خوري تتحدث عن «ترتيبات» لتفعيل مبادرتها السياسية في ليبيا

مواطنون يشتكون من «انتهاكات» بحق أبنائهم المعتقلين بمظاهرات ضد «الوحدة»

خوري خلال اجتماعها مع عدد من الشخصيات السياسية في ليبيا (البعثة)
خوري خلال اجتماعها مع عدد من الشخصيات السياسية في ليبيا (البعثة)
TT

خوري تتحدث عن «ترتيبات» لتفعيل مبادرتها السياسية في ليبيا

خوري خلال اجتماعها مع عدد من الشخصيات السياسية في ليبيا (البعثة)
خوري خلال اجتماعها مع عدد من الشخصيات السياسية في ليبيا (البعثة)

قالت المبعوثة الأممية لدى ليبيا، سيتفاني خوري، التي تُسابق الزمن لإنقاذ العملية السياسية المتجمدة، إن هناك «ترتيبات جارية» لتفعيل مبادرتها، وفي غضون ذلك، طالب مواطنون في طرابلس، النائب العام، بالإفراج عن أبنائهم، الذين جرى اعتقالهم خلال مظاهرة نظموها الأسبوع الماضي، للتنديد بما عدّوه محاولة «التطبيع مع إسرائيل» من جانب حكومة الوحدة.

النائب العام الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

وضمن لقاءاتها المتعددة في ليبيا بأطياف مختلفة، اجتمعت خوري، مساء الخميس، في مقر البعثة بعدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والإعلامية بالبلاد، لمناقشة «العملية السياسية»، وما يعتريها من «عراقيل».

وقالت خوري إنها ناقشت مع هذه الشخصيات عناصر «العملية السياسية»، التي أعلنتها أمام مجلس الأمن الدولي في جلسته السابقة؛ بما في ذلك «معالجة الدوافع الأساسية للصراع، ومجمل التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية».

والنقاش الذي وصفته خوري بـ«البنّاء»، أكدت خلاله «أهمية الملكية الوطنية الحقيقية» لهذه العملية، التي قالت إنها «شاملة وتسعى إلى الحفاظ على الاستقرار، وتوحيد المؤسسات، واستعادة شرعيتها في سبيل بناء الدولة، والبناء على الأطر التشريعية الليبية».

وسبق أن أطلقت خوري في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن ما يشبه مبادرة، أو عملية سياسية، تتضمن «تكوين لجنة من خبراء ليبيين لوضع خيارات تفضي إلى معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية؛ وخيارات لكيفية الوصول إلى الانتخابات في أقصر وقت ممكن».

وزيرة خارجية ليبيا المقالة نجلاء المنقوش (الوحدة)

وفي ظل تصاعد الانقسام بليبيا واندماج مجلسي «النواب» و«الدولة» لجهة تفعيل مخرجات اجتماعهما الأخير بالمغرب، بشأن تشكيل «حكومة موحدة جديدة»، تحدثت خوري عن «ترتيبات جارية» بخصوص اللجنة الاستشارية، التي ستُكلف بدراسة واقتراح البدائل للتغلب على العوائق، التي تحول دون إجراء الانتخابات، بما في ذلك القضايا الخلافية بالقوانين الانتخابية.

أحد الذين حضروا الاجتماع الأممي، وهو المحلل السياسي محمد محفوظ، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن فحوى اللقاء، وقال إنه بحث «خطة عمل البعثة والتحديات التي تواجهها». وأوضح محفوظ أن بعض التحديات، التي تحدثوا عنها، يتمثل في أن ليبيا «قد تتحول إلى ساحة صراع دولي في ظل التصعيد العسكري الموجود بالمنطقة؛ بجانب التلويح الدائم بلغة الحرب بين الأطراف الليبية».

وتنوعت «العراقيل»، التي لفت إليها محفوظ، بين دعم الأطراف الخارجية للعملية السياسية التي تجريها الأمم المتحدة؛ والتمديد لعمل البعثة، أو تكليف مبعوث جديد؛ وقبول الأطراف الليبية الموجود في السلطة لأي تغيير مقبل.

