إيقاف ضخ الغاز الروسي لأوروبا «لأجل مفتوح»... وبدء السحب من المخزونات قبل الشتاء

«نورد ستريم1 المعطّل» محدد أساسي في معدلات النمو الاقتصادي للقارة العجوز

استمرار إغلاق خط أنابيب «نورد ستريم1» يضع أوروبا في ورطة اقتصادية (أ.ف.ب)
استمرار إغلاق خط أنابيب «نورد ستريم1» يضع أوروبا في ورطة اقتصادية (أ.ف.ب)
TT

إيقاف ضخ الغاز الروسي لأوروبا «لأجل مفتوح»... وبدء السحب من المخزونات قبل الشتاء

استمرار إغلاق خط أنابيب «نورد ستريم1» يضع أوروبا في ورطة اقتصادية (أ.ف.ب)
استمرار إغلاق خط أنابيب «نورد ستريم1» يضع أوروبا في ورطة اقتصادية (أ.ف.ب)

قررت روسيا استمرار إغلاق خط أنابيب نورد ستريم1، «لأجل مفتوح»، والذي كان مقررا إعادة فتحه أمس السبت، بعد صيانة غير مجدولة لمدة 3 أيام، وهو ما يجبر دول الاتحاد الأوروبي على بدء السحب من المخزونات، التي لم تمتلئ بنسب كفاية لتأمين احتياجات موسم الشتاء.
فبينما تعاني الدول الأوروبية من معدلات تضخم مرتفعة تقلل من فرص تحقيق مستهدفات نمو اقتصادي يضمن استمرار الرفاهية المالية للأسر والمستهلكين، تواجه القارة العجوز خطوات روسية متسارعة، من المتوقع أن تحدد المنحنى الذي على أساسه ستتجه دول الاتحاد اقتصاديا، إما هبوطا أو استقرارا لا أكثر.
ترتبط كل دولة أوروبية اقتصاديا بروسيا حسب درجة اعتمادها على الغاز الروسي، وهو ما يوضح أن الاقتصاد الألماني سيكون الأكثر تأثرا بكل إجراء روسي بشأن الغاز يتخذه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحكومته، ثم فرنسا الأقل تأثر وإيطاليا وإسبانيا. وتبرز هنا المجر التي تهادن موسكو في موقفها من الحرب على أوكرانيا، ما يشير إلى أنها ستكون مستقرة اقتصاديا خلال الفترة المقبلة، نظرا لضمان استمرار ضخ الغاز الروسي.
ولا بد هنا من ذكر اقتراب موسم الشتاء على القارة العجوز، الذي قد يأتي قارسا، وهو ما قد يتطلب توفير الغاز بنسب أعلى للتدفئة، بجانب استمرار المصانع والشركات، الأمر الذي يزيد الضغوط على المخزونات، التي لم تمتلئ بنسب كفاية لتأمين كل ذلك.

محبس الغاز الروسي

كانت الدول الأوروبية تنتظر استئناف الغاز الروسي عبر خط أنابيب نورد ستريم1، أمس السبت، بعد إغلاقه 3 أيام، غير أن إعلان غازبروم الروسية يوم الجمعة، أنّ خط أنابيب الغاز «نورد ستريم» الذي يربط روسيا بشمال ألمانيا، سيتوقّف «تماماً» حتى يتم إصلاح التوربين، من دون تحديد موعد نهائي.
ورفض المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكرملين)، ديمتري بيسكوف، استبعاد إمكانية أن تسبب أعمال الصيانة في خط غاز «نورد ستريم 1» مزيدا من الاضطراب في عمليات توريد الغاز الطبيعي لأوروبا. وقال بيسكوف إنه لا توجد احتياطيات تقنية، بحسب ما ذكرته وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية. وأضاف المتحدث: «هناك توربين واحد فقط يعمل»، مشددا على أن شركة «غازبروم» الروسية العملاقة ليست مسؤولة عن عدم ضمان الاعتماد على «نورد ستريم 1». وكان بيسكوف قال في وقت سابق: «ستتمكن غازبروم من الوفاء بالتزاماتها رغم العقبات القانونية والتقنية التي أثقلت بها أوروبا كاهل الشركة، جراء العقوبات التي تم فرضها على روسيا بسبب حرب أوكرانيا».
ربط البعض هذه الخطوة بإعلان مجموعة الدول السبع يوم الجمعة، الموافقة على تحديد سقف لسعر نفط روسيا، وهي من أكبر منتجي الخام في العالم.
واعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أنه «حان الوقت» لتحديد سقف لسعر الغاز المستورد عبر خط الأنابيب من روسيا، ممّا يدعم تطبيق إجراء دعا إليه رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي.
وتحديد سعر للنفط الروسي يستهدف في الأساس دولا غير أوروبية، لأن دول الاتحاد الأوروبي منها من خفضت من شراء النفط الروسي إلى صفر ومنها بدرجات كبيرة، وهذا يوضح أن خطوات التسعير تستهدف في الأساس المشترين من آسيا، خاصة الصين والهند، وهما أول وثالث أكبر مستهلك للخام في العالم، على التوالي، ما يوسع من مستويات الصراع الاقتصادي.

