في موازاة الهجوم الأوكراني المضاد الذي بدأ قبل أكثر من أسبوع، وتأكيدات سلطات كييف أن قواتها تحقق تقدماً في منطقة خيرسون المحتلة في جنوب البلاد، ازدادت التقارير التي تتحدث عن الصعوبات التي تواجه الجيش الروسي، في تأمين الذخائر وخطوط الإمداد، وسط حالة من الفوضى والارتباك، فضلاً عن النتائج التي سببتها العقوبات التي تعرضت لها موسكو وقيدت بشدة سلاسل التوريد، ما أجبرها على اللجوء إلى ما تصفه واشنطن بـ«الدول المنبوذة»، لتأمين إمداداتها العسكرية.
وكشفت الاستخبارات الأميركية أن روسيا تشتري ملايين القذائف المدفعية والصواريخ من كوريا الشمالية، بعد أيام من تلقيها شحنات من طائرات إيرانية مُسيَّرة، قال مسؤولون أميركيون إن بعضها يعاني من مشكلات ميكانيكية.
وكشف مسؤول عسكري أميركي أن المواجهة الجارية في منطقة خيرسون، بين الجيشين الروسي والأوكراني، ستكون مكلفة للطرفين، في حين نفت تقارير إعلامية أميركية ما عدته «حملة تضليل روسية» تتحدث عن خسائر أوكرانية «هائلة»، في محاولة للتأثير على معنويات الأوكرانيين الذين يواصلون هجومهم في المنطقة، وسط تكتم شديد على معظم تفاصيله.
وقال مسؤولون أميركيون إن قرار روسيا اللجوء إلى إيران، والآن إلى كوريا الشمالية، علامة على أن العقوبات والقيود المفروضة على الصادرات التي تفرضها الولايات المتحدة وأوروبا، تضر بقدرة موسكو على الحصول على إمدادات لجيشها.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً عن المخابرات الأميركية، أن موسكو ستشتري ذخيرة مدفعية من بيونغ يانغ، وذلك في أعقاب تقارير تفيد بأن الجيش الروسي بدأ في استخدام طائرات مُسيَّرة إيرانية الصنع. وقال مسؤولون أميركيون إن بوسعهم تأكيد دقة ما نقلته «نيويورك تايمز»، وإن المشتريات الروسية الإضافية من العتاد العسكري الكوري الشمالي متوقعة. وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته: «نتوقع أن تحاول روسيا شراء عتاد عسكري إضافي من كوريا الشمالية في المستقبل».
وفي معرض رده على سؤال عن تقرير الصحيفة، قال مسؤول عبر البريد الإلكتروني لـ«رويترز»: «وزارة الدفاع الروسية بصدد شراء ملايين القذائف الصاروخية والمدفعية من كوريا الشمالية، لاستخدامها في ساحة المعركة في أوكرانيا». وأضاف المسؤول أن المشتريات تشير إلى أن الجيش الروسي «لا يزال يعاني نقصاً حاداً في الإمدادات بأوكرانيا، لأسباب منها قيود الصادرات والعقوبات». وأفاد تقرير الصحيفة يوم الاثنين بأن المعلومات الاستخباراتية لم تقدم أي تفاصيل حول ما تم شراؤه، باستثناء القول إن الأشياء التي اشترتها روسيا من كوريا الشمالية تضمنت قذائف مدفعية وصواريخ.
وبينما لم تكشف تفاصيل إضافية عن الأسلحة التي ستشتريها من بيونغ يانغ، قال مسؤول أميركي إنه بخلاف الصواريخ قصيرة المدى وقذائف المدفعية، من المتوقع أن تحاول روسيا شراء معدات إضافية في المستقبل. وقبل بدء الحرب في أوكرانيا، بدأ البيت الأبيض في رفع السرية عن التقارير الاستخباراتية حول خطط موسكو العسكرية. وبينما تراجعت وتيرة الكشف عن تلك التقارير في الأشهر الأخيرة، عاودت واشنطن رفع السرية عن بعض التقارير الاستخبارية، لتسليط الضوء على الصعوبات التي يواجهها الجيش الروسي، بما في ذلك المعلومات الأخيرة حول شراء طائرات إيرانية من دون طيار ومشكلات الجيش الروسي في تجنيد الجنود.
