بريطانيا تفتح باب استكشافات النفط والغازhttps://aawsat.com/home/article/3918381/%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%83%D8%B4%D8%A7%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B2
بريطانيا تفتح باب استكشافات النفط والغاز
خشية «العتمة» خلال فصل الشتاء
يمكن أن يطبق قطع الكهرباء 3 ساعات متتالية في بريطانيا (رويترز)
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
بريطانيا تفتح باب استكشافات النفط والغاز
يمكن أن يطبق قطع الكهرباء 3 ساعات متتالية في بريطانيا (رويترز)
فتحت الحكومة البريطانية الأبواب بقوة للاستكشاف النفطي والغازي، في ظل خشية من «عتمة» قد تعم أجزاء من البلاد نتيجة انقطاع الطاقة الكهربائية لساعات خلال فصل الشتاء.
وفي محاولة لتخفيف أزمة طاقة واسعة النطاق، أطلقت حكومة ليز تراس جولة تراخيص جديدة للشركات من أجل التنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال، حيث قدّمت لندن نحو 900 موقع للاستكشاف، ما يمكن أن يسفر عن منح ما يصل إلى 100 ترخيص.
وبينما تقول الحكومة إن الأزمة الأوكرانية وما أسفرت عنه من نقص في إمدادات الطاقة، هي ما يدفعها لأن تكثّف من استخراج الوقود محلياً، يرى نشطاء المناخ أن الخطوة تقوّض من جهود مواجهة الاحترار.
وفي مقابل الانتقادات، وعلى الرغم من خطر انقطاع التيار الكهربائي هذا الشتاء، يستبعد مسؤولون حكوميون في الوقت الحالي إطلاق حملة إعلامية عامة حول توفير الطاقة، كما تفعل دول أوروبية عدة في مواجهة النقص في إمدادات الغاز نتيجة الحرب في أوكرانيا. وكانت الحملة ستقترح على البريطانيين خفض درجة حرارة الغلايات أو المشعات (وسائل التدفئة) في الغرف الفارغة أو المساكن في حالة الغياب عنها مع احتمال خفض الفواتير.
وكان لتقرير صدر الخميس عن «ناشيونال غريد»، المؤسسة المشغلة لشبكة الكهرباء البريطانية، وقع القنبلة بعد تحذير من انقطاع التيار الكهربائي لثلاث ساعات متتالية في إطار «أسوأ سيناريو» ينجم عن توقف واردات الغاز من أوروبا وفي ظل إنتاج محلي غير كاف من مصادر توليد الطاقة. ... المزيد
قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت.
فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل.
وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.
قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون.
وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي».
تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».
أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم.
وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب».
ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».
قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة
الجيش اللبناني يستنفر في الجنوب وسط توتر مفاجئhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/4374551-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D9%86%D9%81%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%AA%D9%88%D8%AA%D8%B1-%D9%85%D9%81%D8%A7%D8%AC%D8%A6
مواطنون يرمون الحجارة على قوة إسرائيلية عند أطراف بلدة كفر شوبا في جنوب لبنان أمس (أ.ب)
بيروت:«الشرق الأوسط»
TT
بيروت:«الشرق الأوسط»
TT
الجيش اللبناني يستنفر في الجنوب وسط توتر مفاجئ
مواطنون يرمون الحجارة على قوة إسرائيلية عند أطراف بلدة كفر شوبا في جنوب لبنان أمس (أ.ب)
تطورت المواجهات أمس، بين مواطنين لبنانيين والقوات الإسرائيلية في بلدة كفرشوبا الحدودية، على خلفية قيام جرافات إسرائيلية بتجريف أراضٍ لبنانية في منطقة تقع عند مثلث حدودي بين لبنان وإسرائيل ومنطقة الجولان، واقترابها من أراضٍ متنازع عليها منذ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، وهو ما دفع مدنيين لبنانيين للوقوف في وجه القوات الإسرائيلية وإلقاء الحجارة باتجاهها.
ويقول لبنان إنَّ إسرائيل لا تزال تحتل أراضي لبنانية في مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا، وجزء من قرية الغجر الحدودية، الواقعة على السفح الغربي لجبل الشيخ.
وأدَّى التوتر أمس، إلى تدخل الجيش اللبناني وقيامه بعملية استنفار في المنطقة، واتخاذه وضعيات قتالية في مواجهة القوات الإسرائيلية.
وقالت مصادر ميدانية إنَّ التصدي للجرافات الإسرائيلية كان داخل الأراضي اللبنانية المحتلّة، احتجاجاً على قيام الجيش الإسرائيلي بحفر خنادق في أراضٍ مملوكة للمواطنين، لكنها ما زالت محتلة. واستمرَّ الاستنفار المتبادل على ضفتي الحدود عند «خط الانسحاب» في تلال كفرشوبا، حتى فترة بعد الظهر، في حين دفعت قوات «اليونيفيل» بتعزيزات عسكرية إلى المنطقة لمنع الاحتكاك بين الطرفين.
وذكرت مصادر ميدانية أنَّ أهالي المنطقة «أزالوا أسلاكاً شائكة وضعتها إسرائيل»، في حين «ردَّت القوات الإسرائيلية بإلقاء قنابل مسيلة للدموع؛ في محاولة لتفريق المحتشدين». وأفادت وسائل إعلام محلية بإصابة مواطن لبناني بالقنابل المسيلة للدموع، كما أصيبت سيارة مدنية بقنبلة دخانية.
ويأتي التوتر الحدودي فيما تستمر الأزمة السياسية في لبنان المرتبطة بانتخابات الرئاسة، وترقب ما يمكن أن تشهده جلسة البرلمان يوم الأربعاء المقبل.
بلينكن: العلاقات مع السعودية استراتيجية ونعمل معاًhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC/4374546-%D8%A8%D9%84%D9%8A%D9%86%D9%83%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D9%86%D8%B9%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%8B
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث إلى الصحافيين في الرياض يوم الخميس (أ.ب)
دبي:«الشرق الأوسط»
TT
دبي:«الشرق الأوسط»
TT
بلينكن: العلاقات مع السعودية استراتيجية ونعمل معاً
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث إلى الصحافيين في الرياض يوم الخميس (أ.ب)
اعتبر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنَّ هناك «أساساً راسخاً للعلاقات» الأميركية - السعودية، مشيراً إلى أنَّ الطرفين يعملان معاً «على دعم المصالح المشتركة لشعبينا، ومن هذا المنطلق فإنَّ العلاقة مع السعودية هي علاقة استراتيجية».
وقال بلينكن في مقابلة مع قناة «الشرق»، على هامش الزيارة التي قام بها للسعودية والتي بدأت (الثلاثاء) واستمرت حتى (الخميس)، إنَّ «هناك فرصاً حقيقية نعمل عليها للتعاون بين بلدينا للتعامل مع عدد من التحديات التي لا تهم شعبينا فقط، ولكنَّها تهم الناس في كافة أنحاء العالم؛ من الأمن الصحي إلى الأمن المناخي، وأمن الطاقة وأمن الغذاء، وكذا الانتقال إلى الطاقة النظيفة، فنحن نعمل معاً على التقنيات الناشئة».
وعن السودان، قال الوزير الأميركي: «كنا على مسار إيجابي لدعم الانتقال إلى حكومة مدنية، وحقَّقت هذه الجهود تقدماً كبيراً، بما في ذلك بسبب جهودنا الدبلوماسية، ولكن بشكل مأساوي قرَّر الجنرالان (قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو) أن يذهبا للحرب، وأن يجلبا عنفاً رهيباً على البلد بأكمله».
وعما إذا كانت الولايات المتحدة تنوي الخروج من الشرق الأوسط مع تزايد النفوذ الروسي والصيني، قال بلينكن: «أظنُّ أنَّ وجودي هنا عبر الأيام الثلاثة الماضية يظهر أننا بالطبع لن نغادر، نحن هنا لنبقى».
وأضاف أنَّ بلاده تواصل الاعتقاد بأنَّ الدبلوماسية هي الطريق الأمثل بشكل عام لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي؛ «لذا نحن نبقى منفتحين على الدبلوماسية، وهذا هو أفضل سبيل، ولكنَّنا في نفس الوقت مصممون على الوقوف في وجه الأفعال الخطرة والمزعزعة التي تقوم بها إيران».
وقال بلينكن إنَّ «ما رأيناه في الإقليم هو اندماج أكبر، ورأينا هذا جزئياً في عملية التطبيع بين إسرائيل وجيرانها، ومع الدول العربية، والدول ذات الغالبية الإسلامية خارج الإقليم، وهذا اتجاه إيجابي، وهو شيء كنا عازمين على المساعدة في القيام به، وتعميق بعض الاتفاقات الموجودة بالفعل، وكذلك توسيع هذه الجهود».
«فيلم العُلا» تُوسّع الإنتاج المرئي في المنطقةhttps://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7/4374541-%C2%AB%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8F%D9%84%D8%A7%C2%BB-%D8%AA%D9%8F%D9%88%D8%B3%D9%91%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A6%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9
تتَّخذ العلا مكانَها سريعاً بين الأماكن الطبيعية المطلوبة لتصوير الأفلام العالمية، وذلك بفضل توجهات الهيئة الملكية لمحافظة العلا لاستقطاب كبرى شركات الإنتاج العالمية عبر وكالة «فيلم العلا» التي تأسّست عام 2020، وأُسندت إليها مهمّة الترويج للإنتاجات السينمائية والتلفزيونية المحلية والإقليمية والدولية في المنطقة، ودعمها.
وفي هذا السياق، أكَّدت المديرة التنفيذية للوكالة شارلين جونز، في حوار مع «الشرق الأوسط»، على أنَّ «الهدف هو إنشاء بوابة ووجهة مهمّة في العلا للموهوبين والمنتجين الطموحين في قطاعَي السينما والتلفزيون، إضافة إلى الاستعداد قريباً لافتتاح منشأة إنتاج عالمية تقدّم خدمات متكاملة، وتشمل موقع تصوير تبلغ مساحته 30 ألف قدم».
وأشارت جونز إلى أنَّ الوكالة استضافت حتى الآن 694 يوم إنتاج لعدد من الأفلام، من بينها فيلم الحركة «قندهار»، من بطولة جيرارد بتلر، وفيلم الدراما «كرز» للأخوين روسو، من بطولة توم هولاند، و«نورا» للمخرج السعودي توفيق الزيدي، وهو أول فيلم روائي سعودي يُصوَّر في المحافظة بفريق من الممثلين السعوديين، وأكثر من 40 في المائة من طاقم العمل من أهل المملكة.
أمَّا الإنتاجات التلفزيونية التي صُوِّرت في العلا، فتشمل المسلسل البريطاني «إكسبيديشن» مع ستيف باكشال، وأفلام «ناشيونال جيوغرافيك» الوثائقية، إلى جانب الإعلانات التجارية والعروض الترويجية وجلسات التصوير والأفلام القصيرة.
وأضافت جونز أنَّ العمل جارٍ على المزيد من الإنتاجات العالمية، من بينها أفلام مهمّة من هوليوود وبوليوود وكوريا الجنوبية، سيُعلن عنها خلال الشهرين المقبلين.
إلى ذلك، أطلقت الوكالة مشروع «العلا تبتكر»، وهو عبارة عن منصة تهدف إلى تعزيز الموهبة والإبداع ودعم الأجيال المقبلة في مجالات السينما والفنون والأزياء.
ترمب يواجه 37 تهمة جنائية في قضية الوثائقhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9%E2%80%8B/4374536-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D9%8A%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87-37-%D8%AA%D9%87%D9%85%D8%A9-%D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82
خبر اتهام ترمب على الصفحات الأولى للصحف الأميركية أمس (أ.ب)
واشنطن:«الشرق الأوسط»
TT
واشنطن:«الشرق الأوسط»
TT
ترمب يواجه 37 تهمة جنائية في قضية الوثائق
خبر اتهام ترمب على الصفحات الأولى للصحف الأميركية أمس (أ.ب)
وُجّهت 37 تهمة إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب؛ بينها «الاحتفاظ بمعلومات تتَّصل بالأمن القومي» و«عرقلة العدالة» في قضية أرشيف البيت الأبيض، بحسب لائحة اتهام أُعلن عنها أمس (الجمعة).
كذلك، اتُهم الرئيس الجمهوري السابق الذي أخذ صناديق من الملفات لدى مغادرته واشنطن بالإدلاء بشهادات كاذبة، والاتفاق مع مساعده والت ناوتا على إخفاء وثائق يطلبها مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي).
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أوردت لائحة الاتهام أنَّ الوثائق التي احتفظ بها ترمب بشكل غير قانوني بعد مغادرته البيت الأبيض، تضمنت أسراراً نووية أميركية. وجاء في اللائحة أنَّ «الوثائق السرية التي احتفظ بها ترمب في صناديق تضمَّنت معلومات حول القدرات الدفاعية للولايات المتحدة ودول أخرى»، وحول «البرامج النووية» الأميركية وثغرات محتملة لدى الولايات المتحدة وحلفائها تعرضها لهجمات عسكرية وخطط للرد على هجوم أجنبي. وأشارت اللائحة إلى أنَّ احتمال نشر هذه الوثائق «كان سيعرض الأمن القومي للولايات المتحدة للخطر».
ومن المقرر أن يمثل ترمب أمام المحكمة لأول مرة فيما يخص هذه القضية في ميامي يوم الثلاثاء، قبل أن يتم 77 عاماً بيوم واحد فقط.
وكان ترمب قد بادر أول من أمس، إلى الإعلان عن أنَّ القضاء الفيدرالي وجه إليه تهماً لإدارته لوثائق البيت الأبيض، في مأزق جديد للجمهوري الذي يحلم بالعودة إلى الرئاسة الأميركية في 2024. وكتب ترمب على شبكته الخاصة للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»، أنَّ «إدارة (الرئيس جو) بايدن الفاسدة أبلغت محاميّي بأنني متهم رسمياً، على الأرجح في قضية الصناديق الوهمية»، في إشارة إلى صناديق الوثائق التي نقلها إلى منزله عندما غادر واشنطن.
موريتانيا بين اقتراعين... وولد الغزواني الرابح الأكبر
تتأهب موريتانيا لتنصيب برلمان جديد، مع مجالس محلية وجهوية، أفرزتها الانتخابات التي نظمت يوم 13 مايو (أيار) الماضي، وبذا ترتسم ملامح خارطة سياسية جديدة في البلاد، تمهدُ الطريق نحو انتخابات رئاسية مقرّر تنظيمها في منتصف العام المقبل (2024)، ومن المتوقع أن يخوضها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للفوز بولاية رئاسية ثانية. ولد الشيخ الغزواني (66 سنة)، جنرال متقاعد تقلّد العديد من المناصب الأمنية والعسكرية لأربعة عقود من الخدمة. وهو عسكري مثقف وهادئ، كان قد انتخب رئيساً للبلاد عام 2019، وحاول أن يحكم وفق نمط سياسي جديد على الموريتانيين، يقوم على تطبيع العلاقة مع الأحزاب السياسية المعارضة، في إطار ما سمّاه «التهدئة السياسية»، وأصبح يلتقي دورياً بقادة هذه الأحزاب، ويتشاور معها في الشأن العام. كانت فكرة ولد الشيخ الغزواني تستند إلى أن موريتانيا تقع في محيط إقليمي صعب. وهو ما وصفه في برنامجه الانتخابي بأنه موقعٌ «يجعلُ منها هدفاً لجميع الإرهابيين والمهرّبين والمتاجرين من كل صنف»، فهي جزء من منطقة الساحل التي تضربها المجموعات الإرهابية وشبكات التهريب والجريمة المنظمة. ثم إنها تقعُ على حافة صراع الصحراء، وتتأثر بأي تقلب أمني في منطقة غرب أفريقيا، حيث يحتدم الصراع بين روسيا والغرب. وبالتالي، فإنها تحتاج إلى «تهدئة سياسية» تساهم في استقرار الجبهة الداخلية، خاصةً أنها تتحضّر بنهاية العام الحالي لتصدير أول شحنة من الغاز الطبيعي، وهو ما ينعش آمال الموريتانيين بغدٍ اقتصادي مُشرق، بيد أنه، في المقابل، يثير مخاوف النخبة الموريتانية، فلطالما كانت حقول الغاز محفوفة بالمخاطر.
على الرغم من كلام بعض المراقبين والمتابعين عن «خارطة سياسية جديدة» تشكلت إثر الانتخابات الأخيرة في موريتانيا، فإن حزب الإنصاف الحاكم حقق انتصاراً يمكن وصفه بالساحق، حين حصل على 107 مقاعد في البرلمان من أصل 176 مقعداً، . ويضاف إلى هذا فوزه بجميع المجالس الجهوية البالغ عددها 13 مجلساً، وتحقيقه الفوز أيضاً في 165 من المجالس المحلية البالغ عددها 238. لقد كان فوزاً كاسحاً، مع أن المعارضة شككت في نزاهته، واتهمت الحزب الحاكم بالتزوير واستغلال وسائل الدولة، غير أن سيد أعمر ولد شيخنا، وهو الناطق باسم حزب الإنصاف، جدّد رفض حزبه لهذه الاتهامات.
ولد شيخنا في لقاء مع «الشرق الأوسط» قال إنَّ الحزب كان يتوقع هذه النتائج؛ لأن الانتخابات حسب رأيه «كانت بمثابة استفتاء حول برنامج رئيس الجمهورية، والإنجازات التي تحققت، وتوجهات النظام بشكل عام... ولقد جاءت النتائج معبّرة عن اهتمام المواطنين بهذا البرنامج الهادف لتحقيق التنمية والاستقرار».
وأردف ولد شيخنا: «كنا مقتنعين بأن الحزب سيحقق نتائج جيدة لجملة من الاعتبارات، منها الاستناد إلى المنجزات في مجال الحَكامة ومحاربة الفساد، وفي مجال الانحياز للطبقات الهشّة والبرامج الاجتماعية التي أنجزت في هذا المجال، ولأن المواطنين يدركون أن موريتانيا اليوم واحة أمان واستقرار وديمقراطية في محيط ملتهب... وبالتالي، هناك وعي بضرورة تعزيز هذا المناخ وتشكيل مظلة أمان سياسي له».
موت السياسة
غير أن ديدي ولد السالك، رئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية، له رأي آخر؛ إذ يقول فيه إن «الانتخابات الأخيرة لم يكن فيها رابح، بل الجميع خاسرون. والدولة الموريتانية هي أكبر الخاسرين، لأن هذه الانتخابات كانت تعني - وبشكل واضح - موت الحياة السياسية، التي من المفترض أن تقوم على خطاب آيديولوجي واضح، وأفكار ومشاريع تتنافس فيما بينها... وهي لم تشهد أي شيء من ذلك، بل كانت مجرد صراع بين القبائل والشرائح والأعراق».
ثم إن ولد السالك يذهب أبعد من ذلك، ليؤكد أن «الانتخابات الأخيرة أفرزت برلماناً لا لون له ولا طعم، وليست له معالم سياسية واضحة، وإنما هو مجموعة من رجال الأعمال والتجار، مع مَن ترشحوا بخطابات قبلية وشرائحية. أما الذين يحملون أفكاراً سياسية فهم قلة قليلة، وربما يمكنني القول إنه البرلمان الأكثر ميوعة، رغم ميوعة البرلمانات السابقة».
ومن جانبه، يعبّر أحمد سالم ولد الداه، مدير المركز العربي الأفريقي للإعلام والتنمية، عن اعتقاده بأن الانتخابات الأخيرة أفرزت ما سمَّاه «خارطة سياسية جديدة». وهو يدافع عن وجهة نظره بالقول إن «إلقاء نظرة بسيطة على البرلمان الجديد، كافية ليتضح حضور تيارات جديدة، أغلبها من شباب المعارضة، كما يتضح أن أغلب البرلمانيين وجوه جديدة، غير معروفة في الساحة السياسية، سواء في المعارضة أو الموالاة. وبالتالي، علينا أن نتريّث في الحكم عليهم؛ إذ لا يمكننا منذ الآن تصنيف قدراتهم السياسية، ولا إمكانية تأثيرهم وحضورهم داخل قبة البرلمان».
... وهزيمة التاريخ
ولد الداه في حواره مع «الشرق الأوسط» قال إن الحدث الأبرز في هذه الانتخابات هو «النكسة التي تعرّضت لها أحزاب المعارضة التقليدية»، في إشارة إلى حزب تكتل القوى الديمقراطية (اشتراكي) وحزب اتحاد قوى التقدم (يسار تقدمي) وحزب التحالف الشعبي التقدمي (قومي ناصري)، وهي الأحزاب الثلاثة الأقدم في الساحة السياسية، ذلك أنها عجزت مجتمعة عن الحصول على أي مقعد برلماني، للمرة الأولى منذ بداية التعدّدية السياسية في مطلع تسعينات القرن الماضي.
ويشرح ولد الداه، إن «النكسة التي تعرّضت لها أحزاب المعارضة العتيدة دفعتها إلى الكلام عن تزوير الانتخابات، وعن تعرّضها لمؤامرة سياسية، ما يعني أننا دخلنا في مرحلة جديدة من الشد والجذب، بعد سنوات من التهدئة السياسية». ويعتقد أن هذه الأحزاب «تضرّرت كثيراً من التهدئة السياسية، ولم تستثمرها لتعزيز الصلة بقواعدها الشعبية، ولتشرح موقفها السياسي بشكل واضح وصريح؛ لأن أغلب الموريتانيين كانوا يتحدثون عن موت المعارضة حتى قبل الانتخابات، بسبب غيابها عن الساحة وصمتها المطبق، وجاءت النتائج كشهادة وفاة لهذه المعارضة وتأكيداً واضحاً لهذا الموت السياسي».
ويرى ديدي ولد السالك، رئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية، أن «تراجع الأحزاب السياسية التقليدية، حالة طبيعية جداً، ساهم فيها الكثير من العوامل؛ العامل الأول هو أن هذه الأحزاب شاخت قياداتها، وهرمت منظومتها الداخلية، والعامل الثاني أنها خرجت من حصار الأنظمة السابقة، وخاصة نظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، منهكة جداً، كما مزقها التفكك والانشطار، والعامل الثالث دخولها في جو التهدئة السياسية في عهد الرئيس الحالي، متخلية بذلك عن خطابها المعارض والمحرض على النضال».
في المقابل، ولد السالك يرى أن العامل الأخير الذي لعب دوراً محورياً في تراجع المعارضة التقليدية هو «موت الحياة السياسية في موريتانيا؛ إذ لم يعد هنالك أي أحد يهتم بالأفكار والقِيَم، ولا بمَن يملكون تاريخاً من النضال، وإنما أصبحت هنالك صراعات عبثية، تحرّكها المصالح الشخصية الضيقة».
وللعلم، ليستْ وحدها أحزاب المعارضة التقليدية هي التي تراجعت، بل إن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (إسلامي) الحديث العهد نسبياً في الساحة السياسية، والذي رغم أنه واصل صدارته لأحزاب المعارضة في البرلمان، تراجع عدد مقاعده من 18 مقعداً إلى 11 فقط في البرلمان الجديد، وأيضاً تراجع عدد مقاعد حزب الصواب (تقدمي - بعثي)، المتحالف مع الناشط الحقوقي بيرام الداه اعبيد، أحد أبرز الوجوه المنافسة في آخر اقتراعين رئاسيين (2014 و2019).
معارضة جديدة
إنَّ نهاية المعارضة التي توصف في موريتانيا بـ«التاريخية»، كانت إيذاناً بتقاعد شخصيات ظلت حاضرة لعدة عقود في المشهد السياسي، على غرار أحمد ولد داداه ومسعود ولد بلخير ومحمد ولد مولود، ولكن في المقابل صعدت معارضة جديدة كانت «الحصان الأسود» لهذه الانتخابات. وهذا ما علّق عليه سيد أعمر ولد شيخنا، الناطق باسم حزب الإنصاف الحاكم، بقوله إن «المعارضة التقليدية تشهد منذ سنوات حالة ضعف وتراجع، ومشاكل بنيوية ومؤسسية وقيادية، وبالتالي لا تشكل جهة استقطاب مؤثرة». ثم يتابع: «مع هذا، هناك قوى معارضة جديدة حققت نتائج جيدة، ونحن ندرك أن الوضع الصحي للديمقراطية هو وجود موالاة ومعارضة في كامل اللياقة السياسية».
