مصر تعوّل على «الحوار الوطني» لإعادة الثقة بين «تحالف 30 يونيو»

أكدت مجدداً على جديته

جانب من إحدى جلسات الحوار الوطني (الصفحة الرسمية للحوار الوطني على فيسبوك)
جانب من إحدى جلسات الحوار الوطني (الصفحة الرسمية للحوار الوطني على فيسبوك)
TT

مصر تعوّل على «الحوار الوطني» لإعادة الثقة بين «تحالف 30 يونيو»

جانب من إحدى جلسات الحوار الوطني (الصفحة الرسمية للحوار الوطني على فيسبوك)
جانب من إحدى جلسات الحوار الوطني (الصفحة الرسمية للحوار الوطني على فيسبوك)

تستعد مصر لإطلاق المناقشات الفعلية لجلسات الحوار الوطني، الذي تعوّل عليه لإعادة «بناء جسور الثقة»، بين المشاركين في تحالف «30 يونيو»، الذي أطاح بحكم تنظيم «الإخوان» عام 2013. وقال منسق عام مجلس أمناء الحوار الوطني، ضياء رشوان، إن «الأيام والأسابيع القليلة المقبلة ستشهد انطلاقة جلسات الحوار الوطني».
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 26 أبريل (نيسان) الماضي، إلى إجراء حوار وطني حول مختلف القضايا، وتلبية للدعوة تم تشكيل مجلس أمناء للحوار، الذي عقد حتى الآن 8 اجتماعات لوضع قواعد ومحاور الحوار، وتشكيل لجانه المختلفة.
وقال رشوان، في تصريحات تلفزيونية مساء (الجمعة) عبر برنامج «مصر جديدة»، إنه «على مدار الشهور الماضية عمل الحوار على إعادة بناء جسور الثقة بين كل من شارك في ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، من أجل عودة مصر إلى المصريين»، مستطرداً أن «هذه الجسور تحققت بنسبة كبيرة».
وفي عام 2013 دعا تحالف من قوى سياسية ونقابات وشخصيات مستقلة إلى مظاهرات في 30 يونيو ضد استمرار حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، وتمكنت المظاهرات الشعبية الحاشدة في ذلك الوقت من إنهاء حكم تنظيم «الإخوان»، وتولى رئيس المحكمة الدستورية رئاسة البلاد بشكل مؤقت.
وتسعى مصر من خلال جلسات الحوار الوطني إلى «تعزيز مفهوم الجمهورية الجديدة». وقال رشوان إن «الحوار الوطني هو بناء لجمهورية جديدة تقوم على المساحات المشتركة، وعلى وجود الجميع، رغم اختلافاتهم»، مشيراً إلى أن «الاختلاف قد يكون في طريقة إدارة المجتمع، وليس على قواعد الجمهورية الجديدة»، مؤكداً أن «الحوار لا يبحث عن حالة الإجماع، وإنما يسعى للتوافق والمساحات المشتركة التي قد تصل في بعض القضايا إلى نسبة 90 في المائة، بينما تكون أقل في قضايا أخرى»، مشدداً على أنه «أياً كانت مساحة التوافق، فالجميع يظل على أرضية واحدة للجمهورية المصرية الجديدة».
وأضاف المنسق العام للحوار الوطني أن «الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية، وكل من يعتقد أن هدفنا إلغاء الاختلاف لا يفهم دعوة الرئيس».
وجدد رشوان التأكيد على «جدية الحوار الوطني»، واصفاً إياه بأنه «عملية جادة، وليست عملية تنفيس عن الآراء ولا خلق (مكلمة) واسعة في مصر، بل البحث عن أولويات العمل الوطني»، تنفيذاً لدعوة الرئيس السيسي، مشيراً إلى أن «كل جلسات الحوار ستكون علنية، وتحت بصر وبصيرة الرأي العام والإعلام، باستثناء القضايا التي يرى مجلس الأمناء أنها تمس الأمن القومي».
وعلى مدار الشهور الماضية، تعرض الحوار الوطني لانتقادات من قوى سياسية، ومحاولات للتشكيك في جدواه، بداعي «بطء» سير الجلسات، وهو الأمر الذي حاول مجلس أمناء الحوار الوطني الرد عليه أكثر من مرة، عبر شرح منهجية وآلية عمل مجلس الأمناء.
وفي هذا السياق، أشار رشوان إلى أن «المجلس عقد 8 اجتماعات حتى الآن، وانتهى من وضع قواعد لإدارة الحوار الوطني في جلساته، وتحديد 3 محاور رئيسية، (سياسي واقتصادي ومجتمعي)، قسم كل محور إلى عدد من اللجان الفرعية»، وقال رشوان إن «هذه المرحلة أخذت وقتاً طويلاً، لكنها أنجزت أشياء مهمة، على صعيد تحديد لجان الحوار، ولائحة عمل مجلس أمنائه»، مضيفاً أن «جدية الحوار تجعل البعض يشعر بأن حركاته بطيئة».
ويحظى الحوار الوطني باهتمام الأوساط السياسية والإعلامية المصرية، في انتظار لمخرجاته. وقال الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية، المقرر العام المساعد للمحور السياسي بالحوار الوطني، في تصريحات تلفزيونية مساء الجمعة، إن «الحكم على جدوى الحوار الوطني مبكر للغاية، فليس من الواضح ما الذي سينتج عنه»، مشيراً إلى «ضرورة ألا يستغرق الحوار وقتاً طويلاً».
وتفعيلاً لفكرة المشاركة المجتمعية، دعت الصفحة الرسمية للحوار الوطني على «فيسبوك» في منشورات على مدار اليومين الماضيين، المصريين إلى تقديم رؤيتهم حول القضايا التي تشغل اهتمامهم في المحاور المختلفة.
بدوره، أكد الدكتور أيمن عبد الوهاب، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أهمية «العمل على بناء جسور الثقة، وتفعيل المجال العام»، مشدداً على ضرورة «إفساح المجال للمشاركة المجتمعية في الحوار الوطني، التي ستمهد الطريق لطرح القضايا المختلفة بشكل أوسع»، وقال إنه «إذا اقتصر الحوار على الإطار النخبوي فسيفقد الكثير من الزخم».
وأضاف عبد الوهاب أن «التجارب القديمة ربما تلقي بأحكام مسبقة على تجربة الحوار الوطني»، مشيراً إلى أن «المحك الرئيسي الآن هو كيفية تلافي السلبيات السابقة، وتعظيم الإيجابيات، والمشاركة والمسؤولية حتى نصل لبناء وعي وثقة فيما هو قادم».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
TT

