«أمن مخيم الهول» وإدارته يدرسان تقسيم قطاعاته المكتظة إلى جزر معزولة

الحملة الأمنية تسفر عن القبض على 100 مشتبه به وإزالة 96 خيمة

قوة من «أمن مخيم الهول» داخل المخيم (رويترز)
قوة من «أمن مخيم الهول» داخل المخيم (رويترز)
TT
20

«أمن مخيم الهول» وإدارته يدرسان تقسيم قطاعاته المكتظة إلى جزر معزولة

قوة من «أمن مخيم الهول» داخل المخيم (رويترز)
قوة من «أمن مخيم الهول» داخل المخيم (رويترز)

تدرس إدارة مخيم الهول وقوى الأمن الداخلي التابعة لـ«الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» عزل قطاعات مخيم الهول وفصلها عن بعضها البعض. ومع دخول الحملة الأمنية يومها السابع، كشفت قوات الأمن حصيلة عملياتها الأمنية بإلقاء القبض على 100 مطلوب بتعاونهم مع خلايا موالية لتنظيم «داعش» وأزالت عشرات الخيم المشبوهة، في وقت وصل وفد من قيادة التحالف الدولي والخارجية الأميركية لمخيم الهول للاطلاع على نتائج الحملة الأمنية الواسعة من نوعها.
وقال مصدر أمني بارز من إدارة المخيم إنه جرى بحث آليات وطرق عزل قطاعات المخيم، وعددها 9 أقسام، بهدف فصلها وعزلها عن بعضها، على غرار القسم الخاص بالعائلات المهاجرة الذي يتعرض لرقابة صارمة وهو مفصول بشبكات أسلاك وكاميرات مراقبة.
وأكد المصدر أن المساحة الجغرافية الكبيرة للمخيم ووعورة الأراضي الصحراوية والكثافة السكانية تحول دون تنفيذ هذه المهمة بوقت سريع، غير أن تصاعد وتيرة جرائم القتل وعمليات الاغتيال وحالات الاعتداء دفعت قوى الأمن إطلاق الحملة. وأضاف: «وصلتنا معلومات استخباراتية تفيد بمساعي ونوايا خلايا داعش بالسيطرة على كامل المخيم، لذلك بدأت إدارة المخيم وقوات الأمن بحث سبل كيفية عزل المخيم جغرافياً وفصله عن بعض».
وكشف المصدر أن الهجوم الدامي لخلايا «داعش» على سجن الثانوية الصناعية في حي الغويران جنوب مدينة الحسكة بداية العام الجاري، تم تنفيذ جزء من مخططه من داخل المخيم وشاركت عناصر من الخلايا النائمة فيه. «كان هناك تنسيق بين الخلايا النائمة بالهول وخارجه مع متزعمي الخلايا بالسجن والمناطق الخاضعة للاحتلال التركي شمالي البلاد، يديرونها ويقدمون لها الدعم الاستخباراتي والأمني والمادي».
ولليوم السابع على التوالي، تستمر العملية الأمنية بمشاركة ألفي عنصر من قوى الأمن الداخلي وقوات التدخل السريع ووحدات خاصة من قوات «قسد» بدعم وتنسيق من قوات التحالف الدولي المناهض للتنظيم وبتغطية جوية من طيران التحالف. وتعرض القطاع السابع الخاص بالنازحين السوريين أمس الأربعاء للمداهمة عند الخامسة فجراً، بعد فرض حظر للتجول ومنع الخروج والدخول «عبر مكبرات الصوت»، على أن تشمل الحملة القطاعين الثامن والتاسع.
بدوره، أكد عضو القيادة العامة لقوات الأمن الداخلي بالإدارة الذاتية العميد علي الحسن، أنهم أحبطوا محاولات أمنية عدة للسيطرة على مخيم الهول من الخارج. وقال في حديث إلى «الشرق الأوسط» من مخيم الهول: «بقيت الخلايا تزداد شراسة بتنفيذ العمليات ضد المدنيين وسقط هذا العام 44 ضحية بينهم 14 امرأة وطفلان». وتابع المسؤول الأمني البارز بأن هذه الخلايا استخدمت طرقاً وأدوات للتعذيب والقتل مارسها التنظيم خلال سنوات حكمه على مناطق واسعة في سوريا والعراق قبل دحره والقضاء عليه في مارس (آذار) 2019.
