رئيسي يهاجم بايدن وتعهده «تحرير إيران» ... الاحتجاجات تدخل الأسبوع الثامن

طهران أحيت ذكرى اقتحام السفارة الأميركية > تجدد المسيرات المناهضة للنظام ... إمام جمعة زاهدان يدعو لـ«استفتاء شعبي»

لافتة رفعها محتجون وشعار «نسترد إيران» (تويتر)
لافتة رفعها محتجون وشعار «نسترد إيران» (تويتر)
TT

رئيسي يهاجم بايدن وتعهده «تحرير إيران» ... الاحتجاجات تدخل الأسبوع الثامن

لافتة رفعها محتجون وشعار «نسترد إيران» (تويتر)
لافتة رفعها محتجون وشعار «نسترد إيران» (تويتر)

دخلت الاحتجاجات الإيرانية أسبوعها الثامن على وقع توسع الانقسام في الشارع، ففي حين نظمت السلطات مسيرات سنوية في الذكري 43 على اقتحام السفارة الأميركية، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والذخائر الحية لتفريق المسيرات المناهضة للنظام مع تمحورها على مراسم أربعين ضحايا حملة القمع.
وقال الرئيس الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الجمعة، إن بلاده «تحررت» من الولايات المتحدة قبل 43 عاماً، رداً على الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تعهّد «تحرير» الجمهورية الإسلامية، في سجال يتزامن مع إحياء ذكرى اقتحام سفارة واشنطن في طهران عام 1979، واحتجاز 52 رهينة أفرج عنهم بعد 444 يوماً، وتسبب في قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن.

صورة تظهر قوات الأمن ونقل جثة متظاهر في كرج (تويتر)

وأتى إحياء الذكرى هذه السنة بينما تواصلت احتجاجات على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق. وقضى أكثر من 300 شخص في حملة القمع التي تشنها السلطات لإخماد الحراك الاحتجاجي، بينهم 46 طفلاً، وعناصر من قوات الأمن، وأوقف مئات في التحركات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات، خصوصاً المرشد علي خامئني.
وتناصب كل دولة الأخرى العداء منذ ذلك الحين، وفي الوقت الذي حثت فيه السلطات الإيرانية أمس (الجمعة)، قوات الأمن على القضاء بسرعة على الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي امتدت إلى جميع طبقات المجتمع، ظهرت توترات ثنائية جديدة.
وانتقد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي نظيره الأميركي، بعد يوم واحد من تعهد جو بايدن «تحرير إيران». وأعربت دول غربية عدة دعمها للاحتجاجات، وفرضت عقوبات على طهران على خلفية «قمع» التحركات. وجدد بايدن الخميس، دعمه للمحتجين، في كلمة خلال حملة انتخابية بكاليفورنيا، بينما تجمع عشرات المتظاهرين خارج مكان الحملة حاملين لافتات تدعم المحتجين الإيرانيين. وقال بايدن دون أن يسهب: «لا تقلقوا، سنُحرر إيران. سيحررون أنفسهم قريباً جداً».

متظاهرون في مدينة زاهدان أمس (تويتر)

