حض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، على هامش أعمال الجمعية العامة في الأمم المتحدة، على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لإحراز تقدم في المفاوضات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي، رافضاً ممارسة الضغوط على الوكالة.
وذكر بيان للرئاسة الإيرانية أن رئيسي قال لنظيره الفرنسي إن التحقيق المفتوح من الوكالة الدولية للطاقة الذرية «عقبة جدية» في طريق التوصل لإنجاز المفاوضات النووية.
وقال رئيسي: «يجب أن يكون نهج الوكالة في التعامل مع القضايا تقنياً، وبعيداً عن ضغوط ومقترحات الآخرين»، معتبراً الحصول على ضمانات موثوقة وإغلاق ملف التحقيق «ضرورياً للتوصل إلى اتفاق عادل ومستدام»، معتبراً موقف بلاده «مطلباً منطقياً ومعقولاً».
ونسب البيان الإيراني إلى ماكرون قوله إن «من الضروري إحراز تقدم في الاتفاق النووي»، وقال إن «إيران والوكالة الدولية قادران على حل القضايا القائمة، بواسطة العمل معاً، ولن نمارس ضغوطاً سياسية على الوكالة في هذا الصدد».
وقبل اللقاء، قال ماكرون إنه يتعشم «مناقشة جميع الموضوعات» خلال لقائه مع رئيسي، في أول اجتماع مباشر يعقده الرئيس المحافظ المتشدد مع رئيس بارز من الغرب منذ انتخابه العام الماضي.
وجاء اللقاء في وقت بدد فيه مسؤول السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الآمال المعقودة على إحداث اختراق في الاتفاق النووي الإيراني، خلال الاجتماعات الرفيعة المستوى من الدورة السنوية الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، هذا الأسبوع في نيويورك، مستبعداً حتى الاجتماع مع رئيسي.
جاء ذلك خلال تصريحات أدلى بها بوريل الذي يضطلع بدور الوسيط في المحادثات بين إيران من جهة، ومن جهة أخرى القوى الدولية بما فيها لكن بصورة غير مباشرة، الولايات المتحدة، بهدف عودة الطرفين إلى الامتثال التام لواجباتهما ضمن الاتفاق النووي، المعروف رسمياً باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015»، التي تنتهكها إيران بشكل متواصل، بذريعة انسحاب إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب منها عام 2018.
ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال بوريل إنه «لا يوجد شيء جديد» يتعلق بالملف الإيراني، على الرغم من أن «هذه واحدة من المشكلات» الموجودة. وقال: «أنا وفريقي نريد التوقيع على خطة العمل»، موضحاً أنه «حتى منتصف أغسطس (آب) كانت العملية متقاربة» وكان يجري وضع اللمسات الأخيرة. واستدرك بأن المفاوضين الإيرانيين قدموا «بعض المقترحات التي لم تكن بالتأكيد تساهم في البحث عن النتيجة النهائية». ولذلك «لم يحدث شيء، ولا أتوقع أن يحدث شيء» خلال الأسبوع الرفيع المستوى من الدورة السنوية الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وكرر أن «هناك بضعة أسابيع للتوصل إلى اتفاق»؛ مشيراً إلى أن «هناك اقتراحات قدمها مطروحة على الطاولة، وسيظل هذا الاقتراح على الطاولة». وأضاف: «لا أرى حلاً أفضل من الذي اقترحناه». وأفاد بأنه ينسق ذلك «مع الأشخاص الذين يمثلون المجتمع الدولي».
وبشكل منفصل، أكد بوريل أنه لا يتوقع أي تقدم كبير في القريب العاجل بخصوص المفاوضات مع إيران. وقال: «على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، كان هناك تفاعل وعملية متعددة الخطوات تتقارب. كان النشاط بين الطرفين يحسن النتيجة؛ لكن في الأسابيع الماضية لم تكن هذه هي الحال. نحن الآن في طريق مسدود. الآن توقفنا».
وكذلك أفاد بأن فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني «تراجعت بشكل سريع». وقال في بروكسل: «أنا أقل ثقة اليوم من 28 ساعة مضت في شأن تقارب الطرفين في عملية التفاوض»، محذراً من أنه «إذا لم يحدث تقارب خلال عملية التفاوض، فإن الاتفاق كله سيكون في خطر. إذا كان الهدف هو توقيع الاتفاق بسرعة، فهذا لن يحدث».
وتتفاوض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وقوى أخرى مع إيران منذ أكثر من عام، لإحياء الاتفاق النووي الذي خفف العقوبات على طهران مقابل كبح نشاطاتها النووية. ويمكن أن يؤثر الاتفاق الذي تعارضه إسرائيل بشدة وعديد من أعضاء الكونغرس الأميركي، بدرجة كبيرة، على أسعار النفط، نظراً لأنه سيسمح لإيران بزيادة إنتاجها.
وجرى التفاوض على الصفقة في ظل إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، ضمن ما كانت تسمى «مجموعة 5 1» للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، وروسيا، والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا، بتيسير من الاتحاد الأوروبي. ورفعت العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وعندما سألته «بوليتيكو» عما إذا كان مستعداً للقاء الرئيس الإيراني، الموجود أيضاً في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة، أشار بوريل إلى أنه سافر إلى طهران في يونيو (حزيران) لمحاولة حل العملية: «وعدوني، ذهبوا إلى الدوحة، ذهبوا إلى فيينا»، مضيفاً: «لا أعتقد أنه يمكن حل أي شيء في أثناء لقاء رئيسي».