صندوق النقد الدولي: السعودية تجني ثمار شفافية السياسات الاقتصادية والمالية

رئيس البعثة لدى المملكة أمين ماطي لـ «الشرق الأوسط» : دعم استراتيجيات الاستثمار سيدفع بالابتكار ويرفع الإنتاجية الوطنية

السعودية مرشحة لأعلى معدلات نمو الاقتصاد عالمياً بحسب توقعات صندوق النقد  وفي الإطار أمين ماطي رئيس بعثة الصندوق لدى المملكة (أ.ف.ب)
السعودية مرشحة لأعلى معدلات نمو الاقتصاد عالمياً بحسب توقعات صندوق النقد وفي الإطار أمين ماطي رئيس بعثة الصندوق لدى المملكة (أ.ف.ب)
TT

صندوق النقد الدولي: السعودية تجني ثمار شفافية السياسات الاقتصادية والمالية

السعودية مرشحة لأعلى معدلات نمو الاقتصاد عالمياً بحسب توقعات صندوق النقد  وفي الإطار أمين ماطي رئيس بعثة الصندوق لدى المملكة (أ.ف.ب)
السعودية مرشحة لأعلى معدلات نمو الاقتصاد عالمياً بحسب توقعات صندوق النقد وفي الإطار أمين ماطي رئيس بعثة الصندوق لدى المملكة (أ.ف.ب)

مع توقعات صندوق النقد الدولي الذي أفصح عن أن الاقتصاد السعودي يعد أحد أعلى معدلات النمو بين أكبر الاقتصادات بنسبة 7.6 في المائة، أكد أمين ماطي، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية، أن المملكة تجني ثمار شفافية السياسات الاقتصادية والمالية والإدارة الجيدة لـ«أزمة كوفيد-19» ونجاعة الإصلاحات الاقتصادية التي أدت لزيادة الوظائف ومواصلة تحسين مستويات المعيشة فضلا عن النمو المتصاعد.
وقال ماطي في حوار لـ«الشرق الأوسط» إن رؤية المملكة التي تدعمها استراتيجية الاستثمار الوطني وصندوق الاستثمار العام تعزز تحويل الاقتصاد، بما في ذلك زيادة مساهمة القطاع غير النفطي، مدفوعة بالرقمنة وسرعة نمو قطاع السياحة مع الدور المتنامي للرقمنة والحكومة والتجارة الإلكترونية، مشيرا إلى أن الرقمنة بجانب مشاريع المدن الذكية، والاتصال الفائق والذكاء الصناعي والروبوتات المتقدمة والتحليلات الذكية والأنظمة القابلة للتطوير، تعدّ أولويات تعزز الابتكار وترفع الإنتاجية.
وتوقع ماطي، أن يحقق الاقتصاد السعودي، معدل نمو 3.7 لعام 2023، بينما تواجه العالم أسباب مبطئة لنمو الاقتصاد، مع عوامل الخطر التي تكون متوازنة على نطاق واسع في المرحلة الحالية، مشيرا إلى أن التنفيذ الكامل للجهات الحكومية المعنية باستراتيجية الاستثمار الوطنية، ستعزز النمو بدرجة أعلى مما يتوقعه صندوق النقد الدولي.
وتابع «السعودية أخذت تتعافى بقوة في أعقاب الركود العميق الناجم عن الوباء، بينما تعمل سياسات الاقتصاد الكلي السليمة، والإصلاحات الهيكلية التحويلية المؤيدة للأعمال التجارية، وزيادات أسعار النفط والإنتاج، على تعزيز تعافي المملكة»، متوقعا نموا أبطأ للاقتصاد العالمي، في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي مايلي نص الحوار:

> كيف تنظرون إلى تصنيف السعودية كأسرع اقتصاد نام لعام 2022 عالميا؟
- السعودية تتمتع باقتصاد ناشئ كبير، وهي عضو بمجموعة العشرين. تعافت بشكل جيد من وباء كورونا ونتوقع أن يسجل اقتصادها أحد أعلى معدلات النمو بين أكبر الاقتصادات، بنسبة 7.6 في المائة وفقا لتقديراتنا. تشير بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول والربع الثاني لهذا العام أيضا، إلى هذا الاتجاه للنمو المرتفع لعام 2022. وسيكون هذا أعلى معدل نمو للمملكة منذ 11 عاما. هذا أمر مشجع لأنه يسمح للاقتصاد، بخلق المزيد من الوظائف ومواصلة تحسين مستويات المعيشة.
> برأيك ما الأسباب التي جعلت السعودية تحقق أكبر نمو اقتصادي في عام 2022؟
- السعودية أخذت تتعافى بقوة في أعقاب الركود العميق الناجم عن الوباء، بينما تعمل سياسات الاقتصاد الكلي السليمة، والإصلاحات الهيكلية التحويلية المؤيدة للأعمال التجارية، والزيادات الحادة في أسعار النفط والإنتاج، على تعزيز تعافي السعودية. أضف إلى ذلك، كان النمو الإجمالي قويا عند 3.2 في المائة في عام 2021، مدفوعا على وجه الخصوص بانتعاش القطاع غير النفطي، مدعوما بزيادة فرص العمل للمواطنين السعوديين، وخاصة النساء. كما أكدت الأرقام الأخيرة من الربع الثاني هذا النمو القوي مدعوما بإنتاج النفط وأسعاره، ولكن ترافق أيضا مع نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
هذه هي ثمرة الإدارة الجيدة لأزمة كوفيد والإدارة الثابتة للإصلاحات الاقتصادية. نتوقع أن يظهر هذا الاتجاه في الناتج المحلي الإجمالي الذي بدأ في نهاية عام 2021 بالكامل لعام 2022، وبالتالي شرح أرقام النمو المرتفعة التي نتوقعها لعام 2022.

