عاصفة تحديات بريطانية تهدد تراس مبكراً

في ظل أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود

بدأت سريعاً التكهنات والتحليلات بشأن قدرة رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس على التعامل مع كم كبير من التحديات (أ.ف.ب)
بدأت سريعاً التكهنات والتحليلات بشأن قدرة رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس على التعامل مع كم كبير من التحديات (أ.ف.ب)
TT

عاصفة تحديات بريطانية تهدد تراس مبكراً

بدأت سريعاً التكهنات والتحليلات بشأن قدرة رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس على التعامل مع كم كبير من التحديات (أ.ف.ب)
بدأت سريعاً التكهنات والتحليلات بشأن قدرة رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس على التعامل مع كم كبير من التحديات (أ.ف.ب)

مع توليها رئاسة الحكومة البريطانية خلفاً لبوريس جونسون، بدأت التكهنات والتحليلات تطرح بشأن قدرة رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس على التعامل مع كم كبير من التحديات التي ورثتها من سلفها، لا سيما أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها بريطانيا منذ عقود، مع تجاوز معدل التضخم نسبة 10 في المائة، وارتفاع جنوني في فواتير الغاز والكهرباء.
ورأت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن هناك خطراً محدقاً قد تتعرض له تراس، ربما يجعل استمرارها في السلطة مهدداً إلى حد بعيد. وحذرت الصحيفة من مغبة أي محاولة من قبل ساكنة 10 «داونينغ ستريت» الجديدة لإنكار الواقع المتأزم الذي تعيشه المملكة المتحدة على الصعيد الاقتصادي. وأشارت في مقال افتتاحي إلى أن السبب في فوز تراس (47 عاما) برئاسة الوزراء هو نفس السبب الذي قد لا يبقيها لفترة طويلة في سُدة الحكم، وهو أن ثالث رئيسة وزراء بريطانية لم تكن الأزمة الاقتصادية في لب حديثها وتصريحاتها خلال ما شاركت فيه من مناظرات مع منافسها وزير الخزانة السابق ريشي سوناك قبل الوصول إلى هذا المنصب، وذلك في وقت تعاني فيه البلاد من ارتفاع كبير في تكلفة المعيشة ومعدلات التضخم. وأشارت الصحيفة إلى أن إنكار تراس وجود أزمة، وحديثها عن أن هناك الكثير من المبالغة في التحذيرات من انهيار اقتصادي وأزمات طاقة محتملة، سوف يكون «أحد أسباب فشلها المستقبلي».
وتعهدت تراس، التي تقدم نفسها على أنها من المدافعين عن الأسواق الحرة، بخفض الضرائب لتحفيز النمو، رغم التحذيرات من أن زيادة الإقراض قد تفاقم التضخم. واقترحت تراس خططاً لتثبيت قيمة فواتير الكهرباء والغاز الطبيعي السنوية للأسر البريطانية العادية عند المستوى الحالي البالغ أقل من 1971 جنيهاً إسترلينياً (2300 دولار) سنويا. وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء، أنه بموجب وثائق اطلعت عليها، قد تصل تكلفة الخطة إلى حوالي 130 مليار جنيه إسترليني على مدى 18 شهرا.
ورجحت «الغارديان» أيضا أن وجود رئيسة الوزراء الجديدة على رأس حزب المحافظين الذي يواجه اتهامات بأن سياساته هي التي أدت إلى تدهور الخدمات العامة، والفشل في تحقيق أجندته الاقتصادية ومشروعه السياسي في البلاد، قد يكون من أهم العوامل التي قد تؤثر على مستقبلها. ورأت الصحيفة أن المهمة سوف تكون أصعب من أي وقت مضى أمام تراس التي تنتظرها نفس المشكلات المتعلقة بانخفاض الأجور وتراجع الإنتاجية، لكن في ظل معطيات جديدة تتضمن ارتفاعات حادة في معدلات التضخم ومعدل فائدة مرتفع أيضاً.
وأضافت شبكة (سي إن إن) الإخبارية الأميركية بُعدا آخر لتزيد من قتامة الصورة وتؤكد صعوبة مهمة تراس، فوصفت التحديات التي تواجهها بأنها «قائمة كوابيس». وذكرت الشبكة أن رئيسة الحكومة البريطانية الجديدة ورثت من جونسون كمّاً كبيراً من المشكلات والتحديات، ما سيجعلها تفكر لماذا سعت إلى تولي هذا المنصب من الأساس.
وقالت الشبكة: «من أسوأ أزمة تتعلق بتكلفة المعيشة على مدار جيل كامل إلى الخدمات العامة التي لا تعمل ببساطة، سيتعين على تراس أن تسد فراغات باقتصاد يعاني تباطؤاً، والوفاء بوعد عدم فرض ضرائب جديدة». وأضافت الشبكة أن رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ستجابه هذا التحدي، بينما تقود حزب المحافظين «المنقسم بشدة والبعيد تماماً عن ضمان تأمين الدعم لرؤيتها بشأن البلد».
وترى مجلة «التايم» الأميركية أن تراس أمامها العديد من الأزمات المتبقية من عهد جونسون، واعتبرت أن أصعبها وأكثرها إلحاحاً أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة في البلاد، مشيرة إلى أن البريطانيين يواجهون شتاء «قد ترتفع فيه فواتير الطاقة المنزلية بنسبة 80 في المائة». وأضافت أن التضخم سجل في يوليو (تموز) أعلى مستوى له في 40 عاماً ووصل إلى 10.1 في المائة.
وبالإضافة إلى التحديات الاقتصادية التي تواجه المملكة المتحدة، سيتعين على تراس كذلك التعامل مع الأزمات السياسية التي تلوح في الأفق، وذكرت المجلة أنه «ليس فقط في آيرلندا الشمالية... في اسكوتلندا، سينتظر الحزب القومي الاسكوتلندي جلسة استماع الشهر المقبل في المحكمة العليا بالمملكة المتحدة بشأن ما إذا كان بإمكان الحكومة الاسكوتلندية المفوضة إجراء استفتاء على الاستقلال دون موافقة ويستمينستر».
وأشارت المجلة إلى أن نتائج هذا الاستفتاء قد تجدد التركيز على مصير الاتحاد البريطاني، وقدرة تراس على الحفاظ عليه، حيث ازداد التأييد لاستقلال اسكوتلندا في السنوات التي أعقبت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومن جهتها، استشهدت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية بما أعلنته روسيا هذا الأسبوع عن أنها لا تستبعد احتمال أن تزداد العلاقات المتوترة بينها وبين بريطانيا سوءا في عهد رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس، لا سيما على خلفية الحرب الدائرة في أوكرانيا وموقفها المناهض لموسكو والداعم لكييف.لا واقتبست الصحيفة ما قاله المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف عندما سئل عما إذا كانت موسكو تتوقع أي تحول في العلاقات مع بريطانيا، حيث اتهم تراس باستخدام خطاب كراهية تجاه بلاده، وبالتهديد باتخاذ المزيد من الخطوات ضد موسكو، «لذلك، لا أعتقد أنه يمكننا أن نأمل في أي شيء إيجابي».
ويشكك الكثير من المراقبين في قدرة تراس، التي وجدت نفسها فجأة في قلب عاصفة من التحديات، على إيجاد حلول سريعة أو سحرية لهذه المشكلات في ظل تشابكها وارتباطها بأزمات عالمية تؤثر على معظم دول العالم.


مقالات ذات صلة

مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

الاقتصاد مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

قالت أكبر شبكة لبنوك الطعام في بريطانيا إن عدد الطرود الغذائية التي وزعتها زاد 37 بالمائة إلى مستوى قياسي بلغ ثلاثة ملايين طرد في عام حتى مارس (آذار) الماضي، إذ يعاني عدد متزايد من الناس بسبب أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة. وقالت «ذا تراسل تراست» التي تدعم 1300 مركز لبنوك الطعام في أنحاء المملكة المتحدة، يوم الأربعاء، إن أكثر من مليون طرد غذائي جرى تقديمها لأطفال، بزيادة نسبتها 36 بالمائة خلال عام واحد. وأضافت أنه على مدار عام لجأ 760 ألف شخص لأول مرة إلى بنوك الطعام التابعة لها، بزيادة 38 بالمائة على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد «ستاندارد آند بورز» ترفع تقديراتها لآفاق الدين البريطاني

«ستاندارد آند بورز» ترفع تقديراتها لآفاق الدين البريطاني

رفعت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندارد آند بورز» (إس آند بي) تقديراتها لآفاق الدين البريطاني على الأمد الطويل من «سلبية» إلى «مستقرة»، مؤكدة أنها لا تفكر في خفضها في الأشهر المقبلة، وأبقت على درجتها لتصنيف الدين السيادي (إيه إيه/إيه-1). وقالت الوكالة في بيان، إن هذه النظرة المستقرة «تعكس الأداء الاقتصادي الأخير الأمتن للمملكة المتحدة واحتواء أكبر للعجز في الميزانية خلال العامين المقبلين». وأكدت خصوصاً أن «الإجراءات السياسية للحكومة على جبهة العرض وتحسن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن يدعما آفاق النمو على الأمد المتوسط رغم القيود الهيكلية الحالية»، لكن الوكالة حذرت من «المخاطر الناشئة عن ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ثقة المستهلك البريطاني لأعلى معدلاتها منذ حرب أوكرانيا

ثقة المستهلك البريطاني لأعلى معدلاتها منذ حرب أوكرانيا

ارتفع مؤشر ثقة المستهلك في بريطانيا خلال أبريل (نيسان) الجاري إلى أعلى معدلاته منذ نشوب حرب أوكرانيا. وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن مؤشر ثقة المستهلك الذي تصدره مؤسسة «جي إف كيه» للأبحاث التسويقية ارتفع في أبريل الجاري ست نقاط، ليصل إلى سالب ثلاثين، ليسجل بذلك ثالث زيادة شهرية له على التوالي، وأعلى ارتفاع له منذ 14 شهرا. وتعكس هذه البيانات أن المستهلك البريطاني أصبح أكثر حماسا بشأن الآفاق الاقتصادية وأكثر استعدادا للإنفاق على مشتريات أكبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بريطانيا متفائلة بـ«نمو صفري»

بريطانيا متفائلة بـ«نمو صفري»

رغم أن الاقتصاد البريطاني لم يسجل أي نمو خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، قال وزير المالية البريطاني جيريمي هانت يوم الخميس، إن التوقعات الاقتصادية «أكثر إشراقاً مما كان متوقعاً»، مضيفاً أنه من المفترض أن تتجنب البلاد الركود. وأظهرت بيانات رسمية، أن الاقتصاد البريطاني فشل في تحقيق النمو كما كان متوقعاً في فبراير؛ إذ أثرت إضرابات العاملين في القطاع العام على الإنتاج، لكن النمو في يناير (كانون الثاني) كان أقوى مما يُعتقد في البداية؛ مما يعني تراجع احتمالية حدوث ركود في الربع الأول قليلاً. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الخميس، إن الناتج الاقتصادي لم يشهد تغيراً يذكر على أساس شهري في فبراير.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بكين تُحذر واشنطن من حرب تعريفات «مدمِّرة للطرفين»

مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)
مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)
TT

بكين تُحذر واشنطن من حرب تعريفات «مدمِّرة للطرفين»

مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)
مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)

حذَّرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أن تعهده بفرض تعريفات إضافية على السلع الصينية بسبب تدفقات الفنتانيل، قد يجرُّ أكبر اقتصادين في العالم إلى حرب تعريفات مدمِّرة للطرفين.

وقال ترمب، الذي سيتولى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني)، يوم الاثنين، إنه سيفرض «رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة، فوق أي رسوم جمركية إضافية» على الواردات من الصين، حتى تشن بكين حملة صارمة على الاتجار بالمواد الكيميائية الأولية المستخدمة في صنع العقار القاتل.

وتحدد القوتان العظميان مواقفهما قبل عودة الرئيس السابق إلى البيت الأبيض. وأسفرت فترة ولاية ترمب الأولى عن حرب تجارية أربكت سلاسل التوريد العالمية وألحقت الضرر بكل اقتصادات العالم مع ارتفاع التضخم وتكاليف الاقتراض.

وحذرت افتتاحيات صحف الحزب الشيوعي الصيني، «تشاينا ديلي» و«غلوبال تايمز»، في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، ترمب، من جعل الصين «كبش فداء» لأزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة أو «اعتبار حُسن نية الصين أمراً مفروغاً منه فيما يتعلق بالتعاون في مكافحة المخدرات».

وقالت «تشاينا ديلي»: «العذر الذي قدمه الرئيس المنتخب لتبرير تهديده بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات من الصين بعيد المنال. لا يوجد فائزون في حروب التعريفات الجمركية. إذا استمرت الولايات المتحدة في تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية من خلال سلاح التعريفات الجمركية، فلن تترك أي طرف دون أن يلحق به أذى».

