ترمب ينال إطلاق سراح غير مشروط في قضية «أموال الصمت»

الإدانة ستدوَّن في السجل الدائم للرئيس الأميركي المنتخب

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومحاميه خلال حضور المحاكمة عن بُعد من فلوريدا (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومحاميه خلال حضور المحاكمة عن بُعد من فلوريدا (أ.ب)
TT

ترمب ينال إطلاق سراح غير مشروط في قضية «أموال الصمت»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومحاميه خلال حضور المحاكمة عن بُعد من فلوريدا (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومحاميه خلال حضور المحاكمة عن بُعد من فلوريدا (أ.ب)

تجرّع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الجمعة، الكأس المرة التي حاول تجنّبها طويلاً، إذ نطق القاضي في نيويورك خوان ميرشان بحكم يُكرّسه أول رئيس يدخل البيت الأبيض عقب إدانته بجرائم جنائية، رغم أنه لم يفرض عليه أي عقوبة.

وحكم ميرشان على ترمب، الذي سينصّب رئيساً للمرة الثانية بعد 10 أيام، بالإفراج غير المشروط من دون تغريمه أو حبسه أو وضعه تحت المراقبة، بعد أقل من 24 ساعة من رفض المحكمة العليا الأميركية المحاولة الأخيرة من وكلاء الدفاع عن ترمب لوقف النطق بالحكم على أساس أنه من شأنه أن يتعارض مع انتقاله إلى فترة ولاية ثانية رئيساً.

جانب من جلسة النطق بالحكم على دونالد ترمب في نيويورك (أ.ف.ب)

وأضفى الحكم طابعاً رسمياً على وضع ترمب بصفته أول رئيس أو رئيس منتخب يرتكب جريمة. وكان في إمكان القاضي ميرشان أن يحكم على الرئيس الجمهوري، البالغ من العمر 78 عاماً، بالسجن لمدة تصل إلى أربع سنوات. ولكنه اختار بدلاً من ذلك، تجنيبه القضايا الدستورية الشائكة من خلال إنهاء القضية فعلاً.

ومع أن القاضي ميرشان لم يحكم عليه بالسجن في قضية «أموال الصمت»، التي خلصت إلى إدانة ترمب بـ34 تهمة تتمحور حول تزوير سجلات تجارية لإخفاء دفع 130 ألف دولار للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز (اسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد) التي ادعت أنها كانت على علاقة معه، فإن الحكم بذاته شكّل «تأديباً قاسياً» و«إهانة شديدة» للرئيس السابق الذي أعيد انتخابه في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفقاً لما أجمعت عليه وسائل الإعلام الأميركية.

«تجربة مروعة»

وخلال جلسة النطق بالحكم في نيويورك، حمل ترمب الذي حضر الجلسة بواسطة دائرة تلفزيونية مغلقة من فلوريدا، بشدة على ما سمَّاه «حملة سياسية شعواء (...) لتدمير سمعتي»، مضيفاً أن هذه «كانت تجربة مروعة للغاية». وقال: «أعتقد أنها كانت انتكاسة لنيويورك ونظام المحاكم في نيويورك. هذه قضية لم يرغب (المدعي العام في مانهاتن) ألفين براغ في رفعها».

صورة أرشيفية لترمب خلال محاكمته في نيويورك 29 مايو (أ.ف.ب)

وتطرّق ترمب إلى انتصاره في الانتخابات، قائلاً إنه فاز بالتصويت الشعبي بـ«ملايين وملايين الأصوات»، وكذلك في «كل الولايات السبع المتأرجحة». وخاطب القاضي ميرشان قائلاً إن الناخبين «كانوا يراقبون محاكمتك». وأشار إلى الشاهد الملك في القضية محاميه السابق مايكل كوهين، الذي «سُمح له بالتحدث كما لو كان جورج واشنطن، لكنه ليس جورج واشنطن». وأصرّ على أنه غير مذنب، بالقول: «الحقيقة هي أنني بريء تماماً. لم أفعل شيئاً خاطئاً».

وردّ القاضي ميرشان بشكر «السيد ترمب» وليس «السيد الرئيس»، قائلاً إن «النطق بالحكم هو أحد أصعب القرارات وأهمّها التي يتعين على أي قاضٍ في محكمة جنائية اتخاذها». وأكد أن ترمب يحتاج إلى سماع أسباب الحكم عليه، رغم تأكيد الأخير أنه غير مذنب. وأكد أنه «لم يسبق لهذه المحكمة أن واجهت مثل هذه الظروف الفريدة»، مضيفاً أنها «كانت استثنائية حقاً» بسبب منصب الرئاسة، وليس بسبب شاغل المنصب.

