عون يلوّح بتوقيع مراسيم قبول استقالة الحكومة وسط جدل سياسي ودستوري

رئيس الجمهورية يلمّح إلى «خرق الأعراف» للضغط على ميقاتي

عون في لقاء وداعي مع موظفي القصر الجمهوري أمس (دالاتي ونهرا)
عون في لقاء وداعي مع موظفي القصر الجمهوري أمس (دالاتي ونهرا)
TT

عون يلوّح بتوقيع مراسيم قبول استقالة الحكومة وسط جدل سياسي ودستوري

عون في لقاء وداعي مع موظفي القصر الجمهوري أمس (دالاتي ونهرا)
عون في لقاء وداعي مع موظفي القصر الجمهوري أمس (دالاتي ونهرا)

أربك تلويح الرئيس اللبناني ميشال عون، أول من أمس، بتوقيع مراسيم قبول استقالة الحكومة ما لم يتم تشكيل حكومة أخرى، الوضع السياسي الداخلي، قبل أيام على نهاية ولايته الدستورية، وعدم وجود حكومة «كاملة الصلاحيات» تتولى صلاحياته في حال العجز المتوقع عن انتخاب رئيس جديد. وتعتبر خطوة عون إجراء استثنائياً لم يذهب إليه أي رئيس قبل عون، وسط خلاف دستوري بين فريقين، يعتبر الأول أن ذلك سيمنع اجتماع الحكومة وتولي «مجلس الوزراء مجتمعاً» لصلاحيات رئيس الجمهورية في فترة الفراغ الدستوري، حسبما ينصّ الدستور، فيما يرى آخرون أن الحكومة مستقيلة حتماً وفق الدستور، ولم تتقدم باستقالتها كي يقبلها أو يرفضها.
وتصاعدت الخلافات بين عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، حول تشكيل الحكومة منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي، مما عرقل تأليف حكومة جديدة، فيما نشب جدال دستوري حول ما إذا كانت الحكومة المستقيلة حكماً بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، تستطيع أن تتولى مهام السلطة التنفيذية في فترة الفراغ الرئاسي، حيث يقول «التيار الوطني الحر»، إن حكومة تصريف الأعمال «لم تحصل على ثقة المجلس النيابي المنتخب»، لكونها حصلت على ثقة البرلمان السابق، ومن ثم «فإنها ستكون فاقدة للميثاقية الدستورية».
وجدّد عون، أمس، اتهام ميقاتي بأنه «لا إرادة لديه ولا لدى فريقه، في تشكيل الحكومة». وقال إن «الرئيس ميقاتي يلبي مطالب كل الأحزاب والتيارات والتكتلات النيابية، ما عدا مطلب (التيار الوطني الحر)»، مشدداً على أنه «من غير المقبول وضع وصاية على التيار أو على تكتل لبنان القوي». وعن عدم قانونية إعلانه نيته التوقيع على مراسيم قبول استقالة الحكومة ما لم يتم تشكيل حكومة أخرى، أوضح الرئيس عون أنه «ليس هناك من نصّ دستوري يشترط ذلك، بل إن المسألة متعلقة بالأعراف، ويمكن خرق العرف».
ورداً على تلويح عون بتوقيع مرسوم استقالة حكومة تصريف الأعمال، أوضح الوزير الأسبق ونقيب المحامين السابق رشيد درباس، أن «الحكومة لم تقدم استقالتها حتى يقبلها أو يرفضها، بل إن الاستقالة جاءت حتمية وبحكم القانون»، مشيراً إلى أن «المرسوم لن يكون نافذاً إلا إذا تزامن مع مرسوم تشكيل حكومة جديدة». وشدد على أن رئيس الجمهورية «لا ينشئ هذه الحالة (استقالة الحكومة)، إنما يعلنها». وحمّل درباس الرئيس عون ضمناً مسؤولية أي خلل قد يقع بالحكم، وقال إن من ينشئ حالة فراغ يعني أنه تعمد ترك الدولة بلا ربان، ويفترض به أن يعرف أن المرفق العام لا يُترك للفراغ.
وابتداءً من الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، يصبح البلد أمام فراغين رئاسي وحكومي، لكن غياب حكومة دستورية لا يقيّد حكومة تصريف الأعمال التي تتمتّع بنقاط قوة دستورية، واعتبر الوزير السابق درباس، أن «نقطة قوّة الحكومة الحالية تكمن في ضعف البلد». وذكّر بأن «الدستور شامل والحلول موجودة فيه، وهو أعطى مجلس الوزراء حق تسلّم مهام رئيس الجمهورية في حال شغور موقع الرئيس».
وشدد درباس في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن حكومة تصريف الأعمال «تملك الصلاحية الدستورية، لتحلّ محلّ رئيس الجمهورية، باستثناء صلاحيات محددة هي من اختصاص الرئيس دون سواه». وقال: «ثمة أمور أساسية محصورة برئيس الجمهورية لا يمكن للحكومة القيام بها حتى لو كانت دستورية وتحظى بثقة البرلمان». وعدّد درباس أبرز تلك المهام، وهي «استحالة قيامها بحلّ المجلس النيابي، أو إجراء استشارات نيابية لتشكيل حكومة جديدة، أو اعتماد سفراء، ومنح أوسمة، كما أن أي حكومة لا يوليها الدستور حقّ مخاطبة المجلس النيابي وتوجيه رسائل إليه، ولا أن تمارس صلاحيات الرئيس من مقرّه في القصر الجمهوري».
وقبيل ساعات من مغادرة عون القصر الجمهوري، يتجدد الحديث عن الإخلال بالتوازنات وإضعاف الشريك المسيحي في السلطة، وقد جدّد عون في تصريحه الأخير تأكيده أن حكومة ميقاتي «قاصرة عن تولّي كامل صلاحيات الرئيس، فهي بالأصل لا تستطيع أن تقوم بدورها إلّا بالإطار الضيّق»، لكنّ الوزير درباس (وهو خبير قانوني ونقيب سابق للمحامين)، أشار إلى أن «الحديث عن ممارسة الحكومة دورها بالحدود الضيقة، ليس موجوداً في الدستور؛ لأن الضيق والاتساع مرهون بالحاجة والغرض والأمور الطارئة، ومنها على سبيل المثال إعلان حالة الطوارئ وغيرها». وذكّر بأن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «ليس مسؤولاً عن تعطيل تشكيل حكومة جديدة، وليس مسؤولاً عن إيصال البلاد إلى الفراغ الرئاسي». وسأل درباس: «لماذا يتباكى جزء من المسيحيين على موقع رئيس الجمهورية؟ من يعطل انتخاب الرئيس وينتخب بالورقة البيضاء؟». وردّ قائلاً: «هؤلاء لا يرون ملامح رئيس جديد، لذلك هم ينتخبون العدم عبر الورقة البيضاء».
والتسليم بحتميّة انتقال صلاحيات الرئيس إلى مجلس الوزراء، يضع رئيس الحكومة أمام مجهر الرقابة سياسياً وقانونياً، مع إمكانية الطعن ببعض الإجراءات التي قد يلجأ إليها، خصوصاً إذا ما دعا مجلس الوزراء للانعقاد.
ولاحظ الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين، أن «المادة (62) من الدستور أناطت صلاحيات رئيس الجمهورية بمجلس الوزراء مجتمعاً في حال شغور موقع الرئيس وليس بالحكومة، وهناك فرق كبير بين الحكومة ومجلس الوزراء». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بما أن الفقرة (12) من المادة (53) من الدستور تجعل الدعوة للاجتماعات الاستثنائية لمجلس الوزراء مناطة برئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة، فهذا يعني أنه لا إمكانية لعقد جلسات استثنائية لمجلس الوزراء إلّا بحضور رئيس الجمهورية».
ويشهد لبنان الفراغ الرابع في سدّة رئاسة الجمهورية منذ عام 1988. ويقول يميّن (المقرّب من الرئيس ميشال عون)، إنه «إذا انتهت ولاية الرئيس قبل تشكيل حكومة جديدة، فعلى الحكومة الحالية أن تكتفي بتصريف الأعمال بالحدود الضيقة، من دون أن تمدّ يدها على صلاحيات رئيس الجمهورية؛ أي إن رئيس الحكومة يمارس دوره من السراي الحكومي، والوزراء عبر وجودهم في وزاراتهم، وألّا توقع قرارات أو مراسيم هي من اختصاص الرئيس». وأشار يميّن إلى أن «المشكلات التي نقع فيها الآن تعبّر عن ثغرات في الدستور، الذي يفترض به أن يعالج هذه الثغرات الأساسية، ومنها تحديد مهلة زمنية للرئيس المكلّف بأن يشكل حكومته، لا أن يبقى لأشهر طويلة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