وقال الحسن: «استخدموا طرقاً وحشية في القتل ومارسوا الإرهاب عبر الإعدامات الميدانية ومسدسات مزودة بكاتم للصوت والبنادق الحربية. كانت الضحايا تعذب ثم ترمى جثثها في أقنية الصرف الصحي». وعملت هذه الخلايا المتعاونة مع التنظيم من داخل المخيم مع شبكات وجماعات موالية لـ«داعش» لنشر الفكر المتطرف بين الأطفال والفتيان وتدريبهم على نشر الدعاية التحريضية.
«هددوا وقتلوا عاملين في منظمات إنسانية واستهدفوا أفراد قوى الأمن الداخلي الأمر الذي تطلب إطلاق الحملة الأمنية الواسعة بمرحلتها الثانية»، قال الحسن مشيراً إلى أن حصيلة جرائم القتل مقارنة بالعام الفائت أظهرت أن هناك زيادة ملحوظة في وتيرة العمليات داخل مخيم الهول.
ويعد هذا المخيم الذي يقع على بُعد نحو 45 كيلومتراً شرق مدينة الحسكة من بين أكبر المخيمات على الإطلاق في سوريا ويضم 56 ألفاً معظمهم من النساء والأطفال، غالبيتهم من اللاجئين العراقيين. كما يؤوي قسماً خاصاً بالعائلات المهاجرة من عائلات عناصر التنظيم، وهم 10 آلاف شخص يتحدرون من 54 جنسية غربية وعربية.
وبحسب حصيلة قوات الأمن الداخلي المنشورة على موقعها الرسمي، وصل عدد الأشخاص الذين قبض عليهم حتى تاريخه خلال أول الأيام الستة الأولى من العملية الأمنية 98 مشتبهاً، فيما أزيلت 96 خيمة كانت تستخدمها خلايا التنظيم للدورات الشرعية وتحركاتها الإرهابية ولإصدار أحكام القتل والاغتيال.
إلى ذلك، بحث نائب القيادة العامة لقوات المهام المشتركة في عملية العزم الصلب التابعة للتحالف الدولي كارل هاريسن وممثل الخارجية الأميركية بشمال شرقي سوريا نيكولاس غراينجر، مع القيادة العامة لـقوات «قسد» وإدارة مخيم الهول، نتائج الحملة الأمنية التي أطلقتها القوات بالمخيم في 26 من شهر أغسطس (آب). وشدد الوفد على تقديم الدعم المستمر للقوات في محاربة الإرهاب ومساندتها ودعم جهود قوى الأمن بالقضاء على خلايا «داعش» وتعقبها في المخيم.
ونقل عضو القيادة العامة في «قسد» محمود برخدان خلال الاجتماع مع وفد التحالف، بواعث المخاوف الأمنية من زيادة أنشطة الخلايا الموالية للتنظيم وارتفاع حصيلة ضحاياها، وقال: «لذلك كانت الحاجة الملحّة لهذه العملية بهذا التوقيت مع ازدياد تحركات خلايا (داعش) لتنفيذ عمليات داخل وخارج المخيم، وارتكاب المجازر بحق القاطنين فيه».
وطالبت مديرة المخيم في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» جيهان حنان دول التحالف الدولي والحكومات المعنية بمعالجة سريعة لملف مخيم الهول عبر استعادة رعاياها، وقالت: «على جميع الدول والحكومات تحمل مسؤولية جراء تدهور الأوضاع الأمنية الأخيرة التي وصل إليها المخيم، فالتغاضي الدولي عن شبكات التواصل والتمويل، إضافة لعدم استعادة رعاياها، عناصر لعبت أدواراً كبيرة في الانفلات الأمني».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

