فرنسا تريد 14 مفاعلاً نووياً جديداً لإنتاج الطاقة بتكلفة 60 مليار يورو

مجلس الوزراء ناقش اليوم مشروع القانون وسينقل إلى البرلمان بداية 2023

فرنسا الأكثر اعتماداً من بين الدول الأوروبية كافة على الطاقة النووية كانت تملك أساساً 58 مفاعلاً في عام 2015 (رويترز)
فرنسا الأكثر اعتماداً من بين الدول الأوروبية كافة على الطاقة النووية كانت تملك أساساً 58 مفاعلاً في عام 2015 (رويترز)
TT

فرنسا تريد 14 مفاعلاً نووياً جديداً لإنتاج الطاقة بتكلفة 60 مليار يورو

فرنسا الأكثر اعتماداً من بين الدول الأوروبية كافة على الطاقة النووية كانت تملك أساساً 58 مفاعلاً في عام 2015 (رويترز)
فرنسا الأكثر اعتماداً من بين الدول الأوروبية كافة على الطاقة النووية كانت تملك أساساً 58 مفاعلاً في عام 2015 (رويترز)

فرنسا عازمة على الخروج من التبعية للغاز الروسي وغير الروسي من أجل إنتاج الطاقة الكهربائية التي تحتاج إليها، وذلك من خلال مضاعفة مفاعلاتها النووية الراهنة التي من المفترض بها أن توفر 70 في المائة من حاجتها للتيار الكهربائي للاستخدام المنزلي وغير المنزلي.
ولهذا الغرض؛ ناقش مجلس الوزراء اليوم، برئاسة الرئيس إيمانويل ماكرون، مشروع قرار بهذا الخصوص يفترض أن ينقل إلى مجلسي النواب والشيوخ بداية العام المقبل. وتهدف الخطة الحكومية إلى إنشاء 6 مفاعلات من الجيل الجديد من طراز «أي بي آر» في مرحلة أولى؛ تليها مرحلة ثانية بـ8 مفاعلات.
وكانت فرنسا، الأكثر اعتماداً من بين الدول الأوروبية كافة على الطاقة النووية، تملك أساساً 58 مفاعلاً في عام 2015. وخطة الحكومة وقتها كانت وقف 14 مفاعلاً عن العمل لتخفيف الاعتماد على الطاقة النووية وتنويع مصادرها وتفضيل الطاقة البديلة والمستديمة (الشمسية – الهوائية - المائية) وفي الوقت عينه التخفيف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي تسريع الانتقال إلى اقتصاد عديم الكربون. لكن في المحصلة لم يغلق سوى اثنين فقط بسبب المعارضات وتغير السياسات.
جاء التبدل الجذري في سياسة الطاقة الفرنسية أواخر العام الماضي عندما أعلن الرئيس ماكرون عزمه على إعادة إطلاق بناء المفاعلات النووية بوصفها «طاقة نظيفة» وتفضي إلى توفير الاكتفاء الذاتي من دون الحاجة للنفط أو الغاز لإنتاج التيار الكهربائي.
وترافق ذلك مع بروز الحاجة إلى تجديد وصيانة المفاعلات؛ حيث إن نصفها متوقف عن العمل؛ الأمر الذي أجبر باريس على استجرار التيار الكهربائي من البلدان المجاورة، خصوصا من ألمانيا مقابل مدها بالغاز الطبيعي. وقالت أنياس بانيه روناشيه، وزيرة الطاقة أمس: «إذا أردنا التوصل إلى الاستقلالية في توفير الطاقة ولكن في الوقت عينه إنجاز أهدافنا البيئوية، فإنه يتعين علينا التخلص من الوقود الأحفوري واللجوء إلى الطاقة عديمة الكربون. والحال اليوم أن النووي، من بين الخيارات التي في متناول اليد، هو الطاقة الأقل تسبباً في انبعاثات الكربون». ولاكتمال الصورة، تتعين إضافة أن مجلس الشيوخ بدأ اليوم مناقشة مشروع قانون لتعزيز إنتاج الطاقة النظيفة المستديمة؛ مما يبين أن الحكومة تراهن في الوقت عينه على النووي وعلى الطاقة النظيفة غير النووية.
تسعى الحكومة للتعجيل وكسب الوقت، ولذا فإن مشروع القانون ينص على وضع المفاعلات الجديدة في المحطات النووية القائمة وليس إنشاء محطات جديدة.
وينتظر أن يتم تدشين أول مفاعل في عام 2027؛ أي قبل نهاية ولاية ماكرون الثانية، على أن يبدأ إنتاجه للطاقة الكهربائية في عام 2035 أو في عام 2037 في أقرب تقدير.
واختارت السلطات الفرنسية موقعين للمفاعلات الأربعة الأولى: موقع بنلي شمال غربي فرنسا، والثاني موقع غرافلين (شمال البلاد). بيد أن الحذر يبدو ضرورياً بالنسبة لأمرين: الأول زمن بدء الإنتاج الكهربائي، والثاني تكلفة المشروع الطموح.
فمن الناحية الزمنية؛ يذكر أن فرنسا تملك مفاعلاً نووياً وحيداً من طراز «أي بي آر» مقره قريب من مدينة فلامنفيل في منطقة النورماندي، وكان يفترض أن ينجز ويدخل الخدمة في عام 2012 وحتى اليوم لم ينطلق بعد، والتأخير مرده أسباب تقنية. أما التكلفة، فكانت مقدرة بـ4 مليارات. إلا إنها حتى اليوم بلغت 19 ملياراً ولم ينته العمل فيه بعد. كذلك؛ فإن فرنسا باعت فنلندا مفاعلاً شبيهاً بمفاعل «فلامنفيل» ودخوله الخدمة تأخر 12 عاماً وتكلفته تضاعفت 3 مرات. وبحسب تقديرات الحكومة؛ فإن المفاعلات الستة ستكلف الدولة 52 مليار يورو يمكن أن يضاف إليها مغلف احتياطي من 7 مليارات.
حقيقة الأمر أن الخطة الحكومية لا تلقى إجماعاً. والمعارضة تأتي من اليسار و«الخضر» ومن الذين يعدّون أن التبعية الكاسحة للنووي تحمل مخاطر جمة، وأن ما يحصل حالياً لجهة وقف نصف المفاعلات عن العمل يفترض أن يكون درساً.
والمخاطرة الثانية عنوانها التبعية للبلدان المنتجة لليورانيوم الضروري لتشغيل المحطات النووية. والحال أن فرنسا لم تعد منتجة لليورانيوم وذلك منذ عام 2001، وهي تستورد ما يزيد على 10.5 ألف طن من كازخستان والنيجر وكندا وأستراليا. ولذلك؛ تعدّ الباحثة شارلوت ميجون، من شبكة «الخروج من النووي» أن ما يقال عن «الاستقلالية الفرنسية بفضل النووي مجرد أسطورة» وأن تبعية جديدة تحل محل تبعية الغاز القديمة. وتضيف الباحثة أن فرنسا التي تدعي أن النووي «طاقة نظيفة» لا تأخذ في الحسبان التلوث الناتج عن استخراج اليورانيوم والذي تتسبب فيه المناجم التي يتوقف العمل بها. وتشير الباحثة إلى أن السلطات لم تلتفت إلى الـ247 منجماً لإنتاج اليورانيوم على الأراضي الفرنسية التي توقف العمل بها، ولا إلى النفايات المشعة المدفونة في باطن الأرض.



ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
TT

ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)
رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)

قالت منظمة التجارة العالمية، في بيان، إن رئيسة المنظمة نغوزي أوكونجو - إيويالا أُعيد تعيينها لفترة ثانية في اجتماع خاص، يوم الجمعة، مما يعني أن ولايتها الثانية ستتزامن مع ولاية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وتتوقع مصادر تجارية أن يكون الطريق أمام المنظمة، التي يبلغ عمرها 30 عاماً، مليئاً بالتحديات، ومن المرجح أن يتسم بالحروب التجارية، إذ هدد ترمب بفرض رسوم جمركية باهظة على السلع من المكسيك وكندا والصين.

وتحظى أوكونجو - إيويالا، وزيرة المالية النيجيرية السابقة التي صنعت التاريخ في عام 2021 عندما أصبحت أول امرأة وأول أفريقية تتولى منصب المدير العام للمنظمة، بدعم واسع النطاق بين أعضاء منظمة التجارة العالمية. وأعلنت في سبتمبر (أيلول) الماضي أنها ستترشح مرة أخرى، بهدف استكمال «الأعمال غير المكتملة».