أحلام لمياء النازحة إلى كورنيش بيروت: مكان مسقوف قبل هطول الأمطار

لمياء فرحات إلى جانب خيمتها في منطقة الرملة البيضاء في بيروت (الشرق الأوسط)
لمياء فرحات إلى جانب خيمتها في منطقة الرملة البيضاء في بيروت (الشرق الأوسط)
TT

أحلام لمياء النازحة إلى كورنيش بيروت: مكان مسقوف قبل هطول الأمطار

لمياء فرحات إلى جانب خيمتها في منطقة الرملة البيضاء في بيروت (الشرق الأوسط)
لمياء فرحات إلى جانب خيمتها في منطقة الرملة البيضاء في بيروت (الشرق الأوسط)

بمقعدين خشبيين، وبضعة حبال رفيعة، تعلق لمياء فرحات خيمتها التي صنعتها من شراشف هشة، وتحاذيهما وسادتان ومفرش للنوم، على كورنيش الرملة البيضا في العاصمة بيروت، حيث تعيش منذ 20 يوماً.

تقول فرحات لـ«الشرق الأوسط»: «أتيت إلى هنا من الضاحية، بعد أن اختبرت العيش في مراكز إيواء مختلفة، وفضلت العيش في العراء»؛ إذ تنقلت لمياء بين برج حمود والجبل قبل أن تلجأ إلى الكورنيش وتستقر هناك.

وفرحات، واحدة من عشرات العائلات التي لجأت إلى الواجهة البحرية لمدينة بيروت، هرباً من القصف الإسرائيلي. لم تجد بديلاً مناسباً، كما كثيرين لا تسعفهم إمكاناتهم على استئجار منازل، وهي مشكلة عامة تحاول السلطات إيجاد حلول لها.

لا مقومات حياة

ولمياء سيدة خمسينية، من بلدة مجدل سلم الجنوبيّة، نزحت من منزلها في حارة حريك في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، منذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية الموسعة على لبنان، لتعيش حياة تنعدم فيها أدنى مقومات الحياة، فلا سقف يأويها من شمس الصيف وبرد الشتاء وعتمة الليل، ولا طعام وشراب، ولا ملابس نظيفة.

تقول لمياء: «أنام وأستيقظ هنا، لم أتعرض لسوء كوني أفترش الكورنيش إلى جانب نازحين كثر، لكنني أعاني كثيراً، بات جسمي متسخاً؛ إذ منذ أتيت إلى هنا لم أتمكن من الاستحمام وتبديل ملابسي، أنزل إلى الحاكورة (بجانب الشاطئ) لأقضي حاجتي. لم يسبق أن عشنا هكذا حياة، ولكنها فعلياً ليست حياة».

تلوذ بالكورنيش البحري هرباً من القصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية (الشرق الأوسط)

ثلاثة أطفال

وفي الخيمة أيضاً، يعيش ثلاثة أطفال مع لمياء، حسن (9 أعوام)، وسيلينا (8 أعوام)، وشقيقتهما الصغرى (5 أعوام)، فهي تعتني بهم منذ تركتهم والدتهم لأسباب خاصة، وباتوا أطفالها الذين يرافقونها في رحلة النزوح والتشرد.