> ما توقعاتك للنمو الاقتصادي العالمي المستقبلية بشكل عام والمملكة بشكل خاص عام 2023؟
- من المتوقع أن يكون النمو الاقتصادي العالمي أبطأ، مما كان متوقعا في السابق. أعقب الانتعاش المؤقت في عام 2021 تطورات قاتمة على نحو متزايد في عام 2022 مع انكماش الإنتاج العالمي في الربع الثاني من هذا العام بسبب عدة عوامل، بما في ذلك تباطؤ الصين الذي كان أسوأ مما كان متوقعا وسط تفشي وإغلاق كورونا، والتداعيات السلبية من الحرب في أوكرانيا، والإنفاق الاستهلاكي الأميركي دون التوقعات وتضخم أعلى من المتوقع، خاصة في الولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية الكبرى، ما أدى إلى تشديد الأوضاع المالية العالمية.
توقعات فريق العمل بالصندوق، تتنبأ بأن يتباطأ النمو العالمي من 6.1 في المائة العام الماضي إلى 3.2 في المائة في عام 2022، أي أقل بمقدار 0.4 نقطة مئوية عن تقرير آفاق الاقتصاد العالمي في أبريل (نيسان) 2022. في العام المقبل، من المتوقع أن تنعكس السياسة النقدية المضادة للتضخم، حيث ينمو الناتج العالمي بنسبة 2.9 في المائة فقط، وتتجه المخاطر بشكل كبير إلى الاتجاه الهبوطي.
سيكون لهذا بالطبع تداعيات دولية، بما في ذلك السعودية. ومن المتوقع أن يرتفع النمو في المملكة بشكل كبير إلى 7.6 في المائة في عام 2022 على الرغم من تشديد السياسة النقدية والضبط المالي، والتداعيات المحدودة حتى الآن من الحرب في أوكرانيا. بالنسبة لعام 2023، ونتوقع كذلك أن يصل النمو في المملكة إلى 3.7 في المائة، ويعزى ذلك في الغالب إلى النمو المستمر في إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، على الرغم من انخفاض نمو إجمالي الناتج المحلي النفطي.
على المدى المتوسط، من المتوقع أن يتسارع النمو، حيث إن استمرار تنفيذ أجندة الإصلاح يؤتي ثماره. المخاطر على التوقعات متوازنة. على الجانب الإيجابي، يمكن أن يؤدي التنفيذ الناجح لاستراتيجية الاستثمار الوطني وإصلاحات سوق العمل، أو زيادة إنتاج النفط إلى تحسين التوقعات. على الجانب السلبي، تنبع المخاطر الرئيسية من الضغوط لإنفاق مكاسب النفط غير المتوقعة والانحراف عن أجندة الإصلاح، والضغوط التضخمية، وطفرة COVID الأخرى (المحلية أو الخارجية)، وانخفاض أسعار النفط بسبب انخفاض النشاط العالمي، إذا كان للحرب في أوكرانيا آثار دائمة، و تباطؤ مفاجئ في الصين.
> إلى أي مدى ستنعكس مشاريع المدن الذكية التي يمثلها «ذا لاين» و«نيوم» على زيادة وتيرة النمو في آفاق التحول الرقمي في القطاعين العام والخاص السعوديين؟
رؤية 2030، التي تدعم استراتيجية الاستثمار الوطني وصندوق الاستثمار العام ستقومان بتعزيز التحول الاقتصادي، بما في ذلك زيادة مساهمة القطاع غير النفطي، مدفوعة بالرقمنة وسرعة نمو قطاع السياحة.
إن الدور المتنامي للرقمنة والحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية، لديه القدرة على تعزيز الإنتاجية، بالنظر إلى الشباب والسكان المتمرسين في مجال التكنولوجيا والجهة التنظيمية الوطنية المنشأة حديثًا لقطاع الحكومة الرقمية. أضف إلى ذلك تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، حيث تسارعت الرقمنة خلال الوباء بما في ذلك من خلال الخدمات الصحية عبر الإنترنت والمحاكم الافتراضية والتعلم عن بعد والمنصة المالية عبر الإنترنت للمشتريات العامة تُعرف باسم «اعتماد».