تتمثلُ هذه المعارضة الجديدة في تيارات شبابية، من مشارب فكرية وسياسية مختلفة، لا يجمعها سوى فكرة المعارضة وإتقان لعبة الإعلام الجديد. ويقود هذه المعارضة «ائتلاف أمل موريتانيا» الذي حصد 7 مقاعد في البرلمان الجديد، متفوقاً على العديد من الأحزاب العتيدة. وهنا يعلّق ديدي ولد السالك موضحاً أن «النتائج التي حققها ائتلاف أمل موريتانيا كانت متوقعة؛ لأنه مثّل خيار الشباب، وفيه شخصيات كانت فاعلة في أحزاب عريقة، بالإضافة إلى شباب متطلع نحو التغيير، وخاصة شباب المهجر الذي ترشح وصوّت لأول مرة في هذه الانتخابات... ورغم تباين هذه الأطراف فكرياً، فإنها تشكّل معاً قوة دافعة، وإذا استطاع أفرادها الاندماج في حزب سياسي، فإنهم سيشكلون حينئذ أحد تيارات المعارضة القوية في المستقبل».
أمَّا أحمد سالم ولد الداه، فيعتبر أن «المعارضة الجديدة تقودها شخصيات قفزت من سفينة أحزاب المعارضة التقليدية قبل أن تغرق... وهؤلاء كانوا يدركون وضعيتها الانتخابية وسوء علاقتها بقواعدها الشعبية... لقد كانت قراءتهم سليمة لمسار الأحداث». ثم يضيف أن «حراكاً سياسياً جديداً، طابعه شبابي بالدرجة الأولى، بدأ يحدث داخل صفوف المعارضة، وقد يظهر تأثيره بشكل أكبر خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة».
نهاية التهدئة
بعد إعلان نتائج الانتخابات، خرجت أحزاب المعارضة في أول مظاهرة لها منذ عام 2019، أي منذ أن دخلت في تهدئة مع نظام ولد الشيخ الغزواني. ولقد رفعت هذه الأحزاب والقوى في مظاهرتها مطلب إلغاء نتائج الانتخابات وإعادة تنظيمها من جديد، وهو مطلب رفضته السلطة، بحجة أن المعارضة كانت شريكة في كل مراحل التحضير للانتخابات، وهي من انتدبت نصف أعضاء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وفي هذا السياق، يعتقد ولد الداه أن المعارضة التقليدية «تدفع نحو خلق أزمة انتخابية قد تتجه لأن تكون أزمة سياسية». وأشار إلى أنها اكتشفت متأخرة أنها خسرت كل شيء، ثم يستطرد: «مع أن الانتخابات سبقها اتفاق سياسي وقّع عليه 25 حزباً سياسياً (هو إجمالي عدد الأحزاب المرخّصة في موريتانيا)، وأشرفت عليه وزارة الداخلية، فإنها في النهاية كانت محل رفض من أحزاب المعارضة».
وفي هذا السياق يقول ولد شيخنا إن «الانتخابات كانت تُدار من لجنة مستقلة للانتخابات، تشارك فيها جميع الأحزاب السياسية؛ مولاةً ومعارضة، ولا يوجد حكيم من حكماء اللجنة تكلّم عن تزوير أو استقال أو تحفّظ عن سير العملية، ومع هذا يمكن أن تحدث خروق هنا أو هناك، مجالها الطعن لدى المؤسسات المختصة».
أما ولد السالك فيؤكد أن «الانتخابات من الناحية النظرية أجريت في ظل توافق سياسي، لكن الإخفاقات التي واكبتها تعود إلى جملة من العوامل. ولعل العامل الأهم هو المحاصصة في اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات؛ إذ إن المحاصصة دوماً تكون على حساب المبدئية والشفافية والنزاهة، المحاصصة ضد فكرة المواطنة والدولة... وبالتالي، كان المفروض أن تشكل اللجنة من شخصيات وطنية تتمتع بالكفاءة والاستقلالية عن الأحزاب وعن السلطة»، ويضيف ولد السالك «أنه بالإضافة إلى ما سبق لم تُتح للجنة فترة زمنية كافية للتحضير الجيد للانتخابات، وتدريب لجانها وهيئاتها».
وحول مدى تأثير نتائج الانتخابات الأخيرة على مستقبل التهدئة السياسية، يختتم ولد السالك بالقول: «ظهر أن التهدئة السياسية ليست قائمة على بنية توافقية، كما أريد لها منذ البداية بسبب فشل التشاور الوطني. لذا من الطبيعي أن تعود الساحة إلى الشدّ والجذب، وستظهر معارضة جديدة تتمثل في الحركات الشبابية التي ستتبلور منها المعارضة الصاعدة، مستغلة حالة اللا رضا في الشارع والدخول في أجواء الانتخابات الرئاسية».
من الانتخابات الموريتانية (أ.ف.ب)
طريق ولد الغزواني المفتوح نحو الرئاسة
> كانت أعين الموريتانيين حين صوتوا في الانتخابات التشريعية الأخيرة بنسبة مشاركة تجاوزت السبعين في المائة، منتصف الشهر الماضي، موجهة حقاً نحو الانتخابات الرئاسية، منتصف العام المقبل. والقصد هنا، بصورة خاصة، الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي بدأ مشروعه الانتخابي بوعد كبير تمثَّل في «التهدئة». فهل سينجحُ الرجلُ في تنظيم انتخابات رئاسية هادئة؟... هكذا يتساءلُ من يتابعون المشهد الموريتاني.
المؤكد هو أن ولد الشيخ الغزواني كان أكبر رابح في الانتخابات الأخيرة، حين حصلت الأحزاب الداعمة له على غالبية ساحقة في البرلمان. بل إن جميع أحزاب المعارضة لم تتجاوز حصتها 27 مقعداً من أصل 176 مقعداً في البرلمان، وهي نسبة ضئيلة جداً، جاءت لتؤكد أن ولد الغزواني خلال أربع سنواتٍ مضت من حكمه، نجح في أن ينتزع من المعارضة حجة «الإقصاء» التي ظلت تشكل ركيزة أساسية من خطابها طوال عقود، وقارعت بها عدة أنظمة متعاقبة.
في هذا السياق، يرى أحمد سالم ولد الداه أن الرئيس الموريتاني لم يستفد فقط من هزيمة المعارضة، وإنما أيضاً من التنافس داخل أحزاب الموالاة، ويضيف: «لاحظنا أن الانتخابات شهدت صراعاً قوياً بين أحزاب الموالاة، في الكثير من الدوائر الانتخابية. وتركز هذا الصراع حول أي حزب يمثل البرنامج الانتخابي للرئيس. لقد كان ولد الغزواني هو الرابح من كل ذلك، دون أن يظهر في أي مهرجان سياسي أو يعلن الانحياز لأي حزب».
أمَّا ديدي ولد السالك فيقول: «لا أعتقد أن الرئيس الحالي كسب الكثير من الرهانات في هذه الانتخابات؛ لأن ما ظهر من ولاءات وما ترتب عليها من نتائج، هو حالة مكررة عشناها أكثر من مرة في العقود الماضية، وهي ناتجة عن وضع اجتماعي يسود فيه الفقر والأمية وغياب الوعي، وتحكم السلطة في كل شيء، بما في ذلك الانتخابات نفسها». وخلص من ثم إلى أن الرئيس ولد الشيخ الغزواني قد لا يكون مشغولاً كثيراً بما سيحدث في الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ «لأن القاعدة تقول إن من يترشّح من القصر هو من يفوز، مهما كانت حصيلته السياسية، وهذه القاعدة لن تتغير ما لم يحدث تغيّر عميق في المجتمع».
ولكن في المقابل، من الواضح أن السلطة في موريتانيا منشغلة لفكرة تنظيم انتخابات «هادئة». وهي تراهن على أن يستمر «تطبيع» العلاقة مع المعارضة، لا سيما بعد تكرار أعمال عنف يُخشى أن تصبح لازمة للانتخابات في موريتانيا. بل إنها باتت تثير القلق من أن تتطور ما لم يتيسّر علاجها. إذ وقعت أعمال عنف عقب رئاسيات 2019، وتجدّدت في أعقاب انتخابات الشهر الماضي، وأخذت نسقاً تصاعدياً وطابعاً عرقياً.
وفي كلتا المرتين خرج الجيش ليعيد الأمن في بعض المدن، واضطرت السلطات لقطع الإنترنت للحدّ ممّا وصفته بـ«الشائعات وخطاب الكراهية»، ومع ذلك تؤكد السلطات دوماً جاهزيتها للتعامل مع أي وضعية للسيطرة عليها، بينما تظل احتمالات الانزلاق قائمة.
الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني (أ.ف.ب) نهاية المعارضة التي توصف في موريتانيا بـ«التاريخية»، كانت إيذاناً بتقاعد شخصيات ظلت حاضرة لعدة عقود في المشهد السياسي
وزراء الخارجية الأتراك... من المنصب إلى المعارضةhttps://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9/4374521-%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%83-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B5%D8%A8-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6%D8%A9
لم تشهد فترة حكم حزب «العدالة والتنمية» التركي، التي بدأت في عام 2002، كثيراً من التعديل على منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية، الذي شغله فقط 6 وزراء، خلال 21 سنة. وفي حين كان أول وزراء الحزب يشار ياكش الأقصر عهداً في المنصب، إذ بقي فيه أقل من 5 أشهر، يُعتبر الوزير المودّع مولود جاويش أوغلو الأطول إقامة في هذا المنصب، حيث شغله فترة امتدت لنحو 9 سنوات، بينما كان الوزير أحمد داود أوغلو هو الأكثر شهرة من بين هؤلاء مع نظريته الخاصة بـ«العمق الاستراتيجي»، وسياسة «صفر مشاكل». واللافت أن كل الوزراء انتقلوا لاحقاً إلى المعارضة، ما عدا الوزير جاويش أوغلو الذي انتقل إلى البرلمان.
يشار ياكش... أقصر الوزراء عهداً
وُلد يشار ياكش في بلدة أقجاقوجة على البحر الأسود عام 1938، تقلَّد منصب وزير الخارجية التركية، وكان سفيراً لدى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» ومصر والمملكة العربية السعودية، وكان ياكش عضواً في حزب «العدالة والتنمية»، إلا أنه انتقل لاحقاً إلى صفوف المعارضة. وقد تسلَّم منصب وزير الخارجية لأقل من 5 أشهر، فقد تقلّده في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2002، وغادره في 14 مارس (آذار) 2003.
عبد الله غُل... أتى من رئاسة الوزراء وغادر إلى رئاسة الجمهورية
شغل عبد الله غُل منصب وزير الخارجية، في 14 مارس 2003، بعدما استقال من منصب رئيس الوزراء لإفساح المجال أمام رجب طيب إردوغان لترؤس الحكومة، في أعقاب إسقاط الحظر الدستوري عنه. وظلّ غل في هذا المنصب حتى 28 أغسطس (آب) 2007 حين غادره ليصبح رئيساً للجمهورية.
وُلد غُل في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1950 في مدينة قيصري بالأناضول، وتلقّى جزءاً من تعليمه الجامعي في بريطانيا، وهو حالياً أقرب إلى المعارضة، منذ خروجه من المنصب.
علي باباجان
علي باباجان... قائد مفاوضات الانضمام إلى أوروبا
علي باباجان واحد من أبرز وزراء الخارجية الأتراك، تسلّم المنصب في 29 أغسطس 2007، وغادره في 2 مايو (أيار) 2009 ليصبح وزيراً للاقتصاد، كما أنه كان المفاوض في ملف انضمام تركيا لـ«الاتحاد الأوروبي». وقبلها كان باباجان - الذي تابع دراسته العليا في الولايات المتحدة - وزيراً للشؤون الاقتصادية، وذلك منذ تسلَّم حزب «العدالة والتنمية» الحكم في نوفمبر 2002. غير أنه اختلف بشدة مع إردوغان، وغادر الحزب والحكومة، وانتقل لاحقاً إلى صفوف المعارضة، حيث أسّس حزباً جديداً دخل البرلمان الحالي بـ14 نائباً.