وبعينين دامعتين، تخبر عما تعانيه من ظروف صحية ومعيشية صعبة، تقول: «أنا مريضة ضغط وسكري، أعاني أمراضاً مزمنة، ولا أتناول راهناً الغذاء المطلوب، يحضرون لنا وجبات الطعام، لكنني لا أشعر بالجوع، نريد العودة إلى حياتنا الطبيعية ليس أكثر، حياتنا ما قبل الحرب. اليوم، قمت بكنس الكورنيش، على مقربة من الخيمة، كأنني أسكن منزلاً، خيمتي تعادل فكرة البيت راهناً، لكنني مرعوبة من اقتراب موعد الشتاء».

ألعاب أطفال ودمى

من يدخل الخيمة المتواضعة والمنظمة في آن، يلمح ألعاب الأطفال والدمى: «تأتي إحدى الجمعيات إلى هنا، تحضر للأطفال الحلوى والمياه المعدنية وبعض الملابس والطعام ليس أكثر، لكن هذا لا يكفي، نريد سقفاً يحتوينا معاً؛ كي نحتضن بعضنا وننام. هم هدية الله لي لأتونس بهم في آخر أيام حياتي».

ومنذ يومين، أُخبرت لمياء بأن عليها ترك الكورنيش وتأمين نقلها إلى مركز الكرنتينا تقول: «لا مشكلة لدي إلى أين سيتم نقلي راهناً، أود فقط أن أنتقل إلى مكان مسقوف قبل هطول الأمطار، الكرنتينا أو أي مكان آخر، لكنني حتماً لن أقبل بإزالة الخيمة لأجل مظهر الكورنيش ليس أكثر».

وعن الخيارات المتاحة، تتحدث عن مراكز سمعت عنها في منطقة الجناح، وقد تلجأ إليها، ولكنها ربما لن تكون آمنة، حسبما تقول، فرغم كل الظروف الصعبة والبشعة التي تعيشها، ترى أن البحر والكورنيش يَقِيانها مخاطر التعرض للقصف والعدوان الإسرائيلي.

خيمة متواضعة تُؤوي لمياء وثلاثة أطفال (الشرق الأوسط)

أصعب الحروب

في ساعات الصباح الأولى، ارتفعت أمواج البحر، فسقط على لمياء وأطفالها الثلاثة، رزاز المياه: «شعرت باقتراب هطول الأمطار، لكن الله لطيف بنا، نحن عباده، الذين لا حول لنا ولا قوة، لم يرسل الشتاء بعد؛ لأننا لا نزال في الشوارع. لم أصادف أن عشت ظروفاً مماثلة طوال حياتي، رغم الحروب الكثيرة التي عايشتها، لكن هذه الحرب هي الأصعب».

رغم ما تعيشه راهناً، تروي كيف بات الحي الذي تسكنه، وكذلك الشوارع المحيطة، من الأمام والخلف، «كلها تبدلت معالمها، لكن الحمد لله ما زال منزلي بخير، لا ريب في كونه متصدعاً، ولكن أتمنى ألا يتمّ تدميره بالكامل كما باقي منازل الجيران هناك، كي أتمكن من أن أعود إليه بعد انتهاء الحرب، فآوي إليه، وأعيش فيه؛ كي لا يبقى حالي على ما هو عليه اليوم، نازحة في الشارع».

وكان النائب ملحم خلف، قال، الأربعاء، بعد لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: «تتم متابعة ملف النازحين على الكورنيش والرملة بشكل حثيث»، وأضاف: «خلال الساعات المقبلة، سيتم تخصيص مبنى ثان يتسع لنحو أربعمائة شخص، ويمكن استقبالهم بدءاً من الغد، وبالتالي يمكننا أن نؤمّن لكل الأشخاص اللبنانيين الذين لا يزالون على الطرق، من ساحة الشهداء إلى الرملة البيضاء، أماكن إيواء».