تتميز العديد من مشاريع المدن الذكية أيضًا بالرقمنة كركيزة أساسية، بما في ذلك من خلال اتصال ( الجيل الخامس 5G) الفائق والذكاء الصناعي والروبوتات المتقدمة والتحليلات الذكية والأنظمة القابلة للتطوير - كلها أولويات يمكن أن تعزز الابتكار وترفع الإنتاجية.
يعكس قطاعا الضيافة والترفيه أيضًا التحول الملحوظ للمملكة، خلال الأعوام الـ5 الماضية مع افتتاح المطاعم والمقاهي. ما سيتطلب جذب السياحة واستدامتها مزيدا من الاستثمارات التي تخطط السلطات للقيام بها.
ستعتمد مكاسب التحول الرقمي على تنفيذ أجندة الإصلاح الهيكلي، التي ينبغي أن تستمر في التركيز على النمو الذي يقوده القطاع الخاص، والذي يدعمه صندوق الاستثمارات العامة، ويتم تنفيذه مع التركيز على الكفاءة وتحفيز الاستثمار الخاص.
فيما يتعلق بالنمو، فإنه بالنسبة لدينا فإن التوقعات بناء على المشاريع الأساسية، بأن يتحقق معدل نمو 3.7 لعام 2023، على المدى المتوسط، ستظل قوية، حيث تتوقف على عوامل الخطر التي تكون متوازنة على نطاق واسع في المرحلة الحالية. يمكن أن يؤدي التنفيذ الكامل للجهات الحكومية المعنية باستراتيجية الاستثمار الوطنية، إلى تعزيز النمو بدرجة أعلى مما هو بين يدي فريق العمل ذي الصلة بصندوق النقد الدولي.
> ما أثر ذلك في تعزيز اقتصاد المعرفة وتنويع الاقتصاد وتنافسية المنتجات السعودية غير النفطية في الأسواق العالمية؟
- التنويع الاقتصادي هو أمر أساسي للتنمية الاقتصادية، لا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعتمد في الغالب على الهيدروكربونات. وهذا يستلزم تحركًا نحو هيكل إنتاجي وتجاري أكثر تنوعا، وبالتالي أيضا قاعدة إيرادات متنوعة.
من الظواهر ذات الصلة التحول الهيكلي، أي إعادة تخصيص عوامل الإنتاج نحو قطاعات أكثر إنتاجية. إلى جانب التنويع، يمكن أن يعزز ذلك الإنتاجية ويخلق فرص عمل ويوفر أساسا للنمو المستدام والشامل.
تميل الاقتصادات، إلى النمو من خلال ترقية سلال صادراتها للتركيز على الصناعات المتطورة، أي الصناعات التي تؤدي إلى مكاسب الإنتاجية والتداعيات وزيادة تعقيدها، مما يمثل المعرفة الإنتاجية للاقتصاد. على أساس البلدان المختلفة، هناك ارتباط ديناميكي بين تطور منتجات التصدير والنمو الاقتصادي.
في العقدين الماضيين، عززت السعودية مكانتها كلاعب عالمي في تصدير النفط والكيماويات، وهذه الأخيرة كانت نتيجة ثانوية لقطاعها النفطي القوي. كما تمكنت المملكة من التنويع في بعض المنتجات المتطورة، وقادت مقارنات دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال تطوير ميزة نسبية في السلع المتطورة مثل البتروكيماويات.
سيتوقف التنويع الناجح على استمرار تنفيذ أجندة الإصلاح الطموح، مع تقليل أوجه القصور التي تصاحب السياسات الصناعية وضمان توافر العمالة الماهرة.
> كيف تنظرون إلى التعاون بين صندوق النقد الدولي والسعودية، وما هو تقييمك للإصلاحات المالية السعودية؟
- كان التعاون بين صندوق النقد الدولي والسعودية ممتازا بل ويتحسن باستمرار على مر السنين، حيث سعت المملكة إلى الإصلاح على نطاق واسع مع تحسين شفافية سياستها الاقتصادية والمالية، من خلال المشاركة الكبيرة في قضايا السياسة الاقتصادية. السعودية شريك مهم لصندوق النقد الدولي، الذي يقدر قوة مساهمة المملكة في التعاون الدولي. على وجه الخصوص، تلعب المملكة دورا مهما في سوق النفط العالمية وهي مساهم رئيسي في المناقشات في مجموعة العشرين ودول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث تقدم أيضا دعما كبيرا.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.