ورغم محاولة الكرملين الحفاظ على صورة روسيا العسكرية، عبر تنظيم مناورات «فوستوك-2022» الضخمة في شرق البلاد، بمشاركة «الدول الصديقة»؛ فإن المسؤولين الأميركيين يقولون إنه فيما يتعلق بقدرة روسيا على إعادة بناء جيشها، كانت العقوبات الأميركية والأوروبية فعالة، في منعها من شراء الأسلحة والإلكترونيات اللازمة لصنع أسلحتها، على الرغم من أنها لم تشل روسيا اقتصادياً حتى الآن، أو تقوض سلطة الرئيس الروسي جراء العقوبات على الأوليغارشية المحيطة به. ومع تحرك معظم الدول بحذر في مواجهة الضغط الأميركي، وتحول روسيا إلى أكبر دولة تتعرض للعقوبات الأميركية والغربية، بعد إيران وكوريا الشمالية، ركزت روسيا على إبرام صفقاتها مع طهران وبيونغ يانغ، المعزولتين إلى حد كبير عن التجارة الدولية بسبب العقوبات الأميركية والدولية، ما يعني أنهما لن تخسرا كثيراً من إبرام الصفقات مع روسيا.
وفي الشهر الماضي، أبلغ مسؤول أميركي بأن الطائرات المُسيَّرة روسية الصنع واجهت «إخفاقات عديدة». وقال المسؤول إن روسيا خططت على الأرجح للحصول على مئات الطائرات المُسيَّرة الإيرانية من طراز «مهاجر-6» و«شاهد». وقال المسؤول إن الاتفاق الجديد مع كوريا الشمالية يظهر اليأس في موسكو.
وكان واضحاً منذ شهور، سواء من العمليات الروسية في أوكرانيا أو ما كشفت عنه الإدارة الأميركية، أن موسكو تواجه صعوبات مع أسلحتها عالية التقنية. وشهدت الأسلحة الموجهة بدقة، مثل صواريخ «كروز»، معدلات عالية من الفشل، سواء في إطلاق النار أو في إصابة الأهداف. كما تم استنفاد المخزونات الروسية من هذه الأسلحة الدقيقة، ما أجبر الجنرالات على الاعتماد بشكل أقل على الصواريخ، وبدلاً من ذلك، اعتمدوا سياسة الأرض المحروقة عبر القصف المدفعي الوحشي الذي دمر المدن والبلدات الأوكرانية في شرق البلاد.
ويرى خبراء أن الكشف عن أن روسيا تسعى للحصول على مزيد من ذخيرة المدفعية، يعد علامة على أن مشكلات الإمداد من المحتمل أن تكون أعمق من مجرد المكونات المتطورة للدبابات الحديثة أو الصواريخ الدقيقة؛ إذ إن سعيها للحصول على المزيد من قذائف المدفعية من كوريا الشمالية، يعد مؤشراً على مواجهتها نقصاً أو قد تشهده في المستقبل، وتكافح قاعدتها الصناعية لتلبية المطالب العسكرية للحرب. وهو ما قد يشير أيضاً إلى فشل هائل للمجمع الصناعي العسكري الروسي الذي من المحتمل أن تكون له جذور عميقة وتداعيات خطيرة للغاية على القوات المسلحة الروسية.
وصعَّدت أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة هجومها على مستودعات الذخيرة الروسية. واستخدمت القوات الأوكرانية نظام صواريخ «هيمارس» واستفادت من تقارير الاستخبارات الأميركية، لضرب الخطوط الأمامية الروسية، وتدمير مخابئ الذخيرة. ورغم عدم وضوح تأثير تلك الهجمات على مخزون الذخيرة الإجمالي، غير أن روسيا اضطرت إلى التراجع وتحريك نقاط تخزين الذخيرة، مما قلل من فعالية قوات المدفعية.
واشنطن تتهم موسكو باللجوء إلى «الدول المنبوذة» لتأمين إمداداتها العسكرية
«سي آي إيه»: بعد المُسيَّرات الإيرانية... روسيا تشتري من بيونغ يانغ ملايين القذائف والصواريخ
واشنطن تتهم موسكو باللجوء إلى «الدول المنبوذة» لتأمين إمداداتها العسكرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة