النوم والنبض وضغط الدم

النوم والنبض وضغط الدم
TT

النوم والنبض وضغط الدم

النوم والنبض وضغط الدم

> لدي حساسية في الصدر وأستيقظ من النوم بسبب ضعف دقات قلبي ولا يوجد نبض قوي... ما السبب؟
محمد العايد - بريد إلكتروني
- هذا ملخص أسئلتك التي لم يتضح لي منها مقدار العمر، ومقدار وزن الجسم، ومدى الإصابة بأي أمراض مزمنة (عدا حساسية الصدر) كارتفاع ضغط الدم، أو انقطاع التنفس أثناء النوم، أو حساسية انسداد الأنف، أو الشخير، أو اضطرابات الغدة الدرقية بالذات، أو أي أدوية تتناولها بشكل روتيني، وغيرها من الجوانب ذات الصلة بمعدل نبض القلب، وكذلك مقدار ضغط الدم، أثناء النوم.
ولاحظ معي الجوانب التالية بتسلسل:
1- معدل نبض القلب الطبيعي أثناء اليقظة والراحة لدى معظم البالغين، يتراوح ما بين 60 إلى 100 نبضة في الدقيقة. وتكون معدلاته لدى الذكور منخفضة مقارنة بالنساء. أما لدى الرياضيين الأصحاء، فقد يكون أقل من 60 نبضة في الدقيقة كأمر طبيعي.
أثناء النوم، ينخفض نشاط الجهاز العصبي، ويتباطأ معدل نبض القلب، ويصل إلى ما بين 40 إلى 50 نبضة في الدقيقة، أو حتى أقل. كما ينخفض ضغط الدم أقل من 20 في المائة من قراءات قياس ضغط الدم في النهار.
2- فترة النوم ليست مرحلة واحدة، بل ثمة أربع مراحل متعاقبة، تحصل بشكل متكرر كدورات، طوال فترة نوم المرء. وخلالها يتغير معدل نبض القلب تبعاً لمراحل النوم التي يمر بها النائم. وفي مراحل النوم الخفيف والنوم العميق، أي أثناء «نوم حركة العين غير السريعة»، يصل معدل نبض القلب إلى أدنى مستوياته.
ثم في مرحلة «نوم حركة العين السريعة»، قد يرتفع نبض القلب، لأنها مرحلة النوم التي قد يحلم المرء فيها. ويتغير نبض القلب خلالها بما يعكس مستوى النشاط الذي يحدث في الحلم وأحداثه وانفعال المرء معه. ولذا إذا كان الحلم مخيفاً أو ينطوي على نشاط مثل الجري، فإن معدل نبض القلب يرتفع كما لو كان المرء مستيقظاً.
وبالنسبة لضغط الدم، يكون الانخفاض أكبر في مرحلة النوم الخفيف ومرحلة النوم العميق. وقد يرتفع، كما هو الحال مع النبض، في مرحلة نوم حركة العين السريعة.
3- خلال فترة النوم ثمة «عوامل غير طبيعية» قد تؤدي إلى اختلافات عن الطبيعي المتوقع في نبض القلب وضغط الدم، كحالات انقطاع النفس أثناء النوم، أو التوتر النفسي، أو القلق، أو الأرق، التي تتداخل جميعها مع راحة واستقرار النوم. وعلى سبيل المثال، فإن أكثر أنواع انقطاع التنفس أثناء النوم هو انسداد يعتري مجاري التنفس العلوية، الأنف والحلق. وقد يرافق ذلك الشخير بصوت عالٍ، ونوبات توقف التنفس أثناء النوم، والاستيقاظ المفاجئ مع جفاف الفم. وخلال هذه الانقطاعات، ينخفض مستوى الأكسجين في الدم، ما يؤدي إلى انخفاض معدل النبض وانخفاض ضغط النبض، الأمر الذي يُحفز الدماغ ليدفع المرء للاستيقاظ المفاجئ كي يتنفس بطريقة كافية، كي يحصل الجسم على الأكسجين. وأحد أهم أسباب هذه الحالة هو وجود الحساسية في الجهاز التنفسي. وبالمقابل، فإن القلق أو التوتر النفسي قد يجعل معدل نبض القلب مرتفعاً حتى في فترة النوم.
