العاصمة الليبية تتحول إلى ثكنة عسكرية وسط مخاوف دولية

تحشيدات واسعة قرب المقار الحكومية وجنوب طرابلس

القوات المشتركة التابعة لحكومة «الوحدة» الليبية تتجمع في مطار طرابلس المغلق 16 أغسطس (أ.ف.ب)
القوات المشتركة التابعة لحكومة «الوحدة» الليبية تتجمع في مطار طرابلس المغلق 16 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

العاصمة الليبية تتحول إلى ثكنة عسكرية وسط مخاوف دولية

القوات المشتركة التابعة لحكومة «الوحدة» الليبية تتجمع في مطار طرابلس المغلق 16 أغسطس (أ.ف.ب)
القوات المشتركة التابعة لحكومة «الوحدة» الليبية تتجمع في مطار طرابلس المغلق 16 أغسطس (أ.ف.ب)

تحوّلت العاصمة الليبية طرابلس، على مدى الساعات الماضية، إلى ما يشبه الثكنة العسكرية مجدداً، انتظاراً للطلقة الأولى في الحرب على السلطة بين ميليشيات عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة ومنافسه فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» المكلفة من مجلس النواب.
وقال اللواء أسامة الجويلي، آمر غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية، المحسوب على باشاغا، في تصريح مسرّب، إنه يرفض التفاوض مع التشكيلات المسلحة المقربة من الدبيبة، ورأى أن أغلبها يسعى لذلك بمنطق المال والمكاسب، وطالب في المقابل بضرورة انسحاب جميع التشكيلات المسلحة من مقار الحكومة وتسليمها دون شروط.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر بحكومة باشاغا، أن قواتها لن تبادر باستخدام القوة، التي قال إنها فقط لـ«رد العدوان»، مشيراً إلى أن هدف هذه القوة التوجه نحو المقار الحكومية لتأمينها وتمكين الحكومة من ممارسة مهامها.
في المقابل، رصدت الوسائل المحلية ذاتها، تفعيل عدد من القيادات الميدانية الموالية للدبيبة ما كان يعرف باسم «مجلس طرابلس العسكري»، تزامناً مع تحركات لأرتال تابعة للدبيبة لتأمين مداخل ومخارج المدينة الجنوبية والغربية والشرقية، بالإضافة إلى إغلاق الطرق المؤدية إلى مطار طرابلس المغلق.
ونقلت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء عن مصدر عسكري تابع لحكومة الدبيبة، أنه تم نشر وتوزيع قوات عسكرية تتبع لحكومة الدبيبة بالمناطق الجنوبية للعاصمة، تحسباً لأي هجوم محتمل من قبل كتائب مسلحة تتبع لحكومة باشاغا، مشيراً إلى أن هذا التحرك يلي الاجتماع الذي جمع مؤخراً محمد الحداد رئيس أركان الميليشيات الموالية للدبيبة مع بعض الكتائب المسلحة بالمنطقة الغربية.
وأضاف: «الكتائب والتشكيلات المسلحة التي بدأت فعلياً في الانتشار في أغلب الأحياء الجنوبية للعاصمة هدفها هو حماية المدنيين».
وأعلن عبد الغني الككلي الشهير بـ«أغنيوة» قائد ميليشيات «جهاز دعم الاستقرار» التابع للدبيبة، حالة النفير في منطقة أبو سليم جنوب طرابلس، كما أعلن محمد بحرون الملقب بـ«الفار» تشكيل غرفة مشتركة من كتائب المناطق العسكرية من طرابلس والمنطقة الوسطى والساحل الغربي، وتجهيز جميع الكتائب التابعة لقوات الزاوية المسلحة للمشاركة في العملية المرتقبة لحسم الأمور.
وتعهد الفار بوضع جميع الأمور في نصابها الصحيح وبوقف من وصفهم بالمجرمين الخارجين عن القانون الذين لا يهمهم حياة المواطنين وأمنهم.
من جهتها، قالت اللجنة الليبية لحقوق الإنسان أنها تتابع بقلق بالغ التحركات العسكرية والتحشيد المسلح في مناطق مختلفة بمدينة طرابلس وضواحيها، في بادرة تنذر بتصعيد جديد لأعمال العنف والاشتباكات المسلحة، التي تُشكل تهديداً وخطراً كبيرين على أمن وسلامة وحياة المدنيين وممتلكاتهم بالعاصمة طرابلس.
ودعت منظمة «رصد الجرائم الليبية» لوقف التحشيد العسكري في محيط مدينة طرابلس من قبل قوات باشاغا والدبيبة، وقالت، في بيان لها، إنه يجب على جميع الأطراف إنهاء كل أشكال التصعيد لتجنيب السكان المدنيين والتجمعات السكّانية العمليات العسكرية.
في السياق ذاته، أعلنت الأمم المتحدة أنها «تراقب بقلق بالغ» التطورات الجارية في ليبيا، وطالبت جميع الأطراف المعنية بأن تضع مصالح الشعب الليبي في الحسبان.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم أنطونيو غوتيريش الأمين العام للمنظمة الدولية، في مؤتمر صحافي بنيويورك: «نحن نراقب بقلق بالغ التطورات التي تحدث في ليبيا، بما في ذلك حشد القوات والتهديدات باللجوء إلى استخدام القوة من أجل منافع سياسية، واعتبر أنه «من المهم للغاية ألا يكون هناك تصعيد على هذه الجبهة وأن تضع الأطراف المعنية في حسبانها مصالح الشعب الليبي.
وتابع: «أعتقد أن هذه المصالح تشمل إحلال السلام، لا أحد يريد للوضع أن يعود إلى الوراء»، لافتاً إلى أن البعثة الأممية في ليبيا، منخرطة الآن مع جميع الأطراف لتحقيق هذا الغرض.
وفى سياق آخر، قالت بعثة الأمم المتحدة إنها تلقت ما وصفته بتقارير مقلقة عن فرض قيود على حرية تنقل المدنيين ومنع وصولهم إلى المستشفيات والمدارس والمحال التجارية وغيرها من المرافق الأساسية كجزء من العمليات الأمنية في قصر بوهادي قرب سرت.
ودعت البعثة، في بيان لها، أمس، إلى استعادة المدنيين حرية التنقل حتى يتمكنوا من الوصول إلى الخدمات الأساسية، وإطلاق سراح جميع الأفراد المحتجزين بشكل تعسفي، وشددت على ضرورة الاحترام الكامل لحقوق وحريات السكان عند تنفيذ أي عمليات أمنية.
وكان عادل جمعة، وزير الدولة بحكومة الدبيبة، قد أعلن تكليف الأخير لوزير داخليته بتقديم موقف عام عما يجري في مدينة سرت واتخاذ إجراءات، لم يحددها، بالتنسيق مع مديرية أمنها، مؤكداً أن حكومته لن تقف عاجزة أمام ما يحدث بالمدينة.
بدورها، أشادت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، في بيان أصدرته أمس، بدور «الجيش الوطني» في حماية الأمن القومي بعد إسقاطها الطائرة المسيرة الاثنين الماضي، التي اخترقت المجال الجوي في بنغازي، مطالبة الدول المعنية بالقضية الليبية، بالأخذ في الاعتبار أهمية وضرورة التعاون المشترك مع القيادة العامة والسلطة التشريعية والقوى الوطنية الحقيقية لتحقيق غايات التداول السلمي للسلطة والسلام والوئام.
وبعدما أعلنت رفضها التدخلات في الشؤون الداخلية لليبيا وأي خرق لسيادتها الوطنية، اعتبرت اللجنة أن المسؤولية الوطنية لحفتر تتمثل في محاربة الإرهاب والجماعات التكفيرية والحفاظ على وحدة ليبيا وأمنها ووصفت قوات الجيش بالضامنة لقيام الدولة المدنية والتداول السلمي للسلطة واحترام المسار الديمقراطي.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

38 قتيلاً جراء هجوم لـ«الدعم السريع» في غرب السودان

تصاعد الدخان جراء الصدامات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
تصاعد الدخان جراء الصدامات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
TT

38 قتيلاً جراء هجوم لـ«الدعم السريع» في غرب السودان

تصاعد الدخان جراء الصدامات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
تصاعد الدخان جراء الصدامات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أسفر هجوم شنته «قوات الدعم السريع» السودانية بطائرة مسيّرة عن 38 قتيلاً على الأقل في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب)، وفق حصيلة محدثة أعلنها ناشطون محليون اليوم (الأحد).

وأعلنت «تنسيقية لجان المقاومة - الفاشر» في بيان «ارتفاع حصيلة مجزرة حي أولاد الريف بالفاشر إلى 38 شهيداً» منذ وقوع الهجوم في وقت متأخر أمس.