الذكاء العاطفي يمنح فرصاً أكبر للنجاح

ستة جوانب لتنميته وتعميقه

الذكاء العاطفي يمنح فرصاً أكبر للنجاح
TT

الذكاء العاطفي يمنح فرصاً أكبر للنجاح

الذكاء العاطفي يمنح فرصاً أكبر للنجاح

إذا نظرتم لأنفسكم عن قرب، فقد تجدون أنّكم أكثر قدرة على التعاطف والتبصّر والوعي بالذّات مما تتوقّعون.
وكما معظم الأفكار الراسخة، يبدو أنّ أهمية الذكاء العاطفي أُدركت في وقتٍ متأخّر. وتُظهر الدراسات العلمية أنّ تنمية الذكاء العاطفي يمكن أن تؤدّي إلى أداء ومردود أعلى، بالإضافة إلى التمتّع بعلاقات شخصية ومهنية أفضل، فكلّما تحسّن فهم الإنسان وإدارته لعواطفه وعواطف النّاس من حوله، زادت فرصه في النجاح.
ذكاء عاطفي
هذا يعني أنّ معظمنا نشعر وكأنّنا نتمتّع بالذكاء العاطفي emotional intelligence. ولكنّكم قد تتفاجأون عندما تعلمون أنّ ذكاءكم العاطفي يكون أفضل مما كنتم تظنّون؛ خصوصاً إذا كان أحد الأمور التالية ينطبق عليكم:
أولاً- إذا كنتم تقدّرون الانطباع السلبي الذي يطرحه الآخرون حولكم (حتّى ولو لم يرُق ذلك لكم).
لا أحد يحبّ أن يسمع أنّ عليه أن يحسّن أداءه، فقد أظهرت الدراسات أنّ النّاس نادراً ما يسعون للحصول على الانطباعات عنهم إذا كانوا يعتقدون أنّها ستكون سلبية. وإذا حصل وسمعوا نقداً بنّاءً، نادراً ما يستفيدون منه لتحسين أدائهم. (في الحقيقة، إننا نميل لنسيان الانطباع السلبي الذي نسمعه خلال أيّام قليلة).
أما الأشخاص الذين يملكون ذكاءً عاطفياً، فيسيطرون على مشاعرهم ويحتضنون -أو على الأقلّ لا يبدون- انزعاجهم حتّى يجدوا سبلاً للتحسّن.
وبدلاً من قمع الانطباع الذي يهدّد نظرتهم الحالية لأنفسهم، فإنهم يستخدمونه لتحسين رؤيتهم لأنفسهم في المستقبل.
هؤلاء الناس يصبحون أكثر ذكاءً، وموهبة، وشموليّة. إنهم يصبحون أكثر من أي شيء كانوا يأملون أن يصبحوا عليه يوماً ما.
ثانياً– تميلون إلى الإشادة بالنّاس؛ لا سيما أولئك الذين «لا يُفترض» أن تشيدوا بهم.
هل تشعرون بأنّكم لا تحصلون على التقدير والإشادة الكافيَين؟ حسناً، لستُم وحدكم كما نعلم. فقد أظهر استطلاعٌ للرأي أنّ اثنين من ثلاثة موظفين يشعرون بأنّهم لا يحصلون على الإشادة الكافية، وأنّ حوالي ثلاثة أرباع المستطلَعين يحصلون على نوعٍ من الانطباع الإيجابي أقلّ من مرّة واحدة في الأسبوع. وهذا الأمر ليس رائعاً طبعاً.
يعي الأشخاص الذين يتمتّعون بذكاء عاطفي، أنّ ما يريدونه أو يحتاجون إليه هو الشيء نفسه الذي يمكنهم أن يمنحوه للنّاس الذين يعرفونهم: كلمة طيّبة أو شكرٌ صادق.
يستحقّ كثيرون من الذين تعرفونهم كلمة طيّبة وشكراً من القلب؛ سواء كانوا موظفين أو بائعين أو زبائن أو أصدقاء أو أفراد العائلة.
ولكنّ الأذكياء عاطفياً يقدّرون النّاس الذين لا يعرفونهم أيضاً، مثل موظف الإدارة العامّة، وعامل التوصيل، ومسؤول شؤون الزبائن... لأنّ المديح غير المتوقّع يشبه الهدية المفاجئة التي تأتي من دون سبب، وغالباً ما يكون مؤثراً.
ثالثاً- تطلبون النصيحة ولا تركضون خلف الانطباع. قد ترحّبون بالحصول على الانطباع الذي تحتاجون إليه، ولكنّ هذا الأمر لا يعني أنّ الآخرين يرحّبون بمنحكم الانطباع الذي تحتاجون إليه. فقد أظهرت الدراسات أنّ الانطباع الذي يُعطى بناءً على الطلب، وليس بشكلٍ طوعي يكون غالباً ملتبساً وسطحياً.
بمعنى آخر: غالباً ما يكون هذا الانطباع مبنياً على فكرة «لا أريد أن أؤذي مشاعرك، لذا سأكون طيّباً»، أي أن الانطباع لا قيمة له.
ولكن ماذا عن طلب النصيحة؟ وجد باحثو كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد أنّ طلب النصيحة يؤدّي إلى تحسّن في عدّة مجالات لدى 34 في المائة من المستجيبين لها، وفي زيادة وسائل التحسّن في 56 في المائة من الحالات، مقارنة بنتائج أولئك الذين حصلوا على انطباع.
باختصار: يدرك الأشخاص الأذكياء عاطفياً أنّ طلب الانطباع بقول: «كيف أبليت؟» يضع النّاس في موقف محرج، في حين أنّ طلب النصيحة بقول: «ماذا يمكنني (أو يجب) أن أفعل؟» يشعرهم بالإطراء؛ لأنّ طلب النصيحة ضمنياً يظهر احتراماً لمعرفتهم ومهاراتهم وتجربتهم.
ينطوي طلب النصيحة أيضاً على أمرين إيجابيين: الأوّل هو حصول الشخص على ما يبحث عنه؛ والثاني هو إشعار الآخرين بأنّهم محلٌ للتقدير والثقة، وأهلٌ لتقديم الإرشاد والمساعدة. وهكذا يخرج الجميع رابحين.
الاعتراف بالإخفاق
رابعاً- الجهوزية للاعتراف بالأخطاء. كتب دانيال كويلي في كتابه «القانون الثقافي، دايف كوبر من قوات العمليات الخاصة في البحرية الأميركية» أنّ أهمّ الكلمات التي يمكن للقائد أن يقولها هي: «أخفقتُ».
قد يبدو هذا الأمر غريباً؛ لأنّ القادة يجب أن يعكسوا ثقة صلبة بالنفس عادة؛ ولأنّ الاعتراف بالضعف قد يجرّ مزيداً من الضعف. ولكن هذا الأمر ليس صحيحاً.
يدرك الأشخاص الأذكياء عاطفياً أنّ المجتمعات القوية تُبنى فقط عندما يشعر الشخص بالأمان الكافي لقول الحقيقة للنّاس، وهذا الأمر يبدأ في اللحظة التي يقرّ فيها القائد بأنّه ليس مثالياً، ويمكن أن يقع في حلقة من الضعف. فعندما يسمح الشخص لنفسه بأن يكون ضعيفاً، ويقرّ بخطأ أو عيب ما، سيفتح المجال لشخصٍ آخر للقيام بالأمر نفسه، الأمر الذي يؤدّي إلى مزيد من التبادلات المفتوحة التي تساهم في بناء الثقة ودفع الأداء؛ فضلاً عن مساعدة النّاس على التركيز على فكرة التحسّن الجماعي.
خامساً- عدم تفويت الأحاديث العابرة الصغيرة. تصوروا أنفسكم في مؤتمر والتقيتم بأحدهم، ستختارون تفويت -أي تجنب- الأحاديث العابرة الصغيرة، أليس كذلك؟
لا، فقد أظهر عددٌ من الدراسات المنشورة في دورية «جورنال أوف برسوناليتي أند سوشل سيكولوجي» أنّه كلّما بدت المحادثة مع الآخر غريبة وغير مريحة، فإننا نميل إلى التقرّب أكثر من هذا الشخص والإعجاب به.
فقد صرّح المشاركون في الدراسة بأنّهم شعروا بغرابة أقلّ وتواصل وسعادة أكبر مما كانوا يتوقّعون بعد هذه المحادثات.
سادساً- يدرك الأشخاص الأذكياء عاطفياً أنّ عمق المحادثة؛ لا سيما مع شخص لا يعرفونه، يزيد استمتاع جميع الأطراف بالحديث.
ولكن يجب أن تضعوا في بالكم أنّ تعبير «عميق» ليس بالضروري أن يكون عميقاً جداً. فعندما طلب الباحثون من النّاس تحديد ما يصفونه بـ«أسئلة أعمق»، جاءت الإجابات المشتركة مباشرة جداً: «ماذا تحبّون أن تفعلوا؟»، «ما أكثر ما تندمون عليه؟»، «أين ترون أنفسكم بعد خمس سنوات؟».
ورجّحت الدراسة المذكورة أعلاه أنّ الشخص الذي يجلس بالقرب منكم سيكون أكثر سعادة بالحديث عن شغفه وهدفه، وليس عن أحوال الطقس وتطبيق «واتساب».
* موقع «إنك»، خدمات «تريبيون ميديا».



