كيليطو يقترح قراءة تتعدى الأدب إلى الخلفية الثقافية

ضمّن كتابه الجديد هواجسهُ النقدية

كيليطو يقترح قراءة تتعدى الأدب إلى الخلفية الثقافية
TT

كيليطو يقترح قراءة تتعدى الأدب إلى الخلفية الثقافية

كيليطو يقترح قراءة تتعدى الأدب إلى الخلفية الثقافية

صدر، أخيرا، عن منشورات «المتوسط» بإيطاليا، كتاب جديد للكاتب والناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو، تحت عنوان «التخلي عن الأدب».
يتعلق الأمر، بحسب ورقة تقديمية من ناشر الكتاب، بـ«عنوان إشكالي»، كما جل عناوين الكاتب الإشكالية والمتفردة، التي «يشاركنا من خلالها هواجسه النقدية والفكرية في قراءة الأدب والتراث العربي، خصوصاً في علاقته الدائمة بالآداب الغربية».
يقول كيليطو في كتابه: «عادتي في قراءة النصوص العربية أن أحاول إيجاد مقابل لها أو علاقة ما مع نصوص أوروبية. أبحث فيها عن الآخر، عن آخرها، وقد يكون غائباً أو لا يمت إليها بصلة. وهكذا حين قرأت رواية روبنسون لفت انتباهي، إضافةً إلى القارب، مقطع آخر. فذات يوم وبينما كان روبنسون يمشي على شاطئ جزيرته، لمح أثر قدم بشرية مطبوعة على الرمل. لمن هي يا ترى؟ أهي أثر قدمه؟ لا، إنها أوسع منها. تملكه الذعر حينئذ. إنه ليس المالك الوحيد لجزيرته... بغض النظر عن هذا، فإن ما استرعى اهتمامي على الخصوص هو الأثر في حد ذاته، ما يخلفه شخص مر من هنا، من هذا المكان بالضبط. أي شخص؟ فكرت في شخص معين، ومع مرور الزمن ترسخ في ذهني أن صاحب الأثر هو حي بن يقظان. دانييل ديفو تعامل، بصفة مباشرة أو غير مباشرة مع ابن طفيل، مع أن لا شيء يثبت ذلك. هذا على كل حال ما يفترضه بعض القراء، لا سيما من العرب. شخصياً بحثت عن قدم ابن طفيل في الرواية، فلم أجدها، لم ألمح إلا قدم ديفو... لكن، ليس من الضروري أن يكون هناك أثر فعلي ليحدث التأثير».
يتمتع كيليطو بـ«روح مرحة» في قراءته للأدب عموماً وللتراث العربي خاصة، فيما «يدخل لعبة السرد» أثناء قراءته للنصوص، ليجترح أسئلةً جادة وجديدة وينغمس في الاحتمالات والمقارنات، مستنداً إلى «بحث دائم وتقليب واعٍ» في المخطوطات والكتب والدراسات، قديمها وحديثها. يمكن القول إن الأمر يتعلق بـ«صناعة ملحمة نقدية من التفاصيل التي كثيراً ما تغفل في المقاربات النقدية العربية».
يقترح كيليطو، بحسب ناشره، قراءة تتعدى الأدب إلى الواقع والخلفية الثقافية التي تشكل فيها النص أو ترجم، أو انتقل في حوضها اللغوي من الشفوي إلى المكتوب. وفي كل ذلك اعتراف بالجميل ووفاء خالص للمعلمين الكبار على مر التاريخ.
فضلا عن مدخل الكتاب، يقترح كيليطو على قارئه 19 نصاً، بعناوين: «بورخيس والمغرب»، و«ضون كيخوطي»، و«حامد بن الأيلي»، و«لوقيانوس»، و«الأديب بطلاً»، و«اختراع شاعر»، و«من الشرح إلى الترجمة»، و«بخلاء وفلاسفة»، و«ابن القارح»، و«رولان بارت»، و«القديس سمعان»، و«أبو العلاء»، و«الكتاب الأخير»، و«رومان غاري»، و«أبو زيد السروجي»، و«النفي الإيجابي»، و«ظلم الموتى»، و«عيسى بن هشام»، و«قارب روبنسون».
مما نقرأ في نص «عيسى بن هشام»: «لا يتجول عيسى بن هشام، كما صوره المويلحي، في «مملكة الإسلام»، لا ينتقل في أرجائها من مدينة إلى مدينة كما كان يفعل سلفه، راوي الهمذاني الذي كان يحمل الاسم نفسه. عيسى بن هشام الجديد لا يفارق مصر إلا ليذهب إلى باريس. تم التركيز بشكل ملحوظ على مصر، عاداتها، أنماط حياتها، تفاصيل مجتمعها. لقد تغير العالم، تبدلت خريطته، وتحدد مركز القوة في الغرب الذي فرض نفسه، فلم يبقَ للمؤلف إلا التأسف «على أهل الشرق [...] في انخفاضهم وارتفاع أهل الغرب فوقهم». المويلحي أو رؤية (رواية) المهزومين. بالقياس إلى رسالة الغفران، تبدو القاهرة جحيماً مروعاً، وباريس فردوساً موعوداً. لم يعد ممكناً في هذه الظروف كتابة مقامات على النمط القديم، وما غدا متاحاً هو الحديث عن التقابل بين الشرق والغرب، موضوع الرواية العربية منذ ذلك الحين إلى اليوم».
ولد كيليطو في الرباط عام 1945، ويكتب باللغتين العربية والفرنسية. وقد صدر له، في هذا المجال، مؤلفات عدة، منها خمسة أجزاء كأعمال كاملة، تحت عناوين «جدل اللغات»، «الماضي حاضراً»، «جذور السرد»، «حمالو الحكاية»، و«مرايا». كما ترجمت له أعمال عديدة إلى لغات أخرى، بينها الإنجليزية والإسبانية والإيطالية. ومن أهم مؤلفاته، بالعربية أو المعربة، التي كرسته ناقداً متميزاً، نجد «الأدب والغرابة»، و«الكتابة والتناسخ»، و«الأدب والارتياب»، و«المقامات... السرد والأنساق الثقافية»، و«العين والإبرة»، و«لسان آدم»، و«الحكاية والتأويل»، و«بحبر خفي»، و«من شرفة ابن رشد»، و«لن تتكلم لغتي»، و«الغائب»، و«أتكلم جميع اللغات لكن بالعربية»، و«أبو العلاء المعري أو متاهات القول»، و«من نبحث عنه بعيداً يقطن قربنا»، و«حصان نيتشه» و«أنبئوني بالرؤيا» و«في جو من الندم الفكري» و«واللهِ إن هذه الحكاية لحكايتي».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«موسم الرياض» يبرم 5 اتفاقيات لدعم الزواج الجماعي المقرر في يناير المقبل