4- إذا قلق المرء من انخفاض معدل نبض قلبه عند الاستيقاظ المفاجئ من النوم، فعليه ملاحظة مدى تسبب ذلك بدوار الدوخة أثناء استلقائه أو جلوسه. والأمر الآخر الذي عليه ملاحظته، هل أن يتناول حالياً أي أنواع من الأدوية، مثل «حاصرات بيتا» في معالجة ارتفاع ضغط الدم، أو لديه حالة مرضية مثل كسل الغدة الدرقية أو انقطاع التنفس أثناء النوم، وهي مما قد تتسبب بانخفاض معدل نبض القلب. وهناك وسائل لقياس معدل نبض القلب طوال فترة النوم، كاستخدام ساعة اليد الذكية المرفقة بالهاتف الجوال، أو إجراء فحص جهاز الهولتر لرصد نبضات القلب خلال الـ24 ساعة، لمعرفة إلى أي مدى ينخفض معدل النبض، وما الفترة الزمنية بين نبضات القلب أثناء ذلك.
5- فحص نبض القلب، أي بتحسسه عند الضغط بأصبعي السبابة والوسطى، على شريان باطن المعصم، يتم بالدرجة الأولى للتأكد من معدل نبض القلب (عدد النبضات في الدقيقة)، والتأكد من انتظام تتابع النبضات (عدم وجود اضطرابات في نظم نبضات القلب). أما تقييم «حجم نبضة» القلب وتقييم مقدار «ضغط النبضة»، كجوانب إكلينيكية مهمة، وعلاقتهما بمقدار ضغط الدم، فوسيلة ذلك ليس الفحص الذاتي لنبض شريان باطن المعصم. لأن قياس ضغط الدم لا يُمكن تقديره بدقة بفحص النبض بالإصبعين، بل بجهاز قياس ضغط الدم. ومعرفة مقدار «ضغط النبضة» ودرجة «حجم النبضة»، يتم بفحص الشريان في أعلى الفخذ أو شريان الرقبة أو الشريان في مفصل المرفق، لأنها شرايين أكبر.
6- لو اشتبه على المرء أن لديه ضعفا في النبض، كشيء يعتبره دلالة على انخفاض مقدار ضغط الدم، فهناك 4 أمور يتنبه لها. الأول، أن يتأكد أن ليس لديه أي أعراض لانخفاض ضغط الدم، كالشعور بدوار الدوخة مثلاً، وخاصة عند الوقوف بعد الجلوس. والآخر أن يُجري القياس المنزلي لضغط الدم بجهاز قياس ضغط الدم، ويتأكد حينها من مقدار ضغط الدم، وأيضاً من مقدار معدل نبض القلب. والثالث، أن انخفاض ضغط الدم، في غالب الحالات المثيرة للاهتمام، يرافقه ارتفاع في النبض، مثل حالات الجفاف أو النزيف أو غيرها. والرابع، عند انخفاض ضغط الدم مع انخفاض نبض القلب، يجدر التنبه إلى الأدوية التي يتناولها المرء، وخاصة أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم.
أما جانب حساسية الصدر لديك، ومدى تداخلها مع الحالة التي تلاحظها على نبضك، فإن الأمر مرتبط بمراجعة الطبيب وتحديد ما هي هذه الحساسية. بمعنى هل هي حالة ربو، التي تتطلب معالجة دوائية، والتي قد تسوء في ساعات الصباح الباكرة جداً، أي قبل شروق الشمس. أو أيضاً حساسية في مجاري النفس العلوية (الأنف)، ما يتسبب بانسداد فيها، وربما انقطاع التنفس أثناء النوم تبعاً لذلك، بكل تأثيرات هذه الحالة على مقدار النبض وضغط الدم وحالة القلب والأوعية الدموية، كما تقدم. ولذا ربما تكون مراجعة الطبيب لمعالجة حالة «الحساسية الصدرية» لديك، ومتابعة نتائج ذلك، هو الأمر الذي قد يخفف عنك ما تعاني منه في شكواك.


