للرجل... خطوات صحية للعناية بالبشرة

اختلال التوازن الجيني أو الهرموني أو البيئي يؤثر على وضعها الطبيعي

للرجل... خطوات صحية للعناية بالبشرة
TT

للرجل... خطوات صحية للعناية بالبشرة

للرجل... خطوات صحية للعناية بالبشرة

الوجه هو أكرم ما لدى المرء. وأولى خطوات حفظ الوجه العناية اليومية ببشرته وشعره بطريقة صحية. وهو ما يبدأ بـ«تعرّف» الرجل على نوعية البشرة لديه، كي «يفهم» احتياجاتها واحتياجات الشعر لديه، وبالتالي يتخذ خطوات صحية للعناية بهما، وفق ما تنصح بها المصادر الطبية العالمية.

- مستحضرات للرجال
تؤكد جمعية الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية (AADA) في تقريرها بعنوان «نصائح للعناية بالبشرة للرجال»، قائلة: «عندما يتعلق الأمر بالعناية بالبشرة، فإن الرجال دوماً كانوا يعتبرونه شيئاً بسيطاً. ولكن مزيداً من الرجال يسعون الآن للحصول على بشرة أكثر صحة وشباباً». وأحد مظاهر ذلك تنوع مستحضرات العناية الشخصية الخاصة بالرجال.
ومن المفارقات أن حجم السوق العالمية لمستحضرات العناية الشخصية الخاصة بالرجال -وفق بعض التقارير- بلغ 30 مليار دولار سنوياً، أي ما يوازي تحديداً حجم السوق العالمية حالياً لجميع أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم. ولكن من الملاحظ أيضاً تفاوت التقديرات لحجم سوق مستحضرات العناية الشخصية الخاصة بالرجال عالمياً بين 30 و125 مليار دولار سنوياً، وذلك بسبب اختلاف نوعيات المستحضرات المشمولة في التقارير الاقتصادية تلك، والتي منها:
1- مستحضرات العناية بالجلد (الوجه والجسم): المنظفات، والمُقشرات، والكريمات، والمُرطبات، ومستحضرات «التونر» لتطهير الجلد وتقليص مظهر المسامات، وأنواع السيروم (المصل) الموضعي، ومعالجات البشرة كالأقنعة، إضافة إلى أنواع مستحضرات الوقاية من أشعة الشمس.
2- مستحضرات العناية بالحلاقة: وتشكل نسبة الثُلث تقريباً من حجم سوق مستحضرات العناية الشخصية الخاصة بالرجال، مثل كريمات وجِل ورغوة الحلاقة، وغسول ما بعد الحلاقة، وماكينات الحلاقة، وغيره.
3- مستحضرات العناية بالشعر، والشامبوهات، ومكيفات الشعر وغيرها.
4- العطور ومزيلات رائحة العرق، ومنتجات تجميلية أخرى كثيرة.
وتتوقع بعض تلك التقارير نمواً سنوياً بنحو 9 في المائة، ليبلغ حجم السوق العالمية بحلول 2030 ما بين 70 و270 مليار دولار سنوياً (وفق ما تشمله تلك التقارير من منتجات).
ومع تنامي الاهتمام الصحي لدى الرجال بالعناية الشخصية، وتنوع منتجاتها للرجال، يحتاج الرجل إلى معرفة كيفية انتقاء الأنواع الملائمة له منها، وكيف يستخدمها بطريقة صحية.

- فهم نوعية البشرة
توضح جمعية الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية قائلة: «سيساعدك فهم نوع بشرتك على تعلم كيفية العناية ببشرتك، وعلى اختيار منتجات العناية بالبشرة المناسبة لك».
والأساس أن تكون البشرة «طبيعية». ولكن قد يختلف ذلك نتيجة إما اختلال في التوازن الجيني أو الهرموني أو البيئي، ما يُؤدي إلى اختلاف درجة النقاء والحساسية والمظهر والمكونات وأداء الوظيفة، للبشرة.
ولذا تُقسم أنواع البشرة إلى 5 أنواع، هي: «الطبيعية»، و«الجافة»، و«الدهنية»، و«المختلطة»، و«الحساسة». وتشمل العوامل البيئية الخارجية التي تؤثر على نوع البشرة: النظام الغذائي، ودرجة التوتر النفسي، والتعرض لأشعة الشمس، وطريقة العناية بالبشرة والشعر، وأوقات القيام بذلك، والأنواع المُستخدمة من مستحضرات العناية، ومستوى تلوث الهواء، ونوعية الطقس، وغيره.
> البشرة «الطبيعية» تكون متوازنة بشكل أساسي، أي أنها ليست جافة جداً أو دهنية، وليست حساسة جداً، وتحتوي على عدد قليل جداً من العيوب، وتتميز بمسامها الصغيرة، ولونها الموحد، وملمسها الناعم. وهي بهذا لا تحتاج إلى الكثير للعناية بها، أي تحتاج فقط إلى تنظيف يومي لإزالة تراكم الأوساخ والملوثات والبكتيريا، وإلى درجة معتدلة من الترطيب، ووضع مستحضرات الوقاية من الشمس قبل التعرض لها. والتقشير الخفيف يكون حسب الحاجة، للحصول على ملمس بشرة مثالي.
> البشرة الجافة: أما البشرة «الجافة» فتتميز بقوام خشن، وتظهر عليها علامات التقشير أو حتى التشقق، وغالباً ما تبدو باهتة مع بعض الاحمرار والحكّة. وسبب جفاف البشرة في الغالب إما مشكلات في حاجز الرطوبة الطبيعي للبشرة (انخفاض إفراز الزيوت الطبيعية أو تدني تروية البشرة بالماء)، وإما بسبب عوامل خارجية، مثل الطقس البارد والغسيل المفرط.
والجانب الإيجابي فيها أنها تتميز بصغر المسام، وعادة لا تكون معرضة لحب الشباب. وللعناية بالبشرة «الجافة»، تُستخدم المستحضرات اللطيفة والمرطبات الغنية، والمنظفات وتقنيات تنظيف غير كاشطة، والحفاظ على تروية الجسم بالماء، وحماية الجلد من آثار الطقس البارد والجاف.
> البشرة «الدهنية»: تنشأ نتيجة زيادة إفراز الدهون، تحت تأثير عوامل بيولوجية داخلية وليست خارجية، مثل الوراثة والتغيرات الهرمونية. وتتميز بأربع علامات: مظهر لامع، وملمس ناعم ودهني، ومسام مرئية ومتضخمة، ولا يلتصق بها المكياج. وإذا كانت لدى الشخص علامتان منها، كانت البشرة دهنية بدرجة معتدلة. ولو كانت العلامات الأربع موجودة، كانت البشرة دهنية بدرجة شديدة.
وتتمحور العناية بالبشرة «الدهنية» حول تقليل لمعان البشرة الدهني ومعالجة حب الشباب. ولذا يجدر البحث عن منتجات عناية بالبشرة تزيل الدهون وتخفف من إنتاجها، مع الحرص على التنظيف مرتين يومياً وبعد النشاط البدني، ولكن دون إفراط في الغسيل، واستخدام مستحضرات العناية بالبشرة الخالية من الزيوت، واختيار مُرطبات مائية غير دهنية، واستخدام أوراق تنشيف الجلد طوال اليوم للحفاظ على مظهر خالٍ من الزيوت.

- بشرة «مختلطة»
> البشرة المختلطة: الإشكالية هي في البشرة «المختلطة» التي تتميز بمنطقتين: منطقة بشرة دهنية، مع مناطق إما عادية وإما جافة. وفي الغالب تكون المنطقة الدهنية اللامعة على شكل حرف «T»، أي الجبين والأنف والذقن، مع جفاف وخشونة الجلد في أماكن أخرى من الوجه. وللعناية بالبشرة «المختلطة»، يستخدم معظم الناس منتجات منفصلة لتلبية الحاجتين المتميزين. مثل وضع مرطب خالٍ من الدهون على المناطق الدهنية، ومرطبات دهنية للمناطق الجافة، مع استخدم أوراق التنشيف طوال اليوم للتحكم في البشرة الدهنية، واستخدام مستحضرات قابضة على المناطق الدهنية، وخيارات ألطف في المناطق الجافة.
> البشرة «الحساسة»: غالباً ما تُعزى حساسية الجلد إلى ضعف وظيفة الحاجز الواقي للجلد، أو فرط نشاط جهاز المناعة. وذلك إما نتيجة عوامل وراثية، وإما بسبب تفاعلات الحساسية من المهيجات البيئية (حساسية الملامسة)، مثل وبر الحيوانات، وحبوب اللقاح، والمكياج، والعطور، وغيرها. ويمكن أن تكون حساسية البشرة طفيفة أو شديدة. وهو ما يتم تحديده من خلال البقع أو الاحمرار أو التقشير أو الحكة أو الحرقان.
وثمة مجموعة من منتجات العناية بالبشرة «الحساسة»، والمصممة بمكونات لطيفة. مثل مُنظفات البشرة عند الغسل، ومُرطبات البشرة، وغيره. مع تجنب المنتجات التي تحتوي على العطور والكحوليات والكبريتات والأحماض. ومع ذلك، من المهم أيضاً تحديد أي محفزات تثير الحساسية الجلدية، لتجنب أي منتجات تحتوي على هذه المهيجات.

- روتين صحي ويومي لغسل الوجه والحلاقة
> تحت عنوان «غسل الوجه، مقرر 101»، تقول جمعية الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية: «يمكن لطريقة غسل وجهك أن تحدث فرقاً في مظهرك.
اتبع هذه النصائح من أطباء الأمراض الجلدية لمساعدتك على الحفاظ على مظهر وجهك صحياً». وتشمل تلك النصائح ما يلي:
- استخدم منظفاً لطيفاً غير كاشط، ولا يحتوي على الكحول.
- بلل وجهك بالماء الفاتر، واستخدم أطراف أصابعك لوضع المنظف. يمكن أن يؤدي استخدام منشفة أو إسفنجة شبكية أو أي شيء آخر غير أطراف أصابعك، إلى تهيج بشرتك.
- قاوم الرغبة في فرك بشرتك بشدة؛ لأن الفرك يهيجها.
- اشطف البشرة بالماء الفاتر، ثم جففها بمنشفة ناعمة.
- ضع المُرطب إذا كانت بشرتك جافة أو حساسة.
كن لطيفاً عند وضع أي كريم حول عينيك حتى لا تشد هذا الجلد الرقيق بقوة.
- اغسل وجهك مرة في الصباح ومرة بالليل، وكذلك بعد التعرق الشديد مباشرة، إذ يؤدي بقاء العرق إلى تهيج الجلد.
وتضيف أنه لمساعدة الرجال على تطوير روتين صحي للعناية ببشرة الوجه، يوصي أطباء الجلد بالنصائح التالية:
- اختر منتجات العناية بالبشرة اعتماداً على نوع بشرتك (اقرأ الملصقات التعريفية للمنتجات لمعرفة المكونات).
- لا تستخدم الصابون العادي؛ لأنه يحتوي غالباً على مكونات قاسية يمكنها أن تجفف الجلد.
- في أسلوب الحلاقة، استخدم بلطف ماكينات الحلاقة متعددة الشفرات؛ لأنها تحلق بشكل قريب جداً من البشرة.
ولكن إذا كنت تعاني من نتوءات الحلاقة أو حروق الحلاقة أو نمو الشعر تحت الجلد، فاستخدم شفرة حلاقة مفردة أو مزدوجة.
- أفضل وقت للحلاقة هو بعد الاستحمام مباشرة؛ حيث تكون البشرة دافئة ورطبة، وأيضاً خالية من الزيوت الزائدة وخلايا الجلد الميتة التي يمكن أن تسد شفرة الحلاقة.
- استخدم كريم حلاقة مرطباً، واحلق في اتجاه نمو الشعر. واشطف ماكينة الحلاقة بعد كل تمريرة. غيّر ماكينة الحلاقة بعد 5- 7 حلاقات لتقليل التهيج.
- رطب بشرة وجهك يومياً. وللحصول على أفضل النتائج ضع المرطب على وجهك وجسمك مباشرة بعد الاستحمام أو الحلاقة، بينما لا يزال الجلد رطباً.
- قبل الخروج في الهواء الطلق، ضع واقياً من الشمس على جميع المناطق المكشوفة من الجلد. وأعد وضعه كل ساعتين أو بعد السباحة أو التعرق مباشرة

- نصائح طبية للعناية بشعر اللحية
> تقول جمعية الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية: «إذا كنت تريد لحية بمظهر صحي، فأنت بحاجة إلى العناية بالجلد الموجود تحتها. وللحفاظ على صحة شعر وجهك، اتبع نصائح أطباء الجلد المعتمدين».
وعرضت الأكاديمية نصائح الدكتور موس أنتوني روسّي، طبيب وجراح الأمراض الجلدية، حول 3 خطوات بسيطة، للحصول على لحية بمظهر صحي، وهي:
1- الغسل: اغسل وجهك ولحيتك كل يوم بمنظف لطيف يناسب نوع بشرتك. وللحصول على أفضل النتائج، يوصي الدكتور روسي بما يلي:
- دلك المنظف بلطف على لحيتك والجلد تحتها، باستخدام حركات دائرية بأطراف الأصابع (وليس الأظافر).
- اشطف جيداً بالماء الفاتر.
- استخدم منشفة نظيفة لتجفيف وجهك بلطف، تاركاً البشرة رطبة قليلاً.
وسيجعل الجلد الرطب خطوتك التالية أكثر فعالية.
2- الترطيب: إذا لم يكن لديك حب الشباب أو بشرة دهنية، فإن الترطيب يساعد في تنعيم شعر اللحية ومنع تشابكه، وكذلك يُفيد في تنعيم الجلد الموجود تحت اللحية، لمنع الجفاف أو التقشير أو الحكّة.
ونوع بشرتك وطول لحيتك هما ما يُحددان المرطب الملائم والأفضل لك. وينصح الدكتور روسّي بما يلي:
* خلال مرحلة اللحية الخفيفة: إذا كنت عرضة للإصابة بنمو الشعر تحت الجلد، فقد تكون مرحلة الشعيرات الخفيفة صعبة. وللمساعدة في منع نمو الشعر تحت الجلد خلال هذه المرحلة، يوصي الدكتور روسّي باستخدام أحد مستحضرات التقشير اللطيفة جداً على البشرة، مرة أو مرتين في الأسبوع. ثم وضع مستحضر الترطيب بعد ذلك مباشرة.
* خلال مرحلة اكتمال وتكاثر نمو اللحية، يوصي الدكتور روسي بالترطيب التالي:
- البشرة الدهنية أو المعرضة لحب الشباب: بلسم اللحية.
- البشرة الطبيعية والجافة: زيت اللحية.
- البشرة الحساسة (غالباً ما تكون متهيجة): مرطب خالٍ من العطور ولا يسد المسام.
وللحصول على أفضل النتائج من المرطب، يقول الدكتور روسي:
- ضع المرطب على الفور بعد الغسيل (أو التقشير)، وتأكد من وضعه على بشرتك ولحيتك.
- دلّك المرطب على لحيتك.
- استخدم بلسم اللحية أو زيت اللحية باعتدال.
والترطيب أيضاً يجعل خطوتك التالية -والأخيرة– أسهل.
3- التمشيط: وتقول الأكاديمية: «استخدم مشط اللحية لفك تشابك الشعر وتسريحه، ويكون ذلك أسهل عندما يكون مُبللاً. وكذلك بعد وضع بلسم أو زيت اللحية، لتوزيعه بالتساوي على الشعر. وأيضاً استخدم مشط اللحية عند تشذيب لحيتك بالمقص». ويضيف الدكتور روسّي: «هذا كل ما عليك القيام به للرعاية اليومية للحيتك».


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟
TT

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب عالم الأعصاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد، قائلاً: «قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

وأكد تانزي أن السؤال مهم، ويتعين العمل على إيجاد إجابة له، خصوصاً أن مرض ألزهايمر يمثل الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في كثير من البلدان. وعلى سبيل المثال، داخل الولايات المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 10 في المائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً من ألزهايمر.

ومثلما الحال مع معظم الأمراض، ربما يرجع مرض ألزهايمر إلى مزيج من الضعف الوراثي، ومعاناة المريض من حالات طبية أخرى، بجانب عوامل اجتماعية وأخرى تتعلق بنمط الحياة. واليوم، يركز العلماء اهتمامهم على الدور الذي قد تلعبه العدوى، إن وُجد، في تطور مرض ألزهايمر.

كشف الأسباب البيولوجية

جاء وصف مرض ألزهايمر للمرة الأولى عام 1906. ومع ذلك، بدأ العلماء في سبر أغواره والتعرف على أسبابه قبل 40 عاماً فقط. واليوم، ثمة اتفاق واسع النطاق في أوساط الباحثين حول وجود جزيئين بمستويات عالية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: أميلويد - بيتا amyloid - beta أو «ببتيد بيتا النشواني»، الذي يشكل لويحات في الدماغ، وتاو tau، الذي يشكل تشابكات. ويساهم كلاهما في موت الخلايا العصبية الدماغية (العصبونات) المشاركة في عمليات التفكير؛ ما يؤدي إلى الخرف.

من بين الاثنين، ربما تكون الأهمية الأكبر من نصيب أميلويد - بيتا، خصوصاً أنه يظهر في وقت أبكر من تاو. وقد أظهر تانزي وآخرون أن الأشخاص الذين يرثون جيناً يؤدي إلى ارتفاع مستويات أميلويد بيتا يُصابون بمرض ألزهايمر في سن مبكرة نسبياً.

الملاحظ أن الأشخاص الذين يرثون نسختين من الجين APOE4. أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، لأنهم أقل قدرة على التخلص من أميلويد بيتا من الدماغ.

الالتهاب العصبي

هناك قبول متزايد في أوساط العلماء لفكرة أن الالتهاب في الدماغ (الالتهاب العصبي Neuroinflammation)، يشكل عاملاً مهماً في مرض ألزهايمر.

في حالات الالتهاب العصبي، تحارب خلايا الجهاز المناعي في الدماغ الميكروبات الغازية، أو تعمل على علاج الإصابات. إلا أنه للأسف الشديد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة؛ ما يسفر بدوره عن المزيد من الالتهاب العصبي، لتظهر بذلك حلقة مفرغة، تتسبب نهاية المطاف في موت معظم الخلايا العصبية.

ويمكن أن تؤدي كل من لويحات أميلويد بيتا وتشابكات تاو إلى حدوث التهاب عصبي، وكذلك يمكن لكثير من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات) أن تصيب الدماغ، وتبقى هناك، دون أن ينجح الجهاز المناعي بالدماغ في القضاء عليها تماماً؛ ما قد يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن منخفض الحدة.

وحتى العدوى أو أسباب الالتهاب الأخرى خارج الدماغ، بأي مكان في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات إلى الدماغ تؤدي إلى حدوث التهاب عصبي.