كل هذه التحديات يرى محفوظ أنها تتطلب «عملاً دقيقاً في معالجتها»، وقال إن البعثة «تعمل ما تستطيع بهذا الخصوص؛ وتلتقي من تصفهم بالشخصيات الفاعلة لمحاولة الإسراع في تحريك العملية السياسية، التي تبدأ كما ذكرت البعثة نهاية الشهر الحالي».

ووفقاً لما سبق أن طرحته خوري، فإن اللجنة المعنية ستختص بوضع خيارات لإطار واضح للحوكمة، مع تحديد المحطات الرئيسية، والأولويات لحكومة يجري تشكيلها بالتوافق. وخلال هذه العملية، «ستقف الأمم المتحدة للدفاع بقوة عن المبادئ والمعايير، التي يمكن أن تحمي مصالح الشعب الليبي».

وقبل أن ينتهي لقاء خوري مع الشخصيات الليبية، أبدى هؤلاء مخاوفهم حيال الوضع الراهن؛ «واحتمال حدوث مزيد من الانقسامات»، معربين حسب بيان البعثة الأممية، عن «قلقهم البالغ» بشأن الفساد في ليبيا، و«تقلص الفضاء المدني، وانتهاكات حقوق الإنسان، والقيود المفروضة على حرية الصحافة»، وأكدوا حاجة ليبيا إلى دستور دائم.

من جلسة سابقة لمجلس الأمن حول الأزمة الليبية (البعثة)

ويفترض أن يعقد مجلس الأمن جلسة خلال شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، لبحث تجديد تفويض بعثة الدعم، التابعة للأمم المتحدة لدى ليبيا، بينما يأمل ليبيون وسط حالة الانقسام التي تعيشها البلاد، في تعيين مبعوث أممي جديد.

يأتي ذلك بينما اشتكت أسر ليبية بطرابلس من اعتقال الأمن الداخلي بالعاصمة لأبنائهم، واستخدام «القوة المفرطة» معهم خلال مظاهرة نظموها للتنديد بمحاولة التطبيع مع «الكيان الصهيوني».

وتقدم عدد من أسر المعتقلين ببلاغ إلى النائب العام، ورئيس المجلس الرئاسي، للمطالبة بـ«الإفراج الفوري» عن أبنائهم الذين قالوا إنهم اعتقلوا «بشكل تعسفي». ورأت أسر المعتقلين أن هذه الاعتقالات تمثل «انتهاكاً صارخاً للحقوق الأساسية لثورة 17 فبراير (شباط)، وللقوانين المحلية والدولية»، كما أنها «تقوض الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية».

وانتهت إلى المطالبة بـ«التحقيق العاجل» في عمليات اعتقال أبنائهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الإفراج عنهم، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، مهددين بالتوجه في حال عدم الاستجابة إلى البعثة الأممية والمنظمات الحقوقية الدولية، لعرض ما تم من «انتهاكات» بحق أبنائهم عليهم.

وكانت العاصمة قد شهدت مظاهرات على خلفية ما كشفته وزيرة الخارجية المقالة من «الوحدة»، نجلاء المنقوش، بأن لقاءها بنظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في روما، كان بتنسيق من الحكومة.

في غضون ذلك، أعلنت إدارة القوات العسكرية التابعة لحكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أنها قصفت مساء الخميس، موقعاً جديداً لـ«مهربي الوقود» في مدينة الزاوية (غرب). وقالت إنها نجحت في إصابة الأهداف المطلوبة، لكن لا تزال التباينات والتساؤلات تحيط بهذه العملية العسكرية التي ينتقدها معارضو الدبيبة.

سفير دولة قطر لدى ليبيا خالد الدوسري في حديث مع الدبيبة (الشرق الأوسط)

من جهته، استقبل الدبيبة السفير القطري لدى ليبيا، خالد الدوسري، وقال مكتب رئيس الحكومة إن اللقاء استعرض تطورات ملفات التعاون المشترك، بما يشمل مشروعات استثمارية في المطارات والطاقة والمواني، وجهود إعادة تشغيل الخطوط الجوية القطرية. وأكد الدوسري حرص بلاده على دعم الاستقرار والتنمية في ليبيا.


