«هيئة تحرير الشام» تنسحب من عفرين إلى إدلب

آلية لفصيل مدعوم من تركيا عند حاجز تم نصبه في قرية كفرجنة بضواحي عفرين أمس (أ.ف.ب)
آلية لفصيل مدعوم من تركيا عند حاجز تم نصبه في قرية كفرجنة بضواحي عفرين أمس (أ.ف.ب)
TT

«هيئة تحرير الشام» تنسحب من عفرين إلى إدلب

آلية لفصيل مدعوم من تركيا عند حاجز تم نصبه في قرية كفرجنة بضواحي عفرين أمس (أ.ف.ب)
آلية لفصيل مدعوم من تركيا عند حاجز تم نصبه في قرية كفرجنة بضواحي عفرين أمس (أ.ف.ب)

أكدت مصادر في «الجيش الوطني السوري» (المعارض والموالي لتركيا) بدء «هيئة تحرير الشام» سحب قواتها من منطقة العمليات التركية، «غصن الزيتون»، شمال غربي حلب، في خطوة تأتي بعد أيام من المواجهات مع فصائل سورية معارضة، وأخرى موالية لتركيا. وسيطرت «هيئة تحرير الشام»، في الأيام الماضية، على العديد من البلدات والقرى، وأهمها عفرين وكفرجنة ومريمين وقطمة وجنديرس، عقب تدخلها، إلى جانب فصائل أخرى، في اقتتال دامٍ ضد «الفيلق الثالث». وفرضت تركيا، أول من أمس، اتفاقاً لوقف الاقتتال يفضي إلى انسحاب «هيئة تحرير الشام» عسكرياً من مناطق سيطرت عليها.
ونشر ناشطون بريف حلب مقاطع مصورة تُظهِر انسحاب أرتال تضم شاحنات محملة بآليات عسكرية ثقيلة وعشرات السيارات ذات الدفع الرباعي تقل أعداداً كبيرة من مقاتلي «تحرير الشام» من مناطق عفرين، باتجاه محافظة إدلب، المعقل الرئيسي لهذه الجماعة. وأتى هذا الانسحاب بعد انخراط «الهيئة»، على مدار أيام، في اقتتال ومواجهات عنيفة إلى جانب «فرقة الحمزة» و«فرقة السلطان سليمان شاه» ضد فصيل «الفيلق الثالث». وتمكنت «هيئة تحرير الشام» خلال هذا الاقتتال من السيطرة على مدينة عفرين ومناطق جنديرس وكفرجنة ومريمين وجبل الأحلام والمعبطلي وقطمة، شمال غربي حلب.
وقال قيادي في فصائل «الجيش الوطني السوري» إن «(هيئة تحرير الشام) بدأت فعلياً بالانسحاب عسكرياً منذ منتصف ليلة الثلاثاء - الأربعاء»، مضيفاً أن هذه الجماعة باشرت «سحب أرتالها العسكرية؛ من عربات مصفحة وأخرى هجومية وعربات وسيارات عسكرية تقل مئات المقاتلين من مناطق كفرجنة ومريمين وجبل الأحلام، ومن ثم مدينة عفرين باتجاه مدينة إدلب». وأوضح القيادي أن الانسحاب يأتي «تنفيذاً لاتفاق أقرته جهات تركية مسؤولة على طرفي الصراع يقضي بوقف الاقتتال وفض كل الاستنفارات العسكرية من كلا الجانبين، مع سحب (هيئة تحرير الشام) كل قواتها العسكرية من المناطق التي دخلتها مؤخراً». وتابع: «تولّت فرقة (السلطان مراد) وفصائل أخرى في (هيئة ثائرون) المنضوية تحت علم (الجيش الوطني السوري) مسؤولية الفصل بين المناطق التي ينتشر فيها (الفيلق الثالث)، والمناطق التي تخضع لسيطرة (فرقة الحمزة) و(فرقة السلطان سليمان شاه)، في منطقة كفرجنة ومريمين وجبل الأحلام على بالقرب من مدينة أعزاز شمال حلب، وفي الوقت ذاته انتشرت عشرات الدبابات والمجنزرات التابعة للقوات التركية، في منطقة كفرجنة والطريق المؤدي إلى مدينة أعزاز لضبط الأمن فيها».
وأكد مصدر مطلع في المعارضة السورية، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، أن الجيش التركي أمهل «هيئة تحرير الشام»، حتى اليوم (الخميس)، للانسحاب من كامل مدينة عفرين وريفها، شمال محافظة حلب، والعودة إلى إدلب دون قيد أو شرط، وذلك بعد اجتماع مطوَّل عُقِد مساء الثلاثاء، بهدف احتواء المواجهات التي دارت بينها وبين «الفيلق الثالث».
وأكد «الائتلاف الوطني السوري» (المعارض)، في بيان له، رفضه استمرار القتال، و«عدوان هيئة تحرير الشام» على مناطق العمليات التركية، شمال غربي حلب، مطالباً «الهيئة» بالخروج من المناطق التي سيطرت عليها، والعودة إلى إدلب. وأعلن الائتلاف «دعمه الحراك المدني في المناطق المحررة». وأتى بيان «الائتلاف» بالتزامن مع خروج مظاهرات شعبية حاشدة شهدتها مدينة الباب ومناطق مارع واخترين وأعزاز ودابق وصوران وباب السلامة بريف حلب، وإعلان النفير العام في المساجد، رفضاً لدخول «هيئة تحرير الشام» إلى مناطق ريف حلب. من جانبه، قال مسؤول في «هيئة تحرير الشام»: «حاولنا مراراً التفاهم مع (الفيلق الثالث) حول تنسيق الواقع العسكري والأمني في المنطقة، لأجل حماية المدنيين وتنظيم المؤسسات العسكرية بعيداً عن المؤسسات المدنية، إلا أن علاقاته المشبوهة المرتبطة بجهات خارجية معادية لقوى الثورة (نتحفظ على ذكرها في الوقت الحالي) منعت هذه المبادرات بشكل مستمر». وأضاف: «استقراءً للفترة الماضية، حاول (الفيلق الثالث) شن حملات عسكرية ضد فصائل (الجيش الوطني السوري)، بغية السيطرة على مناطقها، الأمر الذي دفعنا إلى الوقوف بجانب الأخير في حملته الدفاعية ضد (الفيلق الثالث)، وتم إفشال مخططه».
وسيطرت «هيئة تحرير الشام» (قبل انسحابها أمس)، في المرحلة الأولى من الاقتتال العنيف الذي شهدته منطقة العمليات التركية، «غصن الزيتون»، على مدينة عفرين وأكثر من 30 قرية، بما فيها معبر الحمام الذي يربط مدينة جنديرس السورية بتركيا، شمال غربي حلب، في حين سيطرت في المرحلة الثانية من الاقتتال على مناطق كفرجنة ومريمين وجبل الأحلام وقطمة القريبة من مدينة أعزاز، التي تُعتبر من أهم مدن ريف حلب الشمالي بعد مدينة الباب.
وبدأ الاقتتال بين الفصائل بعدما حاصر «الفيلق الثالث» عدداً من المقار العسكرية التابعة لفرقة «الحمزة»، بعد ثبوت تورُّط عناصرها بمقتل الناشط الإعلامي محمد أبو غنوم وزوجته (الحامل)، في مدينة الباب شمال حلب.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».