وبدأ خبراء الاقتصاد في تخفيض رؤيتهم لأهداف النمو للاقتصاد الصيني -الذي تبلغ قيمته 19 تريليون دولار- لعامي 2025 و2026، تحسباً لمزيد من التعريفات الجمركية التي وعد بها ترمب خلال الحملة الانتخابية، ويُحذر الخبراء الأميركيون من الاستعداد لزيادة في تكلفة المعيشة.

وقال لويس كويغس، كبير خبراء الاقتصاد الآسيوي في «ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيفات الائتمانية»، التي خفَّضت، يوم الأحد، توقعاتها لنمو الصين لعامي 2025 و2026 إلى 4.1 و3.8 في المائة على التوالي: «في الوقت الحالي، الشيء الوحيد الذي نعرفه على وجه اليقين هو أن المخاطر في هذا المجال عالية. ما افترضناه في خط الأساس لدينا هو زيادة شاملة (للتعريفات الجمركية) من نحو 14 في المائة الآن إلى 25 في المائة. وبالتالي، فإن ما افترضناه هو أكثر قليلاً من 10 في المائة على جميع الواردات من الصين».

ويهدد ترمب بكين برسوم جمركية أعلى بكثير من الرسوم الجمركية التي فُرضت على السلع الصينية خلال ولايته الأولى التي تراوحت بين 7.5 و25 في المائة.

ونقلت صحيفة «غلوبال تايمز» عن جاو لينغيون، المحلل في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية في بكين، قوله: «تمتلك الصين بالفعل نموذجاً للتعامل مع سياسة الرسوم الجمركية الأميركية السابقة». وأضاف أن «استخدام قضايا مكافحة المخدرات لزيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية أمر غير مقبول وغير مقنع».

وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ، لرئيس الوزراء السنغافوري السابق، لي هسين لونغ، إن اقتصاد الصين سيستمر في النمو والتطور على المدى الطويل، خلال اجتماع في بكين، يوم الثلاثاء، بعد تعليقات ترمب، حسبما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).

وذكرت التقارير أن لي قال لشي: «لا ينبغي لأحد أن يقلل من شأن تصميم الشعب الصيني على نجاح أمته والوقوف شامخة في العالم»، وهي الملاحظة التي قالت مقالة منفصلة في «غلوبال تايمز» إنها «مقصودة أيضاً لبعض الأشخاص في المجتمع الدولي».

وتوقع خبراء اقتصاديون في استطلاع أجرته «رويترز» الأسبوع الماضي فرض تعريفات جمركية أميركية إضافية تتراوح من 15 إلى 60 في المائة. وقال معظمهم إن بكين ستحتاج إلى ضخ مزيد من التحفيز لتعزيز النمو الاقتصادي وتعويض الضغوط على الصادرات.

وقال ترمب في وقت سابق إنه سيفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على السلع الصينية. ويهز التهديد المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة، ومئات المليارات الأخرى في مكونات المنتجات التي يشتريها الأميركيون من أماكن أخرى.

وعلى صعيد موازٍ، انخفضت أرباح الصناعة في الصين مرة أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولكن بشكل أقل حدة من الشهر السابق مع استمرار ضغوط الانكماش، فيما ظل الطلب ضعيفاً في الاقتصاد الذي ضربته الأزمة بقيمة 19 تريليون دولار.

كما أن الرياح المعاكسة الجديدة الناجمة عن التعريفات الجمركية الأميركية الإضافية، التي تعهد ترمب بفرضها في يومه الأول في البيت الأبيض، قد تهدد القطاع الصناعي في الصين العام المقبل، مما يقلل من أرباح التصدير.

وواجه القطاع المترامي الأطراف، الذي يشمل شركات التعدين والمعالجة والتصنيع، صعوبة في البقاء مربحاً في مواجهة الطلب المحلي الضعيف الذي تضرر من أزمة العقارات المستمرة منذ سنوات، والبطالة وتوترات التجارة المتزايدة. وتعهَّد صنَّاع السياسات بالوفاء بهدف الحكومة لنمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5 في المائة هذا العام حتى مع تعهد ترمب بفرض مزيد من الرسوم الجمركية على السلع المصنَّعة في الصين.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء، يوم الأربعاء، أن الأرباح الصناعية في أكتوبر انخفضت بنسبة 10 في المائة على أساس سنوي، وهو أفضل من انخفاض بنسبة 27.1 في المائة في سبتمبر (أيلول)، على الرغم من أن الأرباح انخفضت بنسبة 4.3 في المائة في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، مقابل انخفاض بنسبة 3.5 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر.