والجمعة، ردّ رئيسي على ما أدلى به بايدن «قبل ساعات»، قائلاً: «إيران تحررت قبل 43 عاماً ولن تكون أسيرتكم». وقال إن «الشعب الإيراني العظيم لن يركع أمامكم». وأضاف: «هل نحن نتوقف بعد تهديداتكم وعقوباتكم؟ إنكم تسعون إلى إبطاء وتيرة التنمية في إيران، والولايات المتحدة تعلم أن إيران في حال التقدم، ولهذا تسعى لعزل إيران عن المجتمع الدولي، لكنهم فشلوا في كل خططهم ضد بلدنا».
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، رفع المشاركون في إحياء «يوم مقارعة الاستكبار العالمي» العلم الإيراني، وهتفوا «الموت لأميركا» و«الموت لإسرائيل». كما حملوا لافتات كتب فيها «إيران قوية» و«أنا مطيع لأمر القائد» وصور الخميني وخامنئي. وحذّر رئيسي الجمعة، من أن العدو «يريد زعزعة الأمن والاستقرار في إيران ويريد استهداف ثقتنا بأنفسنا ووحدتنا وتكاتفنا»، وحذّر رئيسي الجمعة، من أن العدو «يريد زعزعة الأمن والاستقرار في إيران ويريد استهداف ثقتنا بأنفسنا ووحدتنا وتكاتفنا».
وبدورها، أفادت «رويترز» بأن رئيسي وصف المحتجين بـ«الخونة المخادعين». وأقر رئيسي بوجود انقسام في البلاد، عندما قال: «من يرسخ الاضطرابات والفوضى وأعمال الشغب، عليه أن يعلم أنه يتحرك في إطار الاستراتيجية الأميركية والأعداء، قصداَ أو سهواً». وفي المقابل، قال إن «من يعمل على تعزيز الأمن والإنتاج والتقدم والعلم و(...) زيادة حركة قطار التقدم في البلاد، عليه أن يعلم أنه يتحرك في استراتيجية الثورة والجمهورية الإسلامية». وختم قوله إن «هذه هي الثنائية في البلاد».

رئيسي يلقي كلمة في طهران أمس (إ.ب.أ)

واتهم رئيسي الأميركيين بـ«السعي وراء وهم مزيف بنسخ نموذج ليبيا وسوريا في الجمهورية الإسلامية»، وخاطب الأميركيين قائلاً: «كم مرة عليك أن تجرب خططك في إيران؟ كم مرة يجب أن تخذلك الأمة الإيرانية في هذه المؤامرات؟ لماذا لا تتعلم من هذه التجارب؟».
وبث التلفزيون الرسمي الإيراني لقطات من مدن عدة بينها مشهد (شمال شرق) وأصفهان (وسط) وشيراز (جنوب)، تظهر مشاركة حشود الجمعة.
من جانبه، وصف وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ما قاله بايدن بـ«النفاق». وكتب على «تويتر» يقول: «أيد البيت الأبيض بشكل مزداد العنف والإرهاب في أعمال الشغب التي وقعت مؤخراً بإيران، بينما يحاول في الوقت نفسه الوصول إلى اتفاق نووي».
وفي وقت لاحق، قال جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض، إن الرئيس جو بايدن كان يعبر عن تضامنه مع المحتجين في إيران من خلال القول أمام حشد من أنصاره: «سنحرر إيران».
وفي الأثناء، وصفت الخارجية الإيرانية اجتماع مجلس الأمن الأربعاء، حول الاحتجاجات الإيرانية، الذي حضره المندوب الإيراني لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد عرافاني، بأنه «اجتماع معادٍ لإيران»، و«تدخل في شؤون دولة مستقلة من أعضاء الأمم المتحدة»، وقالت إن «إجراء كهذا انتهاك واضح لميثاق الأمم المتحدة وضد مبادئ القانون الدولي».
ودعا محمد حسيني، نائب رئيسي، قوات الأمن إلى «العمل بسرعة لإنهاء أعمال الشغب». ومن جانبه، نفى المتحدث باسم الحكومة، علي بهادري جهرمي تقييد الإنترنت في البلاد، وقال إن «شبكة الإنترنت ليست محجوبة، لكن المنصتين (إنستغرام) و(واتساب) محجوبتان».
وتلعب النساء، اللاتي أحرق بعضهن الحجاب خلال الاحتجاجات، وطلبة الجامعات، دوراً بارزاً في المظاهرات، التي تدعو إلى موت خامنئي، لكن جميع شرائح المجتمع تشارك فيها.

