برلين تصر على عقوبات أوروبية لتكثيف الضغط على طهران

المستشار الألماني رفض التهديدات الإيرانية

شولتس يتحدث في برلين الأسبوع الماضي (رويترز)
شولتس يتحدث في برلين الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

برلين تصر على عقوبات أوروبية لتكثيف الضغط على طهران

شولتس يتحدث في برلين الأسبوع الماضي (رويترز)
شولتس يتحدث في برلين الأسبوع الماضي (رويترز)

تروج ألمانيا منذ أيام للعقوبات الأوروبية الجديدة، التي من المفترض أن تصدر الاثنين من الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بعد أن قدمت برلين نفسها بالتعاون مع دول أوروبية أخرى، لائحة تضم 30 اسماً إيرانياً جديداً لإضافتهم لقوائم الإرهاب.
وفي مواجهة الضغوط الداخلية من المعارضة أو حتى من شركاء داخل الائتلاف الحكومي، دأبت الخارجية الألمانية، طوال الأسبوع الماضي، على التأكيد على أن مسألة فرض عقوبات على «الحرس الثوري» الإيراني تُبحث على مستوى الاتحاد الأوروبي وليست مسألة وطنية. ومع ذلك، لا يبدو أن حزمة العقوبات القادمة يوم الاثنين ستتضمن أي عقوبات تستهدف «الحرس الثوري»، بحسب تصريحات لمسؤول أوروبي رفيع قبل يومين.
وعشية صدور العقوبات الأوروبية الجديدة من بروكسل، قال المستشار الألماني أولاف شولتس، في فيديو نشره على صفحته على «تويتر»، إن الاتحاد الأوروبي سيفرض عقوبات على إيران، الاثنين، «تستهدف المسؤولين عن قمع المظاهرات بعنف»، وقال أيضاً إن ألمانيا «ستواصل الضغط على الحرس الثوري الإيراني والقيادة السياسية»، فيما يشير إلى أن العقوبات قد لا تطول «الحرس». وقال على «تويتر» إن «العقوبات وسيلة لتكثيف الضغط على النظام الإيراني».
وشدد شولتس، في رسالته الأسبوعية عبر الفيديو، السبت، على ضرورة الاستمرار «بجمع الأدلة اللازمة لمحاسبة مرتكبي العنف ضد المتظاهرين في إيران»، مطالباً بعقد جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للتحقيق في جرائم النظام. وحرص شولتس على تأكيد دعم بلاده للمتظاهرين، قائلاً: «رسالتنا للمتظاهرين الإيرانيين: نقف معكم جنباً إلى جنب وندعم جميع مطالبكم». وقال: «نرى النضال من أجل الحرية والعدالة. ونرى طائرات إيرانية مسيّرة تهاجم مدناً أوكرانية. كل هذا غير مقبول بالمرة».
وقال شولتس: «ما هو نوع الحكومة التي تطلق النار على مواطنيها؟ مَن يتصرف بهذا الشكل يجب أن يتوقع مقاومتنا».
وتأتي تصريحات شولتس رداً على تهديدات إيرانية سابقة، حيث هدد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، مؤخراً، بردود فعل تجاه ألمانيا بعد انتقادات برلين لتصدي طهران العنيف للاحتجاجات.
وغرد عبد اللهيان عبر «تويتر»، الخميس: «اتخاذ مواقف استفزازية وتدخلية وغير دبلوماسية لا يعد إشارة على الرقي أو الذكاء... يمكن لألمانيا أن تحسم أمرها باختيار المشاركة من أجل مواجهة تحديات مشتركة - أو من أجل التصادم - وهنا سيكون ردنا مناسباً وحازماً»، وأشار إلى أن الإضرار بعلاقات تاريخية سيسفر عن عواقب طويلة المدى.
وتبدو ألمانيا في طليعة الدول الأوروبية التي تدفع باتجاه معاقبة النظام الإيراني لتصديه للمتظاهرين، ولكن مع ذلك فإن انتقادات كثيرة توجه للحكومة لتباطئها في الرد من جهة، ولمقاربتها التي يصفها حزب المعارضة الرئيسي في ألمانيا «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، بأنها «ضعيفة» وغير كافية.
وفي النقاشات التي حصلت داخل البرلمان قبل أيام، وجه نواب حزب ميركل انتقادات لاذعة لحكومة شولتس ووصف أحد النواب الإبقاء على باب الحوار السياسي مع إيران مفتوحاً بهدف إحياء الاتفاق النووي بأنه «خطأ كبير».