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

توغلت «قوات الدعم السريع» على نحو مفاجئ في ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي السودان، وفرضت سيطرتها على بلدتي (جريوة ورورو) بمحلية التضامن، فيما استعاد الجيش بلدة اللنكدي بولاية سنار المجاورة.

وبثت عناصر من «قوات الدعم» مقاطع فيديو على منصة «إكس»، يؤكدون فيها وجودهم داخل المناطق التي تبعد نحو 70 كيلومتراً من مدينة الدمازين عاصمة الولاية، التي تضم مقر الفرقة الرابعة للجيش السوداني.

من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)

وكانت «قوات الدعم السريع» تقدمت في سبتمبر (أيلول) الماضي، وبسطت سيطرتها على بلدة رورو، إلا أنها انسحبت، وعادت أدراجها لتنضم إلى قواتها الرئيسية المتمركزة في الدالي والمزوم داخل ولاية سنار.

ومن جهة ثانية، أعلنت منصات إعلامية استعادة الجيش بلدة اللكندي التي تقع على بُعد نحو 60 كيلومتراً من عاصمة ولاية سنار سنجة.

وكانت قوات الجيش استعادت، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدينتي الدندر والسوكي بسنار، بالإضافة إلى عدد من البلدات الصغيرة المحيطة بهما.

وتشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

وفي الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد)، تبدد الهدوء بتجدد المواجهات بين الجيش والقوة المشتركة للفصائل المسلحة المتحالفة معه من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى. وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن «قوات الدعم» قصفت بالمدفعية الثقيلة عدداً من الأحياء السكنية باتجاه قيادة الفرقة السادسة العسكرية.

الدمار الذي حل بمستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)

وأضافت: «القصف جاء بعد أيام من حالة الهدوء التي شهدتها المدينة، وتراجع المواجهات البرية التي كانت تجري بين الأطراف المتحاربة».

وقالت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش بالفاشر إن المدينة تشهد حالة من الهدوء بنسبة 80 في المائة مقارنة بالأيام الماضية.

وبحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية، فإن «ميليشيات (الدعم السريع) قصفت عشوائياً عدداً من الأحياء المتفرقة»، دون وقوع أي أضرار بالمدينة.

وقالت الفرقة إن الطيران الحربي شن ثلاث غارات جوية «استهدفت معاقل العدو، وحققت نجاحات كبيرة، وتراجعت الميليشيات إلى شرق المدينة».

وأكد الجيش «أن الأوضاع تحت السيطرة، وأن قواته متقدمة في كل المحاور القتالية».

بدورها قالت القوة المشتركة للفصائل المسلحة إنها «أحبطت خلال الأيام الماضية هجمات عنيفة شنتها (قوات الدعم السريع) من عدة محاور على الفاشر»، في حين تقول مصادر محلية إن «(قوات الدعم السريع) توغلت وأحكمت سيطرتها على المستشفى الرئيسي بالمدينة. وتحاول التقدم إلى داخل الفاشر، بعد أن تمكنت خلال المعارك الماضية من التوغل في الأحياء الطرفية، ونصبت خنادق دفاعية على مسافة قريبة من قيادة الفرقة لكنها تجد مقاومة شديدة من الجيش وقوات الفصائل المسلحة».

تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)

وقال مقيمون في الفاشر إن آلاف الأسر يواصلون النزوح من المدينة؛ بسبب القصف المدفعي والصاروخي العشوائي الذي يستهدف المناطق المأهولة بالمدنيين.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى مقتل وإصابة أكثر من 1000 شخص على الأقل في صفوف المدنيين في القتال الدائر بالمدينة منذ العام الماضي.

ووفقاً لحصر الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني في السودان، فقد قُتِل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألفاً منذ اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023.