تظاهرة مؤيدة للحكومة في ذكرى احتلال السفارة الأميركية في طهران أمس (رويترز)

وتحولت مراسم الأربعين لضحايا القتلى خلال الأيام العشرة الأخيرة إلى بؤرة للاحتجاجات. وفي أصفهان، أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والذخائر الحية لتفريق المشاركين في أربعين شيرين علي زاده، التي قتلت بينما كانت تقضي إجازة مع طفلها بمحافظة مازندران الشمالية.
وأشارت منظمة «هه نغاو» الكردية إلى تجدد الاحتجاجات في مدينة سنندج وبوكان شمال غربي البلاد مساء الجمعة.
- استفتاء حول السياسات
وتجددت الاحتجاجات في عدد من مدن محافظة بلوشستان بجنوب شرقي إيران، التي سقط فيها أكثر من 90 قتيلاً في 30 سبتمبر(أيلول)، بعدما أطلقت السلطات النار على محتجين إثر استياء عام في المنطقة من اغتصاب فتاة بلوشية على يدي قيادي في الشرطة، وتوسع الغضب مع تمدد الاحتجاجات العامة، إثر وفاة الشابة مهسا أميني، في أنحاء البلاد.
ودفعت وسائل الإعلام الحكومية بروايتها حول تجدد الاحتكاكات في بلوشستان. وأفادت وكالة «إيرنا» الرسمية بأن عدداً من الشرطيين أصيب الجمعة، بحجارة رشقها متظاهرون في خاش قرب زاهدان (جنوب شرق) عند الخروج من صلاة الجمعة. كذلك، أضرم متظاهرون النار في مركز للشرطة ورددوا شعارات مناهضة للحكومة. وأظهر مقطع فيديو بثته وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» مصارف وسيارات محترقة.
وشارك حشد كبير من المشاركين في صلاة جمعة زاهدان في مسيرة احتجاجية. وأظهرت تسجيلات فيديو نشرها حساب «تصوير 1500»، الذي يحظى بعدد كبير من المتابعين على «تويتر»، أن قوات الأمن استخدمت الذخائر الحية والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في زاهدان وخاش وسراوان وإيرانشهر. وردد المحتجون شعار «الموت للباسيج» و«الموت لخامنئي».
وأظهر مقطع مصور بثه «تصوير 1500» متظاهرين هناك يرشقون قوات الأمن بالحجارة، بينما سُمع دوي طلقات نارية.
بدوره، واصل خطيب الجمعة ومفتي أهل السنة في إيران عبد الحميد ملازهي، انتقاداته للسلطات من منبر خطبة الجمعة، داعياً المسؤولين إلى سماع صوت الناس الذين «نزلوا للشارع لمدة 50 يوماً»، وإذ دعا إلى إجراء استفتاء شعبي بحضور مراقبين دوليين، لـ«تغيير السياسات على أساس مطالب الشعب»، في الوقت نفسه، حض أجهزة الدولة على الاعتراف بنتائج الاستفتاء.
وعزا عبد الحميد ثورة 1979 إلى «فقدان الحرية». وقال إن «غالبية الإيرانيين مستاؤون من الأوضاع السياسية للبلاد»، وإذ دعا المسؤولين إلى الإذعان بمطالب الشعب الذي يشكل الأصل والمحور، أكد أن «أعلى المسؤولين في البلاد يستمدون شرعيتهم من هذا الشعب»، معرباً عن أسفه بأن «الجميع كان يعتقد أنه تم القضاء على التمييز وعدم المساواة ويتمتعون بنعمة المساواة، وهذا لم يتحقق». وانتقد عبد الحميد «الإعدامات والاعترافات المتلفزة»، مشدداً على أنها «تضر الإسلام وإيران». وقال أيضاً إن «غالبية النساء الإيرانيات يكرهن الحجاب حالياً». وتابع: «لقد تم عدم احترام النساء... لكنها عندما تحرم من كل شيء ولا يهم نظام الحكم سواء غطاء الرأس، تحرق النار بالوشاح».
كما أشار عبد الحميد إلى «تجاهل» الرؤساء الإصلاحيين لتوصياته بشأن تولي من ينحدرون من الأقليات العرقية، والنساء وأتباع الطوائف في الحكومة. وقال: «تريدون أخذ الأمة إلى الجنة تحت الإجبار، لكن اعلموا أنه لا الشيعة ولا السنة سيذهبون إلى الجنة بالجبر». وحذر أيضاً من ابتعاد المجتمع الإيراني عن الدين بسبب أداء المسؤولين، وقال إنه «لو لم يكن هذا الأداء، لما ظهر هذا النفور. لا تسمحوا بأن يزداد البغض للدين، يجب التدبير، حتى الآن لم تستطلعوا آراء الإيرانيين، الآن اسألوهم واستشيروهم».
- 300 قتيل
وقالت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) الجمعة، إن 300 محتج لقوا حتفهم في الاضطرابات حتى أول من أمس (الخميس)، بينهم 47 قاصراً، إضافة إلى 37 من قوات الأمن. وأضافت أن أكثر من 14 ألف شخص اعتقلوا، بينهم 385 طالباً، في الاحتجاجات التي خرجت في 134 مدينة وبلدة و132 جامعة.
وقال سعيد غولكار، الأستاذ المساعد بجامعة تينيسي في تشاتانوغا لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «إيران مسؤولة عن تطرف الاحتجاجات وقمع المتظاهرين بعنف». وأضاف: «الناس فقط يردّون على القمع الوحشي للدولة».
وقالت منظمة «هه نغاو» الحقوقية التي تتخذ من النرويج مقرّاً، إن «الجمهورية الإسلامية تفقد سيطرتها المؤثرة في معظم المدن الإيرانية ولا يمكنها استعادة هذه السيطرة من خلال ارتكاب الجرائم». وأضاف: «هذه هي لحظة سقوط النظام».
وألقت قوات الأمن الإيرانية القبض على صحافية أجرت مقابلة مع والد مهسا أميني التي أثارت وفاتها في سبتمبر (أيلول)، أحدث احتجاجات عامة مناهضة للنظام.
وبحسب منظمة «هه نغاو» الحقوقية التي تتخذ من النرويج مقرّاً، إنه جرى الأحد، إلقاء القبض على نازيلا معروفيان، الصحافية المقيمة في طهران والتي تتحدّر، مثل أميني، من سقز بمحافظة كردستان غرب إيران.
واعتُقلت معروفيان في منزل أقربائها كما نُقلت إلى سجن إيفين في طهران، حسبما أكدت المنظمة غير الحكومية، مشيرة إلى مكالمة هاتفية أُجريت مع عائلتها.
وكانت الصحافية التي تعمل لصالح موقع «رويداد 24» قد نشرت مقابلة مع أمجد والد مهسا أميني، في 19 أكتوبر (تشرين الأول) في جريدة «مستقل» الإصلاحية. ومنذ ذلك الحين، سحب موقع «مستقل» المقابلة، ولكن نسخة منها تفيد بأنّ الأب ينفي تفسيرات السلطات الإيرانية التي تفيد بأنّ ابنته كانت تعاني من مشاكل صحية. وكانت المقابلة بعنوان «والد مهسا أميني: إنهم يكذبون!».
وفي غضون ذلك، أعربت أسرة المصورة الصحافية يلدا معيري عن قلقها من عدم تمكنها من الاتصال بابنتهم منذ الأسبوع الماضي. واعتقلت معيري في الأسبوع الأول من الاحتجاجات ونقلت إلى سجن إفين.
ووفق لجنة حماية الصحافيين التي تتخذ من نيويورك مقرّاً، فقد اعتُقل 54 صحافياً خلال حملة قمع الاحتجاجات. ومنذ ذلك الحين، أفرج بكفالة عن نحو 10 منهم فقط.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.