تراجع «غير مطمئن» للتضخم في بريطانيا

الإضرابات لجولة جديدة «بعد الحداد»... و«كل غرف لندن» محجوزة

متسوقون يشترون الطعام من سوبر ماركت في لندن (أ.ب)
متسوقون يشترون الطعام من سوبر ماركت في لندن (أ.ب)
TT

تراجع «غير مطمئن» للتضخم في بريطانيا

متسوقون يشترون الطعام من سوبر ماركت في لندن (أ.ب)
متسوقون يشترون الطعام من سوبر ماركت في لندن (أ.ب)

سجل التضخم تباطؤا في أغسطس (آب) الماضي في بريطانيا، حيث انخفض إلى 9.9 في المائة مقابل 10.1 في المائة في يوليو (تموز)، لكنه يبقى في أعلى المستويات منذ أربعين عاما، ويظل مرتفعا بشكل غير مريح بالنسبة لبنك إنجلترا المركزي في أوج أزمة غلاء معيشة في البلاد.
وأعلن المكتب الوطني للإحصاء الأربعاء في تقريره الشهري أن التباطؤ في التضخم يرجع بشكل رئيسي إلى «انخفاض أسعار وقود السيارات». واستمر الارتفاع في أسعار المواد الغذائية التي كان لها أكبر الأثر في زيادة الأسعار في يوليو.
وكان المحللون يتوقعون تراجع المؤشر خلال الشهر الماضي إلى 10 في المائة فقط. وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن بيانات التضخم الأخيرة يمكن أن تثير بعض التكهنات بأن معدل التضخم وصل إلى ذروته ليبدأ التراجع، مع تخفيف الضغوط قليلا عن البنك المركزي.
وقالت داني هيوسن المحللة لدى شركة «إيه جي بيل» إن «انخفاض التضخم عن 10 في المائة أمر مهم نفسيا للأسر التي تستعد لشتاء صعب». غير أن ذلك لا يعني بنظرها نهاية أزمة غلاء المعيشة مع بقاء الأسعار «مرتفعة بشكل هائل» ولا سيما المواد الغذائية التي زادت أسعارها في أغسطس بنسبة 13.1 في المائة بوتيرة سنوية.
وأعلنت رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة ليز تراس خططا لتجميد الزيادة في قيمة فواتير الكهرباء للأسر في بريطانيا، وهي الخطوة التي يقول خبراء الاقتصاد إنها ستؤدي إلى تراجع معدل التضخم على المدى القصير، لكنها ستؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار خلال العام المقبل.
وكان المحللون يتوقعون تراجعا طفيفا في معدل التضخم خلال الشهر الماضي نتيجة تراجع أسعار البنزين بنسبة 7 في المائة، مقابل زيادتها القياسية خلال الشهر نفسه من العام الماضي.
في الوقت نفسه يتوقع المحللون الذين استطلعت وكالة بلومبرغ للأنباء رأيهم وصول معدل التضخم خلال الشهر المقبل، الذي يشهد تطبيق الأسعار الجديدة للكهرباء إلى 10.5 في المائة، وهو ما يقل كثيرا عن المعدل الذي يتوقعه بنك إنجلترا المركزي ويبلغ 13 في المائة قبل إعلان تراس خطة الحد من ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء.
وفي شأن منفصل، يستعد اثنان من أكبر موانئ بريطانيا لإضرابين متداخلين للعمال في الأسابيع المقبلة، مما يهدد بمزيد من التعطل للتدفق التجاري للبلاد بسبب خلاف بشأن الأجور، حسبما أفادت وكالة بلومبرغ للأنباء يوم الثلاثاء.
وتستعد نقابات عمال السكك الحديدية بشكل منفصل إلى إحياء حركة الإضرابات التي تم تأجيلها منذ بدأت البلاد في فترة حداد عقب وفاة الملكة إليزابيث الثانية، ومن المحتمل أن يتم إعلان التفاصيل الأسبوع المقبل بعد جنازتها.
وفي الوقت الذي أدت فيه وفاة الملكة الخميس الماضي إلى قطع الإضرابات التي حفزها ارتفاع التضخم، فمن المقرر أن تعود الإضرابات في مجالات عديدة بعد الحداد الوطني... وسيمثل ازدياد الإضرابات تحديا كبيرا لرئيسة الوزراء ليز تراس التي تكافح بالفعل لمواجهة الأزمة المحيطة بزيادة تكلفة الطاقة.
لكن الاقتصاد ربما يستفيد خلال الفترة الجارية، حيث تتوقع لندن استقطاب حشود غفيرة خلال جنازة الملكة إليزابيث الثانية، مما أدى إلى حجز جميع الغرف في الفنادق تقريبا، بينما حذر المسؤولون في وسائل النقل من توقع طلب قوي.
ووفقا لسلسلة فنادق ترافلودج المنخفضة التكلفة «حجزت جميع الغرف في فنادقنا الواقعة في وسط لندن وويندسور، والطلب قوي لفنادقنا الواقعة قرب محطات القطارات أو شبكة المترو في جميع أنحاء لندن». وأضافت في بيان أن الزوار يأتون «من جميع أنحاء المملكة المتحدة ومن جميع أقطار العالم» للمشاركة في الحداد على ملكة تربعت لأطول فترة على عرش بريطانيا.
من المتوقع أن تظل الغرف المتاحة نادرة قبل الجنازة، حسبما ذكرت هيئة قطاع الضيافة في المملكة المتحدة. وقالت كايت نيكولز الرئيسة التنفيذية لهيئة قطاع الضيافة في المملكة المتحدة: «علمنا من مشغلي الفنادق في لندن أنهم سجلوا زيادة في الحجوزات منذ إعلان الخميس الماضي عن وفاة جلالة الملكة إليزابيث الثانية». وأضافت «من المؤكد أن الطلب سيظل مرتفعا حتى الجنازة الرسمية التي ستقام الاثنين المقبل».
كما أن أماكن الإقامة تتعرض لضغوط بسبب الحجوزات لعدد إضافي من عناصر الشرطة وغيرهم من الموظفين الرئيسيين قبل الحدث البارز وخلاله وبعده. وقال المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ليز تراس: «نتوقع أن يكون هناك ازدحام كبير» في الأيام القليلة المقبلة. وأوضح أن بعض سكان لندن «قد يرغبون في تغيير أسلوب العمل وفقا للحدث» والعمل عن بُعد من المنزل.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.