مقالات ذات صلة

​«الوحدة» الليبية تتجاهل اشتباكات ميليشياتها جنوب طرابلس

شمال افريقيا رئيس مجلس النواب الليبي خلال اجتماعه مع رئيس ديوان المحاسبة (مجلس النواب)

​«الوحدة» الليبية تتجاهل اشتباكات ميليشياتها جنوب طرابلس

رصدت وسائل إعلام ليبية محلية وجود ما وصفته بحالة من التوتر الأمني في مدينة غريان جنوب العاصمة طرابلس على خلفية اشتباكات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من قوة الردع بطرابلس غربي ليبيا (قوة الردع)

«الاعتقالات التعسفية»... سلاح السلطات في ليبيا لمواجهة معارضيها

قالت البعثة الأممية لدى ليبيا إن موجة من الاحتجازات والتوقيفات التعسفية نفَّذتها أجهزة إنفاذ القانون وأطراف أمنية في عموم ليبيا أثارت ذعرها.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا قادة الجيش الوطني الليبي على مائدة إفطار القيادة العامة (الجيش الوطني)

موائد إفطار قادة ليبيا تتحول إلى فرصة للتوظيف السياسي

حرص أغلب أفرقاء المشهد الليبي على تنظيم موائد إفطار رمضانية، لكنها لم تخلُ من توجيه الرسائل السياسية.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع عقيلة صالح مع رئيس مؤسسة النفط (مجلس النواب)

ليبيا: توقيف مسؤول سابق بتهمة «تسريب وثائق أمنية» حساسة

دعا عقيلة صالح خلال اجتماعه مع الرئيس المكلف بمؤسسة النفط، مسعود سليمان، إلى دعم تطوير المؤسسة وتنميتها.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حماد مستقبلاً وئام العبدلي مدير عام الشركة العامة للكهرباء المعيَّن من جانبه (مكتب حماد)

تباين ليبي بشأن نقل مقار مؤسسات حكومية من العاصمة إلى بنغازي

يُعد الجدل بشأن مقار المؤسسات السيادية حلقة في صراع سياسي مستمر بليبيا، وذلك على أثر قرار رئيس حكومة شرق البلاد نقل مقر شركة الكهرباء من العاصمة إلى بنغازي.

علاء حموده (القاهرة)

اغتيالات قادة «حماس»... كيف تؤثر على جهود استئناف مفاوضات الهدنة؟

فلسطينيون يهرعون بطفلة مصابة بعيداً عن موقع غارات على مخيم نازحين بوسط غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)
فلسطينيون يهرعون بطفلة مصابة بعيداً عن موقع غارات على مخيم نازحين بوسط غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)
TT

اغتيالات قادة «حماس»... كيف تؤثر على جهود استئناف مفاوضات الهدنة؟

فلسطينيون يهرعون بطفلة مصابة بعيداً عن موقع غارات على مخيم نازحين بوسط غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)
فلسطينيون يهرعون بطفلة مصابة بعيداً عن موقع غارات على مخيم نازحين بوسط غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)

عادت إسرائيل لسياسة اغتيال قادة في حركة «حماس»، بعد توقف دام نحو شهرين خلال «الهدنة» في قطاع غزة، ما أثار تساؤلات حول تأثير ذلك على جهود الوسطاء لإحياء الاتفاق الذي انهار قبل أيام.

ويرى خبراء ومحللون أن تلك السياسة «التصعيدية» تمثّل عامل ضغط كبير على «حماس»، ومن شأنها أن تؤثر على المشهد المتأزم بالمنطقة وعلى مفاوضات استئناف الهدنة، مشددين على أهمية تسريع مساعي التوصل لاستئناف للهدنة في أقرب وقت عبر تنازلات وتفاهمات جادة.

كانت «حماس» ووسائل إعلام فلسطينية قد أعلنت، الأحد، مقتل عضو المكتب السياسي للحركة، صلاح البردويل، في غارة جوية على خان يونس بجنوب قطاع غزة، ليكون سادس رمز للحركة يُقتل بعد استئناف إسرائيل الغارات في 18 مارس (آذار) الحالي.

فقبل البردويل، قتلت الضربات الإسرائيلية رئيس متابعة العمل الحكومي وعضو المكتب السياسي للحركة عصام الدعليس، ووكيل وزارة العدل أحمد الحتة، ووكيل وزارة الداخلية محمود أبو وطفة، والمدير العام لجهاز الأمن الداخلي بهجت أبو سلطان، وكذلك أسامة طبش، أحد أبرز قادة «كتائب القسام».

