الطبيعة الخلابة تجمع بين أعمال فوتوغرافية مصرية ومكسيكية

معرض بالقاهرة يضم أعمال 6 مصورين

من أعمال روبرتو هيرنانديز
من أعمال روبرتو هيرنانديز
TT

الطبيعة الخلابة تجمع بين أعمال فوتوغرافية مصرية ومكسيكية

من أعمال روبرتو هيرنانديز
من أعمال روبرتو هيرنانديز

هو معرض فني مختلف، فإذا كنا قد اعتدنا خلال الآونة الأخيرة على إقامة فعاليات في إطار التبادل الثقافي بين البلدان، فقد جاء هذا المعرض الذي تم افتتاحه مساء الجمعة، بالمتحف القومي للحضارة المصرية، بعنوان «المكسيك ومصر من الأعلى... منظور فريد» ليحمل جديداً للجمهور وحتى بالنسبة للفنانين الشغوفين بالفوتوغرافيا، حيث تم الدمج بين أعمال المصور المكسيكي الشهير روبرتو هيرنانديز، الذي قام بتصوير أراضي بلده عبر تقنية التصوير الجوي اعتماداً على «الطائرة المسيّرة»، وفوتوغرافيا خمس مصورين مصريين استخدموا التقنية نفسها في تصوير مصر ليتنقل الزوار ما بين مشاهد تحبس الأنفاس من فرط جمال الأمكنة التي تم تجسيدها ولدقة وحداثة التقنية المستخدمة.
برغم المسافة الجغرافية الهائلة بين مصر والمكسيك فإن المعرض المستمر حتى 29 سبتمبر (أيلول) الحالي، بتنظيم من السفارة المكسيكية بالقاهرة كشف عن الكثير من أوجه التشابه بين البلدين، ومن خلال منظور غير مألوف، فالأعمال الفوتوغرافية التي يحتضنها وعددها نحو 15 عملاً جاءت لتحمل مفاجآت بصرية للزائر وكأنها تعيد رؤيته للبلدين وتعمق معرفة كل طرف بالآخر.

يقول الفنان روبرتو هيرنانديز لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذا المعرض من أفضل التجارب الفنية التي خضتها، لأنها تنطوي على مزيج بين ثقافاتنا، لقد فوجئت بوجود صور تتشابه إلى حد مذهل بين أعمالي وبعض المصورين، وهو ما يؤكد أنه مهما بعدت المسافات أو اختلفت الحضارات فإن الإنسانية تتحقق».
ويتابع: «إن المعرض كان مدهشاً ومفاجئاً بالنسبة لي، وقد رأيت الإعجاب كذلك في عيون زائري المعرض أمام الصور التي تم التقاطها لأماكن بعيدة جداً من هنا، وبرغم ذلك فثمة أفكار متماثلة في الطبيعة والهندسة المعمارية وانفعالات الناس وأفعالهم واحتفالاتهم بالصور، وقد جعلني هذا أشعر بحب أكبر لمصر لتشابهها مع بلدي، وأن أصبح مغرماً بالقاهرة خصوصاً».
وأبدى الفنان المكسيكي إعجابه الشديد باختيار مكان المعرض قائلاً: «انبهرت بمتحف الحضارة، وأعتبره أحد أفضل المتاحف في العالم، إنه لأمر مذهل أن يتم عرض الأعمال في نفس المبنى الذي يقف فيه رمسيس الثاني بشموخ وعظمة، كما أن المكان يتلاءم تماماً مع فكرة الحدث الفني، وهو تلاقٍ بين الحضارات واستمرارها».
وبشأن التقنية المستخدمة في المعرض والتي اشتهر بها عالمياً قال روبرتو هيرنانديز في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «ربطني حبي للتصوير الفوتوغرافي بعالم الطائرات من دون طيار، لأكثر من 20 عاماً وحرصت على استخدام هذه التقنية بطريقة طبيعية بعيدة عن أي تصنع أو مبالغات في التصوير».

ويتابع: «لقد ألهمتني إمكانية وحرية تحريك الكاميرا عبر السماء على مر السنين لإنشاء صور فريدة، وكانت التلقائية والتماثل والطبيعة هي بعض المكونات التي أبحث عنها في كل مرة أقوم فيه بتصوير الأرض».
يذكر أن هيرنانديز بجانب فنه وإقامة معارض محلية ودولية عمل لأكثر من 17 عاماً كمدير فني في مشاريع التصميم والتصوير التجاري لعلامات تجارية معروفة.
ورغم بعض الصعوبات التقنية واللوجيستية التي تقابل المصورين المصريين، فإن بعض أعمال الفنانين المشاركين بالمعرض تبرز نضج موهبتهم وتمكنهم في هذا المجال، وهو ما يعني أنه تم البحث الدقيق عنهم، واختيارهم بعناية، بحسب مروة أبو ليلة مديرة مؤسسة «فوتوبيا» التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت حكاية المعرض حين تواصل معنا مسؤولو المتحف لإبلاغنا برغبة سفارة المكسيك في إقامة معرض للفنان روبرتو هيرنانديز بمناسبة زيارته لمصر، وإنهم يودون ترشيح فنانين محليين متخصصين في هذا النوع من التصوير في إطار التبادل الثقافي بين البلدين، فرحبنا بالتعاون من دون أي مقابل لإعجابنا بالفكرة وبقيمة هذا الفنان المعروف، لكن كانت المهمة صعبة»، وتابعت: «خضنا رحلة طويلة للبحث عنهم وحين توصلنا إليهم كنا حلقة الوصل بينهم وبين المتحف والسفارة».

وترى مروة أبو ليلة أن للمعرض جانب آخر مهم وهو أن إقامته في هذا المكان يثبت أن مصر ليست فقط الفراعنة أو الحضارات القديمة عموماً لكنها الحداثة ومواكبة كل ما هو جديد أيضاً رغم أي صعوبات.
ونجح المتحف في تقديم عرض واع للأعمال أبرزت الهدف من إقامة المعرض، فمن اللافت أنه تم تنسيق الصور المتشابهة بين الطرفين بجوار بعضهما البعض حتى أنها بدت عن بعد كما لو كانت لفنان واحد وفي بلد واحد، يقول الفنان أحمد عماد لـ«الشرق الأوسط»: «شاركت بصورتين الأولى لصلاة العيد والمدهش أن لهيرنانديز لقطة مشابهة لها لكن لمنظر يجسد توجه الآلاف لكنيسة (السيدة غوادالوبي)، وهو طقس يقومون به كل عام لغناء أغنية (لاس مانانيتاس) للعذراء، وهو مشهد يشابه صلاة العيد في مصر، والصورة الأخرى تجسد بحيرة مصرية تشابهت أيضاً إلى حد كبير مع تصويره لبحيرة في بلده».

من أكثر المشاهد التي جذبت الجمهور كانت لصورتين تجسدان حقول الملح الأولى التقطها تيمور عثمان في سيوة، والأخرى لهيرنانديز تصور بحيرة في المكسيك، وتشتركان في سحر الألوان للحقول وتظهران العديد من الأشكال والألوان المتنوعة والرائعة ومنها الأزرق بدرجاته، والوردي والأخضر، والأبيض، كما عكست أيضاً صورتان أخريان للفنانين التشابه الشديد في المحتوى والتقنية والزوايا والألوان، إذ أبرزت صورة لتيمور التقطها بواسطة كاميرا الدرون لمعسكر تخييم في الساحل الشمالي روعة اصطدام المياه بالرمل وعكست صورة لهيرنانديز منظر ارتطام الموج بالصخور.
يقول تيمور عثمان لـ«الشرق الأوسط»: «إن الصور الجوية بواسطة كاميرات التحكم عن بعد تقنية غير منتشرة في مصر، لكنها مهمة للغاية، لأنها تتيح للمصور أن يجعل الناس تشاهد لقطات جديدة لم يروها من قبل، تتميز باتساع الكادرات وامتداد المنظر، وكأنها لوحات بانورامية ساحرة للأمكنة تحقق الصفاء الذهني والتواصل مع الطبيعة الخلابة ومعرفة ثقافات البلدان وتبادلها عن قرب، وذلك ما أتاحه هذا المعرض للجمهور».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.