نذر انتفاضة جديدة وإضراب يعم الضفة الغربية

إسرائيل أطلقت فيديو لفلسطيني تلاحقه فتفجرت المواجهات

محلات تجارية مغلقة في مدينة الخليل تضامناً مع دعوة لإضراب عام في الضفة الخميس (إ.ف.ب)
محلات تجارية مغلقة في مدينة الخليل تضامناً مع دعوة لإضراب عام في الضفة الخميس (إ.ف.ب)
TT

نذر انتفاضة جديدة وإضراب يعم الضفة الغربية

محلات تجارية مغلقة في مدينة الخليل تضامناً مع دعوة لإضراب عام في الضفة الخميس (إ.ف.ب)
محلات تجارية مغلقة في مدينة الخليل تضامناً مع دعوة لإضراب عام في الضفة الخميس (إ.ف.ب)

قلب فيديو سربته إسرائيل عن قصد في وقت متأخر من يوم الأربعاء، الضفة الغربية رأساً على عقب، وكان للهجوم الذي شنه الشاب عدي التميمي (22 عاماً) على حراس مستوطنة معاليه أدوميم القريبة من القدس، وتضمن لحظاته الأخيرة، فأجج المشاعر وفجر مواجهات فيما بدا أنه نذر انتفاضة جديدة.
وبينما أرادت إسرائيل من الفيديو المس بروح وعزيمة وصورة المقاتل الفلسطيني وهو يقضي لحظته الأخيرة، انقلب السحر على الساحر، بعد أن رأى الفلسطينيون في الفيديو خلاف ما أرادته تل أبيب، مقاتلاً ظل يطلق الرصاص من مسدسه الصغير حتى وهو يسقط مصاباً.
قبل هذه النهاية التي أحب الفلسطينيون أن يطلقوا عليها «نهاية رجل شجاع»، كان عدي التميمي قد اكتسب تعاطفاً فلسطينياً كبيراً في مواجهة غضب إسرائيلي متنامٍ بعد أن نجح في قتل شرطية إسرائيلية في عملية مهينة للأمن الإسرائيلي. فقد وصل إلى حاجز عسكري قرب مخيم شعفاط الذي يتحدر منه في القدس، قبل 12 يوماً، ونزل من سيارة توقفت في المكان ثم سار نحو الجنود وبدأ بإطلاق النار من مسافة صفر قبل أن ينسحب ماشياً، ليصبح المطلوب رقم واحد في القدس، حتى ظهر مرة أخرى في مكان آخر ينفذ عملية ثانية.
وتحول عدي إلى رمز آخر في نظر الفلسطينيين الذين خرجوا بشكل عفوي حتى فجر الخميس، يهتفون في شوارع الضفة والقدس. بدأت الجموع أولاً من القدس التي تقول إسرائيل إنها تحت سيطرتها بالكامل، في مسيرات إلى منزل عدي حيث قالوا لأمه إن كل أبناء المدينة أبناؤها، ثم امتلأت شوارع الضفة الغربية بالمتظاهرين. وتعززت بالأمس حالة فلسطينية جديدة، إن لم تكن بداية انتفاضة. وسرعان ما نظمت الأغاني والبوسترات في وقت كان فيه عشرات المسلحين يغطون الشوارع في جنين ونابلس، في مسيرات لم تكن مألوفة بالمطلق في السنوات القليلة الماضية، معيدة إلى الأذهان مشاهد الانتفاضة الفلسطينية الثانية. واستنفرت مواقع التواصل الاجتماعي بسيل من الأخبار التي لا تتوقف، من بينها بيان لمجموعة «عرين الأسود»، التي تتوعدها إسرائيل وتحاصر كل نابلس في محاولة لتقييد تحركاتها. وقالت المجموعات في البيان، إن عناصرها استهدفوا قوة راجلة في محيط نقطة جرزيم العسكرية، كما تم إطلاق النار تجاه قوة أخرى بمحيط حاجز 17 العسكري، وإطلاق نار تجاه جنود الاحتلال قرب بلدة دير شرف. ونعته مساجد القدس والضفة، وتبعتها الفصائل الفلسطينية التي تعهدت بالانتقام.