حملة ترمب على الحوثيين تنهي أسبوعها الخامس بأقسى الضربات

تدمير ميناء رأس عيسى في اليمن من قبل واشنطن يفقد الحوثيين عصبهم الاقتصادي (إ.ب.أ)
تدمير ميناء رأس عيسى في اليمن من قبل واشنطن يفقد الحوثيين عصبهم الاقتصادي (إ.ب.أ)
TT
20

حملة ترمب على الحوثيين تنهي أسبوعها الخامس بأقسى الضربات

تدمير ميناء رأس عيسى في اليمن من قبل واشنطن يفقد الحوثيين عصبهم الاقتصادي (إ.ب.أ)
تدمير ميناء رأس عيسى في اليمن من قبل واشنطن يفقد الحوثيين عصبهم الاقتصادي (إ.ب.أ)

أنهى الجيش الأميركي الأسبوع الخامس من حملته ضد الحوثيين بتدمير ميناء رأس عيسى النفطي، شمال الحديدة على البحر الأحمر، مشدداً على أنه لا شحنات وقود إلى مناطق سيطرة «الإرهابيين»، بينما تحدَّثت الجماعة عن مقتل 58 وإصابة 126 شخصاً في الضربات على الميناء، وهي أعلى حصيلة للضحايا في يوم واحد منذ بدء الحملة.

وفي حين تواصلت الضربات الليلية على مواقع أخرى في محافظة البيضاء وضاحية صنعاء الشمالية، يُتوقع أن تتخذ الحملة الأميركية منحى تصاعدياً بالتوازي مع تجفيف موارد الحوثيين المالية من بيع الوقود، وفتح المجال أمام المواني الخاضعة للحكومة الشرعية لتولي مهمة توزيع الوقود للسكان في مناطق سيطرة الجماعة.

وفي مقابل ذلك، ظهر زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه ليستعرض، بشكل اتسم بالمبالغة، العمليات التي نفَّذتها جماعته ضد القوات الأميركية وباتجاه إسرائيل، في مسعى لطمأنة أتباعه رغم اعترافه بتلقي نحو 900 ضربة جوية وبحرية.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أمر ببدء الحملة ضد الحوثيين في 15 مارس (آذار) الماضي؛ لإرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتوعدهم بـ«القوة المميتة» و«القضاء عليهم تماماً».

الحوثيون يتكتمون على خسائرهم العسكرية على مستوى العتاد والعناصر (رويترز)
الحوثيون يتكتمون على خسائرهم العسكرية على مستوى العتاد والعناصر (رويترز)

ولوحظ خلال الأسابيع الخمسة منذ بدء الحملة أن المئات من الضربات الجوية الأميركية استهدفت مناطق التماس الحوثية مع القوات التابعة للحكومة اليمنية الشرعية، لا سيما في مأرب والجوف وجنوب الحديدة، ما فتح الباب أمام التكهنات بوجود توجه أميركي يمهِّد للقوات اليمنية الشرعية للبدء بعملية برية لإنهاء نفوذ الجماعة.

وبحسب ما أفاد به إعلام الجماعة الحوثية، استهدفت الضربات الأميركية ليل الخميس - الجمعة - ميناء رأس عيسى النفطي في مديرية الصليف شمال الحديدة، وهو ميناء يحتوي على خزانات ضخمة، وبات الوحيد الذي يستقبل شحنات الوقود منذ تدمير إسرائيل خزانات ميناء الحديدة في يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين.

وذكر إعلام الجماعة أن الضربات أدت إلى مقتل 58 شخصاً وإصابة 126 في حصيلة أولية. وقال إنهم من العاملين في الميناء، وإن من بينهم مسعفين قُتلوا عندما تجدَّدت الضربات على المواقع التي كانوا يحاولون نقل الضحايا منها.

ومع عدم التحقق من أرقام الضحايا من جهات مستقلة، بلغ عدد القتلى الذين اعترفت بهم الجماعة منذ بدء الضربات التي أمر بها ترمب نحو 170 شخصاً، إضافة إلى أكثر من 300 مصاب، مع تكتمها على خسائرها العسكرية على مستوى العتاد والعناصر.

غارات مستمرة

وبينما أثارت الضربات استياءً في الشارع اليمني لجهة عدم تحذير الجيش الأميركي العاملين المدنيين في الميناء قبل استهدافه، تحدَّث إعلام الجماعة الحوثية عن تلقي 3 غارات استهدفت المجمع الحكومي في مديرية مكيراس في محافظة البيضاء (جنوب شرقي صنعاء) وعن غارتين ضربتا منطقة الصمع في مديرية حرب في الضاحية الشمالية لصنعاء.

ويُعتقد أن الغارات استهدفت قدرات للحوثيين في مديرية مكيراس المتاخمة للمناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية من جهة محافظة أبين، في حين استهدفت مخابئ أسلحة في منطقة الصمع، حيث يوجد معسكر سابق سيطرت عليه الجماعة بعد انقلابها في نهاية 2014.

ومن المتوقع أن تؤدي الضربات الأميركية على ميناء رأس عيسى مع منع شحنات الوقود من الوصول إلى مواني سيطرة الجماعة إلى إحداث أزمة، رغم مسارعة الجماعة إلى طمأنة السكان بأن لديها مخزوناً كافياً.

وبحسب بيانات يمنية، يمتلك ميناء رأس عيسى ممرَّين ملاحيَّين لدخول السفن، ويستوعب أكثر من 50 ناقلة، ويضم 34 خزاناً، ما يجعله من أكبر المواني اليمنية القادرة على تلقي شحنات الوقود. وسبق أن استهدفته إسرائيل في سبتمبر الماضي، لكن لم تؤدِّ الغارات إلى تدمير الخزانات كافة.

لا نفط لـ«الإرهابيين»

أعلن الجيش الأميركي، في أول بيان تفصيلي من نوعه عن طبيعة الأهداف التي يضربها في مناطق سيطرة الحوثيين، تدمير ميناء الوقود في رأس عيسى، مبرراً ذلك بتجفيف الموارد المالية للجماعة المدعومة من إيران.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية فرضت على الحوثيين بعد سريان تصنيفهم «جماعةً إرهابيةً أجنبيةً» سلسلة عقوبات، من بينها منع وصول الوقود إلى مواني سيطرتهم بعد الرابع من أبريل (نيسان) الحالي.

وقال البيان الصادر عن القيادة المركزية الأميركية إن الحوثيين استمروا في الاستفادة اقتصادياً وعسكرياً من الدول والشركات التي تُقدِّم دعماً مادياً لمنظمة إرهابية أجنبية.

وأضاف أن الجماعة المدعومة من إيران تستخدم الوقود لدعم عملياتها العسكرية، بوصفه سلاح سيطرة، وللاستفادة اقتصادياً من اختلاس أرباح الاستيراد. وشدَّد البيان على أنه «يجب أن يُزوّد هذا الوقود للشعب اليمني بشكل قانوني».

وعلى الرغم من تصنيف الحوثيين «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً»، أوضح البيان أن السفن استمرَّت في توريد الوقود عبر ميناء رأس عيسى. وقال إن أرباح هذه المبيعات غير القانونية تذهب بشكل غير مباشر لجهود الحوثيين الإرهابية.

وتابع البيان بالقول: «اليوم، اتخذت القوات الأميركية إجراءات للقضاء على هذا المصدر للوقود للإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران، وحرمانهم من الإيرادات غير المشروعة التي موَّلت جهودهم لإرهاب المنطقة بأسرها لأكثر من 10 سنوات».

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

وأشار إلى أن الهدف من هذه الضربات هو إضعاف مصدر القوة الاقتصادية للحوثيين، الذين يواصلون استغلال مواطنيهم وإلحاق الأذى بهم، وأنه «لم يكن الهدف من هذه الضربة إيذاء الشعب اليمني، الذي يسعى، بحق، إلى التخلص من نير العبودية الحوثية والعيش بسلام».

