«سد النهضة»: مصر تنتظر «دعماً دولياً»... وإثيوبيا تُصر على «الحل الأفريقي»

السيسي قال إن بلاده تبذل «أقصى جهودها» لتسوية القضية

ممثلو 70 دولة يشاركون في «أسبوع القاهرة الخامس للمياه» (مجلس الوزراء المصري)
ممثلو 70 دولة يشاركون في «أسبوع القاهرة الخامس للمياه» (مجلس الوزراء المصري)
TT

«سد النهضة»: مصر تنتظر «دعماً دولياً»... وإثيوبيا تُصر على «الحل الأفريقي»

ممثلو 70 دولة يشاركون في «أسبوع القاهرة الخامس للمياه» (مجلس الوزراء المصري)
ممثلو 70 دولة يشاركون في «أسبوع القاهرة الخامس للمياه» (مجلس الوزراء المصري)

عاد التباين المصري - الإثيوبي، إزاء رؤية كل منها لسبل الخروج من حالة الجمود التي تشهدها قضية «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل. فبينما ترغب إثيوبيا في استمرار الرعاية الأفريقية «غير المثمرة» للمفاوضات، طالبت مصر بـ«دعم المجتمع الدولي» لجهود تسوية القضية على نحو «يحقق مصالح جميع الأطراف».
وتتنازع إثيوبيا مع كل من مصر والسودان، بسبب السد الذي تبنيه منذ 2011، وتقول القاهرة، إنه يهدد «حقوقها» في مياه النهر الدولي، مطالبة بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم قواعد الملء والتشغيل مسبقاً.
وفي إطار مساعيها لكسب دعم دولي لقضيتها التي تصفها بـ«الوجودية»، نظمت مصر في الفترة من 16 وحتى 19 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، «أسبوع القاهرة للمياه»، للعام الخامس على التوالي، بحضور ممثلي 70 دولة، منهم 16 وفداً وزارياً و54 وفداً رسمياً و66 منظمة دولية، بإجمالي يزيد على ألف مشارك.
ويركز المؤتمر على أزمات المياه في العالم وكيفية الخروج بحلول لها. ووفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فإن «موارد مصر المائية صارت تعجز عن تلبية احتياجات سكانها».
وأوضح السيسي في كلمته للمؤتمر، مساء (الأحد)، أن بلاده «تقع في قلب تحديات ثلاثة متشابكة: الأمن المائي والغذائي وتغير المناخ»، مضيفاً أن «مصر هي الدولة الأكثر جفافاً في العالم، وتعتمد على نهر النيل بشكل شبه حصري لمواردها المائية المتجددة، والتي يذهب نحو 80 في المائة منها إلى قطاع الزراعة، مصدر الرزق لأكثر من 60 مليون من البشر هم نصف سكان مصر».
ولفت إلى أن بلاده «صارت تعجز عن تلبية احتياجات سكانها، رغم اتباع سياسة لترشيد الاستهلاك من خلال إعادة الاستخدام المتكرر لمياه الري الزراعي، على نحو جعل معدل الكفاءة الكلية لاستخدامها في مصر واحـداً مـن أعلى المعدلات في أفريقيا». وأشار إلى أن «تداعيات تغير المناخ تؤدي لتفاقم آثار الندرة المائية على الرقعة الزراعية بمصر، والتي تتأثر بالتبعات السلبية لتغير المناخ التي تحدث داخل حدودها وكذا في سائر حوض النيل، لكون مصر دولة المصب الأدنى به».
وقال السيسي «بناءً على تلك المعطيات، كان ضرورياً أن تتبنى مصر مقاربة شاملة بغرض التعامل الناجح مع تحديات الأمن المائي والغذائي وما يرتبط بذلك من تحديات مناخية، باعتبار ذلك مسألة أمن قومي لمصر».
وعلى الصعيد الإقليمي، قال السيسي، إن «مـصـر كـانـت دومـاً في تعاملهـا مـع نهر النيـل رائـدة للدفع بقواعد ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة بالأنهار المشتركة، وفي مقدمتها التعاون والتشاور بغرض تجنب التسبب في ضرر فـي إطار إدارة الموارد المائيـة العابرة للحدود، وهي القواعد والمبادئ الحتمية لضمان الاستخدام المشترك المنصف لتلك الموارد». وأضاف «إن رؤيتنا الراسخة هي العمل معاً بغرض تكريس وتقاسم الازدهار بدلاً من التنافس والتناحر الذي يؤدي إلى تقاسم الفقر وعدم الاستقرار. وإدراكاً منا لخطورة هذه القضية وانطلاقاً من أهميتها الوجودية لنا، فإن مصر تجدد التزامها ببذل أقصى جهودها لتسوية قضية سد النهضة على النحو الذي يحقق مصالح جميع الأطراف، وتدعو المجتمع الدولي لتعظيم وتضافر الجهود من أجل تحقيق هذا الهدف العادل».
ومنذ أبريل (نيسان) 2021، تجمدت المفاوضات بين الدول الثلاث، التي يرعاها الاتحاد الأفريقي، بعد فشلها في إحداث اختراق، الأمر الذي دعا مصر للتوجه إلى مجلس الأمن الدولي للاحتجاج، والمطالبة بالضغط على إثيوبيا عبر الشركاء الدوليين للقبول باتفاق يرضي جميع الأطراف.
وتقول إثيوبيا، إنها تستهدف توليد الكهرباء عبر الاستفادة من «مواردها المائية». في حين تؤكد مصر عدم ممانعتها «للمشاريع التنموية» في دول حوض النيل، شريطة «عدم الإضرار بحقوق دول المصب».
والسبت الماضي، التقى رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في إثيوبيا، مع رئيس الوزراء آبي أحمد، أعلن في ختام اللقاء، أن «التوصل لاتفاق مع إثيوبيا بشأن سد النهضة أمر ممكن».
في حين أكد رئيس الوزراء الإثيوبي، أن مشروع سد النهضة «سيعود بفوائد كبيرة على الجانبين، وسيقدم نتائج إيجابية عديدة للسودان»، مشيراً إلى تمسك بلاده بمعالجة القضية في الإطار الأفريقي.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجزائر تندد بموقف ماكرون في قضية الكاتب صنصال

الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)
TT

الجزائر تندد بموقف ماكرون في قضية الكاتب صنصال

الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)

ندّدت الجزائر، الثلاثاء، بـ«تدخل سافر وغير مقبول» من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قضية الكاتب الموقوف بوعلام صنصال، الذي يحمل جنسية البلدين، غداة اعتباره أن الجزائر «تسيء لسمعتها» برفضها الإفراج عنه، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقالت «الخارجية»، في بيان نشرته على حسابها الرسمي على منصة «إكس»: «لقد اطلعت الحكومة الجزائرية باستغراب شديد على التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، التي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة».

وشددت «الخارجية الجزائرية» على أن «هذه التصريحات لا يمكن إلا أن تكون موضع استنكار ورفض وإدانة، لما تمثّله من تدخل سافر وغير مقبول في شأن جزائري داخلي»، معتبرة أن «ما يقدمه الرئيس الفرنسي زوراً وبهتاناً كقضية متعلقة بحرية التعبير، ليس كذلك من منظور قانون دولة مستقلة وذات سيادة، بل يتعلّق الأمر بالمساس بالوحدة الترابية للبلاد، ويعد ذلك جريمة يعاقب عليها القانون الجزائري».

ويثير توقيف بوعلام صنصال توتراً منذ أسابيع بين الجزائر وفرنسا. وقال ماكرون، الاثنين، أمام سفراء فرنسا المجتمعين في قصر الإليزيه إن «الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج»، مضيفاً: «نحن الذين نحب الشعب الجزائري وتاريخه، أحث حكومته على إطلاق سراح بوعلام صنصال... هذا المناضل من أجل الحرية محتجز بطريقة تعسفية تماماً من قبل المسؤولين الجزائريين». أودع بوعلام صنصال (75 عاماً)، المعروف بانتقاده للسلطات الجزائرية، السجن منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتهم تتعلق بتهديد أمن الدولة، ونقل إلى وحدة علاج طبي منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتحدث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لأول مرة عن توقيفه في 29 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، واصفاً إيّاه بـ«المحتال المبعوث من فرنسا».

وأوقف مؤلف كتاب «2084: نهاية العالم» في 16 نوفمبر في مطار الجزائر العاصمة، ووُجهت إليه تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، التي تعدّ «فعلاً إرهابياً أو تخريبياً (...) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وبحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفاً مغربياً يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر.