوات بارود.
أما ميشال معوض، فبرر تراجع أعداد أصواته عن الجلسة السابقة بـ«حصول نوع من التراجع ناتج عن تدخلات نعرفها تماماً حصلت الأربعاء مع مجموعة من بعض النواب المستقلين». وتحدث عن تطور آخر «لم يترجم اليوم (أمس) وأصبح واضحاً للإعلام مع بعض النواب التغييريين بالذات مع نواب (تقدم) بين مارك ضو ونجاة عون»، موضحاً: «توصلنا إلى توافق مبدئي؛ لكنه لم يترجم في هذه الجلسة؛ لأنه يحتاج إلى ترجمة سياسية قبل أن يتحول إلى ترجمة نيابية». وشدد على أن «المعركة التي نخوضها وفي بعض الأماكن تصبع معركة خنادق. هي معركة بين محاولة جدية أخوضها لـ(لبننة) الاستحقاق، وبين محاولة لانتظار التسويات والمساومات الدولية. هناك من ينتظر كلمة سر وماذا سيحصل ولا يريد أن يكون واضحاً في ترجمته للأمور».
وبدا أن التأزم يتضاعف في ظل عدم الاتفاق على رئيس، وتشظي الكتل المؤثرة بين خيارات متعددة، وظهر ذلك ضمن انطباع عام، عبر عنه النائب أشرف ريفي باقتراحه بأن «تعلّق الجلسات إلى 15 فبراير (شباط) وتستكمل إلى أن يأتي الوحي الخارجي»، وفق ما قال لقناة «إل بي سي». أما الانطباع الأكثر تحديداً، فجاء في سياق الهجوم الذي شنه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل على مرشح بري وحليفه «حزب الله»، سليمان فرنجية، في تسريب صوتي جرى تداوله على نطاق واسع أمس.
وخلال لقاء مع كوادر «الوطني الحر» في فرنسا، يقول باسيل في التسجيل إن استخدام «الورقة البيضاء» من قبل تكتل «لبنان القوي» في جلسات انتخاب رئيس للجمهورية، كان هدفه «إيصال رئيسٍ (ذات) قدرٍ وقيمة». ورأى باسيل أن «حجم فرنجية السياسي يتراجع في زغرتا» مسقط رأس فرنجية، مشيراً إلى أنّ «التيار الوطني الحر يتوسع».
وقال باسيل: «فرنجية لا يشكل خطراً علينا، ووصلتنا ضمانات كثيرة لانتخابه. أنا أفكر على المستوى العالي، ماذا أقول لكم إن انتخبت سليمان فرنجية؟ المركز يحتاج لهيبة، وهل بإمكاني أن أعدكم بأنه سيحارب الفساد؟ ستقولون لي: لقد تحملنا كلّ هذا الضغط حتى تأتي بفرنجية رئيساً؟». وتابع باسيل: «من دوننا لا يمكنهم إيصال رئيس للجمهورية، ولن نسجل على نفسنا انتخاب شخص كفرنجية»، مضيفاً: «هكذا نكون قد عدنا إلى معادلة العام 1990 الحريري - بري – الهراوي، واليوم تصبح المعادلة بري – ميقاتي - فرنجية».
ورأت مصادر قريبة من قوى «8 آذار» أن تصريح باسيل «يعد تشويشاً على تأييد (أمل) و(حزب الله) وحلفائهما لإيصال فرنجية إلى الرئاسة»، مشيرة إلى أن هذا التصريح «يعبر عن تدهور العلاقة بين باسيل و(حزب الله) بعد حسم الموضوع بأنه ليس مرشح (الحزب) للرئاسة».
غير أن الحزب يؤكد أنه لم يعلن عن اسم مرشحه، وفق ما قال نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، أمس، وذلك «رغبة منا لإعطاء المزيد من الوقت للحوار مع القوى السياسية المختلفة والكتل النيابية المختلفة، علنا نستطيع اختيار الرئيس المناسب بالتعاون والتشارك»، مشيراً إلى أن «(الورقة البيضاء) التي نضعها في صندوق الاقتراع هي إشارة إيجابية وفتح الطريق للاتفاق». وقال في تصريح له: «نريد رئيساً يحمل خياراً سياسياً وإنقاذياً ينقل بلدنا من الواقع الذي هو فيه إلى الواقع الأفضل الذي فيه الحل»، مضيفاً أن «أكثرية النواب في المجلس النيابي الحالي يتوافقون معنا على مواصفات الرئيس، لكن هناك اختلافاً في تطبيق هذه المواصفات على بعض الأفراد»، وهو «أمر يحتاج إلى المزيد من النقاش والحوار، وكذلك مع الذين يختلفون معنا علنا نجد قواسم مشتركة حول الاقتصاد». وقال إنه يريد رئيساً «يعتبر أن المشكلة المركزية في لبنان اقتصادية؛ لا أن يحضر لنا مشاكل أخرى مفتعلة تصرفنا عن هذه المشكلة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

لبنان: عون تفهّم هواجس «الثنائي» فرجحت كفة انتخابه

رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون (رويترز)
رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون (رويترز)
TT

لبنان: عون تفهّم هواجس «الثنائي» فرجحت كفة انتخابه

رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون (رويترز)
رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون (رويترز)

يستعد لبنان مع انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية للدخول في مرحلة سياسية جديدة تواكب التحولات التي شهدتها المنطقة، والتي أدتْ إلى رفع يد الوصاية السورية عن لبنان بسقوط الرئيس بشار الأسد، التي استمرت أكثر من 3 عقود كانت وراء سوء تطبيق وثيقتي «الوفاق الوطني» و«اتفاق الطائف»، الذي حال دون قيام مشروع الدولة الحاضنة لجميع اللبنانيين، وبات يتطلب إعادة إنتاجهما بنسختهما الأصلية التي أقرت في اجتماع النواب اللبنانيين في المملكة العربية السعودية عام 1989، وهذا ما تعهد به الرئيس العتيد في خطاب القسم الذي ألقاه أمام النواب فور انتخابه، وقُوبل بارتياح غير مسبوق من الثنائي الشيعي، رغم أن «حزب الله»، كما علمت «الشرق الأوسط»، سجّل تحفّظه على حق الدولة في احتكار السلاح.

فـ«حزب الله» كان يفضّل، كما تقول مصادره لـ«الشرق الأوسط»، ألا يتطرق الرئيس عون في خطابه إلى هذا الموضوع، باعتبار أن سلاحه سيُدرج في سياق البحث في الاستراتيجية الدفاعية كجزء من استراتيجية الأمن الوطني، مع أن خصومه يرون أن لا ضرر من الإشارة إليه على مرأى من الحضور الدبلوماسي العربي والأجنبي لجلسة الانتخاب الذي يُجمع على أن الانتقال بلبنان إلى مرحلة جديدة يتطلب أولاً عزم الدولة على استرداد سيادتها بالكامل على كافة الأراضي اللبنانية، بدءاً بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيه تمهيداً لتثبيت وقف النار في الجنوب وتطبيق القرار 1701.

وكشفت مصادر الحزب أن مرحلة ما بعد تثبيت وقف النار في الجنوب احتلت حيزاً من اللقاء الذي عُقد بين دورتي انتخاب الرئيس، بين العماد عون ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، والمعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب علي حسن خليل، وقالت إنه عُقد في منتصف الطريق بين مبنى البرلمان ومقر عون في وزارة الدفاع في اليرزة.

وقالت إن اللقاء جاء استجابة من «الثنائي الشيعي» لنصيحة خليجية بضرورة التواصل مع عون قبل انتخابه رئيساً للجمهورية للبحث بما لديه من هواجس لا بد من تبديدها، لأن الدول العربية تنأى بنفسها عن التدخل في التفاصيل، وأن ما يهمها إخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، وهي على استعداد لمساعدة اللبنانيين للتلاقي، شرط أن يساعدوا أنفسهم للانتقال ببلدهم إلى مرحلة التعافي. وأكدت أن النصيحة قوبلت بانفتاح عبّر عنه الرئيس بري أمام زواره فور انتخاب عون رئيساً للجمهورية.

ولفتت إلى أن عون استمع إلى هواجس الثنائي الشيعي، وأبدى انفتاحاً على بعض ما طرحه رعد وخليل على قاعدة أنهما مع إعطاء فرصة لتثبيت وقف النار تمهيداً لتطبيق القرار 1701. وقالت إنهما جددا التزامهما إخلاء منطقة جنوب الليطاني من أي سلاح غير شرعي لتسهيل انسحاب إسرائيل من البلدات التي تحتلها فور انتهاء فترة الهدنة وعدم توفير الذرائع لها للإطاحة بالاتفاق الذي ترعاه اللجنة «الخماسية».

وقالت المصادر نفسها إن رعد وخليل طرحا الفصل بين جنوب الليطاني وشماله باعتبار أن الأخير هو شأن لبناني لا بد من معالجته ضمن التفاهم على الإطار العام للاستراتيجية الدفاعية للبنان في التصدي للأطماع الإسرائيلية التي أوردها الرئيس عون في خطاب القسم، وأكدت أن أجواء اللقاء كانت مريحة من دون أن ينوبا عنه بالكشف عن موقفه، مع أنهما يدركان جيداً أن دخول لبنان في مرحلة جديدة يستدعي من الثنائي الشيعي التكيف معها وإنما بإيجابية.

بكلام آخر، فإن السلاح الموجود في شمال الليطاني امتداداً إلى المناطق الأخرى، وكما يرى الثنائي الشيعي، يجب أن يبقى ورقة ضغط بيد الدولة اللبنانية لضمان انسحاب إسرائيل إلى الحدود الدولية تمهيداً لإعادة ترسيم الحدود استناداً إلى ما نصت عليه اتفاقية الهدنة على نحو يضمن انسحابها من عدد من النقاط المتداخلة التي سبق للبنان أن تحفّظ عليها وطالب باستردادها كونها تخضع لسيادته.

إلا أن البحث في مرحلة ما بعد تثبيت وقف النار فتح الباب أمام التطرق للإطار السياسي العام، بدءاً من تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب في ضوء تلويح رعد وخليل بتفضيل الثنائي التعاون مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وكان جواب الرئيس عون بأن القرار يبقى ملكاً للنواب بتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة بموجب الاستشارات الملزمة التي سيجريها قريباً.

وتردد أن الثنائي الشيعي طرح ما لديه من هواجس، وطالب بأن تُسند وزارة المال إلى وزير شيعي، وفي المقابل فإن البحث بذلك سابق لأوانه، لأنه من غير الجائز أن يتقدم تشكيل الحكومة على تكليف من يشكلها، الذي يعود له توزيع الحقائب بالتشاور مع رئيس الجمهورية.

أبناء بلدة القليعة التي يتحدر منها العماد جوزيف عون يحتفلون بانتخابه رئيساً للجمهورية (رويترز)

ونقلت المصادر نفسها عن عون قوله إنه ليس في وارد السماح بكسر أي فريق سياسي، وأنه ليس من الذين يسمحون بغلبة فريق على آخر، وأن ما يهمه تشكيل حكومة تكون على مستوى التحديات لإنقاذ البلد من أزماته المتراكمة، بالتالي اختيار الوزير المناسب في المكان المناسب. وأكدت أن ما يهمه الإطلالة على اللبنانيين على نحو يسمح باسترداد ثقتهم بالدولة، ويمهد الطريق لإعادة إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي والإفادة من الحاضنة العربية والدولية الداعمة للبنان لمواكبة التحولات في المنطقة.

وهكذا انتهى لقاء عون برعد وخليل إلى تعبيد الطريق أمام انتخاب عون في الدورة الثانية بعد أن أدار بري بمهارة، وكعادته، الدورة الأولى، ولم يفتح الباب أمام تمديد الجدل حول دستورية انتخابه قبل تعديل الدستور بما يسمح بتأهيله للترشح للرئاسة، خصوصاً وأنه كاد ينذر بأن يتحول إلى اشتباك سياسي ما لم يتدخل داعياً النواب للمباشرة بالاقتراع للرئيس.

أما لماذا مدد بري جلسة الانتخاب لدورة ثانية، وهل يتعلق تمديدها بإعطاء فرصة للقاء رعد وخليل بعون لطمأنة الثنائي الشيعي بتبديد هواجسه وتوفير التطمينات له.

وقد يكون اللقاء لترحيل حسم انتخابه إلى الدورة الثانية، وهذا ما أتاح للثنائي الشيعي تمرير رسالة إلى الخارج أمام أعين السلك الدبلوماسي بأنه هو من أمّن إيصاله إلى رئاسة الجمهورية، وأنه أحد الشركاء في حسم المعركة لصالحه بتأييده من كتلتي «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» وإلا لكان انتخابه دخل في أزمة مديدة.

فالرئيس بري بتأييده لعون أثبت للمجتمع الدولي أنه وحليفه ليسا في وارد الصدام معه، وشكلا الرافعة التي حسمت انتخابه، وبأن الثنائي الشيعي يقف إلى جانب إعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية، وأن لا غنى عنه إلى جانب الحزب بترجيح كفته، إضافة إلى تمريره رسالة مماثلة للداخل بأن الرهان على كسر الثنائي وإضعافه ليس في محله، وأن الرد على المراهنين جاء من صندوق الاقتراع الذي أمّن ما يفوق التأييد النيابي المطلوب لتجاوز الطعن بدستورية انتخابه.