العدوى ومرض ألزهايمر

ويعتقد بعض العلماء أن العدوى قد تسبب أكثر من مجرد التهاب عصبي، فربما يكون لها دور كذلك في تكاثر رواسب أميلويد بيتا وتشابكات تاو. وفي هذا الصدد، قال تانزي: «اكتشفت أنا وزميلي الراحل روب موير أن أميلويد بيتا يترسب في المخ استجابة للعدوى، وهو بروتين يحارب العدوى؛ ويشكل شبكة تحبس الميكروبات الغازية. وبعبارة أخرى، يساعد أميلويد بيتا في حماية أدمغتنا من العدوى. وهذا هو الخبر السار. أما الخبر السيئ هنا أن أميلويد بيتا يُلحِق الضرر كذلك بالخلايا العصبية، الأمر الذي يبدأ في غضون 10 إلى 30 عاماً، في إحداث تأثيرات واضحة على الإدراك؛ ما يسبب الخرف، نهاية المطاف».

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترسب المزمن منخفض الدرجة لأميلويد بيتا إلى تشابكات تاو، التي تقتل الخلايا العصبية هي الأخرى وتزيد من الالتهاب العصبي، ما يؤدي إلى موت المزيد من الخلايا العصبية. وقد تتطور دورات مفرغة يصعب للغاية إيقافها.

ويمكن للعوامل المذكورة هنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) أن تلحق الضرر بخلايا المخ، وتسبب الخرف. ويمكن لعدة عوامل أن تزيد سوء بعضها البعض، ما يخلق دورات مفرغة.

ميكروبات مرتبطة بمرض ألزهايمر

الآن، ما الميكروبات التي قد تشجع على تطور مرض ألزهايمر؟ عبَّر الدكتور أنتوني كوماروف، رئيس تحرير «هارفارد هيلث ليتر» الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن اعتقاده بأنه «من غير المرجَّح أن يكون نوع واحد من الميكروبات (جرثومة ألزهايمر) سبباً في الإصابة بمرض ألزهايمر، بل إن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن عدداً من الميكروبات المختلفة قد تؤدي جميعها إلى الإصابة بمرض ألزهايمر لدى بعض الناس».

ويتركز الدليل في نتائج دراسات أُجريت على أدمغة القوارض والحيوانات الأخرى التي أصيبت بالميكروبات، بجانب العثور على ميكروبات في مناطق الدماغ البشري الأكثر تأثراً بمرض ألزهايمر. وجاءت أدلة أخرى من دراسات ضخمة، أظهرت أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أعلى كثيراً لدى الأشخاص الذين أُصيبوا قبل عقود بعدوى شديدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، قد يتفاقم جراء انكماش الدماغ واستمرار وجود العديد من البروتينات المرتبطة بالالتهابات، في دم الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى في الماضي.

وفيما يلي بعض الميكروبات التي جرى تحديدها باعتبارها مسبِّبات محتملة للمرض:

فيروسات الهربس المتنوعة

خلصت بعض الدراسات إلى أن الحمض النووي من فيروس الهربس البسيط 1 و2 herpes simplex virus 1 and 2 (الفيروسات التي تسبب القروح الباردة والأخرى التناسلية)، يوجد بشكل أكثر تكراراً في أدمغة المصابين بمرض ألزهايمر، مقارنة بالأصحاء. ويبرز الحمض النووي الفيروسي، بشكل خاص، بجوار لويحات أميلويد بيتا. وخلصت الدراسات المنشورة إلى نتائج متناقضة. يُذكر أن مختبر تانزي يتولى زراعة «أدمغة صغيرة» (مجموعات من خلايا الدماغ البشرية) وعندما تُصاب هذه الأدمغة الصغيرة بفيروس «الهربس البسيط»، تبدأ في إنتاج أميلويد بيتا.

أما فيروس «الهربس» الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي varicella - zoster virus (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي)، قد يزيد مخاطر الإصابة بالخرف. وكشفت دراسة أُجريت على نحو 150000 شخص، نشرتها دورية «أبحاث وعلاج ألزهايمر» (Alzheimer’s Research and Therapy)، في 14 أغسطس (آب) 2024، أن الأشخاص الذين يعانون من الهربس الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي) قد يزيد كذلك من خطر الإصابة بالخرف. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالهربس النطاقي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ لاحقاً عن صعوبات في تذكُّر الأشياء البسيطة. وتعكف أبحاث جارية على دراسة العلاقة بين لقاح الهربس النطاقي وانحسار خطر الإصابة بألزهايمر.