استعدادات أوروبا

أكد المفوض الأوروبي لشؤون الاقتصاد باولو جنتيلوني، أمس السبت، أن الاتحاد الأوروبي «على استعداد جيد» في حال الوقف الكامل لإمدادات الغاز الروسي، بفضل التخزين وإجراءات اقتصاد الطاقة.
وقال للصحافيين على هامش المنتدى الاقتصادي الذي نظمه «البيت الأوروبي - أمبروسيتي» في تشرنوبيو على بحيرة كومو، «نحن على استعداد جيّد لمقاومة استخدام روسيا المفرط لسلاح الغاز».
وأضاف: «لسنا خائفين من قرارات (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، نطالب الروس باحترام العقود، ولكن إذا لم يفعلوا ذلك فنحن مستعدّون للرد». وأشار جنتيلوني إلى أنّ «تخزين الغاز (في الاتحاد الأوروبي) بلغ حالياً حوالى 80 في المائة، بفضل تنويع مصادر الإمدادات» حتى وإن اختلف الوضع بين دولة وأخرى.
وقال المفوّض الأوروبي إن بروكسل «فعلت الكثير في الأشهر الأخيرة»، ولكن «اليوم يمكن القيام بالمزيد».
من جانبه، قال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، وفق وكالة فرانس برس: «نؤيّد مبدأ تحديد سقف لسعر الغاز»، مشيداً بتصريح فون دير لايين في هذا الصدد. لكنه أكد، على هامش منتدى اقتصادي، أنه «كي يكون تحديد سقف لسعر الغاز فعّالاً، يجب أن تكون هناك مشتريات مشتركة».
واعتبر الوزير أيضاً أن مشروعاً مكلفاً بالنسبة لفرنسا هو «الفصل بين أسعار الغاز وهو طاقة أحفورية، وأسعار الكهرباء وهي طاقة خالية من الكربون»، ويجب ألا «ينتظر إصلاح سوق الطاقة، لأن ذلك سيستغرق أشهراً».
وأشار إلى أن باريس تتمنى أن يحصل «الفصل في الأسابيع أو الأشهر المقبلة (...) يجب التحرك الآن، يجب الفصل نهائياً الآن بين أسعار الغاز وأسعار الكهرباء».
ولدى سؤاله عن احتمال القطع الكامل للغاز الروسي، أكد لومير أن «فرنسا مستعدة جيّداً» معتبراً أن «الغاز يُستخدم كسلاح» من جانب روسيا، و«قد توقعنا ذلك، لن يشكل مفاجأة».
وأوضح أن نسبة «تخزين الغاز تتجاوز اليوم 90 في المائة (في فرنسا). سنحافظ على هدفنا ملء المخزونات بنسبة 100 في المائة وقد سرّعنا (عملية) تنويع الإمدادات».