ولم تقتصر حالة الغضب الفلسطيني هذه على المسلحين والفصائل وإعلان إضراب شامل عمّ كل الضفة الغربية، بل أيضاً شملت النقابات؛ إذ قرر مجلس نقابة المحامين تعليق العمل أمام كافة المحاكم النظامية والعسكرية ومحاكم التسوية والنيابات العامة، يوم الخميس، وأعلن المجلس أنه تم إطلاق اسم عدي التميمي على امتحان المزاولة المقبل.
كما أعلن اتحاد المعلمين تعطيل المدارس، وعطلت جميع الجامعات والمؤسسات وأقفلت المحال التجارية أبوابها في كل الضفة، بما في ذلك شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية التي أكدت الإضراب العام والشامل في مؤسساتها، انسجاماً مع دورها الأساسي في الدفاع عن الحقوق الوطنية والمشروعة لشعبنا الفلسطيني. ولم يكتف الفلسطينيون بالإضراب واشتبكوا مع الإسرائيليين، الخميس، في جنين والخليل ونابلس والقدس ورام الله وبيت لحم في مواجهات عنيفة خلفت أصابات.
وكان التميمي قد قضى مساء الأربعاء، برصاص حراس مستوطنة «معاليه أدوميم» المقامة على أراضي الفلسطينيين شرق مدينة القدس.
وأعلنت إسرائيل في البداية، أنها أحبطت عملية أصيب فيها حارس أمن، ثم تفاجأت أن المنفذ هو التميمي الذي تطارده في القدس وتحاصر مخيم شعفاط من أجل الوصول إليه. وتسبب الكشف في حالة هيستيريا إعلامية، تدفق معها سيل من الأسئلة الموجهة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي فتحت تحقيقاً في كيفية تمكن التميمي من الهرب، على الرغم من الحصار الذي كان مفروضاً على مخيم شعفاط حيث كان يعتقد أنه يختبئ به.
هجوم التميمي الجديد أتى في سياق توتر شديد في الضفة الغربية التي تشهد تعاظماً لقوة المسلحين الفلسطينيين، في وجه التغول الإسرائيلي الذي قتل 175 فلسطينياً منذ بداية العام.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، الخميس، إنها وجهت سفارات وبعثات دولة فلسطين حول العالم، للقيام بحراك سياسي دبلوماسي، والتوجه لوزارات الخارجية ومراكز صنع القرار والرأي العام في الدول المضيفة؛ «لشرح الأبعاد التي دفعت الشعب الفلسطيني لإعلان الإضراب الشامل وفضح انتهاكات وجرائم الاحتلال»، بحسب البيان.
هذا وأعلنت وزارة الصحة، الخميس، مقتل الفتى محمد فادي نوري (16 عاماً)، من بلدة بيتونيا، غرب رام الله، متأثراً بجروح حرجة أصيب بها برصاص الاحتلال الإسرائيلي في البطن، عند مدخل مدينة البيرة الشمالي، الشهر الماضي.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

معطيات جديدة حول إنزال البترون: قوة «الكوماندوز» الإسرائيلية أفلتت من الرادارات

لبناني يُشير إلى نقطة رسو المراكب الإسرائيلية على شاطئ البترون لاختطاف أمهز (أ.ب)
لبناني يُشير إلى نقطة رسو المراكب الإسرائيلية على شاطئ البترون لاختطاف أمهز (أ.ب)
TT

معطيات جديدة حول إنزال البترون: قوة «الكوماندوز» الإسرائيلية أفلتت من الرادارات

لبناني يُشير إلى نقطة رسو المراكب الإسرائيلية على شاطئ البترون لاختطاف أمهز (أ.ب)
لبناني يُشير إلى نقطة رسو المراكب الإسرائيلية على شاطئ البترون لاختطاف أمهز (أ.ب)

لم تنتهِ بعد التحقيقات الأولية التي تجريها الأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية حول حادثة اختطاف المواطن عماد أمهز على أيدي وحدة «كوماندوز» إسرائيلية نفّذت إنزالاً بحرياً في مدينة البترون شمال لبنان فجر الجمعة، في الأول من شهر نوفمبر (تشرين الأول) الحالي، رغم أن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي استمعت لإفادات عشرات الأشخاص، وحللّت محتوى كاميرات مراقبة في محيط المكان الذي نفّذت فيه العملية.