فيروسات وبكتيريا أخرى:

* فيروس «كوفيد - 19». وقد يجعل الفيروس المسبب لمرض «كوفيد - 19»، المعروف باسم «SARS - CoV - 2»، الدماغ عُرضةً للإصابة بمرض ألزهايمر. وقارنت دراسة ضخمة للغاية بين الأشخاص الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» (حتى الحالات الخفيفة) وأشخاص من نفس العمر والجنس لم يُصابوا بـ«كوفيد»، ووجدت أنه على مدار السنوات الثلاث التالية، كان أولئك الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو الضعف.

كما جرى ربط العديد من الفيروسات (والبكتيريا) الأخرى، التي تصيب الرئة، بمرض ألزهايمر، رغم أن الأدلة لا تزال أولية.

* بكتيريا اللثة. قد تزيد العديد من أنواع البكتيريا التي تعيش عادة في أفواهنا وتسبب أمراض اللثة (التهاب دواعم السن)، من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعبَّر تانزي عن اعتقاده بأن هذا أمر منطقي، لأن «أسناننا العلوية توفر مسارات عصبية مباشرة إلى الدماغ». وتتفق النتائج الأولية التي خلص إليها تانزي مع الدور الذي تلعبه بكتيريا اللثة. وقد توصلت الدراسات المنشورة حول هذا الموضوع إلى نتائج مختلفة.

* البكتيريا المعوية: عبر السنوات الـ25 الماضية، اكتشف العلماء أن البكتيريا التي تعيش في أمعائنا تُنتِج موادّ تؤثر على صحتنا، للأفضل أو للأسوأ. وعن ذلك قال الدكتور كوماروف: «هذا أحد أهم الاكتشافات الطبية الحيوية في حياتنا». هناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه البكتيريا يمكن أن تؤثر على خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر بوقت لاحق. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء، لتقليل المخاطر.

ربما يكون لها دور في تكاثر رواسب أميلويد بيتا المسببة للمرض

عوامل نمط الحياة ومرض ألزهايمر

يرتبط كثير من عوامل نمط الحياة المختلفة بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وتتضمن الأمثلة التدخين (خصوصاً في وقت لاحق من الحياة)، والإفراط في تعاطي الكحوليات، والخمول البدني، وقلة النوم العميق، والتعرض لتلوث الهواء، والنظام الغذائي الغني بالسكر والملح والأطعمة المصنَّعة.

كما تزيد العديد من عوامل نمط الحياة هذه من خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.

وبحسب الدكتور كوماروف، فإنه «نظراً لأن إجراء تغييرات في نمط الحياة قد يكون صعباً، يأمل كثيرون في أن تثمر دراسة الأسباب البيولوجية وراء مرض ألزهايمر ابتكار دواء (سحري) يمنع المرض، أو حتى يعكس مساره. ويرى الدكتور كوماروف أن «ذلك اليوم قد يأتي، لكن ربما ليس في المستقبل القريب».

في الوقت الحالي، يقترح تانزي إدخال تعديلات في نمط الحياة بهدف التقليل من خطر الإصابة بألزهايمر.

بوجه عام، فإن فكرة أن الميكروبات قد تؤدي إلى بعض حالات ألزهايمر لا تزال غير مثبتة، وغير مقبولة على نطاق واسع، لكن الأدلة تزداد قوة. ومع ذلك، تتفق هذه الفكرة مع أبحاث سابقة أظهرت أهمية أميلويد بيتا، وتاو، وapoe4 والالتهاب العصبي، بوصفها أسباب مرض ألزهايمر.

عن ذلك، قال الدكتور كوماروف: «الإشارة إلى دور للميكروبات في بعض حالات مرض ألزهايمر لا تحل محل الأفكار القديمة، وإنما تتفق مع الأفكار القديمة، وربما تكملها».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».