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)
TT

«موسم الرياض» يبرم 5 اتفاقيات لدعم الزواج الجماعي المقرر في يناير المقبل

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)

في إطار مبادرة الزواج الجماعي، ضمن مبادرات المسؤولية الاجتماعية لموسم الرياض 2024، رعى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه (GEA) المستشار تركي آل الشيخ، في حفل أقيم اليوم، توقيع عدد من الاتفاقيات مع عدد من الجهات المشاركة في الزواج الجماعي، الذي سيقام على أكبر مسرحين من مسارح منطقة بوليفارد سيتي في يناير (كانون الثاني) المقبل، حيث سيكون مسرح أبو بكر سالم قاعة لزواج الرجال، فيما سيكون مسرح محمد عبده أرينا قاعة لزواج النساء.

جانب من توقيع الاتفاقيات (واس)

ووقّع المستشار تركي آل الشيخ، ووزير البلديات والإسكان رئيس مجلس أمناء مؤسسة «سكن» ماجد بن عبد الله الحقيل، اتفاقية تنص على تلقي التبرعات من كبار المانحين والشركاء والأفراد والداعمين لتمكين المستفيدين من مبادرة الزواج الجماعي، ضمن موسم الرياض، والاستفادة من منصة «جود الإسكان» لتوفير الوحدات السكنية للمتزوجين، وذلك وفق الاشتراطات المطلوبة لدى برنامج «سكني».

كما وقّع الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للترفيه المهندس فيصل بافرط مع مجموعة الاتصالات السعودية (STC) التي مثلها الرئيس التنفيذي للمجموعة المهندس عليان بن محمد الوتيد، حيث سيتم توفير خدمة الإنترنت المجاني لمستفيدي حفل الزواج لمدة عام.

جانب من توقيع الاتفاقيات (واس)

فيما تم توقيع اتفاقية مع البنك السعودي الفرنسي (BSF) ممثلاً بالرئيس التنفيذي للبنك بدر السلوم، يقدم بموجبها دعماً مادياً بقيمة مليون ريال.

وتم توقيع اتفاقية مع شركة عجلان وإخوانه، ممثلة بعجلان بن محمد العجلان الرئيس التنفيذي للمجموعة، توفر بموجبها هدايا تزيد قيمتها عن مليوني ريال.

كما جرى توقيع اتفاقية مع مجموعة شركات أبو الحسن للتجارة والاستثمار، ممثلة بمدير تطوير الأعمال في المجموعة فهد المانع.

جانب من توقيع الاتفاقيات (واس)

كما تم خلال مراسم حفل التوقيع حضور عدد كبير من الشركات التي أسهمت في تقديم الخدمات للأزواج في هذه المناسبة الخيرية الكبرى، حيث قدّمت شركات الضيافة والعشاء، وديكورات الحفل، وفستان وبشوت الأزواج، إضافة إلى العطور والبخور، وخدمات الحلاقة والتزيين للأزواج، وتحليل ما قبل الزواج، والشاي والقهوة، ودورات الإرشاد والتنمية الأسرية.