دخان يتصاعد من مبنى محترق بشمال غزة يوم الأحد (رويترز)

وأشار مستشار نتنياهو للشؤون الخارجية أوفير فالك، يوم السبت، إلى أن إسرائيل ستواصل قصف أهداف تابعة لحركة «حماس» في غزة لضمان عودة الرهائن، لافتاً إلى أن الضغط العسكري دفع «حماس» إلى قبول الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، التي أُعيد بموجبها نحو 80 رهينة. وقال إن هذه الطريقة هي «المثلى» لفرض إطلاق سراح الرهائن المتبقين، البالغ عددهم 59، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

الاغتيالات «ستُزيد العنف»

ويرى عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، أن عودة إسرائيل لسياسة الاغتيالات ضمن أقصى درجات الضغط على «حماس» ستؤثر على جهود استئناف الهدنة، ما سيزيد العنف والصراع بالمنطقة.

ولفت حجازي إلى أن قيادات «حماس» جزء من مئات قُتلوا منذ استئناف الحرب الإسرائيلية، ومن ثم يمتد التأثير إلى أعداد كبيرة، ما يستدعي تسريع سبل تحرك الوسطاء لوقف إطلاق النار مجدداً.

نازحون فلسطينيون عقب ضربة جوية بمدينة غزة يوم الأحد (إ.ب.أ)

ووفق تقديرات المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع، فإن تحركات إسرائيل تستهدف هذه المرة بشكل مُركز قيادات «حماس»، سواء العسكرية أو الحكومية أو السياسية، بهدف زيادة الضغط على الحركة وإرضاخها، متهماً الحركة بـ«سوء التقدير» بشأن مجمل خسائر الحرب.

من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة، يوم الأحد، مع الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، كايا كالاس، على ضرورة التحرك بسرعة نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وشدّد عبد العاطي على أن «السبيل الوحيد لإطلاق سراح جميع المحتجزين هو العودة لمائدة التفاوض والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار». وأضاف: «نجحنا في إطلاق سراح 35 محتجزاً بغزة خلال المرحلة الأولى من الاتفاق، وعلينا المضي نحو المرحلة الثانية شرط توفر الإرادة السياسية».

الأمر يستلزم «تنازلات حقيقية»

كان وفد من حركة «حماس» قد التقى، السبت، بوزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة، وقالت الحركة، في بيان، إن وفدها أكد «ضرورة إلزام إسرائيل بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار».

وبحث الجانبان تطورات المفاوضات الجارية في إطار مقترحات الوسطاء ومقترح المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، ورفض الجانب الإسرائيلي الاستجابة لجهود الوسطاء بالعودة إلى الاتفاق وبدء مفاوضات المرحلة الثانية، حسب بيان الحركة.

وكان ويتكوف قد قدّم في 13 مارس (آذار) الحالي اقتراحاً «مُحدَّثاً» لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل (نيسان) المقبل. وبينما أبدت «حماس» استعدادها لإطلاق سراح الرهينة الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر فقط، عدَّ المبعوث الأميركي ردّ الحركة «غير مقبول»، لكنه قال يوم الجمعة إن «هناك مفاوضات جارية» لوقف الغارات الإسرائيلية.

يجيء هذا بينما يشهد الداخل الإسرائيلي قلاقل. وشارك عشرات الآلاف في احتجاجات في تل أبيب والقدس وعشرات المدن الأخرى في جميع أنحاء إسرائيل يوم الأحد. ولليوم السادس على التوالي، مع اشتداد الغضب من استئناف الحكومة الحرب في غزة، والإقالة المزمعة لرئيس جهاز الأمن الداخلي «الشاباك» والمستشارة القانونية للحكومة.

ويرى حجازي أن نتنياهو سيسعى لإطالة أمد النزاع العسكري، وسيحاول ألا يجعل الاضطرابات الداخلية عنصر ضغط عليه، بينما يرى مطاوع أن الأمر يستلزم تقديم «تنازلات حقيقية للوصول لتفاهمات جادة تنهي نزيف الدم الفلسطيني».