وكانت الجلسة للتصويت على ورقة تقدمت بها الأحزاب الحاكمة تدعو الحكومة لإبقاء الضغط على النظام الإيراني، دعمها «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» رغم انتقاداته لها. وتضمنت الورقة دعوة لدعم المنظمات التي توثق الانتهاكات الحاصلة في إيران، والعمل ضمن الاتحاد الأوروبي لتشديد العقوبات على المسؤولين وتوصية بالبحث في إمكانية إغلاق مركز هامبورغ الإسلامي بسبب صلاته بطهران.
ولكن المعارضة تحفظت على الكثير مما تضمنته الورقة. وقال النائب كريستيان دي فري من الحزب «الديمقراطي المسيحي»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بعد التصويت، إن الدعوة «للبحث في إغلاق مركز هامبورغ» لا جدوى منها، «لأن صلات المركز معروفة وهو يذكر سنوياً في تقارير الاستخبارات الألمانية وكل عام يصبح النص أطول من العام الذي سبق، لذلك ليس هناك أي أمر آخر للتحقق منه، يجب إغلاق المركز فوراً».
ولا يقتصر تحفظ المعارضة على هذه النقطة فقط، بل كذلك على تمسك الحكومة بالحوار مع إيران بهدف إحياء الاتفاق النووي وإصرار الحكومة على الفصل بين العقوبات المتعلقة بحقوق الإنسان وتلك المتعلقة بالبرنامج النووي. وقال دي فري، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المقاربة خاطئة، متسائلاً: «كيف يمكن الحوار مع نظام يقتل المتظاهرين ويتصدى لهم بالقوة؟!».
وتعرف ألمانيا جيداً أنها من الدول الأكثر «تسامحاً» مع النشاطات الإيرانية الاستخباراتية على أراضيها. فهي استغرقت 30 عاماً من مراقبة مركز هامبورغ قبل أن تصدر قراراً، الصيف الماضي، بترحيل نائب رئيس المركز سليمان موسوي بسبب امتداحه لحزب الله المصنف «إرهابياً» في ألمانيا ولجماعة الحوثيين.
واستأنف موسوي قرار ترحيله ولم يغادر ألمانيا إلا قبل نحو أسبوع. والدعوات التي تخرج لإغلاق المركز لا تقتصر فقط على المعارضة، بل أيضاً على أحزاب مشاركة في الحكومة. زعيم حزب الخضر أوميد نوريبوري، وهو نفسه من أصول إيرانية، يطالب منذ أشهر بإغلاق المركز، وصفه بأنه «أحد أهم مراكز التجسس في ألمانيا»، وكذلك حزب الليبراليين المشارك في الحكومة يدعو لإغلاقه فوراً. ولكن الحزب الاشتراكي الذي يرأس الحكومة يتمهل في إغلاق المركز، ويقول إن المركز ما زال ينتمي إلى مجلس الشورى في هامبورغ، وأن قرار طرده يجب أن يتخذ داخل المجلس أولاً قبل إغلاقه.
ويقول أوغسن هانينغ، رئيس الاستخبارات الألمانية الأسبق الذي ترأس جهاز المخابرات الداخلية بين عامي 1998 و2005، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «المركز الإسلامي» في هامبورغ والسفارة الإيرانية في برلين «هما أكبر مركزين للتجسس لدى النظام الإيراني في ألمانيا». وكان مركز هامبورغ خاضعاً للمراقبة من أيام ترؤس هانينغ لهيئة المخابرات، وهو يعرف جيداً بنشاطاته. ولكن حتى هانينغ يقول إن «ألمانيا دولة متسامحة جداً» و«تفخر بأن كل الأديان يمكنها أن تمارس حريتها هنا».
ويضيف أن «هناك خطوطاً حمراء إذا ما لم يتم تخطيها، يصعب على الحكومة أن تتصرف». ويقول إن هذه الخطوط هي «الترويج للعنف أو التحضير لأي عمليات إرهابية». وهانينغ الذي قابل أمين عام «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله عدة مرات في السابق عندما كان يرأس هيئة المخابرات للتوسط في عمليات تبادل أسرى مع إسرائيل، يتجنب الإجابة بصراحة عن سؤال حول ما إذا كانت الحكومة صائبة بمقاربتها إيران. ويكتفي بالقول إنه «يتعين أن نراقب بحذر، خصوصاً على ضوء الأحداث الجارية، وما نرى من قمع للحريات في إيران، ولكن الحكومة الألمانية كانت واضحة بمقاربتها لما يحصل، الأمر يتعلق بعقوبات على صعيد الاتحاد الأوروبي».
والحكومة بالفعل واضحة. فهي تردد حتى الآن أن معاقبة إيران على ملف حقوق إنسان مختلف عن مساعي منعها من حيازة سلاح نووي، وهي الحجة التي تبرر بالنسبة للحكومة الألمانية الإبقاء على الحوار مفتوحاً مع طهران.


مقالات ذات صلة

مقتل قائد شرطة برصاص مسلحين في بلوشستان الإيرانية

شؤون إقليمية مقتل قائد شرطة برصاص مسلحين في بلوشستان الإيرانية

مقتل قائد شرطة برصاص مسلحين في بلوشستان الإيرانية

قُتل شرطي إيراني، وزوجته، برصاص مسلَّحين مجهولين، أمس، في محافظة بلوشستان، المحاذية لباكستان وأفغانستان، وفقاً لوسائل إعلام إيرانية. وقال قائد شرطة بلوشستان دوست علي جليليان، لوكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، إن رئيس قسم التحقيقات الجنائية، الرائد علي رضا شهركي، اغتيل، في السابعة صباحاً، أثناء قيادته سيارته الشخصية، مع أسرته، في أحد شوارع مدينة سراوان. وذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن زوجة شهركي نُقلت إلى المستشفى في حالة حرجة، بعد إطلاق النار المميت على زوجها، لكنها تُوفيت، متأثرة بجراحها. وقال المدَّعي العام في المحافظة إن السلطات لم تعتقل أحداً، وأنها تحقق في الأمر.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية 24 هندياً على متن ناقلة نفط احتجزتها إيران في خليج عمان

24 هندياً على متن ناقلة نفط احتجزتها إيران في خليج عمان

أعلنت الشركة المشغلة لناقلة نفط كانت متّجهة نحو الولايات المتحدة، واحتجزتها إيران في خليج عمان أن السفينة كانت تقل 24 هندياً هم أفراد الطاقم، وأضافت اليوم (الجمعة) أنها تعمل على تأمين الإفراج عنهم. وأوضحت شركة «أدفانتج تانكرز» لوكالة «الصحافة الفرنسية»، أن حالات مماثلة سابقة تُظهر أن الطاقم المحتجز «ليس في خطر»، بعد احتجاز الناقلة (الخميس). وذكرت الشركة، في بيان، أن البحرية الإيرانية نقلت السفينة «أدفانتج سويت»، التي ترفع علم جزر مارشال، إلى ميناء لم يُكشف عن اسمه، بسبب «نزاع دولي». وقالت «أدفانتج تانكرز» إن «البحرية الإيرانية ترافق حاليا أدفانتج سويت إلى ميناء على أساس نزاع دولي».

«الشرق الأوسط» (دبي)
شؤون إقليمية كوهين يلتقي علييف في باكو وسط توتر مع طهران

كوهين يلتقي علييف في باكو وسط توتر مع طهران

أجرى وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين مشاورات في باكو، مع كبار المسؤولين الأذربيجانيين، قبل أن يتوجه إلى عشق آباد، عاصمة تركمانستان، لافتتاح سفارة بلاده، في خطوة من شأنها أن تثير غضب طهران. وتوقف كوهين أمس في باكو عاصمة جمهورية أذربيجان، حيث التقى الرئيس الأذربيجاني ألهام علييف في القصر الرئاسي، وذلك بعد شهر من افتتاح سفارة أذربيجان في تل أبيب. وأعرب علييف عن رضاه إزاء مسار العلاقات بين البلدين، وقال، إن «افتتاح سفارة أذربيجان في إسرائيل مؤشر على المستوى العالي لعلاقاتنا»، مؤكداً «العلاقات بين بلدينا تقوم على أساس الصداقة والثقة المتبادلة والاحترام والدعم»، حسبما أوردت وكالة «ترند» الأذربيج