تصوّر كامل للإنزال

وفي أثناء انتظار أن تتكشّف خيوط هذه العملية، أفاد مصدر قضائي مطلع بأن التحقيق «بات يمتلك تصوراً حول كيفية حصول العملية»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الشخص المخطوف «كان قيد المراقبة من قِبَل الإسرائيليين منذ وقت طويل، والمعطيات تُفيد بأنهم كانوا على اطلاع لتحركاته ورحلاته البحرية إلى الخارج، وأنهم وجدوا في الشاليه الذي يقيم به في البترون مكاناً مناسباً لتنفيذ الهجوم بأقل خطر وأكثر سرعة».

جنود من الجيش اللبناني في موقع الإنزال البحري الإسرائيلي على شاطئ البترون (أ.ف.ب)

وأشار المصدر إلى أن «المعلومات المتوفرة حتى الآن تفيد بأن جنود القوة المهاجمة انطلقوا من مرفأ حيفا الأقرب إلى المياه اللبنانية، عبر سفينة حربية توقفت خارج المياه الإقليمية اللبنانية، ثم ترجلّوا منها، واستقلوا زوارق مطاطية صغيرة وسريعة، وانتقلوا بواسطتها إلى شاطئ البترون؛ إذ ترجّل الجنود هناك، وانتقلوا سيراً على الأقدام إلى الشاليه، واقتادوا أمهز بسهولة مطلقة، وعادوا به إلى البحر في وقت لا يتعدى الـ6 دقائق».

انتماء المخطوف لـ«حزب الله»

ووصفت إسرائيل، وفق ما سربّت الصحافة العبرية، خطف أمهز بأنه «صيد ثمين». وجزمت بأنه «عنصر بارز في تركيبة (حزب الله) التنظيمية، ويمتلك معلومات مهمّة عن عمليات تهريب أسلحة من سوريا إلى الحزب عبر البحر».

لكن المصدر القضائي -الذي رفض ذكر اسمه- أكد أن التحقيق «لم يحسمّ بعد ما إذا كان الشخص المخطوف ينتمي إلى (حزب الله) أو أي تنظيم آخر، والمعطيات تُشير إلى أنه قبطان بحري مدني، وكان يخضع لدورة في معهد البحار في مدينة البترون، واختار الإقامة في الشاليه الذي اختطف منه إلى حين انتهاء الدورة».

وقال: «إن المسافة التي تفصل بين مكان رسوّ الزوارق ومكان الشاليه لا تتعدّى الـ70 متراً، وأن الأجهزة تثبتت من أن الخطف حدث عبر إنزال بحري من خلال تتبّع مكان خطى القوة الخاطفة من الشاليه إلى المياه على الشاطئ».

عناصر أمنية لبنانية في موقع اختطاف أمهز من الشاليه البحري في البترون بشمال لبنان (أ.ب)

خطوط هاتفية ومضبوطات

وعثرت الأجهزة في الشاليه المذكور على عدد من الشرائح الخاصة بخطوط هواتف دولية كان يستخدمها أمهز، وأشار المصدر القضائي إلى أن «الخطوط التي نشرت صورها كان يستخدمها المخطوف لدى سفره وعند وصوله إلى كل دولة»، لافتاً إلى أن «القوّة الخاطفة لم تأخذ هذه الشرائح، رغم أنها كانت موضوعة على الطاولة وظاهرة بشكل لافت، لكنها استولت على أجهزة خاصة بأمهز، بينها كومبيوتر (لابتوب) خاص به، وهاتفه الجوال»، لافتاً إلى أن «الزوارق المطاطية التي استخدمت في العملية صغيرة الحجم، ومصنوعة من البلاستيك (كاوتشوك)، ولا يمكن أن تلتقطها أجهزة الرادار، فضلاً عن أنها تسير بمحاذاة المياه، وهي أدنى مستوى من المدى الذي تلتقطه أجهزة الرادار، سواء عند الجيش اللبناني أو قوات الـ(يونيفيل)».

وكان رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، قد بحث مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون قضية اختطاف أمهز، واطلع منه على التحقيقات الجارية في هذا الخصوص.

وكشف مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن قائد الجيش «أطلع رئيس الحكومة على الخريطة التي تبيّن المكان الذي نفّذ فيه الإنزال، وعلى آلية عمل رادارات الجيش والنقاط التي يخضعها الجيش للمراقبة في البحر وعمليات التشويش الذي تتعرض لها الرادارات أحياناً»، مؤكداً أن «الزوارق الصغيرة التي لا تحوي أجهزة بثّ لا يمكن التقاطها عبر الرادار، كما أن الموج يعطي أحياناً إشارات وهمية».