وشدَّدت القيادة المركزية الأميركية على أنه «يجب على الحوثيين وأسيادهم الإيرانيين، وأولئك الذين يساعدونهم ويدعمونهم عن علم بأعمالهم الإرهابية، أن يعلموا أن العالم لن يقبل تهريب الوقود والمواد الحربية بشكل غير مشروع إلى منظمة إرهابية»، بحسب ما جاء في البيان.

وبحسب تقديرات يمنية، يجني الحوثيون ملايين الدولارات يومياً من خلال بيع وتسويق الوقود في مناطق سيطرتهم، فضلاً عن الشحنات المجانية التي تصلهم، كما تقول الحكومة اليمنية، من إيران.

تهوين حوثي

حرص زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، في أحدث خطبه المتلفزة، مساء الخميس، على تعظيم هجمات الجماعة على القوات الأميركية وباتجاه إسرائيل، مع التهوين من تضرر قدرات جماعته العسكرية، في مسعى لرفع معنويات أتباعه، على الرغم من اعترافه بتلقي 900 غارة جوية وضربة بحرية.

وقال الحوثي إن القوات الأميركية نفَّذت خلال هذا الأسبوع فقط 220 غارة ضد مواقع الجماعة. ووصف الضربات بـ«الفاشلة» لجهة استهدافها الأعيان المدنية - وفق زعمه - ولجهة عدم تمكنها من وقف الهجمات على إسرائيل، أو إتاحة ملاحة سفنها في البحر الأحمر.

زعيم الحوثيين ادعى عدم تأثر قدرات جماعته بالضربات الأميركية على الرغم من كثافتها (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ادعى عدم تأثر قدرات جماعته بالضربات الأميركية على الرغم من كثافتها (إ.ب.أ)

وتبنى الحوثي منذ بدء الحملة الأميركية إطلاق 171 صاروخاً مجنحاً وباليستياً وفرط صوتي وطائرة مسيَّرة ضد القوات الأميركية وباتجاه إسرائيل، زاعماً مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية والسفن المصاحبة لها بـ122 صاروخاً ومسيَّرة، كما زعم تحييدها بشكل شبه كامل، وتباهى بإسقاط 19 مسيَّرة أميركية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وضمن عملية تهويل القدرات، ادعى الحوثي مهاجمة طائرات التنصت والإمداد الحربي الأميركية 4 مرات في البحر الأحمر، وتنفيذ 11 عملية اعتراض للطيران الحربي.

وبخصوص الهجمات تجاه إسرائيل، حاول الحوثي تضخيم العمليات، زاعماً تنفيذ 30 هجوماً بالصواريخ والطائرات المسيَّرة، وهو أمر تدحضه بيانات الجماعة العسكرية خلال الفترة الماضية، إذ لم تتم مهاجمة إسرائيل سوى نحو 15 مرة، من بينها إطلاق 13 صاروخاً جميعها تم اعتراضها دون أضرار.

وكانت أحدث هذه الهجمات، الجمعة، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخ أطلقه الحوثيون، دون أن حدوث أي أضرار، وفق ما أورده الإعلام الإسرائيلي.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
صاروخ وهمي من صنع الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

وبالتوازي مع مزاعم الحوثي أن قوات جماعته لم تتأثر جراء الضربات، كانت وزارة الخارجية الأميركية قد اتهمت شركة «تشانغ قوانغ» الصينية لتكنولوجيا الأقمار الاصطناعية بدعم هجمات الحوثيين المدعومين من إيران على المصالح الأميركية بشكل مباشر.

ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن شركة الأقمار الاصطناعية المرتبطة بالجيش الصيني تُزوِّد الحوثيين بصور لاستهداف السفن الحربية الأميركية والسفن الدولية في البحر الأحمر.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، تامي بروس، في إفادة صحافية دورية: «بإمكاننا تأكيد التقارير التي تفيد بأن شركة تشانغ قوانغ لتكنولوجيا الأقمار الاصطناعية المحدودة تدعم بشكل مباشر الهجمات الإرهابية للحوثيين المدعومين من إيران على المصالح الأميركية».