مصر: منهج «رابعة ابتدائي» أولوية على جدول أعمال شاق لوزير التعليم

برلمانيون يشيدون بقرار تعديله... وأولياء أمور يشعرون بالارتياح

وزير التربية والتعليم المصري الدكتور رضا حجازي
وزير التربية والتعليم المصري الدكتور رضا حجازي
TT

مصر: منهج «رابعة ابتدائي» أولوية على جدول أعمال شاق لوزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري الدكتور رضا حجازي
وزير التربية والتعليم المصري الدكتور رضا حجازي

«أشعر بارتياح كبير وانتصار، وكأنّ كابوساً وحجراً ثقيلاً قد أزيح عن صدري»... كلمات قالتها المصرية الثلاثينية «منى» تلخص بها حالة يمر بها أولياء أمور الطلاب الذين يستعدون لدخول السنة الرابعة الابتدائية، بعد قرار وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بإجراء تعديلات في مناهجها.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، أخيراً، إجراء بعض التعديلات على مناهج الصف الرابع الابتدائي للعام الدراسي الجديد 2022 -2023، «حتى تتناسب مع الخطة الزمنية وبما لا يخل بتحقيق نواتج التعلم، وذلك بالتركيز على المفاهيم الكبرى والأنشطة التعليمية»، مؤكدة الإعلان عن تفاصيل ذلك قبل بدء العام الدراسي الجديد.
ويواجه الوزير الجديد قائمة طويلة من المهام الشاقة؛ من بينها «كثافة الفصول المدرسية، وأزمة الدروس الخصوصية، وعجز المدرسين، وغياب طلاب الثانوية العامة عن المدارس، وعدم اعتماد الطلاب على شرح المدرسين في الفصول لصالح الدروس الخصوصية، بالإضافة إلى استمرار الغش وتسريب الامتحانات».
وأثارت مناهج «رابعة ابتدائي» جدلاً كبيراً في مصر، لم يتوقف منذ بدء تطبيقها العام الماضي، إذ أبدى كثير من أولياء الأمور انزعاجهم من كثافة المعلومات المقدمة وصعوبة فهم المنهج من جانب أبنائهم، ما مثّل لهم مشكلة مؤرقة.
وتعرض وزير التعليم المصري السابق الدكتور طارق شوقي إلى مساءلة في البرلمان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بسبب تلك المناهج، كما نال كمّاً وافراً من الانتقادات على وسائل التواصل بسبب هذه المناهج حتى ترك منصبه قبل أيام قليلة.
ومع أولى خطوات الوزير الجديد الدكتور رضا حجازي، في الوزارة، ومع قائمة المهام التي تنتظره، قرر إجراء بعض التعديلات على مناهج الصف الرابع الابتدائي للعام الدراسي الجديد 2022-2023، حتى تتناسب مع الخطة الزمنية وبما لا يخل بتحقيق نواتج التعلم؛ حيث سيتم ذلك بالتركيز على المفاهيم الكبرى والأنشطة التعليمية.
وهو القرار الذي جاء «في ضوء ما نتج عن تقويم تنفيذ منهج الصف الرابع للعام الدراسي الماضي، وفي ظل الحوارات المجتمعية التي دارت حول ذلك والاستماع لآراء المعلمين ولجنة التعليم بمجلسي النواب والشيوخ وأساتذة المناهج بكليات التربية»، بحسب بيان للوزارة.
تعود الأم منى للحديث مع «الشرق الأوسط»، قائلة: «ابنتي (مريم) تستعد لدخول رابعة ابتدائي، ومع كل ما سمعناه من صعوبة المنهج، ومع ما لمسته من معاناة شقيقي مع ابنته العام الماضي في هذه السنة، بسبب عدم قدرتها على استيعاب الدروس المقررة المطوّرة، حمدتُ الله على قرار الوزير تعديل المناهج، وأتمنى منه تخفيض المناهج، لأن الكمّ كبير على طفلة لا تزال في العاشرة».
ويبدأ العام الدراسي الجديد في مصر في 1 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ويستمر 35 أسبوعاً لينتهي في يونيو (حزيران) المقبل، وذلك وفقاً للخريطة الزمنية المعدلة، التي أعلنتها الوزارة اليوم.
ومع الاستعداد للدراسة، يقول ولي الأمر كامل الطبلاوي: «ابنتي (جنى) تستعد لدخول الصف الخامس الابتدائي، وقد عانيت العام الماضي طويلاً معها، بل إنني أنا من كان يدرس ويمتحن بسبب ملازمتي لها طوال العام، لذا أرى أن منهج رابعة وكذلك منهج خامسة ابتدائي أيضاً في حاجة لأن يكونا أولوية وزير التعليم الجديد، بجانب مهام أخرى شاقة في انتظاره، حتى لا يعاني غيرنا الأمرين».
من جانبه، يُبدي الدكتور محمد عبد العزيز، أستاذ العلوم والتربية بجامعة عين شمس المصرية، تأييده لخطوة تعديل المناهج، ولكنه ينتقد، وفق وصفه، «الكلمات المطاطية التي أكدتها الوزارة بأن التعديل ينصب على المفاهيم الكبرى والأنشطة التعليمية»، قائلاً لــ«الشرق الأوسط»: «هي كلمات لا يمكن الحكم عليها إلا مع معرفة نوعية المفاهيم التي تتحدث عنها الوزارة، فنحن نحتاج إلى مراجعة تفاصيل المنهج، ومن ثم محاولة إعادة صياغتها قدر الإمكان لكي تتفق مع سن التلميذ، لأن مشكلة مناهج السنة الرابعة أنها تعلو على المستوى التعليمي للتلاميذ».
وحول وجهة نظره في التعديلات المطلوبة، يوضح أستاذ العلوم والتربية: «منهج رابعة ابتدائي، به مشكلتان؛ الأولى تتمثل في الصياغة العلمية، فهي تحتاج لأن تراجع مرة أخرى لأن المناهج لم تراعِ سنّ الطلاب الصغيرة، والأخرى أن المفاهيم العلمية تفوق سن التلميذ، ما أدى إلى مشكلات كبيرة؛ حيث بعدت المناهج تماماً عن المعايير الدولية الخاصة بالمرحلة العمرية، ووضعت وفق معايير دولية أميركية، لم تراعِ اختلاف ظروف البيئة التعليمية، وقدرات التلميذ والمعلم، لذا فليس الحذف من المناهج هو الحل، بل يجب وجود عملية تعديل فني، بالدخول إلى الصياغة العلمية ذاتها».
إلى ذلك، دخل البرلمان المصري على خط «رابعة ابتدائي» مجدداً، وأشاد عدد من أعضاء مجلس النواب بقرار الوزير بشأن إجراء تعديلات في المنهج، خصوصاً بعد اعتراضات النواب عليه خلال الفترة الماضية.
وقالت النائبة صبورة السيد، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، في بيان، اليوم، إن تعديل المنهج يعد «خطوة مهمة تتوافق مع توصيات البرلمان، وتأتي في إطار إصلاح المنظومة التعليمية والنهوض بها».
فيما قالت النائبة إيفلين متى، وهي صاحبة سؤال «البطريق ليه كام ضافر؟»، الذي وجهته للدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم السابق، حين مساءلته برلمانياً: «منهج رابعة ابتدائي الحالي لا يتوافق مع الإمكانات المتاحة، ويجب أن يراعي المنهج الجديد إمكانات الدولة الحالية».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

قال محامون في الجزائر إن المحكمة العليا قبلت طعناً بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً، بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل، بناءً على توجيهات من تنظيم إرهابي»، يُسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وأكد المحامي والحقوقي الشهير، مصطفى بوشاشي، الذي ترافع لصالح بعض المتهمين، لصحافيين، أن أعلى غرفة الجنايات بأعلى هيئة في القضاء المدني نقضت، مساء أمس الخميس، الأحكام التي صدرت فيما بات يعرف بـ«قضية الأربعاء ناث إراثن»، وهي قرية ناطقة بالأمازيغية (110 كيلومترات شرق)، شهدت في صيف 2021 حرائق مستعرة مدمرة، خلفت قتلى وجرحى، وإتلافاً للمحاصيل الزراعية ومساحات غابات كبيرة، وعقارات ومبانٍ على غرار قرى أخرى مجاورة.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

غير أن الحرائق ليست أخطر ما حدث يومها في نظر القضاء، فعندما كان سكان القرية يواجهون النيران بوسائلهم الخاصة البسيطة، تناهى إليهم أن شخصاً بصدد إضرام النار في بلدتهم عمداً، وفعلاً ألقت الشرطة بهذه الشبهة على ثلاثيني من منطقة بوسط البلاد، يُدعى جمال بن سماعين، فتوجهوا وهم في قمة الغضب إلى مقر الأمن، وكان الشاب في تلك الأثناء داخل سيارة الشرطة فأخرجوه منها، غير عابئين بالعيارات النارية، التي أطلقها رجال شرطة لثنيهم عن قتله، وأخذوه إلى الساحة العامة، فنكّلوا به وأحرقوا جثته، بينما كان يتوسل إليهم أن يخلوا سبيله، وبأنه حضر إلى القرية للمساعدة وليس لإشعال النار.

وجرى تصوير مشاهد التنكيل المروعة بكاميرات الهواتف النقالة، واعتقل الأمن لاحقاً كل الذين ظهروا في الصور.

جمال بن سماعين قُتل على أيدي سكان قرية التهمتها النيران (متداولة)

على أثر ذلك، طالبت قطاعات واسعة في المجتمع بـ«القصاص»، ورفع التجميد عن عقوبة الإعدام، التي تصدرها المحاكم دون أن تنفذ، وذلك منذ تطبيقه بحق 3 إسلاميين عام 1993، بتهمة تفجير مطار العاصمة صيف 1992 (42 قتيلاً). لكن أثبت التحقيق بأن بن سماعين لا يد له في الأحداث المأساوية.

وبثّ الأمن الجزائري «اعترافات» لعدد كبير من المعتقلين بعد الأحداث، أكدوا كلهم أنهم وراء النيران المستعرة، وبأنهم ارتكبوا الجريمة بأوامر من رئيس تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، فرحات مهني، الذي يتحدر من المنطقة، ويقيم منذ سنوات طويلة بفرنسا بصفته لاجئاً سياسياً.

فرحات مهني المتهم بإشعال النار في منطقة القبائل (الشرق الأوسط)

وقال محامو المتهمين بعد تداول هذه «الاعترافات» إن القضاء «يبحث عن مسوّغ لإنزال عقوبة ثقيلة في حقهم»، وهو ما حدث بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بإدانتهم بالإعدام. علماً بأن التهم وجهت لمائة شخص في هذه القضية، وحُكم على بعضهم بالسجن بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، في حين نال آخرون البراءة.

وتمثلت التهم أساساً في «نشر الرعب في أوساط السكان بإشعال النيران»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية» تُدعى «ماك»، و«قتل شخص عن سبق إصرار والتنكيل بجثته»، و«القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان، وخلق جو انعدام الأمن»، وتم تثبيت الأحكام بعد استئنافها.

أما فرحات مهني فكذّب، في فيديو نشره بالإعلام الاجتماعي، التهمة المنسوبة إليه، وطالب بفتح تحقيق مستقل في الأحداث «من طرف جهة أجنبية».

وفي نظر عدد كبير من المحامين على صلة بهذا الملف، فإن القضاء يبحث من خلال نقض الأحكام عن «إصلاح أخطاء تسبب فيها بإصدار قرارات متسرعة»، وبأن القضاة «كانوا تحت ضغط رأي عام طالب بالقصاص». ووفق ما ينص عليه القانون، ستعاد محاكمة المتهمين في محكمة الجنايات بتشكيل قضاة غير الذين أدانوهم في المرة السابقة.