احمد داود اوغلو
أحمد داود أوغلو... من «صفر مشاكل» إلى «صفر أصدقاء»
قاد أحمد داود أوغلو الدبلوماسية التركية في واحدة من أصعب المراحل التي عبَرتها البلاد في سياستها الخارجية. وكان الرجل قد جاء إلى المنصب من الحياة الأكاديمية، في الأول من مايو 2009 حاملاً شعار «تصفير المشاكل» مع دول الجوار، غير أن انتفاضات «الربيع العربي» وثوراته التي وصلت إلى سوريا، وضعت العصيّ في دواليب مشروعه، الذي انتهى بعداوات لتركيا مع غالبية دول الجوار، حتى بات التندر على هذه السياسة مشروعاً من «صفر مشاكل» إلى «صفر أصدقاء».
أحمد داود أوغلو وُلد يوم 26 فبراير (شباط) 1959، وكان الرئيس الثاني لحزب «العدالة والتنمية» ورئيساً للحكومة، في الفترة ما بين 2014 - 2016 خلفاً لإردوغان، إلا أنه استقال من منصب رئيس الوزراء يوم 22 مايو 2016، بعد خلاف مع إردوغان، وانتقل إلى صفوف المعارضة وأسس حزب «المستقبل» الذي فاز بـ10 مقاعد في البرلمان الحالي.
مولود جاويش أوغلو... الوزير الأكثر ثباتاً في الموقع
من مواليد 5 فبراير 1968، وهو من مدينة ألانيا على ساحل المتوسط. جاويش أوغلو أيضاً واحد من الأعضاء المؤسسين لحزب «العدالة والتنمية». وقد شغل منصب وزير الخارجية في 29 أغسطس 2014، وبقي في هذا الموقع حتى يونيو (حزيران) الحالي، ما يجعله الأكثر ثباتاً في موقعه من بين وزراء خارجية تركيا في عصرها الحديث، ثم إنه انتُخب عضواً في البرلمان عن مدينته، وغادر موقعه ليسلِّمه إلى الوزير الجديد هاكان فيدان.
ترمب وصراع بين الإدانة والرئاسةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9%E2%80%8B/4374516-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D9%88%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D8%A9
يواجه ترمب تهماً فيدرالية في ملف الوثائق السرية (أ.ف.ب)
مع اكتظاظ حلبة السباق الجمهوري للرئاسة الأميركية والاتهامات المتزايدة التي يواجهها الرئيس السابق دونالد ترمب، يتساءل البعض هل هو المرشح الأبرز والأنسب لحزبه.
ترمب يتصدر استطلاعات الرأي بين الجمهوريين (أسوشييتد برس)
فترمب الذي عرف بفن تحويل الأخبار السلبية بحقه إلى دفع إيجابي مع مناصريه لا يزال يتصدر استطلاعات الرأي في صفوف الجمهوريين، رغم إعلان وجوه بارزة عن ترشحها، كنائبه السابق مايك بنس وحاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس، إضافة إلى المندوبة السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، وغيرهم.
أضف إلى ذلك توجيه التهم الفيدرالية الأخيرة بحق الرئيس السابق في قضية الاحتفاظ بالوثائق السرية، التي خرج بعدها ترمب قائلاً: «أنا بريء. إدارة بايدن فاسدة. هذا تدخل فاضح في الانتخابات واستمرار لأكبر حملة مطاردة ساحرات في التاريخ!».
“I am a innocent man. The Biden Administration is totally corrupt. This is election interference and a continuation of the greatest witch hunt of all time. Make America Great Again!!!”pic.twitter.com/wDwWOK8z9b
في هذا الإطار يستعرض «تقرير واشنطن» وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق» تأثير الأجواء الحالية على السباق الرئاسي، وما إذا سهلّ الجمهوريون مهمة الرئيس السابق بانتزاع ترشيح حزبه من خلال تعدد مرشحيهم، كما فعلوا في عام 2016، ويتطرق إلى النزاع الحاد بين المرشحين على ملف دعم أوكرانيا، إضافة إلى تأثير هفوات الرئيس الحالي جو بايدن المتكررة على رأي الناخب الأميركي.
ترمب بين الإدانة والرئاسة:
متاعب ترمب القضائية لم تؤثر على رأي مناصريه (أ.ف.ب)
تقول كيمبرلي لينارد كبيرة المراسلين في صحيفة «بيزنس إنسايدر» إن ترمب يتفوق على غيره في السباق رغم كل متاعبه القضائية لأنه «حين يتعرّض لهجوم، فهو يتخذ دور الضحية ويجعل العالم يصدّق أنه يتعرض للهجوم بسبب دفاعه عن حقوق الناخبين وعن الأشخاص الذين دعموه».
وتشير كيمبرلي إلى أنه رغم فاعلية هذه الاستراتيجية، فإن القضايا التي يواجهها تفسح المجال لخصومه للتشكيك في قابلية انتخابه.
وسلطت الضوء على قضية قد تعرقل جهود ترمب خلال السباق الرئاسي بسبب توجيه التهم له، فقالت: «إذا كنت ستظهر في المحكمة، فهذا يعني أنك لا تشارك في الحملة الانتخابية كثيراً. وإذا كانت هناك صور لترمب وهو يدخل إلى المحكمة وما إلى ذلك، فهذا قد يؤثر على صورته أمام الناخبين، وبدلاً من أن يكون في تجمع حاشد، فإنه يتوجه إلى قاعة المحكمة، وهذا قد يكون له تأثير سلبي».
ويوافق دان كانينان وهو كبير مستشاري الحملات الرئاسية السابقة لهيلاري كلينتون وباراك أوباما على أن ترمب «لديه ميزة فريدة لتحويل كل الهجمات التي يتعرض لها إلى نقاط قوة لأنه يظهر نفسه ضحية أمام الناخبين». ويضيف كانينان: «جاذبيته الأساسية بالنسبة للقاعدة الواسعة هي أنه هذا الدخيل، هذه القوة المدمّرة في المجال السياسي».
من ناحيته، يشير مات كيلان مستشار الحملة الرئاسية السابقة لترمب إلى أن وجود الرئيس السابق في مقدمة الاستطلاعات يعني أن الحزب الجمهوري قد يعتمد استراتيجية أثبتت نجاحها في السباقات التمهيدية السابقة، وشرح قائلاً: «على الحزب أن يطلب من مرشحه المفضل ألا يكون الشخص الذي يواجه ترمب في مواجهة فردية بل أن يكون الشخص الذي يتحدث عن السباق ضد جو بايدن في 2024 ويدع مرشحاً آخر يتولى مهمة مهاجمة ترمب».
كريس كريستي في مهمة مهاجمة ترمب (أ.ف.ب)
ويقول كيلان، الذي عمل أيضاً مستشارا في اللجنة الوطنية الجمهورية، إن حاكم ولاية نيوجرسي السابق كريس كريستي يرغب فعلاً في أن يكون المرشح الذي يتولى مهمة مهاجمة ترمب. مضيفاً: «إذا كنت مكان أي من المرشحين الآخرين، فسأدعه يلعب هذا الدور وسأتحدث عن سباقي الخاص وعن جو بايدن ولن أذكر اسم دونالد ترمب».
كثرة المرشحين لصالح ترمب؟
عدد المرشحين الجمهوريين المتزايد يصب في صالح ترمب (أسوشييتد برس)
مع تزايد عدد المرشحين الجمهوريين، تزداد التساؤلات حول استراتيجية المعارضين لترمب في صفوف الحزب الجمهوري، إذ إن عدد المرشحين من شأنه أن يقسّم أصوات الناخبين الجمهوريين المعارضين لترمب على أكثر من مرشح، الأمر الذي سيدفعه للفوز بترشيح حزبه الرسمي، كما جرى في عام 2016. ويشكك كانينان فيما إذا كان أي من المرشحين الجمهوريين يستطيع التفوق على ترمب في جذب قاعدة جمهورية واسعة. ويضيف: «القاعدة الضخمة الأساسية من الجمهوريين المناصرين له لن ينفصلوا عنه ولا يرغبون بنسخة منه بل بشخصيته الحقيقية».
ويعطي كانينان مثالاً على ذلك في ترشح نائب ترمب السابق مايك بنس، فيقول: «بصراحة، لا أرى سبباً لوجود مايك بنس في هذا السباق فهو كان نائبه، رافقه طوال الحملة عام 2016 وعلى مدى أربع سنوات في البيت الأبيض، لا أرى أحداً في الحزب الجمهوري مهتماً بما قد يقدّمه بنس، فقاعدة الناخبين لا تبحث عن الأكثر تحفظاً، بل يرغبون بما يقدّمه ترمب من خلال شخصيته».
تشكيك في فاعلية مايك بنس في السباق الرئاسي (أ.ف.ب)
ويشير كيلان الذي عمل في الحملة الرئاسية الانتخابية لترمب في عام 2016 إلى أن مشهد اليوم يذكره بعام 2016، مع الإشارة إلى فارق مهم، وهو أن انتخابات العام المقبل «ليست انتخابات رئيسية مفتوحة من الطرفين فهناك رئيس يشغل المنصب من الحزب الديمقراطي». ويعد كيلان وجود هذا العدد الكبير من المرشحين الجمهوريين في هذا الوقت المبكر «يظهر ضعف الرئيس الحالي جو بايدن».
ويضيف كيلان، الذي عمل أيضاً في حملات الجمهوريين رودي جولياني وريك بيري: «مما لا شك فيه أنه كلما زاد عدد المرشحين كان ذلك أفضل بالنسبة إلى ترمب. أعتقد أن هناك نقاشات بين المرشحين حول طريقة لتسوية هذه المسألة في موسم الخريف استناداً إلى استطلاعات الرأي وفاعلية الحملات الانتخابية». ويشرح هذه المقاربة فيقول إنه إن لم يتمكن مرشح معين من الحصول على دعم كاف بعد المرور بولايات أيوا، نيو هامبشاير، وكارولاينا الجنوبية، فسيتوجب على الحزب الجمهوري دفعه إلى التنحي بهدف دعم ائتلاف مرشح يمكنه أن يواجه ترمب.
ديسانتس المرشح الأبرز بمواجهة ترمب (رويترز)
وتتحدث كيمبرلي لينارد عن مفاجأة الكثيرين بأداء حاكم ولاية فلوريدا المتواضع في استطلاعات الرأي، فتفسر الأمر قائلة: «أحد الأمور التي رأيناها مع الحاكم ديسانتس أنه فيما كان ما زال يؤدي مهامه بصفته حاكما، ويحول مشروعات القوانين إلى قوانين بهدف التركيز على فلوريدا، استمر ترمب بمواجهته وتحدث بشدة ضدّه، وخلال هذا الوقت، وفيما كان ديسانتس يؤجل ترشحه للرئاسة لكي يركز على ولاية فلوريدا، نجح ترمب في تحقيق نتائج عالية جداً في الاستطلاعات».
رغم أن ملفات السياسة الخارجية لا تتمتع عادة باهتمام الناخب الأميركي، فإن المعادلة بدأت تتغير مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية والتنافس الأميركي الصيني المتصاعد. في أوكرانيا مثلاً ثمة آراء متناقضة بين المرشحين، ففيما تدعم أكثريتهم، كنيكي هايلي، السياسة الأميركية الحالية في أوكرانيا ضد روسيا، أعرب مرشحون كترمب وديسانتس عن تحفظهم على هذا الدعم.
ويقول الديمقراطي كانينان إن سبب عدم دعم ترمب لأوكرانيا يعود إلى تاريخه مع روسيا، مضيفاً: «قد يكون موقفه هذا جيداً للانتخابات التمهيدية، لكن حين يصل إلى الانتخابات العامة، فإن توافقه مع الكرملين ورفضه محاسبة بوتين لن يكونا لصالحه، كما أن تردده في القول إن هذا النزاع هو من صنع روسيا وإن الدفاع عن مصالح أوكرانيا يصب في مصالح الولايات المتحدة، قد لا يؤثر عليه في الانتخابات التمهيدية العامة، لكن أتوقع أن يؤثر عليه في الانتخابات العامة».
يتهم الجمهوريون بايدن بالضعف في السياسة الخارجية (أ.ف.ب)
أمّا كيلان فقد اعتمد على مقاربة أخرى، إذ اعتبر أن الحرب الروسية الأوكرانية واحتدام المنافسة مع الصين ما كانا ليحصلا لو كان هناك رئيس قوي في البيت البيض، فقال: «لو كنت المرشح الجمهوري، لتحدثت عن أن العالم لا يحترم الولايات المتحدة كما كان يحترمها منذ 3 سنوات فقط».
وشرح كيلان الاستراتيجية التي يجب أن يعتمدها المرشحون الجمهوريون في تصريحاتهم، فنصحهم بتسليط الضوء على النقاط التالية: «عندما كان دونالد ترمب رئيساً، لم تحتل روسيا أوكرانيا. أظهر جو بايدن بعض الضعف، فاحتلوا أوكرانيا. انظروا إلى ما يحدث بين الصين وتايوان حالياً. الصين تستعرض عضلاتها لكنها لم تقم بذلك أمام دونالد ترمب. أتريدون ولايات متحدة يحترمها العالم ويخشاها أحياناً بطريقة إيجابية... أم ترغبون بولايات متحدة يدوس عليها اللاعبون السيئون؟ هذا ما كنت سأتحدث عنه إذا كنت أدير حملة انتخابية رئاسية ضد جو بايدن».
هاكان فيدان... من «شاويش بلا مستقبل» إلى قيادة دبلوماسية الانفتاح على «الخصوم»https://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9/4374511-%D9%87%D8%A7%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86-%C2%AB%D8%B4%D8%A7%D9%88%D9%8A%D8%B4-%D8%A8%D9%84%D8%A7-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84%C2%BB-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%AF%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD-%D8%B9%D9%84%D9%89-
هاكان فيدان... من «شاويش بلا مستقبل» إلى قيادة دبلوماسية الانفتاح على «الخصوم»
لم يكن مفاجئاً للعموم، تعيين رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان وزيراً في حكومة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الجديدة، إذ كان الجميع يعلم رغبة فيدان في العمل السياسي، منذ طلب من إردوغان أن يرشحه للانتخابات البرلمانية في عام 2015. إلا أن المفاجأة كانت - في نظر هؤلاء - في الحقيبة التي تولّاها؛ أي «الخارجية»، المتعارف عليها أنها للدبلوماسيين لا الأمنيين، مع أن عارفي فيدان عن قرب لم يُفاجأوا مطلقاً، بل هم يتوقعون له النجاح في إحداث نقلة نوعية بالسياسة الخارجية التركية، خصوصاً مع الدول التي تصنَّف في خانة «الخصوم».
كُتب الكثير عن «كره» إسرائيل لفيدان، الذي اتهمته صحيفة «واشنطن بوست» في 2013 بكشف هوية 10 جواسيس إسرائيليين لإيران لعلَّ أكثر الخطابات وضوحاً من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كان وصفه هاكان فيدان بـ«صندوقي الأسود وكاتم أسراري». وأضاف: «هو ومَن معه يشكلون مستقبل تركيا». وبالمناسبة، يعتقد أن فيدان كان أول من اكتشف مخطط الانقلاب على الحكم التركي في عام 2016، إذ يقول مسؤولون أتراك، قريبون من إردوغان، لـ«الشرق الأوسط»، إن فيدان حاول الوصول إلى الرئيس لتحذيره، إلا أنه لم يجده بسهولة؛ لكون الأخير في إجازة عائلية. وبناءً عليه، تواصل مع أحد أصهار إردوغان ونقل إليه الخبر. ويقال إن وزير الخارجية الجديد هو مَن نصح رئيسه بالظهور على وسائل التواصل الاجتماعي لتعبئة الجماهير، وقال له: «سنقاتلهم نحن حتى الموت، اذهب وتحدَّثْ للناس».
وخلافاً للانطباعات الأولى، يتحدث مصدر تركي عن سياسة جديدة في البلاد، في أيام دبلوماسية فيدان تُقارب النظام البريطاني، فوزير الخارجية آتٍ من الاستخبارات، ووزير الدفاع من المؤسسة العسكرية، أما وزير الداخلية فمن إدارة الحكم؛ أي من حكام الولايات. ويتوقع كثيرون نجاح فيدان في مهمته؛ «كونه يمتلك العلاقات والمعلومات»، ويعرف كيف يستثمرهما. يضاف إلى هذا الدورُ الخارجي الكبير الذي لعبه، خلال السنتين الماضيتين اللتين شهدتا تحولاً في السياسة التركية نحو «تصفير المشاكل» من جديد، لكن وفق آلية جديدة.
وحقّاً، كان فيدان «نقطة الوصل» والاتصال مع الدول التي ناصبت الحكومة التركية حكوماتها العداء كسوريا ومصر، كما مع بعض الدول التي تطبع علاقتها «التنافس» كإيران. وتقول مصادر متابعة للملف، لـ«الشرق الأوسط»، إنه هو مَن أطلق عملية تفاوض واسعة مع سوريا أخيراً أسفرت عن لقاءات قام بها شخصياً مع المسؤولين السوريين من دون تحديد مكان اللقاءات.
هنا يرى المدير السابق لجهاز الأمن العام اللبناني عباس إبراهيم أن تعيين فيدان «يدفع في الاتجاه الإيجابي لتحسين العلاقات التركية السورية».
ويتابع إبراهيم، الذي عمل مع فيدان على عدد من الملفات وتجمعهما «صداقة عمل» مستمرة، أن فيدان رجل براغماتي إلى حد كبير، وهو يعرف الملف بتفاصيله، كاشفاً عن لقاءات جمعت فيدان أخيراً بمسؤولين سوريين، وهو «يفهمهم ويفهمونه». ويعتبر أن لدى فيدان «قدرة عالية على بداية بناء الثقة مع الجانب السوري»، موضحاً أنه «عمل على الملفات: الأمني، والسياسي، والعسكري، للوجود التركي في سوريا»، ومتحدثاً عن توصل فيدان مع المسؤولين السوريين إلى «تنظيم خلاف تركي سوري على الأراضي السورية، لكنه للأسف لم يطبَّق من قِبل السياسيين الأتراك تحديداً»
مفاوضات مع سوريا... في لبنان
كذلك كشف إبراهيم أنه تعاون مع فيدان عن كثب، في وقت سابق؛ في مسعى لـ«تخفيف حِدة التوتر في الأراضي السورية»، وأن الأتراك وافقوا على مبدأ إطلاق مفاوضات تركية سورية في بيروت، لكن السوريين لم يتجاوبوا لاحقاً»، ومن ثم توقّع المسؤول الأمني اللبناني السابق أن يكون «وزير الخارجية التركي الجديد ناجحاً؛ لأنه في عمله الأمني كان يمارس دبلوماسية عالية»، معتبراً أن فيدان «يعيدنا إلى سياسة صفر مشاكل، فوزير خارجية بهذه الصفات يمكنه أن يقلص حجم المشاكل إلى حد كبير».
عاشق للمسلسلات التركية!
بعيداً عن السياسة، يتحدث مقرَّبون من فيدان عن وجهه الآخر «الفني»، فهو عاشق للأفلام والمسلسلات التركية، حتى لا يكاد يفوِّت واحداً منها. ويذهب بعضهم إلى اهتمامه بالسيناريوهات المكتوبة للإنتاجات التركية التي عُرضت على منصة «نتفليكس»، خصوصاً التاريخية منها. أيضاً الوزير الجديد شغوف جداً بالقراءة، إذ يصفه مسؤول تركي عمل معه، وعرفه وتواصل معه، بأنه «كثير القراءة، ويأتي على رأس قائمة أكثر الشخصيات قراءة للكتب في رحلات الرئيس إردوغان». ويضيف المسؤول - وكان قد تعرَّف على فيدان في مراحل متعددة - بدءاً من فترة تولي الأخير رئاسة الوكالة التركية للتعاون والتنسيق «تيكا»، ثم عمله معاون مستشار رئيس الحكومة، ثم معاون مستشار «وكالة الاستخبارات التركية»، إلى مرحلة تولّيه رئاسة «الاستخبارات الوطنية التركية» - لـ«الشرق الأوسط»، أن فيدان «يعتمد على فريق العمل الجماعي إلى أبعد الحدود، ويعمل على تشجيع فريقه»، ويعتبره «صاحب رؤية ورابط الجأش، وجانبه هذا له تأثير كبير».
ثم يشير المسؤول - الذي طلب إغفال اسمه - إلى أن فيدان «يهتم كثيراً بالتكنولوجيا، وله مساعٍ كبيرة في حصول وكالة الاستخبارات على تكنولوجيا عالية». ويستطرد شارحاً: «تحليلاته دقيقة، ورسائله صريحة وواضحة، لا تجده يتلاعب معك في حديثه... فهو يقابل أسئلتك بأجوبة صريحة، ويهتم بوصول رسائله إلى الطرف الآخر، ويحب التأكد من وضوح فكرته بنظر الطرف الآخر... إنه شخصية متّزنة، ويطلب من خصمه أن يكون كذلك». وبالفعل، يصفه اللواء عباس إبراهيم بأنه «شخصية هادئة جداً، ورجل صبور، ومستمع جيد... ويحافظ على علاقاته، ولا يقطع الاتصال معها في كل الظروف، ويتابع ملفاته بدقة متناهية».
علاقات سيئة مع إسرائيل
على صعيد آخر، يتوقع أن تكون علاقة فيدان مع إسرائيل تحدياً جدياً، إذ كُتب كثير عن «كره» إسرائيل لفيدان، الذي اتهمته صحيفة «واشنطن بوست» في عام 2013، بتسليمه 10 جواسيس إسرائيليين لإيران. كذلك هناك تقرير لـ«نيويورك تايمز» يتحدث عن تراجع التعاون التركي الإسرائيلي، بسبب مخاوف من تسريب فيدان المعلومات إلى الاستخبارات الإيرانية، وإلى المجاهدين في سوريا. وفي حينه، نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية تقريرها عنه، ونقلت فيه مخاوف «الموساد» إزاء تعيينه؛ بسبب دوره في تنظيم «أسطول الحرية»، وأيضاً بسبب قربه اللصيق من إردوغان، وحزبه الحاكم «العدالة والتنمية»، ودفاعه عن المصالح النووية الإيرانية.
سيرة ذاتية لافتة
في الحقيقة، يتمتع هاكان فيدان بسيرة ذاتية لافتة يقل فيها الجانب العملي، ويندر فيها الشخصي، فهو شخصية كتومة لم يسمع الأتراك صوته إلا في خطاب تسلم وزارته. بيد أن المتابع لسيرته يلاحظ أنه كان يتمتع بقوة دفع هائلة في حياته، إذ إنه دخل المؤسسة العسكرية لـ15 سنة، وبدأ مسيرته فيها «شاويشاً» (رقيب)، وأنهاها برتبة ضابط صف، من دون مستقبل باهر في المؤسسة، التي لا يمكن لها أن تستوعب «الشاب المتديّن» برتبة أكبر، مهما طال بقاؤه فيها.
على الجانب الشخصي، فيدان متزوج، وأب لثلاثة أولاد، وهو من مواليد العاصمة أنقرة عام 1968، وقد درس وتخرّج في مدرسة قوات المشاة عام 1986، ثم درس في مدرسة اللغات، التابعة لقوات المشاة، ومن ثم جمع خبرة عملية في ميدان الاستخبارات، وعمل بين عامي 1986 و2001، في «وحدة التدخل السريع»، التابعة لـ«حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، وعمل في فرع جمع المعلومات السريعة بألمانيا.
ولاحقاً، أكمل تعليمه الجامعي إبّان فترة وجوده مع «الناتو» في ألمانيا، وحصل على شهادته الجامعية في الإدارة والعلوم السياسية من جامعة «ماريلاند» الأميركية، وتحديداً من كليتها العالمية التي أسّست لتمكين الجنود الأميركيين من مواصلة تعليمهم في الخارج، ثم أكمل درجتي الماجستير والدكتوراه في قسم العلاقات الدولية بجامعة «بيلكنت» المرموقة في أنقرة.
بعد ذلك، في أعقاب فترة خدمة استمرت 15 سنة بصفوف القوات المسلَّحة، استقال فيدان عام 2001 وهو برتبة ضابط صف، والتحق مباشرة بوزارة الخارجية مستشاراً سياسياً واقتصادياً، ومن ثم عُيّن رئيساً لإدارة «مؤسسة التعاون والتنمية»، التابعة لرئاسة الوزراء، وفي الوقت نفسه عمل مساعداً لمستشار لرئاسة الوزراء، ثم عُيّن مستشاراً للمسؤول عن السياسة الخارجية والأمن الدولي، وبعد ذلك عمل موفَداً خاصاً لرئاسة الوزراء.
اهتمامه بالاستخباراتوهنا يقول الإعلامي التركي أردام أتاي، الذي تابع عمل فيدان عن كثب، لـ«الشرق الأوسط»، إن اهتمام فيدان بالإستخبارات بدأ بعد عودته من مهمته الخارجية مع «الناتو»، وكانت وظيفته الأولى في أنقرة إعداد أطروحة ماجستير حول «الاستخبارات والسياسة الخارجية: مقارنة بين أنظمة الاستخبارات البريطانية والأميركية والتركية». وقد ركزت أطروحته على البحث في الرأي القائل إن «وجود استخبارات قوية ومؤهلة ضرورية لسياسة خارجية ناجحة». وذكر أتاي أن فيدان «فحص الهياكل الاستخباراتية لكل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اللتين استخدمتا المعلومات الاستخباراتية بنجاح في السياسة الخارجية، ثم أجرى مقارنة مع نظام الاستخبارات التركي، وقدّم بعض الاقتراحات لمزيد من التطوير لنظام عملها». وبعد الانتهاء من أطروحته كانت مهمته الوحيدة هي انتخابه عام 2000 عضواً في الجمعية العامة لمؤسسة «أوياك (OYAK)»، وهي مؤسسة للاستثمار، تابعة للقوات المسلَّحة التركية، وقد استقال من الجيش بمجرد أن أنهى خدمته الإجبارية في عام 2001.
مستشار في سفارة أجنبية
حصل هاكان فيدان على وظيفته الأولى، بعد خلع زيِّه العسكري، وكانت المستشار السياسي والاقتصادي في السفارة الأسترالية بأنقرة. وللعلم، فإن وزير المالية الحالي محمد شيمشك كان بدوره في موقع مُشابه في السفارة الأميركية بأنقرة، وكذلك رئيس لجنة الشؤون الخارجية السابق سعاد كينيكلي أوغلو.
وبدأ فيدان مشوار الصعود السريع عام 2003 عندما عُيّن رئيساً لإدارة التعاون والتنمية التركية «تيكا».
في ذلك الوقت كانت «تيكا» تابعة لوزير الدولة بشير أتالاي، وكان يعمل بالقرب من أتالاي، الذي كانت علاقاته مع عبد الله غل، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية - حينذاك - جيدة، لدرجة أن شائعات انتشرت بأن فيدان سيصبح الأمين العام لرئاسة الجمهورية، عندما يصبح غل رئيساً. غير أن هذا لم يحصل، ذلك أنه أثناء وجود فيدان في «تيكا» لفت انتباه رئيس الوزراء إردوغان - يومذاك - فضمَّه إلى فريقه في عام 2007. وبالفعل، عُيّن نائباً لوكيل رئاسة الوزراء مسؤولاً عن السياسة الخارجية وقضايا الأمن الدولي. وما يستحق الذكر في هذا المجال، أن رئاسة «تيكا»، التي تعمل بالتعاون مع كل من وحدات الشؤون الخارجية والاستخبارات، كانت ملائمة ومناسبة تماماً لفيدان، إذ ركز من خلالها على العلاقات مع البلدان التي ترتبط مع تركيا بعلاقات تاريخية وثقافية، ولا سيما في آسيا الوسطى، ومنها انطلق إلى أفريقيا.
في تلك الفترة، كان أيضاً يرافق مستشار رئاسة الوزراء للسياسة الخارجية أحمد داود أوغلو «وزير الخارجية الأسبق» في رحلاته الإقليمية، كما كان يعمل عن قرب، ويرافق نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية آنذاك عبد الله غل في رحلاته الخارجية، وأيضاً كان يشارك في عدد من الوفود التي تُرافق إردوغان في زياراته خارج تركيا، أو عند استقباله الضيوف الأجانب من رؤساء ومسؤولين.
قانون في 48 ساعة لحماية فيدان
من جهة أخرى، كان فيدان موضع عداء لـ«جماعة فتح الله غولن»، التي تحوّلت من حليف لإردوغان إلى ألدّ أعدائه. وقد تعرّض فيدان لمتابعة دقيقة من الجماعة، حتى إنه اتهمها بالتنصت على مكالماته، وعرض مضمونها في بعض الصحف المعارضة. وقبل تعيينه في عام 2010 مستشاراً للاستخبارات التركية، حصلت حادثة أظهرت النفوذ الذي صار يتمتع به، فقد استدعى قاضي التحقيق في قضية التنظيم السري لـ«حزب العمال الكردستاني» المحظور «بي كي كي»، فيدان؛ للتحقيق معه بوصفه مشتبهاً به مع 4 من قيادات جهاز الاستخبارات، بعد الاشتباه في تقديمه الدعم للحزب الكردستاني المحظور، أو غضّ بصره عن معلومات مسبقة عن عمليات مسلَّحة وهجمات نفّذها الحزب ضد رجال الأمن في تركيا. إلا أن الحكومة عمدت فوراً إلى إرسال قانون يعطي رجال الاستخبارات الحصانة من الإدلاء بأقوالهم أمام المحاكم الجنائية. وجرى إقرار القانون في البرلمان، خلال 48 ساعة فقط، رغم انتقادات المعارضة.
تغيير في الاستخبارات
وعلى الرغم من الاتهامات، استخدم فيدان القوة التي حصل عليها من دعم إردوغان، لإعادة هيكلة جهاز الاستخبارات، وكان من إنجازاته إنشاء «قسم المصادر المفتوحة»، وكان أعظم إنجازاته - كما يقول أردام أتاي - إنهاء المعركة الاستخباراتية بين الجهاز ورئاسة الأركان والدرك، إذ جرى تشكيل «مجلس تنسيق الاستخبارات الوطنية»، وكان مرتاحاً لكونه الرئيس الوحيد بلا منازع، لجميع أجهزة استخبارات الدولة. وما يستحق الإشارة أيضاً أن فيدان هو المستشار الثاني الذي يعتلي ذلك المنصب من خارج المؤسسة الاستخباراتية، إذ كان تبتان جوسال هو المستشار الأول الذي عُيّن من خارج المؤسسة عام 1992.
أخيراً، الرئيس إردوغان كان يريد - وفق الصحف التركية - من تعيين الرجل المقرَّب منه المزيد من تحديث «وكالة الاستخبارات الوطنية»، ومأسستها، وإبعادها عن سطوة العسكر، بما أنه لا يزال 50 في المائة من موظفيها من سِلك الجيش، فعمل فيدان على تقسيم الاستخبارات إلى جهازين؛ أحدهما للداخل، والآخر للخارج، على غرار مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي»، ووكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» في الولايات المتحدة؛ وذلك لتعزيز حضور الاستخبارات التركية في المناطق الساخنة، وتلبية حاجات دور تركيا المتنامي، بدءاً من الشرق الأوسط وجيرانها الروس، والقوقاز، وآسيا، وأفريقيا، وحتى الأميركيتين، وأوروبا، وإسرائيل.
الائتلاف الألماني الحاكم ماض ٍقدماً بتعديلاته على «قانون الجنسية»https://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9/4374471-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A6%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85-%D9%85%D8%A7%D8%B6-%D9%8D%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A7%D9%8B-%D8%A8%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%89-%C2%AB%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9%C2%BB
الائتلاف الألماني الحاكم ماض ٍقدماً بتعديلاته على «قانون الجنسية»
المستشار الاشتراكي أولاف شولتز ... يقود حملة التغييرات على قانون الجنسية (د.ب.أ)
تشهد ألمانيا منذ عقود تحولات كبيرة في ديموغرافيتها جعلتها اليوم «دولة مهاجرين» بحق، وذلك بعدما بات أكثر من 27 في المائة من سكانها ذوي خلفية مهاجرة، حسب إحصاءات رسمية في العام 2021. ولكن، مع هذا ما زالت القوانين الألمانية لا تعكس هذا الواقع؛ إذ إن تشدد شروط الجنسية وفرض التخلي عن الجنسية الأصلية، يعنيان أن أكثر من 10 ملايين شخص يعيشون في بلد الـ83 مليوناً من دون أن يحملوا جنسية البلاد أو يتمتّعوا بحقوق المواطنين الألمان أو يشاركوا في الحياة السياسية. ولعل الفئة الأكثر تأثراً بشروط الجنسية المشددة هم الأتراك الذين يقارب عددهم الـ4 ملايين في ألمانيا، نصفهم لا يحمل الجنسية الألمانية والسبب رفضهم التخلي عن جنسيتهم التركية. إلا أن هذا الوضع يقترب أخيراً من نهايته في أعقاب تحضير الحكومة الاتحادية في برلين لطرح قانون تجنيس جديد يسمح بازدواجية الجنسية كما يخفف شروط التقدّم للحصول على الجواز الألماني.
مسعود أوزل، نجم كرة القدم الألماني العالمي، المتحدة من أصول تركية (د ب أ)
الحكومة الألمانية الحالية، التي يقودها اشتراكيو الحزب الديمقراطي الاجتماعي بمشاركة حزبي «الخضر» والديمقراطيين الأحرار (الليبراليون)، اتفقت على تقصير المهلة الزمنية للسماح للأشخاص بالتقدم للحصول على جنسية، فباتت 5 سنوات من العيش في ألمانيا عوضاً عن 8 سنوات كما ينص القانون الحالي، وحتى إلى 3 سنوات في حال إثبات المتقدم تمتعه بمستوى لغة مرتفع. والعنصر الأهم تسهيل إجراءات التقدم للحصول على الجنسية الألمانية للأتراك الذين جاءوا عمالاً مهاجرين بعد الحرب العالمية الثانية وبقوا في ألمانيا من دون أن يحملوا جنسيتها. ومن ناحية أخرى، سيعفي القانون الجديد أولئك الذين هم فوق سن الـ67 منهم من شرط التقدم لامتحان اللغة المكتوب، ولن يفرض عليهم سوى اجتياز الامتحان الشفهي.
ثمة سؤال يُطرح الآن، هو... هل ستصبح ألمانيا بهذا القانون، الذي من المفترض أن يصوّت عليه البرلمان خلال الصيف أو الخريف المقبلين، دولة تحتضن حقاً إرثها العرقي المتنوع؟
«لا أكترث كثيراً بالتقدم للحصول على جنسية ألمانية، أنا سعيد بجوازي التركي»... يقول ليفانت بلغة ألمانية طليقة، وهو ينقل معدات للطلاء قبل أن يبدأ العمل داخل شقة في منطقة كرويتسبيرغ ببرلين. وبالفعل، يمضي ليفانت، عامل البناء الخمسيني الذي يعمل ويقيم في برلين، الكثير من الوقت في تركيا، حيث ما زال لديه أفراد من عائلته والكثير من الأصدقاء. أما أولاده الذين وُلدوا في ألمانيا فقد حصلوا على الجنسية الألمانية، وما زالوا يحتفظون بجنسيتهم التركية؛ لأن القانون الحالي لا يجبرهم على اختيار إحدى الجنسيتين إلا عندما بلوغ سن الـ23.
رشا نصر، النائبة الاشتراكية في "البوندستاغ"، وهي متحدرة من اصول سورية (موقع "البوندستاغ")
تعديل عام 1999
الواقع أن قانون الجنسية الألماني المعدّل عام 1999 أتاح لأولاد ليفانت الحصول على الجواز الألماني بعد 8 سنوات من إثبات سكن الوالدين في ألمانيا، وهذه المدة قلصت من 15 سنة قبل تعديل القانون آنذاك. وللعلم، حتى عقد التسعينات لم يكن أمام الأجانب المولودين في ألمانيا أي سبيل للحصول على الجنسية الألمانية. ولم يُعدَّل القانون إلا في العام 1993 للمرة الأولى من أجل السماح لأولاد المهاجرين الذين يثبتون أنهم يعيشون في ألمانيا منذ 15 سنة، بالتقدم للحصول على الجنسية. أما قبل ذلك فلم يكن ممكناً الحصول على الجواز الألماني إلا باثبات صلة الدم، أي من أحد الوالدين.
بعدها، عام 1999 عندما وصل الاشتراكيون إلى السلطة، وشكّلوا الحكومة الاتحادية مع حزب «الخضر»، أرادوا إدخال تعديلات إضافية على قانون الجنسية تشمل السماح بازدواجية الجنسية وتغييرات أخرى كانت ستمنح حق الجنسية للمولودين في ألمانيا لأهالٍ غير ألمان. غير أنهم عجزوا عن إدخال تعديلات جذرية بسبب المعارضة الكبيرة التي واجهوها من قوى اليمين بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ، الذي كانت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، أمينته العامة آنذاك، ثم أصبحت زعيمته في العام التالي أي عام 2000. وفي حينه، قاد اليمين المحافظ حملة شرسة لوقف تغييرات الاشتراكيين، وبالأخص، السماح بازدواجية الجنسية، رافعاً شعار «نعم للاندماج، لا لازدواجية الجنسية»، وجمع 5 ملايين توقيع رافض لتلك التغييرات.
وفي نهاية الأمر، اضطر الاشتراكيون إلى التخلي عن الكثير من تغييراتهم، وجرى تمرير القانون بعد الاكتفاء ببعض التعديلات البسيطة منها السماح لأولاد المهاجرين الذين يولدون في ألمانيا بالحصول على الجنسية الألمانية بعد 8 سنوات عوضاً عن 15 سنة من إثبات سكن الوالدين. بل واقترن هذا الشرط بضرورة أن يختار الشخص المولود في ألمانيا عندما يبلغ سن الـ23 الجنسية التي يريد الاحتفاظ بها حصراً.
ولكن في العام 2014، أُدخل تعديل جديد حول هذه النقطة بإصرار من الاشتراكيين، الذين كانوا الشريك الأصغر في الائتلاف الحكومي بقيادة ميركل، ألغى شرط الاختيار بين الجنسيتين فقط للمولودين في ألمانيا.
ومن ثم، سمح القانون المعدل عام 1999 بوجود الجنسية المزدوجة فقط لمواطني دول الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي ما زال صالحاً حتى اليوم. ولكن، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، شهدت دوائر الهجرة في ألمانيا ارتفاعاً بخمسة أضعاف في أعداد المتقدمين البريطانيين للحصول على الجنسية الألمانية قبل انتهاء المهلة الانتقالية التي ستخرج فيها بلادهم رسمياً من الاتحاد؛ وذلك تفادياً لاضطرارهم إلى التخلي عن جنسيتهم البريطانية.
الوزيرة نانسي فايزر (آ ف ب)
خلافات حزبية مبدئية
كثيرون من الأتراك الذي يعيشون في ألمانيا يرفضون، مثل ليفنات، التخلي عن جوازهم التركي لصالح الجواز الألماني. وهنا نشير إلى أن معظم أفراد الجيل الأول من الأتراك - الذين جاءوا عمالاً بعد الحرب للمساعدة في جهود إعادة البناء وإطلاق عجلة الاقتصاد - لا يحملون الجنسية الألمانية لأنهم لم يتمكنوا من استيفاء شروط اللغة. ذلك أن مدارس تعليم اللغة لم تكن موجودة أو نادرة في الخمسينات، على الرغم من أن معظمهم يجيد التخاطب الشفهي ولكن ليس الكتابة.
وحقاً، لعقود خلت ظلت الجالية التركية عبر ممثليها في ألمانيا تطالب بتسهيل منح الجوازات للأتراك والسماح بازدواجية الجنسية، ولكن الديمقراطيين المسيحيين أصرّوا على موقفهم، رافضين إقرار أي تعديلات أو تغييرات، وواصلوا عرقلة المساعي التي تبذلها الأحزاب الأخرى لتلك الغاية. وما يستحق الذكر، أنه منذ محاولة الاشتراكيين الأخيرة عام 1999، حصلت محاولات على مستوى الولايات التي تضم جاليات تركية كبيرة، مثل برلين وهيسن (التي تضم مدينة فرانكفورت)، لتغيير القوانين، بيد أن المحاولات لم تؤدِ إلى إنجاز الكثير بسبب معارضة الديمقراطيين المسيحيين. ولذا؛ نجد أنه طوال فترة حكم ميركل - الزعيمة الديمقراطية المسيحية المحافظة - التي قادت 4 حكومات اتحادية متتالية بين العامين 2005 و2021، ظل حزبها يرفض إدخال أي تعديلات على قانون الجنسية.
إلا أن هذا الوضع تغيّر بعد تقاعد ميركل وخسارة حزبها في الانتخابات الأخيرة عام 2021، وعودة الاشتراكيين لقيادة الحكومة بعد غياب 22 سنة. إذ تعهدت الأحزاب الثلاثة التي شكلت الحكومة - أي الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) وحزب «الخضر» البيئي والحزب الديمقراطي الحر الليبرالي - على إدخال تعديلات على قانون الجنسية «يماشي العصر ويكون (متلائماً أكثر) مع المجتمع الألماني.
والآن بعد سنة ونصف السنة من تسلم الحكومة الحالية مهامها، توافقت الأحزاب الثلاثة على شكل هذا القانون الذي قدّمته وزيرة الداخلية الاشتراكية نانسي فايزر إلى أعضاء الحكومة في مارس (آذار) الماضي، وسيناقش في «البوندستاغ» (مجلس النواب الاتحادي - الفيدرالي) خلال الصيف. وعلى الرغم من ارتفاع الأصوات المعارضة من الديمقراطيين المسيحيين وقوى اليمين عموماً، من المتوقع أن يمرّ القانون هذه المرة ويغدو نافذ المفعول في الخريف المقبل بعد أن يُناقَش أيضاً في «البوندسرات» (أي مجلس الولايات، الذي يمثل الأحزاب المشاركة في الولايات الألمانية الـ16 الذي تحظى الأحزاب الثلاثة المشاركة في الحكومة الائتلافية الاتحادية، بغالبية الاصوات فيه (نصف زائد واحد).
في المقابل، لم يكف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي عن توجيه الانتقادات لخطة الحكومة تلك، وحتى أن نواباً ومسؤولين في الحزب يتكلمون عن «بيع الجواز الألماني» عبر السماح بازدواجية الجنسية. ولا يرفض الحزب فقط هذه النقطة في التغييرات، بل يرفض أيضاً تقصير مهلة السماح للتقدم للحصول على الجنسية من 8 سنوات إلى 5 سنوات. ويرى الحزب اليميني أن «التجنيس يجب أن يأتي في نهاية عملية اندماج ناجحة وليس في بدايتها؛ لأن الاندماج الجيد يحتاج إلى وقت».
على هذا يرد مؤيدو بأن تقصير المهمة والسماح بازدواجية الجنسية من السياسات التي تقرب ألمانيا من سياسات دول غربية أخرى تعتمد المبدأ نفسه. وينتقد الاشتراكيون و«الخضر»، خصوصاً، خصومهم الديمقراطيين المسيحيين وزعيمهم فريدريش ميرتز - الذي يميل إلى الجناح المتطرف في حزبه - ويتهمونه باعتماد «سياسة إقصاء». وكان ميرتز قد تعرض بالفعل لانتقادات شديدة بعدما وصف الطلاب المسلمين في المدارس، من عرب وأتراك، بأنهم «باشاوات صغار». وكان ميرتز يومها يعلق على أحداث رأس السنة الأخيرة التي شهدت اعتداءات على الشرطة من قبل شبان من أصول مهاجرة، وأراد في تعليقه الإضاءة على ضعف اندماج العائلات المسلمة في المجتمع الألماني.
هذا، ويكرّر المستشار شولتس (زعيم الاشتراكيين) نفسه في معرض رده على منتقدي إصلاح قانون التجنيس، بأن في ألمانيا قرابة الـ10 ملايين شخص يعملون ويدفعون الضرائب من دون أن يحملوا الجواز الألماني. ويضيف أن «الديمقراطية تزدهر عندما تتوافر فرص لإسماع الصوت»، في إشارة إلى ضرورة السماح لهؤلاء بالمشاركة في حق الاقتراع والحياة السياسية.
غايات تسريع الاندماج
ولكن، مع أن القانون الجديد يذهب بعيداً في تلبية دعوات الاندماج والانفتاح والإصلاح، فإنه وجّه ببعض الانتقادات من ممثلي الجالية التركية نفسها. إذ رحّب أمين عام «الجالية التركية في ألمانيا» غوياك صوفو أوغلو بالتغييرات التي تريد الحكومة إدخالها على قانون الجنسية، قائلاً «... وأخيراً ستأتي!»، لكنه سرعان ما أضاف منتقداً «إبقاء الامتحان الشفهي للغة على من يعرفون جيل العمال المهاجرين لا داعي له. كانت ستكون إشارة جيدة لو اعتُمد تسهيل أكبر في عملية للحصول على الجنسية لأولئك الذين ساهموا بإعادة بناء ألمانيا». وانتقد صوفو أوغلو كذلك تشديد القانون بالنسبة للجرائم المتعلقة بمعاداة السامية، قائلاً: «وفق المسودة الحالية، فإن ارتكاب (أفعال) بدافع العنصرية ومعاداة السامية هي لوحدها معيار استبعاد... (أفعال) وليس (جرائم) (!)... وهذا يترك الباب مفتوحاً أمام ما إذا كانت مجرد المشاركة في تظاهرات ضمن إطار حقوق حرية التعبير ستغدو معياراً للإبعاد».
في أي حال، تسعى الحكومة الاتحادية الحالية عبر تغييراتها المقترحة، ليس فقط إلى منح صوت لملايين المواطنين الذين يعيشون في ألمانيا من دون التمتع بكامل الحقوق، بل أيضاً تريد جذب مزيد من الأيدي العاملة التي تحتاج إليها البلاد بصورة ماسة وبشكل عاجل، وخاصة في مجالات الطب والتعليم. وهي تأمل أن تجذب تغييرات قانون الجنسية أعداداً أكبر من هذه الفئات لسد ثغرات كبيرة في المهارات المطلوبة.
غير أن البعض يحذر من أن ألمانيا ستكون في حاجة إلى أكثر من مجرد تعديل القانون لجذب هذه المهارات. فقد كتبت صحيفة «نويه أوزنابروك» أن ألمانيا «تحتاج إلى أكثر من مجرد قانون هجرة جذاب... إنها في حاجة إلى ثقافة ترحيبية تنقصها حتى الآن». وأضافت الصحيفة أن النقاش حول التجنيس والاندماج نقاش حساس، «لكن القانون شيء وما يعيشه الأشخاص من ذوات الخلفية المهاجرة في حياتهم اليومية في ألمانيا هو شيء آخر».
وتابعت الصحيفة شارحة «أي شخص اسمه ليس ماير أو مولر، غالباً، ما يواجه تمييزاً ضده. فمثلاً أثناء البحث عن وظيفة أو السفر في القطار وفي العمل أو عند التبضع أو التعامل مع السلطات... ليس مهماً إذا كنت مولوداً هنا أم لا». واستطردت من ثم «ما تحتاج إليه ألمانيا إلى جانب تغيير القوانين... هو ثقافة الترحيب، وهذا لا يمكن تغييره بالقوانين، بل يعتمد على المقاربة الشخصية، وعلى ألا ننظر إلى الطبيب أو الممرضة وغيرهم على أنه متضرّع يتسوّل وظيفة، بل النظر إليه كمواطن يؤدي دوره لضمان دوران عجلة المجتمع».
مخاوف من استفادة «البديل لألمانيا» المتطرف وسط الجدل المحتدم حول الجنسية والاندماج
> وسط كل الجدل حول قانون الجنسية الألماني، والتغييرات المقترحة عليه، يخشى كثيرون من الألمان أن تستغل الأصوات اليمينية المتطرفة هذا القانون الجديد لكسب المزيد من الأصوات، كما حصل بعد موجة اللاجئين السوريين عام 2015. فالكل يتذكّر في تلك الفترة كيف نجح حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف بدخول «البوندستاغ» (مجلس النواب الاتحادي) للمرة الأولى في العام 2017.
في حينه، بات أول حزب ألماني يميني متطرف يعود إلى البرلمان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ولقد بنى الحزب حملته آنذاك على مشاعر الكراهية والعداء للمهاجرين والمسلمين. وراهناً، تظهر استطلاعات الرأي في ألمانيا تقدم حزب «البديل لألمانيا» في الولايات الشرقية (ألمانيا الشرقية سابقاً) التي كانت تحت سيطرة السوفيات قبل الوحدة اللألمانية.
وهنا نشير إلى جميع الأحزاب الألمانية، حتى الآن، ترفض الدخول في أي ائتلاف حكومي مع حزب «البديل لألمانيا» سواءً على مستوى كل ولاية أو مستوى البلاد ككل. إلا أن هذا الوضع قد يتسبب بمشاكل معقدة قريباً، وبالذات، على الصعيد الولايات، في حال حافظ الحزب اليميني المتطرف على تقدمه في الاستطلاعات وترجمتها نتائج حقيقية في الانتخابات.
الاختبار الأول في الولايات الشرقية خلال العام المقبل سيكون مع الانتخابات المحلية المقرّرة في ولايات ثورينجيا وساكسونيا وبراندنبرغ. وحسب أحدث الاستطلاعات في هذه الولايات، فإن «البديل لألمانيا» يتبوأ الصدارة في كل منها ولكن من دون الحصول على الغالبية المطلقة التي تمكنه من الحكم منفرداً، ما يعني بأنه سيتوجب عليه تشكيل ائتلافات مع أحد الأحزاب الأخرى.
ولكن في حال ظلت الأحزاب الأخرى متمسكة برفضها التحالف، ولو مؤقتاً مع «البديل لألمانيا»، قد تواجه هذه الولايات مأزقاً شديداً وسط مخاوف من أنها قد تصبح «غير قابلة للحكم»، خاصةً، وأن الأحزاب الأخرى مجتمعة قد لا تكون لديها هي الأخرى غالبية كافية كذلك للحكم. ثم أن حزب «البديل لألمانيا» لا يستفيد فقط من النقاش الدائر حالياً حول المهاجرين، بل يستفيد من الحرب في أوكرانيا، إذ حيث تتزايد الدعوات في صفوف الحزب المتطرف لوقف «نشر العداء لروسيا» ووقف التورط في «حرب ليست حربنا».
بيد أنه، على الرغم من كل هذه المخاوف، تتجه ألمانيا لأن تصبح - على الأقل بحسب القانون - دولة «أكثر احتواءً لتنوّعها» وقبولها للمهاجرين الذين باتوا يشكلون جزءاً أساسياً من المجتمع، وهذا ينعكس كذلك في «البوندستاغ» حيث يوجد واحد من أصل 9 نواب من خلفية مهاجرة. ومعظم هؤلاء ينتمون إما إلى حزب «الخضر» أو إلى الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي)، بينما يظل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي «الأقل تلوّناً» من بين الأحزاب الكبيرة الثلاثة.
حقائق
سمح القانون المعدل عام 1999 بوجود الجنسية المزدوجة فقط لمواطني دول الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي ما زال صالحاً حتى اليوم
حفيظة غاية أركان أول رئيسة لـ«بنك تركيا المركزي»https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF/4374461-%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8%D8%A9-%D8%BA%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%B1%D9%83%D8%A7%D9%86-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D8%A9-%D9%84%D9%80%C2%AB%D8%A8%D9%86%D9%83-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2%D9%8A%C2%BB
د. حفيظة غاية أركان رئيسة للبنك المركزي التركي (بلومبرغ)
بعدما تردد اسمها بقوة عقب عودة وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك لتولي المنصب الذي غادره منذ 5 سنوات، أصدر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مرسوماً رئاسياً بتعيين الخبيرة الاقتصادية الشابة، الدكتورة حفيظة غاية أركان رئيسة لـ«البنك المركزي».
وأصبحت أركان، التي تحمل الجنسيتين التركية والأميركية، وتلقب في الأوساط الاقتصادية الأميركية بـ«فتاة تركيا المدهشة»، أول امرأة تتولى رئاسة البنك المركزي في تركيا.
سيرة مشرفة
الرئيسة الجديدة لـ«البنك المركزي التركي» من مواليد إسطنبول عام 1982، وتخرجت في قسم الهندسة الصناعية بجامعة بوغازيتشي (البسفور) عام 2001، وأكملت دراساتها العليا في الولايات المتحدة حتى حصلت على الدكتوراه في بحوث العمليات والهندسة المالية من جامعة برينستون.
ودرست أركان في برنامجين تعليميين؛ الأول في مجال علوم الإدارة في كلية هارفارد للأعمال، والثاني حول القيادة في جامعة ستانفورد. وبدأت مسيرتها المهنية عام 2005 في مؤسسة «غولدمان ساكس» الأميركية للخدمات المالية والاستثمارية، واستمرت فيها لمدة 9 أعوام، قبل الانتقال إلى العمل في مصرف «فيرست ريبابليك بنك» عام 2014 ولمدة 8 سنوات، وأصبحت الرئيسة التنفيذية المشاركة للبنك، قبل تركه، في خطوة مفاجئة قبل أكثر من عام. ثم شغلت أركان منصب الرئيس التنفيذي لبنك «غراي ستون»، المتخصص في قروض العقارات التجارية ومقره نيويورك، لكنها تركت المنصب بعد شهور قليلة.
كما عملت أركان رئيسة مجلس إدارة في شركة «تيفاني آند كو»، التي تعتبر من أكبر الشركات الأميركية للمجوهرات، وكانت عضواً في مجلس إدارة شركة «مارش ماكلينان» للاستشارات المالية العالمية المدرجة ضمن قائمة «فورتشن 500» الصادرة عن مجلة «فورتشن»، المعنية بتصنيف أكبر 500 شركة في الولايات المتحدة.
وتتمتع أركان بخبرة كبيرة في الأعمال المصرفية، والاستثمار، وإدارة المخاطر، والتكنولوجيا، والابتكار الرقمي، وهي عضو في المجلس الاستشاري لقسم بحوث العمليات والهندسة المالية في جامعة برينستون. ويشار إليها على أنها أحد خبراء السياسة النقدية التقليدية. وكانت المرأة الوحيدة تحت سن الـ40 ضمن قائمة المديرين في أكبر 100 بنك في الولايات المتحدة عام 2018، بحسب استطلاع أجرته صحيفة «سان فرنسيسكو تايمز».
وفي أول تصريح لها عقب تعيينها رئيسة لـ«البنك المركزي»، عبّرت أركان عن سعادتها لثقة بلدها ومسؤوليها فيها لتولي هذا المنصب، وتوفير هذه الفرصة للمرأة التركية التي تمثلها، وقالت: «أعمل على أن أمثل بلدنا والثقافة التركية بأفضل طريقة».
اختيار شيمشك
وكانت أركان على رأس اختيارات وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك لأعضاء فريقه الاقتصادي الذي سيتولى المهمة معه في السنوات الخمس المقبلة، وتردد اسمها بقوة بعد موافقته على تولي المنصب مجدداً في حكومة إردوغان بعد أن تركه منذ 5 سنوات، وتحديداً في عام 2018 عندما طبق النظام الرئاسي في تركيا وعين إردوغان صهره برات البيراق في منصب وزير الخزانة والمالية، قبل أن يستقيل بعد 3 سنوات عانى الاقتصاد التركي فيها بشدة من أعراض أزمات على صعيد سعر صرف الليرة، والتضخم، وتراجع الاحتياطي النقدي لـ«البنك المركزي»، وزيادة العجز في الحساب الجاري، والعجز التجاري.
وعادت أركان من الولايات المتحدة، ليل الاثنين - الثلاثاء، إلى أنقرة، والتقاها شيمشك مباشرة، حيث كان بدأ على الفور بعد تعيينه، السبت الماضي، في تشكيل فريق اقتصادي جديد يهدف إلى إعادة الاقتصاد التركي إلى الأسس «العقلانية»، بحسب تعبيره، ويكون قائماً على الأصول والشفافية، ويراعي المعايير الدولية وقادراً على التنبؤ.
فاتورة ثقيلة
وتوقع كبير الاقتصاديين السابق بـ«البنك المركزي التركي»، هاكان كارا، أن يشهد النصف الثاني من العام نمواً منخفضاً، وتضخماً مرتفعاً، وأن يتحمل شيمشك وفريقه «الفاتورة الثقيلة»؛ بسبب النموذج الاقتصادي الذي طبقته الحكومة لمدة عام ونصف العام تقريباً، منذ نهاية عام 2021، الذي أدى إلى انهيار الميزانية، وتحطيم الأرقام القياسية في العجز التجاري، والتضخم.
ولفت كارا إلى أنه بينما كانت قيمة الليرة تنخفض بسرعة، حاولت الحكومة إبطاء الانخفاض من خلال اللوائح غير السوقية وذوبان الاحتياطيات، وبعد الانتخابات، تم إحضار محمد شيمشك، وهو اسم محبوب من قبل الأسواق، إلى وزارة الخزانة والمالية من أجل إصلاح الاقتصاد السيئ، حيث أعلن أنه يجب إنهاء الممارسات اللاعقلانية وطلب «الصبر والوقت».
ويعتقد الخبراء بأن سعر الصرف قد تم تحريره بعد أن أصبح شيمشك على رأس ملف الاقتصاد في تركيا، من أجل الوصول إلى السعر الحقيقي بعد نشوء سوق موازية لليرة في فترة الانتخابات. ووصلت الليرة إلى أدنى مستوياتها في تعاملات، الخميس، عند 23.53 ليرة للدولار، بينما سجل اليورو 25.23 ليرة.
وبحسب كارا، من المتوقع أن يتخذ شيمشك إجراءات تشديد أخرى فيما يتعلق بالاقتصاد، مشيراً إلى أنه أخبر دائرته المقربة بأن المشكلة في الاقتصاد أكبر كثيراً مما تبدو عليه.
وأصر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان منذ تحوّل البلاد إلى النظام الرئاسي في 2018 على تطبيق نموذج اقتصادي مخالف للقواعد التقليدية الراسخة للاقتصاد، حيث أعلن العداء للفائدة، معتبراً أن التضخم المرتفع نتيجة للفائدة المرتفعة؛ ما تسبب في أزمات حادة للاقتصاد، حيث ارتفع التضخم إلى أكثر من 85 في المائة قبل أن يتراجع تدريجياً خلال فترة الانتخابات وارتفاع العجز في الحساب الجاري، والعجز التجاري.
توجهات شيمشك
ومع تولي شيمشك وزارة الخزانة والمالية في التشكيل الجديد للحكومة، أعلن أن تركيا ليس أمامها خيار سوى العودة إلى «أساس منطقي» في السياسات الاقتصادية لضمان القدرة على التنبؤ بتبعاتها.
وأضاف: «ستكون الشفافية والاتساق والقدرة على التنبؤ والامتثال للقواعد الدولية مبادئنا الأساسية في تحقيق هذا الهدف، وسنعمل على خفض التضخم إلى خانة الآحاد، وتحقيق الرفاه للشعب التركي». وعقب أدائه اليمين الدستورية مع أعضاء الحكومة الجديدة في البرلمان التركي، الأربعاء، حث شيمشك الأتراك على «الصبر»، مؤكداً أن أولويته الملحة الآن تتمثل في تعزيز فريقه الاقتصادي، والالتزام بوضع سياسات تقوم على القواعد «التي تزيد من القدرة على التنبؤ».
وقال شيمشك، في تغريدتين على «تويتر»: «رغم عدم وجود طرق مختصرة أو حلول سريعة، يمكنكم الاطمئنان بأن خبرتنا ومعرفتنا وتفانينا ستساعدنا في التغلب على العقبات المحتملة في المستقبل».