«مبنى برّي» ينمو من الأشجار قد يجسد مستقبل الهندسة المعمارية

«مبنى برّي» ينمو من الأشجار قد يجسد مستقبل الهندسة المعمارية
TT

«مبنى برّي» ينمو من الأشجار قد يجسد مستقبل الهندسة المعمارية

«مبنى برّي» ينمو من الأشجار قد يجسد مستقبل الهندسة المعمارية

وسط الأشجار والشجيرات، في رقعة من الغابات بالقرب من مدينة نيويورك، هناك مبنى ينمو، مثل الغابة المحيطة به.

الأشجار ركائز هيكلية

تشكل مجموعات الأشجار الحية الركائز الهيكلية لهذا المبنى المصمم على شكل خيمة، الذي يتوسع تدريجياً حول سقالة خشبية توجِّه نمو جذوع الأشجار.

على مدار عقد من الزمن أو نحو ذلك، ستشكل هذه المظلة من الأشجار جدراناً وسقفاً ثابتاً تماماً مثل المبنى الذي تم بناؤه جيداً. وفاز هذا الهيكل التجريبي المسمى «Fab Tree Hab»، بجائزة مجلة «فاست كومباني» لعام 2024 للابتكار من التصاميم الحيوية.

تم بناء الجناح الذي تبلغ مساحته 1000 قدم مربعة بواسطة «تيريفورم وان Terreform ONE»، وهي مجموعة أبحاث غير ربحية متخصصة في الفن والهندسة المعمارية والتصميم الحضري. وهو نتاج أكثر من 20 عاماً من البحث، ويعتمد على تاريخ تشكيل الأشجار وتطعيمها الذي يعود إلى أعماق التاريخ البشري.

سقالات مصممة بالكومبيوتر توجه الأغصان

ويقول مؤسس «تيريفورم وان»، ميتشل يواكيم، إنه على عكس تلك الأمثلة المبكرة للأشجار التي تم تدريبها على أشكال محددة، يجمع المبنى بين تقنيات التطعيم التي تسرع نمو أشجارها الأساسية ونظام سقالات مصمَّم بالكومبيوتر يوجه الأشجار وعناصرها، أي فروعها في اتجاهات موحدة، مثل الأضلاع.

وتمتلئ المساحات الفاصلة بمزارع مطبوعة منتجة بالطباعة ثلاثية الأبعاد، مما يوفر موطناً لأنواع الحيوانات والنباتات لتزدهر مع نضوج الأشجار. وفي وقت لاحق، يمكن لهؤلاء المزارعين أن يحملوا شتلات شجرة جديدة يتم تطعيمها في نقاط أعلى في الهيكل، مما يمكنها من النمو بشكل أطول.

هندسة المستقبل المعمارية

بالنسبة ليواكيم، فإن المبنى ليس مجرد مشروع فني لمرة واحدة. وهو يرى أن هذا النوع من الهياكل أصبح شكلاً جديداً من أشكال الهندسة المعمارية ذات الأساس الحيوي ومنخفضة الكربون التي يمكن استخدامها لبناء أي شيء تقريباً، وإن كان ذلك ببطء. ويقول إن المفهوم هو «دفع الطبيعة إلى القيام بالأشياء التي تفعلها بشكل طبيعي... ولكن تشكيلها في هياكل قابلة للاستخدام... وفي النهاية بناء منازل».

* «مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً