تحذير لناشطين ومنظمات إنسانية من تنامي الانتحار في شمال سوريا

صورة لنازح في إدلب حاول الانتحار عبر تناوله حبوب غاز تُستخدم عادة لحفظ المؤونة (الشرق الأوسط)
صورة لنازح في إدلب حاول الانتحار عبر تناوله حبوب غاز تُستخدم عادة لحفظ المؤونة (الشرق الأوسط)
TT

تحذير لناشطين ومنظمات إنسانية من تنامي الانتحار في شمال سوريا

صورة لنازح في إدلب حاول الانتحار عبر تناوله حبوب غاز تُستخدم عادة لحفظ المؤونة (الشرق الأوسط)
صورة لنازح في إدلب حاول الانتحار عبر تناوله حبوب غاز تُستخدم عادة لحفظ المؤونة (الشرق الأوسط)

حذر ناشطون ومنظمات إنسانية محلية في شمال غربي سوريا، من ارتفاع حالات الانتحار (بين الذكور والإناث)، بعد أن شهدت محافظة إدلب خلال الفترة الأخيرة 52 حالة، في حين فشلت عشرات الحالات الأخرى، نتيجة الظروف المعيشية المتردية والأزمات النفسية والخلافات العائلية.
واستفاق أهالي بلدة إبلين على بعد 20 كيلومتراً جنوب مدينة إدلب، الاثنين، على حادثة انتحار شاب من أبناء البلدة، بعد أن تناول حبوب غاز «الفوسفين» السام، وذلك بعد أيام من محاولة شاب في العشرين من عمره الانتحار في مدينة إدلب بعد خلاف عائلي عبر رمي نفسه من سطح مبنى من 4 طوابق، حيث تعرض لكسور في الساقين واليدين، وجرى إسعافه إلى المشفى لتلقي العلاج.
وفي 8 أكتوبر (تشرين الأول)، وثق ناشطون انتحار رجل ستيني في مدينة سرمين بريف إدلب، بتناوله حبوب غاز، بعدما أضرم النار في منزله وبداخله زوجته قاصداً قتلها نتيجة خلافات عائلية، وذلك عقب حادثتي انتحار منفصلتين وقعتا 5 مايو (أيار)، لامرأة (22 عاماً) متزوجة ولديها 3 أطفال في منطقة دركوش غرب إدلب، بعد تناولها حبوب غاز، نتيجة خلافات مع الزوج، ورجل في الأربعين من عمره في منطقة أبين بريف حلب الغربي بالطريقة ذاتها.
وتخضع أم حمزة (33 عاماً)، وهي أرملة نازحة في «مخيم الأمل» بالقرب من الحدود السورية التركية، منذ شهور للعلاج في أحد المشافي في مدينة إدلب من حروق بالغة في جسدها بعدما حاولت الانتحار من خلال حرق نفسها بالنار داخل الخيمة قبيل تدخل جيرانها وإنقاذها، وكان الفقر الذي تعاني منه هي وأسرتها المؤلفة من 5 أطفال، أحد الأسباب التي دفعتها إلى محاولة الانتحار.
وحذر فريق «منسقو استجابة سوريا»، في تقرير له، من تنامي ظاهرة الانتحار خلال الفترة الأخيرة؛ إذ بلغ عدد حالات الانتحار الموثقة خلال شهر أكتوبر الماضي، 9 حالات، في حين بلغ عدد الحالات الفاشلة 5 حالات، وارتفع عدد الحالات الموثقة منذ مطلع العام الحالي في شمال غربي سوريا إلى 81 حالة (52 حالة انتحار، و29 حالة فاشلة).
وقال في البيان، إن «التوعية الكاملة حول الانتحار مغيبة بشكل تام، مع توفر العديد من الأسباب المؤدية إلى الانتحار ضمن المجتمع المحلي الذي يعاني من الفقر الشديد، وغياب فرص العمل، والعديد من الأسباب التي تدفع الشخص مع غياب كامل للوعي، إلى القيام بالانتحار».
ويوضح، أنه «لوحظ بحسب التوثيق الميداني لحالات الانتحار، تركز أكثر من ثلثها في منطقة معرة مصرين شمال إدلب، الأمر الذي يتطلب تحركاً جدياً من قبل المنظمات الطبية العاملة في الدعم النفسي لدراسة أسباب تلك الحالات، وزيادتها في تلك المنطقة تحديداً، ويتوجب اليوم في ظل التزايد الكبير في معدلات الانتحار، العمل على تأمين الاحتياجات العامة للمدنيين في المنطقة، ومحاولة تخفيف ما أمكن من الأسباب المذكورة أعلاه، كما يتوجب على الإعلام بكل أشكاله، العمل على بث وسائل التوعية بمخاطر الانتحار والتبعات المستقبلية لحالات الانتحار».
وقال محمود حاج أحمد، وهو ناشط إنساني، في إدلب، إن «تدهور الوضع المعيشي وظروف الحياة المزرية لدى الغالبية العظمى من المواطنين في إدلب وغيرها من المناطق السورية، مع عدم توفر خيارات أخرى، تدفعهم إلى الاستسلام ورفض الحياة بالمطلق، وهذا يتركز بالدرجة الأولى عند النازحين في المخيمات ممن فقدوا أملاكهم وهجروا من مدنهم وديارهم مرغمين؛ إذ يجدون الموت بالانتحار أفضل طريقة سريعة للتخلص من حياتهم الصعبة، وهذا بالطبع يتطلب تدخلاً سريعاً من قبل الجهات المعنية والطبية والمنظمات الإنسانية مجتمعةً، لتوعية المواطنين من مخاطر وآثار الانتحار، وللحد من هذه الظاهرة التي بدأت في التنامي خلال الآونة الأخيرة».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.