وقال يو وينينغ، من المكتب الوطني للإحصاء في بيان مصاحب، إن الأرباح في معظم الصناعات تحسنت مقارنةً بالشهر السابق، حيث لعبت محركات جديدة مثل المعدات والتصنيع عالي التقنية دوراً داعماً قوياً.

لكنَّ بعض خبراء الاقتصاد في القطاع الخاص عزوا التحسن في أكتوبر جزئياً إلى تأثير القاعدة المنخفضة من العام السابق. ونَمَت الأرباح الصناعية في أكتوبر 2023 بنسبة 2.7 في المائة، متراجعةً عن مكاسب مزدوجة الرقم في كل من أغسطس (آب) وسبتمبر من العام الماضي.

وقال لين سونغ، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في «آي إن جي»: «بالنسبة إلى بيانات شهر أكتوبر وحدها، فإن المستوى على أساس سنوي به الكثير من التشويش بسبب التأثيرات الأساسية، ويمكن أن يُعزى الاختلاف إلى حد كبير إلى هذا السبب. وبشكل عام، لا تزال الأرباح تحت بعض الضغوط هذا العام كما يظهر الانخفاض بنسبة 4.3 في المائة على أساس سنوي حتى الآن، على الرغم من وجود أمل في أنه مع بدء مزيد من تخفيف السياسات، ستصبح بيئة التشغيل أكثر ملاءمة العام المقبل».

وأشارت المؤشرات الاقتصادية المنفصلة في وقت سابق من هذا الشهر، إلى ضعف الطلب على نطاق واسع، حيث بلغت أسعار المستهلك أضعف مستوياتها في أربعة أشهر، فيما استمرَّ الناتج الصناعي في الاتجاه نحو الانخفاض، وانخفضت أسعار المساكن الجديدة بأسرع وتيرة لها في 9 سنوات.

وأظهرت البيانات في وقت سابق من هذا الشهر أن أسعار المنتجين انخفضت بنسبة 2.9 في المائة على أساس سنوي في أكتوبر، وهو أعمق من الانخفاض بنسبة 2.8 في المائة في الشهر السابق، وأسوأ من الانخفاض المتوقع بنسبة 2.5 في المائة... ويعد ذلك أكبر انخفاض في 11 شهراً.

وتعمق الانكماش في المصانع في قطاعات استخراج البترول والغاز الطبيعي ومعالجة النفط والفحم وتصنيع المنتجات الكيماوية وتصنيع السيارات. وحذَّر ما هونغ، كبير المحللين في مؤسسة أبحاث «جي دي دي سي إي»، من أن «أرباح تصنيع المواد الخام وتصنيع السلع الاستهلاكية لا تزال تواجه ضغوطاً للانخفاض أكثر»، مضيفاً أنه «بالنظر إلى شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وفي ضوء مؤشر أسعار المنتجين الذي لا يزال في النطاق السلبي، فإن سعر المواد الخام التي يمثلها الفحم لا تزال تحت الضغط، ولا تزال هوامش ربح الشركات الصناعية في اتجاه هبوطي بطيء».

وتغطي أرقام الأرباح الصناعية الشركات التي تبلغ إيراداتها السنوية 20 مليون يوان (2.8 مليون دولار) على الأقل من عملياتها الرئيسية.

وكانت حزمة الديون المحلية الصينية البالغة 1.4 تريليون دولار -والتي جرى الكشف عنها في وقت سابق من نوفمبر- أقل من التوقعات لتحفيز قوي لتعزيز الاستهلاك، مما يعني أن المستثمرين ما زالوا ينتظرون روافع مالية أكثر مباشرة.

كما ستتعرض عائدات التصدير الصينية للضغط بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، مما سيؤثر في الشركات المصنِّعة. وأظهر استطلاع أجرته «رويترز» لآراء خبراء اقتصاديين أن ترمب قد يفرض رسوماً جمركية بنسبة 40 في المائة على الواردات من الصين.

ووفق مينشنغ، فإنه إذا زادت الرسوم الجمركية تدريجياً إلى 40 في المائة وليست دفعة واحدة، فإن الشحنات السريعة قبل الرسوم الجمركية الجديدة قد تساعد على تعويض تأثير الرسوم الجمركية الأعلى لاحقاً، مما يؤدي إلى انخفاض الصادرات بنسبة 1.7 في المائة في عام 2025، فيما إذا فُرضت رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة فقط، فقد يأتي نمو صادرات الصين في عام 2025 بنسبة 0.2 في المائة.