مؤيدون للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قبل النطق بالحكم ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

وإذ أكّد أنه ليس بحاجة إلى تكرار العوامل المشددة التي سبق أن أوضحها في أوامره الأخيرة، لفت إلى أن الحماية القانونية الكبيرة والاستثنائية التي يتمتع بها الرئيس عامل يتغلب على كل العوامل الأخرى، مشيراً إلى أن الحماية القانونية لمنصب الرئاسة «لا تُقلّل خطورة الجريمة أو تبرر ارتكابها بأي شكل من الأشكال». وأقرّ بأن «المواطنين العاديين لا يحصلون على هذه الحماية القانونية». وشدّد تكراراً على أن «الحماية القانونية الممنوحة لمنصب رئيس الولايات المتحدة هي غير عادية، وليس شاغل المنصب».

حكم بلا عقوبة

ومع بقاء عشرة أيام على تولّي ترمب منصبه الرئاسي، أعلن ميرشان أنه يخطط لإصدار حكم بلا عقوبة يُسمّى الإفراج غير المشروط، وأن المدعين لا يعارضون ذلك. وهذا يعني عدم فرض أي عقوبة بالسجن أو فترة مراقبة أو غرامات على المدان. وأكّد المدّعون أنهم يؤيدون الحكم بلا عقوبة، لكنهم انتقدوا هجمات ترمب على النظام القانوني طوال القضية وبعدها.

أعضاء جماعة «قم وقاوم» الأميركية الناشطة يتظاهرون خارج محكمة مانهاتن الجنائية قبل النطق بالحكم على الرئيس المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

وقال المدعي العام جوشوا شتاينغلاس: «انخرط الرئيس المستقبلي للولايات المتحدة في حملة منسقة لتقويض شرعيته». وأضاف أنه بدلاً من إظهار الندم، «أثار ترمب ازدراء» لحكم هيئة المحلفين ونظام العدالة الجنائية.

وعندما ظهر من منزله في فلوريدا، كان الرئيس ترمب جالساً مع محاميه تود بلانش، الذي اختاره ليكون ثاني أعلى مسؤول في وزارة العدل في إدارته المقبلة. وقال بلانش إنه «من الناحية القانونية، لم يكن ينبغي رفع هذه القضية»، مؤكداً نية ترمب استئناف الحكم. وقبل الجلسة، تجمع عدد قليل من أنصار ترمب ومنتقديه في الخارج. وحملت إحدى المجموعتين لافتة كتب عليها «ترمب مذنب». فيما حملت المجموعة الأخرى لافتة كتب عليها «أوقفوا المؤامرة الحزبية» و«أوقفوا مطاردة الساحرات السياسية» ضد ترمب.

وأرجأ القاضي ميرشان، وهو ديمقراطي، مراراً النطق بالحكم، الذي كان مقرراً في البداية في يوليو (تموز) الماضي. ولكن في الأسبوع الماضي، حدّد يوم الجمعة موعداً لجلسة الحكم، مستشهداً بالحاجة إلى «حسم» القضية. وكتب أنه سعى إلى تحقيق التوازن بين الحاجة إلى إصدار الحكم، وحكم الحصانة الصادر عن المحكمة العليا، والاحترام الواجب لحكم هيئة المحلفين وتوقعات الجمهور بأن «لا أحد فوق القانون».


مقالات ذات صلة

المحكمة العليا الأميركية تنظر في حظر محتمل لتطبيق «تيك توك» الصيني

الولايات المتحدة​ بدا من المرجح أن تؤيّد المحكمة العليا قانوناً من شأنه حظر تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بدءاً من 19 يناير (رويترز)

المحكمة العليا الأميركية تنظر في حظر محتمل لتطبيق «تيك توك» الصيني

قد تتخذ المحكمة العليا الأميركية إجراءات سريعة في غضون أيام بشأن حظر منصة «تيك توك» في الولايات المتحدة بدءاً من 19 يناير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ براندون رود يساعد زوجته على ارتداء قناع وجه خلال تفقُّدهم الدمار الذي لحق منزلهم جراء حرائق لوس أنجليس (رويترز)

الشرطة: أصدرنا أوامر إخلاء لنحو 153 ألف شخص جراء حرائق لوس أنجليس

قال قائد شرطة لوس أنجليس، اليوم الجمعة، إن أوامر إخلاء صدرت لنحو 153 ألف شخص جراء الحرائق، و166 ألفاً آخرين تلقوا إنذارات للاستعداد.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
الولايات المتحدة​ فتح زلاجات الطوارئ لطائرة تتبع شركة «دلتا إيرلاينز» بمطار أتلانتا (لقطة من فيديو)

إصابة 4 ركاب في أتلانتا خرجوا من طائرة بزلاجات الطوارئ

أصيب أربعة ركاب، اليوم الجمعة، بعد إلغاء عملية إقلاع رحلة لشركة «دلتا إيرلاينز» في أتلانتا الأميركية.

«الشرق الأوسط» (أتلانتا)
أوروبا Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)

طموحات ترمب وأطماعه تثير قلق الأوروبيين

تتزايد مخاوف الأوروبيين من السياسات التي سيتبعها الرئيس دونالد ترمب إزاء مجموعة من الملفات التي تشغل أذهان التكتل الأوروبي.

ميشال أبونجم (باريس)
أميركا اللاتينية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يحيّي أنصاره لدى وصوله إلى الجمعية الوطنية لأداء اليمين الدستورية لولاية ثالثة في كاراكاس 10 يناير 2025 (رويترز)

أميركا تندد بتنصيب مادورو رئيساً... وتفرض عقوبات جديدة على فنزويلا

ندّدت الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، بـ«مهزلة» تنصيب نيكولاس مادورو رئيساً لفنزويلا لولاية ثالثة، وفرضت عقوبات جديدة على كاراكاس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

المحكمة العليا الأميركية تنظر في حظر محتمل لتطبيق «تيك توك» الصيني

بدا من المرجح أن تؤيّد المحكمة العليا قانوناً من شأنه حظر تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بدءاً من 19 يناير (رويترز)
بدا من المرجح أن تؤيّد المحكمة العليا قانوناً من شأنه حظر تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بدءاً من 19 يناير (رويترز)
TT

المحكمة العليا الأميركية تنظر في حظر محتمل لتطبيق «تيك توك» الصيني

بدا من المرجح أن تؤيّد المحكمة العليا قانوناً من شأنه حظر تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بدءاً من 19 يناير (رويترز)
بدا من المرجح أن تؤيّد المحكمة العليا قانوناً من شأنه حظر تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بدءاً من 19 يناير (رويترز)

قد تتخذ المحكمة العليا الأميركية إجراءات سريعة في غضون أيام بشأن حظر منصة «تيك توك» في الولايات المتحدة. وبينما يمكن للمحكمة العليا أن تستغرق شهوراً لإصدار القرارات فمن المتوقع أن تكون هذه القضية أسرع بكثير. فمع دخول القانون حيز التنفيذ في أقل من أسبوعين، يمكن للقضاة اتخاذ إجراءات في الأيام المقبلة، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

بدا من المرجح أن تؤيّد المحكمة العليا، اليوم (الجمعة)، قانوناً من شأنه حظر تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة، بدءاً من 19 يناير (كانون الثاني)، ما لم يتم بيع برنامج الوسائط الاجتماعية الشهير من قِبل الشركة الأم التي تتخذ من الصين مقراً لها.

وقالت المحامية في إدارة بايدن، إليزابيث بريلوغار، إن البيانات التي تمّ جمعها بواسطة التطبيق الصيني قد تعود لتطارد المراهقين الأميركيين، وإن الكثير من المراهقين الذين يستخدمون التطبيق قد لا يكونون قلقين على الإطلاق بشأن أي مخاطر على الأمن القومي، لكن البيانات التي تمّ جمعها بواسطة التطبيق قد تعود لتطاردهم إذا خدموا في الجيش أو عملوا لصالح الحكومة.

صورة تُظهر المحكمة العليا الأميركية في أثناء مناقشتها قضية «تيك توك» الجمعة 10 يناير 2025 في العاصمة واشنطن (أ.ب)

وقالت: «أعتقد أن امتلاك الحكومة الصينية لهذا الكم الهائل من البيانات الحساسة بشكل لا يُصدق عنهم (المراهقين الأميركيين) يعرّض أمّتنا ككل لخطر التجسس والابتزاز».

عند الاستماع إلى الحجج في صراع مهم بين حرية التعبير ومخاوف الأمن القومي، بدا القضاة مقتنعين بالحجج القائلة بأن التهديد الأمني ​​القومي الذي تشكّله علاقات الشركة بالصين يتجاوز المخاوف بشأن تقييد عمل منصة «تيك توك» ومستخدميها البالغ عددهم 170 مليوناً في الولايات المتحدة.

في وقت مبكر من الحجج التي استمرت أكثر من ساعتين ونصف الساعة، حدّد رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، ملكية «تيك توك» من قِبل شركة «بايت دانس» (ByteDance) التي تتخذ من الصين مقراً لها، وأن متطلبات الشركة الأم للتعاون مع عمليات الاستخبارات التابعة للحكومة الصينية هي «المصدر الرئيسي للقلق» في القضية.

إذا تُرك القانون الذي أقرته أغلبية من الحزبين في الكونغرس ووقّعه الرئيس الأميركي جو بايدن في أبريل (نيسان) كما هو، فسيتطلب من «تيك توك» أن «تختفي» في 19 يناير، كما قال المحامي نويل فرنسيسكو للقضاة نيابة عن «تيك توك».

وحثّ فرنسيسكو القضاة على الدخول في فترة توقف مؤقتة تسمح لمنصة «تيك توك» بالاستمرار في العمل.

دعوة ترمب

دعا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يتولّى منصبه في 20 يناير الحالي، والذي لديه 14.7 مليون متابع على «تيك توك»، إلى تأجيل الموعد النهائي للحكم بشأن «تيك توك»، لمنحه الوقت للتفاوض على «حل سياسي». ولكن لم يكن من الواضح ما إذا كان أي قضاة سيختارون مثل هذا المسار.

وبدا القاضي نيل جورسوتش فقط وكأنه سينحاز إلى «تيك توك» لإيجاد أن الحظر ينتهك الدستور.

قالت شركة «بايت دانس» إنها لن تبيع منصة الفيديو القصيرة. لكن بعض المستثمرين كانوا يراقبونها، بمن في ذلك وزير الخزانة السابق لترمب ستيفن منوتشين، ورجل الأعمال الملياردير فرنك ماكورت. يوم الخميس، قالت مبادرة ماكورت «مشروع الحرية» إنها -إلى جانب شركائها الذين لم تتم تسميتهم- قدّمت اقتراحاً إلى «بايت دانس» للاستحواذ على أصول «تيك توك» في الولايات المتحدة. ولم يكشف الكونسورتيوم الذي يضم مقدم برنامج «Shark Tank»، كيفن أوليري، عن الشروط المالية للعرض.

إذا لم يتم بيع «تيك توك» لمشترٍ معتمد، فإن القانون الفيدرالي سيحظر على متاجر التطبيقات، مثل تلك التي تديرها «أبل» و«غوغل» تقديم التطبيق الشهير. كما سيمنع خدمات استضافة الإنترنت من استضافة «تيك توك».

سيستمر مستخدمو «تيك توك» الذين لديهم التطبيق بالفعل على هواتفهم في الوصول إليه. لكن المستخدمين الجدد لن يتمكنوا من تنزيل التطبيق، ولن يتمكن المستخدمون الحاليون من تلقي التحديثات. وقالت وزارة العدل في ملفات المحكمة إن هذا سيجعل التطبيق غير قابل للتطبيق في النهاية.

وأتى القانون الفيدرالي تتويجاً لجهود طويلة استمرت لسنوات في واشنطن حول تطبيق «تيك توك» الذي تعدّه الحكومة الأميركية تهديداً للأمن القومي بسبب ارتباطاته بالصين.

يزعم المسؤولون الأميركيون أن الكميات الهائلة من بيانات المستخدم التي تجمعها المنصة، بما في ذلك المعلومات الحساسة حول عادات المشاهدة، يمكن أن تقع في أيدي الحكومة الصينية بالإكراه. كما أنهم قلقون من أن الخوارزمية الملكية التي تغذّي ما يراه المستخدمون على التطبيق معرّضة للتلاعب من قِبل السلطات الصينية، التي قد تضغط على شركة «بايت دانس» لتشكيل المحتوى على المنصة بطريقة يصعب اكتشافها.