مقالات ذات صلة

بالعودة إلى «الأساسيات»... بروفيسور يجد الحل لإنقاص الوزن بشكل دائم

صحتك كيف تنقص الوزن بشكل دائم؟ (شاترستوك)

بالعودة إلى «الأساسيات»... بروفيسور يجد الحل لإنقاص الوزن بشكل دائم

دائماً ما يوجد حولنا أشخاص «يتمتعون بعملية أيض سريعة»، أو على الأقل نعتقد ذلك، هؤلاء الأشخاص لديهم شهية كبيرة، ومع ذلك لا يكتسبون وزناً أبداً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الضغط الإضافي قد يؤدي إلى إتلاف ممرات الأنف ما يزيد من فرص حدوث نزيف مؤلم (رويترز)

طريقة تنظيف أنفك الخاطئة قد تضر بك... ما الأسلوب الأمثل لذلك؟

لقد لجأ مؤخراً أخصائي الحساسية المعتمد زاكاري روبين إلى منصة «تيك توك» لتحذير متابعيه البالغ عددهم 1.4 مليون شخص من العواقب الخطيرة لتنظيف الأنف بشكل خاطئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تلقي الإهانة من صديق مؤلم أكثر من استقبال التعليقات السيئة من الغرباء (رويترز)

لماذا قد تنتهي بعض الصداقات؟

أكد موقع «سيكولوجي توداي» على أهمية الصداقة بين البشر حيث وصف الأصدقاء الجيدين بأنهم عامل مهم في طول العمر

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات
TT

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة نُشرت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية «JAMA Network Open»، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة المختلفة في سن مبكرة أثناء فترة المراهقة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب. وبالتالي يكون هؤلاء الأطفال مدفوعين لتعاطي هذه المواد أكثر من غيرهم الذين يتمتعون ببنية مخية طبيعية.

دراسة المخ

الدراسة التي تم تمويلها من المعاهد الوطنية الصحية (NIH) بالولايات المتحدة وقام بها باحثون من جامعة واشنطن Washington University بسانت لويس أجريت على ما يقرب من 10 آلاف مراهق من جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث تمت متابعتهم عن طريق تحليل بيانات تم جمعها من دراسة سابقة (وهي: دراسة التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study التي تُعد أكبر دراسة طولية لتطور المخ في الأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة)، التي يدعمها المعهد الوطني لتعاطي المخدرات التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIDA).

قام الباحثون بعمل مراجعة وتقييم لأشعة الرنين المغناطيسي التي أجريت على المخ لـ9804 أطفال عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 9 و11 عاماً. وبطبيعة الحال لم يكن هناك أي طفل قام بتجربة أي مادة مخدرة.

وبعد ذلك قام الباحثون بتتبع المشاركين على مدى ثلاث سنوات لمعرفة بدء تعاطي المواد المختلفة وركزوا على مراقبة تعاطي الكحول والنيكوتين و / أو نبات القنب بشكل أساسي؛ لأن هذه المواد على وجه التحديد تعد الأكثر شيوعاً في مرحلة المراهقة المبكرة في الولايات المتحدة. وهذه المتابعة كانت من خلال سؤال المراهقين وذويهم بشكل مباشر، أو من خلال السجلات التي تفيد بتورط هؤلاء الطلاب في تجربة هذه المواد.

وتضمنت الأسئلة استخدام أي مواد غير مشروعة أخرى (مثل الأدوية العصبية من دون وصفة طبية والأقراص المخدرة). ثم قام الباحثون بعمل مقارنة بين صور الرنين المغناطيسي الخاصة بالمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة بأنواعها المختلفة قبل بلوغهم سن 15 عاماً بأقرانهم الذين لم يقدموا على تجربة المخدرات، لمعرفة إذا كانت هذه الفرضية (ارتباط تشريح المخ بزيادة القابلية للمخدرات) صحيحة أم لا.

وقال معظم الطلاب (90.2 في المائة) الذين شملتهم الدراسة إنهم قاموا بتجربة تناول الكحوليات مرة واحدة على الأقل قبل عمر الخامسة عشرة. وقالت نسبة كبيرة منهم إنهم قاموا بشرب الكحول بالتزامن مع التدخين سواء النيكوتين أو نبات القنب. وفي المقابل، قال الأطفال الذين قاموا بتجربة التدخين في البداية إنهم بدأوا أيضاً في تعاطي الكحول بعد فترة بسيطة من التدخين، ما يعني أن تجربة مادة معينة في الأغلب تؤدي إلى تجربة بقية المواد.

اختلافات تشريحية

قام العلماء بتقييم الاختلافات التشريحية الظاهرة في الأشعة تبعاً لمقاييس معينة مثل الحجم الكلي للمخ، والسمك، وكذلك النتوءات الموجودة، وعمق طيات المخ depth of brain folds واهتموا بشكل خاص بطبقات القشرة المخية، وهي الطبقة الخارجية من المخ المليئة بالخلايا العصبية. وهي مسؤولة عن العديد من العمليات الإدراكية والعاطفية، مثل التعلم والإحساس والذاكرة واللغة والانفعالات العاطفية واتخاذ القرار (من المعروف أن هذه المقاييس والخصائص ترتبط بالتباين في القدرات المعرفية وردود الفعل والتوصيلات العصبية من شخص لآخر).

ووجد الباحثون اختلافات واضحة في بنية خلايا المخ للمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة قبل سن 15 عاماً وأقرانهم الذين لم يقوموا بتجربة المواد. وعلى سبيل المثال، كانت هناك زيادة في حجم المخ الكلي، وأيضاً زيادة في حجم القشرة المخية للمراهقين الذين قاموا بتعاطي المواد المختلفة، سواء المخدرات أو الكحوليات. وأيضاً كان هناك ما يقرب من 39 اختلافاً إضافياً بين مخ الذين جربوا المواد وأقرانهم في الكفاءة الوظيفية للخلايا وسمك القشرة المخية. وقال الباحثون إنهم وجدوا في بعض الحالات اختلافات في شكل الخلايا وبنيتها بطريقة فريدة من نوعها تبعاً لطبيعة المادة المستخدمة.

الإدمان لا يحدث فقط بسبب الانحراف السلوكي بل ربما لسبب قهري

وأظهر تحليل حديث آخر للبيانات الخاصة بالدراسة نفسها (التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study) أن أنماط التوصيلات العصبية في المخ في مرحلة المراهقة المبكرة يمكن أن تتنبأ ببدء تعاطي المواد المخدرة في الشباب، وهو الأمر الذي يؤكد أن إدمان هذه المواد ليس فقط بسبب الانحراف السلوكي والمشاكل النفسية، ولكن ربما لسبب قهري مرتبط بشكل المخ والخلل الوظيفي في خلاياه.

أوضحت الدراسة أن هذه النتائج تعد بالغة الأهمية في لفت النظر إلى ضرورة وضع الأسباب البيولوجية في الحسبان عند التعامل مع مشاكل إدمان المراهقين وإقدامهم على تجربة أنواع معينة من المواد الضارة، ونصحت الدراسة أيضاً بضرورة عمل مسح عن طريق أشعة الرنين المغناطيسي للأطفال، وتوفير الدعم النفسي للأطفال الأكثر عرضة لتجربة هذه المواد تبعاً للتغييرات التشريحية في مخهم، وعمل دورات توعية باستمرار لهم، وتحذيرهم من عواقب الإدمان، وعلاجهم في حالة تعرضهم بالفعل لهذه المواد.

وفي النهاية، أكد الباحثون أن بنية المخ وحدها لا يمكنها التنبؤ بتعاطي المواد المخدرة أثناء المراهقة، ولا يجب استخدام هذه البيانات بوصفها أداة تشخيص قاطعة، ولكن يجب أن يتم التعامل معها بوصفها عامل خطورة إضافياً مثل: «البيئة، والاستعداد الوراثي الجيني، والتعرض لأحداث مأساوية في الطفولة»، خاصة في حالة وجود اختلافات واضحة في بنية المخ التشريحية في مرحلة الطفولة، قبل أي استخدام لهذه المواد.

* استشاري طب الأطفال.