التضخم يلدغ منطقة اليورو والركود لم يعد سؤالاً

تباطؤ النمو فصلياً بشكل حاد

امرأة تتسوق وتفحص مواد غذائية على رف سوبر ماركت تعرض أسعار المنتجات بعملة كونا واليورو، في زغرب بكرواتيا (أ.ف.ب)
امرأة تتسوق وتفحص مواد غذائية على رف سوبر ماركت تعرض أسعار المنتجات بعملة كونا واليورو، في زغرب بكرواتيا (أ.ف.ب)
TT

التضخم يلدغ منطقة اليورو والركود لم يعد سؤالاً

امرأة تتسوق وتفحص مواد غذائية على رف سوبر ماركت تعرض أسعار المنتجات بعملة كونا واليورو، في زغرب بكرواتيا (أ.ف.ب)
امرأة تتسوق وتفحص مواد غذائية على رف سوبر ماركت تعرض أسعار المنتجات بعملة كونا واليورو، في زغرب بكرواتيا (أ.ف.ب)

تجاوز معدل التضخم في منطقة اليورو التوقعات السابقة مرة أخرى هذا الشهر، ليسجل مستوى مرتفعاً قياسياً، ما يشير إلى أن البنك المركزي الأوروبي سيفرض زيادات إضافية في أسعار الفائدة، فيما يبدو أن ضغوط الأسعار آخذة في الازدياد.
وتسارع نمو أسعار المستهلكين في الدول التسعة عشرة التي تستخدم اليورو إلى 10.7 بالمائة في أكتوبر (تشرين الأول)، من 9.9 بالمائة في سبتمبر (أيلول) الماضي، متجاوزاً توقعات المحللين في استطلاع لـ«رويترز» عند 10.2 بالمائة مع ارتفاع التضخم في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا أكثر من المتوقع، وفقاً لبيانات نشرها مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) يوم الاثنين.
واستمرت أسعار الطاقة في تحفيز التضخم، لكن المواد الغذائية والبضائع الصناعية المستوردة دفعت الأسعار إلى الارتفاع بشكل حاد، بينما لعب قطاع الخدمات دوراً هامشياً هذه المرة.
ورفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة 200 نقطة أساس في المجمل بالأشهر الثلاثة الماضية، ووعد بمزيد من التشديد في ديسمبر (كانون الأول). لكن الأسواق بدأت في توقع حدوث تباطؤ في وتيرة رفع أسعار الفائدة في ظل ركود يلوح في الأفق وانخفاض أسعار الغاز من مستويات مرتفعة قياسية.
لكن من المرجح أن يشعر صانعو السياسات بالقلق من استمرار تسارع معدل التضخم الأساسي، ما يشير إلى ازدياد ضغوط الأسعار ويرفع خطر ترسخ التضخم المرتفع.
من جهة أخرى، أظهرت بيانات أولية يوم الاثنين، تباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة اليورو بشكل حاد في الربع الثالث كما كان متوقعاً، ما يؤكد التوقعات بأن المنطقة ستنزلق إلى الركود في الأرباع المقبلة.
وحذر محللون من مكتب «أكسفورد إيكونوميكس» من أنه «لم يعد الأمر يتعلق بما إذا كنا سندخل في ركود، ولكن بمعرفة مدى شدة هذا الركود». وأضافوا: «الركود في منطقة اليورو هذا الشتاء وشيك».
وقدر مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) أن الناتج المحلي الإجمالي في الدول التسعة عشرة ارتفع 0.2 بالمائة على أساس فصلي و2.1 بالمائة على أساس سنوي، بما يتماشى مع توقعات خبراء اقتصاديين استطلعت «رويترز» آراءهم.
وتأتي هذه النتائج مقارنة مع نمو 0.8 بالمائة على أساس فصلي و4.3 بالمائة على أساس سنوي في الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، وهي الفترة التي بدأ فيها اقتصاد منطقة اليورو في الشعور بتأثير التضخم المرتفع، خصوصاً فيما يتعلق بأسعار الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وما تبعه من قفزة في أسعار الفائدة، واستمرار مشاكل سلسلة التوريد.
وتعد النتائج جيدة، ويمكن تفسيرها باستهلاك الأُسر الذي ظل متيناً خلال فترة العطلة في الصيف وبتدابير الدعم الحكومية للطلب... لكن التضخم الجامح يثير القلق. وخالفت ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، التيار، وسجلت ارتفاعاً طفيفاً في النمو الفصلي بالربع الثالث إلى 0.3 بالمائة من 0.1 بالمائة في الربع الثاني، على الرغم من أن اقتصادها لا يزال يتباطأ على أساس سنوي. وسجلت بلجيكا ولاتفيا والنمسا بالفعل انخفاضاً فصلياً في الناتج المحلي الإجمالي في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول).
وبالتزامن، أعلن مكتب الإحصاء الإيطالي (إيستات) في روما يوم الاثنين، أن الاقتصاد الإيطالي، وفقاً للتقديرات، قد نما بمعدل 0.5 في المائة في الربع الثالث مقارنة بالربع السابق عليه.
وكان محللون يتوقعون ركوداً في الأشهر الممتدة من يوليو إلى سبتمبر. غير أن النمو كان أضعف مما كان في الربع السابق، إذ نما الناتج المحلي الإجمالي، في الربع الثاني، بمعدل 1.1 في المائة. وتباطأ النمو في قطاعات صيد الأسماك والزراعة والصناعة، لكنه ازداد بشكل طفيف في قطاع التجزئة.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.