ألمانيا تشكك في التبرير الروسي

وأمام التطورات في سوق الغاز، شككت الوكالة الاتحادية للشبكات في ألمانيا في التبرير الروسي لعدم استئناف توريدات الغاز عبر خط نورد ستريم1. وكتبت الوكالة في تقريرها المنشور أمس السبت عن وضع إمدادات الغاز أن «العيوب المزعومة من الجانب الروسي ليست سببا تقنيا لوقف التشغيل».
كانت غازبروم أعلنت، مساء أمس الجمعة، على نحو مفاجئ استمرار وقف تدفق الغاز عبر خط نورد ستريم 1 حتى إشعار آخر، وذكرت غازبروم أن سبب التوقف هو تسرب زيت في محطة ضاغط بورتوفايا وقالت إنه لا يمكن تدفق أي غاز حتى وقف هذا التسريب.
وكانت شركة سيمنس انرجي الألمانية، منتجة التوربينات المعنية بهذا العطل، شككت أيضا في الرواية الروسية. وقالت الشركة في بيان إن اكتشافا من هذا النوع لا يعد سببا تقنيا لإيقاف التشغيل، وقالت إن مثل هذه التسريبات لا تؤثر في العادة على عمل التوربين ويمكن سد التسريب في التوربين وهو في مكانه، مشيرة إلى أن هذه عملية روتينية تتم في إطار أعمال الصيانة. وأضافت أن حدوث مثل هذا النوع من التسريبات لم يكن يؤدي إلى وقف التشغيل في الماضي. ورأت الوكالة أن وضع إمدادات الغاز متوتر بوجه عام، وقالت إن استمرار تردي الموقف ليس مستبعدا «غير أن إمدادات الغاز في ألمانيا مستقرة في اللحظة الراهنة، ولا يزال أمن الإمدادات في ألمانيا مضمونا في الوقت الحالي».

أوكرانيا لعرض تصدير الكهرباء لألمانيا

تعتزم أوكرانيا دعم ألمانيا في محاولتها لإنهاء اعتمادها على واردات الطاقة الروسية، من خلال تزويد أكبر اقتصاد في أوروبا بفائض الكهرباء لديها.
وقال رئيس وزراء أوكرانيا دينيس شميهال، وفق وكالة الأنباء الألمانية، «حاليا، تصدر أوكرانيا الكهرباء إلى مولدوفا ورومانيا وسلوفاكيا وبولندا. لكننا على استعداد تام لتوسيع صادراتنا لتشمل ألمانيا». وقال شميهال: «لدينا كمية كافية من الكهرباء في أوكرانيا، بفضل محطات الطاقة النووية»، مضيفا أنه سيثير القضية خلال زيارته للعاصمة الألمانية برلين.
يأتي هذا في الوقت الذي حذرت فيه شركات إنتاج الكهرباء في منطقة نهر الراين في ألمانيا من احتمالات تراجع إنتاج محطاتها الحرارية بسبب نقص إمدادات الفحم الذي تستخدمه على خلفية انخفاض منسوب المياه في النهر ما يقلص الكميات التي يتم نقلها بالمراكب النهرية إلى المحطات.
وتخوض ألمانيا معركة ضد انخفاض منسوب المياه في النهر والمنافسة على الملاحة النهرية في مجاريها المائية المختلفة في ظل موجة جفاف تتعرض لها البلاد وتهدد قدرة محطات الكهرباء على تكوين مخزونات كافية من الفحم قبل حلول فصل الشتاء.
ويأتي تراجع كميات الفحم التي تصل إلى المحطات في الوقت الذي أعادت فيه الحكومة الألمانية تشغيل محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم لمواجهة النقص في إمدادات الغاز الطبيعي القادمة من روسيا والتي تعتبر المصدر الرئيسي للغاز بالنسبة لألمانيا.
وأصدرت محطات الكهرباء التي تشغلها شركتا إن بي.دبليو وتريانيل تحذيرات بالقول إنها تواجه مشكلات في الإمدادات حيث تواجه محطة لونين التابعة لشركة تريانيل احتمال خفض الإنتاج مطلع الأسبوع المقبل. كما أعلنت محطة هايلبرون التابعة لشركة إن بي.دبليو على نهر نيكار تضررها من نقص إمدادات الفحم لكنها لم تحدد طبيعة التأثير، حسبما أفادت وكالة بلومبرغ للأنباء.
وارتفعت أسعار العقود الآجلة للفحم في أوروبا خلال تعاملات اليوم الجمعة بنسبة 2.2 في المائة إلى 320 دولارا للطن وهو سعر قياسي للفحم، ويعادل ثلاثة أمثال السعر في بداية العام الحالي.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.