الصين تعول على الاستهلاك والاستثمار لاستقرار الاقتصاد

الصين ستواصل اتخاذ سياسات لاستقرار اقتصادها مع التركيز على تنشيط الاستهلاك ودعم الاستثمار (إ.ب.أ)
الصين ستواصل اتخاذ سياسات لاستقرار اقتصادها مع التركيز على تنشيط الاستهلاك ودعم الاستثمار (إ.ب.أ)
TT

الصين تعول على الاستهلاك والاستثمار لاستقرار الاقتصاد

الصين ستواصل اتخاذ سياسات لاستقرار اقتصادها مع التركيز على تنشيط الاستهلاك ودعم الاستثمار (إ.ب.أ)
الصين ستواصل اتخاذ سياسات لاستقرار اقتصادها مع التركيز على تنشيط الاستهلاك ودعم الاستثمار (إ.ب.أ)

نقلت وسائل إعلام رسمية عن رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ قوله يوم الاثنين، إن الصين ستواصل اتخاذ سياسات على مراحل لاستقرار اقتصادها، مع التركيز على تنشيط الاستهلاك ودعم الاستثمار وتنفيذ هذه السياسات في أقرب وقت ممكن.
وقال لي إن الصين ستنفذ إجراءات متعددة بهدف استقرار النمو والتوظيف والأسعار. ونقلت الإذاعة الرسمية عن لي قوله: «ستشجع الصين تعافي الاستهلاك كقوة محركة رئيسية وستبذل جهوداً كبرى لتعزيز استثمار فعال».
وتفادى ثاني أكبر اقتصاد في العالم الانكماش في الربع الثاني وسط إغلاقات واسعة لاحتواء (كوفيد - 19) وضعف في سوق العقارات اللذين كان لهما تأثير سلبي على الاستهلاك ونشاط المصانع.
وقال لي أيضاً إن الصين ستسرع بناء مشاريع رئيسية وستزيد سياسة التمويل المصرفي على أساس حاجات الاقتصادات المحلية. وأظهرت بيانات مؤخراً أن الاقتصاد الصيني فقد مزيداً من الزخم في أغسطس (آب) الماضي، مع استمرار تراجع نشاط المصانع وتباطؤ نمو الصادرات، بينما ينحسر الطلب وسط قيود كوفيد الصارمة.
وأعلن مجلس الوزراء الصيني الأسبوع الماضي، عن مزيد من الخطوات لحفز الاستثمار، موسعاً حزمة إجراءات لتعزيز اقتصاد تضرر بشدة من الجائحة.
وكانت أحدث بيانات أظهرت تراجع مستوى التضخم في الصين بشكل غير متوقع في أغسطس الماضي، في الوقت الذي هبط فيه الطلب المحلي وسط عمليات إغلاق مكثفة بسبب فيروس كورونا في البلاد.
وأفادت الهيئة الوطنية الصينية للإحصاء يوم الجمعة، بأن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 2.5 في المائة مقارنة بالعام السابق. كما ازدادت أسعار المنتجين بنسبة 2.3 في المائة فقط، على الرغم من توقعات الخبراء بحدوث زيادة أكبر.
وتعكس الأرقام انخفاضاً في ثقة المستهلك وتفتح الباب أمام مزيد من التيسير النقدي. وخفض البنك المركزي بالفعل أسعار الفائدة لتعزيز الاقتصاد، الذي يعاني بالفعل بسبب سعي بكين الدؤوب لسياسة عدد إصابات صفرية بكوفيد وأزمة العقارات في الصين. وحددت الحكومة في بكين هدف نمو يبلغ 5.5 في المائة، لكن الخبراء يعتقدون حالياً أن البلاد يمكن أن تتوقع مستوى نمو يبلغ نحو 3.5 في المائة.
وفي مطلع الشهر الحالي، أعلن بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) أنه ضخ ملياري يوان (نحو 290 مليون دولار) في النظام المصرفي عبر عمليات إعادة الشراء العكسي للحفاظ على السيولة.
وبحسب ما ذكره بنك الشعب الصيني، تم تحديد سعر الفائدة على اتفاقيات إعادة الشراء العكسي لمدة سبعة أيام عند 2 في المائة. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن البنك المركزي أكد أن هذه الخطوة تهدف إلى الحفاظ على استقرار السيولة في النظام المصرفي.
وتعد عمليات إعادة الشراء العكسي أو ما يعرف بـ«الريبو العكسي»، عمليات مالية يقوم فيها البنك المركزي بشراء أوراق مالية من البنوك التجارية من خلال عروض محددة، مع اتفاق بإعادة بيعها إليها مجدداً في المستقبل.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

الأسواق الخليجية تترقب تحركات «الفيدرالي» وسط موجة صعود متقلبة

مستثمر يراقب تحركات الأسهم في السوق السعودية (أ.ف.ب)
مستثمر يراقب تحركات الأسهم في السوق السعودية (أ.ف.ب)
TT

الأسواق الخليجية تترقب تحركات «الفيدرالي» وسط موجة صعود متقلبة

مستثمر يراقب تحركات الأسهم في السوق السعودية (أ.ف.ب)
مستثمر يراقب تحركات الأسهم في السوق السعودية (أ.ف.ب)

شهدت أسواق الأسهم الخليجية ارتفاعاً ملحوظاً في أولى جلسات الأسبوع، متأثرة بتوقعات دعم محتمل من خفض الفائدة الأميركية وصعود أسعار النفط، بعد موجة من التراجع الأسبوع الماضي. فقد واصل المؤشر الرئيسي للبورصة السعودية «تاسي» الصعود للجلسة الثالثة على التوالي، مسجلاً مكاسب طفيفة عند 0.3 في المائة، بعد أن كان أغلق الأسبوع الماضي بخسائر للأسبوع الخامس على التوالي، في أطول موجة هبوط منذ نهاية 2022.

ويترقب المستثمرون قرار اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي المزمع يومي الثلاثاء والأربعاء، الذي قد يشهد خفض الفائدة للمرة الثالثة هذا العام لدعم سوق العمل المتباطئة، أو الإبقاء عليها مرتفعة لمواجهة التضخم الذي لا يزال أعلى من المستهدف، البالغ 2 في المائة.

وسط هذه البيئة، تمرُّ الأسواق الخليجية بمرحلة توازن دقيقة بين الضغوط الخارجية والفرص الداخلية، مع متابعة دقيقة لتحركات أسعار النفط والقرارات الاقتصادية الكبرى في المنطقة والعالم.


البنك المركزي الصيني يواصل تكديس الذهب للشهر الـ13 على التوالي

عرض سبائك الذهب بمعرض الصين الدولي للمجوهرات في بكين (إ.ب.أ)
عرض سبائك الذهب بمعرض الصين الدولي للمجوهرات في بكين (إ.ب.أ)
TT

البنك المركزي الصيني يواصل تكديس الذهب للشهر الـ13 على التوالي

عرض سبائك الذهب بمعرض الصين الدولي للمجوهرات في بكين (إ.ب.أ)
عرض سبائك الذهب بمعرض الصين الدولي للمجوهرات في بكين (إ.ب.أ)

واصلت الصين سياستها الهادفة إلى تعزيز مخزونها من الذهب، بينما سجلت احتياطاتها من النقد الأجنبي ارتفاعاً أبطأ مما كان متوقعاً خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وحافظت الصين على وتيرة إضافة الذهب إلى احتياطاتها المعدنية الثمينة، لتمدد بذلك موجة الشراء للشهر الـ13 على التوالي. وقد أظهرت بيانات «بنك الشعب الصيني» أن إجمالي حيازات البلاد من الذهب بلغ 74.12 مليون أوقية تروي فاخرة في نهاية نوفمبر، ارتفاعاً من 74.09 مليون أوقية في نهاية أكتوبر (تشرين الأول).

كما ارتفعت قيمة احتياطات الصين من الذهب بشكل ملحوظ لتصل إلى 310.65 مليار دولار في نهاية الشهر الماضي، صعوداً من 297.21 مليار دولار كانت مسجلة في نهاية أكتوبر. ويُعد هذا التكديس المستمر للذهب جزءاً من استراتيجية التنويع في ظل تصاعد حالة عدم اليقين العالمي.

في المقابل، سجَّلت احتياطات الصين من النقد الأجنبي، وهي الأكبر في العالم، ارتفاعاً أقل من التوقعات خلال نوفمبر. فقد ارتفعت الاحتياطات بمقدار 3 مليارات دولار الشهر الماضي لتصل إلى 3.346 تريليون دولار، مقارنة بـ3.343 تريليون دولار في أكتوبر.

وكان استطلاع أجرته «رويترز » قد توقَّع ارتفاع الاحتياطات إلى 3.359 تريليون دولار، مما يشير إلى أن الارتفاع الفعلي جاء أقل من تقديرات السوق. وجاء هذا الارتفاع المتواضع في ظل استئناف ضعف الدولار، حيث تراجع اليوان الصيني بنسبة 0.65 في المائة مقابل الدولار الشهر الماضي، بينما انخفض الدولار بنسبة 0.24 في المائة مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى.


«الفيدرالي» محاصر بين ضغوط خفض الفائدة وتصاعد الانقسامات

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» محاصر بين ضغوط خفض الفائدة وتصاعد الانقسامات

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

يدخل مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» اجتماعه الأخير لعام 2025 وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي. هذا الاجتماع لا يقتصر على تحديد مصير أسعار الفائدة في ظل انقسام حاد بين صانعي السياسة النقدية، بل يأتي قبل أشهر معدودة من تغيير رئاسة البنك المركزي الأميركي المقرر في مايو (أيار) المقبل، الأمر الذي يضع مصير السياسة النقدية الأميركية لعام 2026 وما بعده على المحك.

قرار صعب في ظل مؤشرات متضاربة

الاجتماع، الذي يستمر يومي الثلاثاء والأربعاء، يضع «الاحتياطي الفيدرالي» أمام خيارين متناقضين: إما خفض الفائدة للمرة الثالثة هذا العام لدعم سوق العمل المتباطئة، أم الإبقاء عليها مرتفعة لمواجهة التضخم المتصلب الذي لا يزال فوق المستهدف، البالغ 2 في المائة. الأمر الذي يتسبب بانقسام حاد بين صانعي السياسة النقدية.

كما أن هذا الاجتماع يأتي قبل كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب النقاب عن مرشحه لخلافة الرئيس الحالي لـ«الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول. إذ أعلن ترمب هذا الأسبوع، عن أنه سيكشف عن مرشحه لمنصب رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» القادم في أوائل عام 2026، ولمَّح إلى أنه يريد ترشيح كبير مستشاريه الاقتصاديين كيفن هاسيت (وهو من أكثر المطالبين بخفض الفائدة) ليحل مكان باول الذي تنتهي ولايته في مايو.

باول خلال مشاركته في سلسلة محاضرات جورج بي. شولتز التذكارية في جامعة ستانفورد (أ.ف.ب)

توقعات السوق

في الأسابيع الأخيرة، شهدت التوقعات حول قرار الفائدة في اجتماع اللجنة يومّي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول)، تقلبات حادة، لكنها استقرت حالياً. وتشير أسواق السندات الآجلة، وتحديداً أداة «فيدووتش» من مجموعة «سي إم إيه»، إلى أن احتمالات خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية تبلغ نحو 87 في المائة.

وفي حال إقرار هذا الخفض، سيكون الثالث على التوالي، ليصل نطاق سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى 3.50 في المائة - 3.75 في المائة.

معضلة الولاية المزدوجة

قرار اللجنة الفيدرالية يزداد تعقيداً؛ بسبب المهمة المزدوجة التي منحها الكونغرس للفيدرالي: تحقيق استقرار الأسعار، ومنع ارتفاع البطالة. البيانات الأخيرة التي أظهرت ارتفاع معدل البطالة إلى 4.4 في المائة ترجِّح كفة المطالبين بخفض الفائدة، لكن التضخم لا يزال أعلى من الهدف البالغ 2 في المائة.

الواضح أن الصورة الاقتصادية مشوشة بشكل غير عادي، فبعض المؤشرات تشير إلى نمو قوي ومخاطر تضخمية، بينما أخرى توحي ببداية تباطؤ اقتصادي. وزاد الإغلاق الحكومي في أكتوبر (تشرين الأول) التشويش على البيانات الرسمية، في الوقت الذي أثرت فيه السياسات التجارية والقيود على الهجرة سلباً على التوظيف، في حين دفعت التعريفات الجمركية الأسعار إلى الأعلى.

متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

صراع الحمائم والصقور

هذا التضارب بين المؤشرات والضغوط المتنامية انعكس انقساماً حاداً داخل «الفيدرالي». ففي الخطابات العامة التي سبقت فترة الصمت المعتادة قبل الاجتماع، انقسم مسؤولو «الفيدرالي» إلى معسكرين رئيسيَّين:

فريق يرى أن التضخم هو الخطر الأكبر، ويجب الإبقاء على الأسعار مرتفعة.

فريق لديه ثقة أكبر بأن التعريفات الجمركية تمثل زيادة في الأسعار لمرة واحدة، وليست مصدراً للتضخم المستدام (وهو التعريف الحقيقي للتضخم).

هذا الانقسام يعني أن السوق قد تبالغ في توقعات الخفض، رغم أن تقرير التضخم الأخير الصادر يوم الجمعة، والذي أظهر ارتفاعاً أقل من المتوقع في سبتمبر (أيلول) عزَّز احتمالات الخفض.

باول يلقي كلمةً خلال سلسلة محاضرات جورج بي. شولتز التذكارية في جامعة ستانفورد (أ.ف.ب)

ترجيح كفة «الحمائم»

رغم أن باول كان واضحاً في أن خفض ديسمبر ليس «أمراً مُسلّماً به»، فإن كثيراً من المحللين يتوقعون أن تسود كفة «الحمائم» وأن يتم إقرار الخفض، مدعومين بارتفاع معدل البطالة، وضعف مقاييس نمو الوظائف الخاصة.

ويتوقَّع الخبراء أن يتمكَّن باول من إقناع الأعضاء المترددين بالتصويت لصالح الخفض، مقابل الإشارة القوية إلى أن التخفيضات المستقبلية ستكون محدودة، مما يعني فترة توقف طويلة بعد خفض ديسمبر.

ومن المقرر أن يصدر الفيدرالي «مخطط النقاط» (Dot Plot) لتوقعات أسعار الفائدة والاقتصاد، لكن لا يُتوقع تغييرات مادية عن توقعات سبتمبر.

تركيبة المجلس

يذكر أنه رغم أنه من المقرر أن يرأس باول 3 اجتماعات للجنة الفيدرالية في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) وأبريل (نيسان) قبل انتهاء ولايته، فإن ولايته محافظاً لبنك الاحتياطي الفيدرالي لن تنتهي حتى يناير 2028. وهو ما يعني أنه قد يكسر التقاليد ويبقى في بنك الاحتياطي الفيدرالي لسنوات أخرى عدة، وهو ما قد يثير استياء المكتب البيضاوي على الأرجح.

لكن ترمب قد يستفيد من مقاعد في اللجنة ليسمي موالين له. إذ من المقرر أن يتقاعد رئيس بنك أتلانتا الفيدرالي رفائيل بوستيك في فبراير (شباط) 2026، مما يمثل فراغاً إضافياً في اللجنة. في حين لا تزال هناك قضية المحافظة ليزا كوك، التي حاول ترمب عزلها، ومن المقرر أن تنظر المحكمة العليا في قضيتها في يناير، ما قد يفتح الباب لتعيين آخر يختاره البيت الأبيض.

آفاق عام 2026

رغم التوقعات الحالية التي تشير إلى فترة توقف طويلة بعد خفض ديسمبر، فإن المشهد قد يتغير جذرياً في منتصف العام المقبل إذا تولى كيفن هاسيت رئاسة «الاحتياطي الفيدرالي» خلفاً لجيروم باول. فهاسيت معروف بمواقفه الداعمة لخفض أسعار الفائدة بشكل أسرع، وهو ما يتماشى مع توجهات ترمب.

وبالتالي، في حال فوزه، فمن المرجح أن يدفع «الاحتياطي الفيدرالي» نحو مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، حتى مع وجود مؤشرات على تحسن سوق العمل أو استمرار التضخم فوق المستهدف.

إذا تحقق هذا السيناريو، فإن التوقعات التي تشير حالياً إلى تخفيضين فقط في صيف 2026 قد تصبح متحفظة للغاية، إذ قد نشهد دورة جديدة من التيسير النقدي أكثر جرأة، ما سيؤثر على عوائد السندات، وأسواق الأسهم، وحتى الدولار الأميركي.