شؤون إقليمية إيران تبدأ استخدام الكاميرات الذكية لملاحقة مخالفات قانون الحجاب

إيران تبدأ استخدام الكاميرات الذكية لملاحقة مخالفات قانون الحجاب

بدأت الشرطة الإيرانية اليوم (السبت)، استخدام الكاميرات الذكية في الأماكن العامة لتحديد هويات مخالِفات قانون ارتداء الحجاب، بحسب وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء. وسوف تتلقى النساء اللاتي يخالفن القانون رسالة تحذيرية نصية بشأن العواقب، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وتقول الشرطة إن الكاميرات التي تتعقب هذه المخالفة لن تخطئ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية إيران: تركيب كاميرات في الأماكن العامة لرصد من لا يلتزمن بالحجاب

إيران: تركيب كاميرات في الأماكن العامة لرصد من لا يلتزمن بالحجاب

أعلنت الشرطة الإيرانية اليوم (السبت) أن السلطات تركب كاميرات في الأماكن العامة والطرقات لرصد النساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب ومعاقبتهن، في محاولة جديدة لكبح الأعداد المتزايدة لمن يقاومن قواعد اللباس الإلزامية، وفقاً لوكالة «رويترز». وقالت الشرطة في بيان إن المخالفات سيتلقين بعد رصدهن «رسائل نصية تحذيرية من العواقب». وجاء في البيان الذي نقلته وكالة أنباء «ميزان» التابعة للسلطة القضائية ووسائل إعلام حكومية أخرى أن هذه الخطوة تهدف إلى «وقف مقاومة قانون الحجاب»، مضيفا أن مثل هذه المقاومة تشوه الصورة الروحية للبلاد وتشيع انعدام الأمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الخميس)، أن الضربات التي وجّهتها إسرائيل إلى إيران وحلفائها في الشرق الأوسط أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة برمتها في المستقبل، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال نتنياهو، في كلمة موجهة إلى الشعب الإيراني، إن «الأحداث التاريخية التي نشهدها اليوم هي ردود فعل متسلسلة».

وتابع: «ردود فعل متسلسلة على قصف (حركة) حماس والقضاء على (حزب الله) واستهداف (أمينه العام السابق حسن) نصر الله، والضربات التي سدّدناها لمحور الرعب الذي أقامه النظام الإيراني».

واتهم نتنياهو إيران بإنفاق عشرات مليارات الدولارات لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أطاحه هجوم شنّته فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام»، ودعم حركة «حماس» في قطاع غزة و «حزب الله» في لبنان.

وأكد أن «كل ما تسعى إليه إسرائيل هو الدفاع عن دولتها، لكننا من خلال ذلك ندافع عن الحضارة بوجه الوحشية».

وقال للإيرانيين: «إنكم تعانون تحت حكم نظام يسخركم ويهددنا. سيأتي يوم يتغير هذا. سيأتي يوم تكون فيه إيران حرة». وتابع: «لا شك لديّ في أننا سنحقق هذا المستقبل معاً أبكر مما يظن البعض. أعرف وأؤمن بأننا سنحول الشرق الأوسط إلى منارة للازدهار والتقدم والسلام».

ومع سقوط الأسد، خسرت إيران في سوريا حلقة رئيسية في «محور المقاومة» الذي تقوده ضد إسرائيل، بعد أن خرج حليفها الآخر «حزب الله» ضعيفاً من الحرب مع إسرائيل.

ولطالما أدّت سوريا، التي تتشارك مع لبنان حدوداً طويلة سهلة الاختراق، دوراً استراتيجياً في إمداد «حزب الله» اللبناني المدعوم عسكرياً ومالياً من إيران، بالأسلحة.