ولم يترشح أي مرشح آخر أمام أوكونجو - إيويالا. وقالت مصادر تجارية إن الاجتماع أوجد وسيلة لتسريع عملية تعيينها لتجنب أي خطر من عرقلتها من قبل ترمب، الذي انتقد فريق عمله وحلفاؤه كلاً من أوكونجو - إيويالا ومنظمة التجارة العالمية خلال الفترات الماضية. وفي عام 2020، قدمت إدارة ترمب دعمها لمرشح منافس، وسعت إلى منع ولايتها الأولى. ولم تحصل أوكونجو - إيويالا على دعم الولايات المتحدة إلا عندما خلف الرئيس جو بايدن، ترمب، في البيت الأبيض.

وفي غضون ذلك، حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، من الإضرار بالعلاقات مع كندا والمكسيك، وذلك بعد تصريحات لخليفته المنتخب دونالد ترمب بشأن فرض رسوم جمركية على البلدين الجارين للولايات المتحدة.

وقال بايدن للصحافيين رداً على سؤال بشأن خطة ترمب: «أعتقد أنه أمر سيأتي بنتائج عكسية... آخر ما نحتاج إليه هو البدء بإفساد تلك العلاقات». وأعرب الرئيس الديمقراطي عن أمله في أن يعيد خليفته الجمهوري «النظر» في تعهّده فرض رسوم تجارية باهظة على البلدين «الحليفين» للولايات المتحدة.

وأثار ترمب قلق الأسواق العالمية، الاثنين، بإعلانه عبر منصات التواصل الاجتماعي، أنّ من أول إجراءاته بعد تسلّمه مهامه في يناير (كانون الثاني) المقبل ستكون فرض رسوم جمركية نسبتها 25 بالمائة على المكسيك وكندا اللتين تربطهما بالولايات المتحدة اتفاقية للتجارة الحرة، إضافة إلى رسوم نسبتها 10 بالمائة على الصين.

وتعهّد ترمب عدم رفع هذه الرسوم عن البلدين الجارين للولايات المتحدة قبل توقف الهجرة غير النظامية وتهريب المخدرات، مؤكداً أن التجارة ستكون من أساليب الضغط على الحلفاء والخصوم.

وبعدما أعربت عن معارضتها لتهديدات ترمب، أجرت رئيسة المكسيك، كلاوديا شينباوم، محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي المنتخب، الأربعاء، تطرقت إلى تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى الولايات المتحدة عبر حدود البلدين ومكافحة تهريب المخدرات... وأعلن ترمب أنّ شينباوم «وافقت» على «وقف الهجرة» غير الشرعية، بينما سارعت الزعيمة اليسارية إلى التوضيح بأنّ موقف بلادها «ليس إغلاق الحدود».

ورداً على سؤال بشأن التباين في الموقفين، قالت الرئيسة المكسيكية في مؤتمرها الصحافي اليومي الخميس: «يمكنني أن أؤكد لكم... أننا لن نقوم أبداً، ولن نكون قادرين أبداً، على اقتراح أن نغلق الحدود».

وحذّر وزير الاقتصاد المكسيكي مارسيلو إبرار، الأربعاء، من أنّ مضيّ ترمب في فرض الرسوم التجارية على المكسيك سيؤدي إلى فقدان نحو 400 ألف وظيفة. وأكدت شينباوم، الخميس، أنّ أيّ «حرب رسوم تجارية» بين البلدين لن تحصل، وأوضحت أنّ «المهم كان التعامل مع النهج الذي اعتمده» ترمب، معربة عن اعتقادها بأن الحوار مع الرئيس الجمهوري سيكون بنّاء.

إلى ذلك، شدّد بايدن في تصريحاته للصحافيين في نانتاكت، إذ يمضي عطلة عيد الشكر مع عائلته، على أهمية الإبقاء على خطوط تواصل مع الصين. وقال: «لقد أقمت خط تواصل ساخناً مع الرئيس شي جينبينغ، إضافة إلى خط مباشر بين جيشينا»، معرباً عن ثقته بأنّ نظيره الصيني لا «يريد ارتكاب أيّ خطأ» في العلاقة مع الولايات المتحدة. وتابع: «لا أقول إنه أفضل أصدقائنا، لكنه يدرك ما هو على المحك».