توقعات العلاقة الروسية ـ الصينية في عالم «ما بعد الحرب الأوكرانية»

سياسة «التوجه شرقاً» أمام اختبار تحويل الشراكة الاستراتيجية إلى تحالف عسكري

الرئيسان الصيني والروسي في لقاء سابق (أ ب)
الرئيسان الصيني والروسي في لقاء سابق (أ ب)
TT

توقعات العلاقة الروسية ـ الصينية في عالم «ما بعد الحرب الأوكرانية»

الرئيسان الصيني والروسي في لقاء سابق (أ ب)
الرئيسان الصيني والروسي في لقاء سابق (أ ب)

حملت العبارات القاسية ضد الولايات المتحدة، التي استخدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل أيام، وهو يتحدث عن انتهاء «حقبة الهيمنة» وبناء عالم متعدد الاقطاب و«آليات جديدة» لضمان الأمن الدولي، إشارة لافتة إلى مستوى الرهان الروسي على الصين في مواجهة التحديات الكبرى الماثلة حالياً أمام روسيا. فالانتقاد القوي لـ«وقاحة» السياسة الأميركية التي تجلّت في زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى تايوان، لم يحمل فقط رسالة إلى واشنطن، بل كان موجهاً أيضاً إلى الصين «الحليف اللدود» لروسيا الذي يواجه اليوم بدوره التحديات التي طرحتها تلك الزيارة.
انتهاء عهد الهيمنة الأميركية، وبناء عالم متعدد الأقطاب، مع مبدأ احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها، شكّلت جميعها على مدى سنوات المنطلقات المشتركة للشراكة الروسية الصينية على الساحة الدولية. وهذا منحى بدا أنه يتجه نحو التعزيز أكثر، على خلفية استراتيجية «التوجه شرقاً» التي انتهجتها موسكو ردّاً على القيود الغربية غير المسبوقة، ومحاولات عزلها وحصارها. بيد أن العلاقة مع «الشريك الصيني» تنطوي على تحديات كثيرة؛ خصوصاً على الصعيد الاقتصادي، وهو ما أظهرته تطورات الوضع خلال الأشهر الأخيرة.
اقرأ محادثات بين بوتين وشي غداً بشأن القضايا «الأكثر إلحاحاً»

- صراع أوكرانيا

منذ أعلنت روسيا والصين نفسيهما شريكين استراتيجيين عام 1996، أصبح الصراع الروسي الأوكراني هو التحدي الدولي الأكثر حدة في تاريخ العلاقات الثنائية، وكذلك الاختبار السياسي الأكثر صعوبة الذي واجهته الصين. على خلفية هذا الصراع، تعرّضت الصين لضغوط سياسية غير مسبوقة من الولايات المتحدة. وعنه يقول خبراء روس إن هذا الضغط يختلف كلياً عن سياسة «دق إسفين» بين بكين وموسكو، التي اتبعتها واشنطن قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي حين أن سياسة «دق الإسفين» كانت تهدف فقط إلى تحييد روسيا عن المواجهة الأميركية مع امتداد النفوذ الصيني، فإن بكين أصبحت الآن تتعرض لضغط وتهديد مباشرين، بهدف إجبارها على الذهاب إلى الجانب المعادي لروسيا والانضمام إلى عقوبات واشنطن والاتحاد الأوروبي.

- تحديات أمام بكين

من ناحية ثانية، رغم اتفاق موسكو وبكين في التوجهات الأساسية للسياسة الدولية، وجدت بكين نفسها أمام خيارات صعبة عند اندلاع الحرب في أوكرانيا. وهناك إشارات عدة إلى أنها كانت تعوّل على تحقيق موسكو انتصاراً سريعاً يقلّص تبعات هذه الحرب، ويريح بكين من تبني مواقف حاسمة، وبالأخص في مجالات العلاقات مع أميركا على الصعد الاقتصادية. وفضلاً عن نشوء وضع مماثل في العلاقات الصينية الأوروبية، واجهت بكين أيضاً تحدياً في علاقتها مع أوكرانيا، التي تلعب دوراً مهماً في بناء «مبادرة الحزام والطريق الصينية»، وهي جزء من ممر النقل الأوراسي.
مع هذا، سادت توقعات في بداية الحرب أن الموقف الحذر الذي التزمته بكين لن يطول أمده، بل سيتحول تدريجياً لصالح موسكو. ولا شك أن العقوبات الاقتصادية الواسعة النطاق التي فرضتها واشنطن وبروكسل على موسكو فتحت على مزيد من الفرص لتطوير التعاون الاقتصادي بين الصين وروسيا.
ثم إن سياسة موسكو «التوجه شرقاً» وفّرت أيضاً فرصاً مهمة لبكين، برزت من خلال الزيادة غير المسبوقة في الاعتماد على صادرات النفط الروسي. ولكن في المقابل، فرض الوضع الجديد قيوداً ومخاطر جدية لبكين.

- المصالح واستقرار العلاقات

هنا يرى خبراء روس أن العلاقات الروسية الصينية ظلت مستقرة، رغم الوضع المتغير بسرعة في العالم، لأسباب عدة، أبرزها أنها تقوم على مصالح مشتركة واسعة وعميقة. وبهذا المعنى، يمكن للنموذج المختار للعلاقات بين الجانبين أن يلعب دوراً مهماً، ويبدو أنه الأمثل، كونه نموذج «شراكة استراتيجية»، وليس نموذج «تحالف». وهو يساهم في الحفاظ على استقرار العلاقات الصينية الروسية ومساحة كاملة للتعاون من دون أن يلزم أي جانب بإدخال تعديلات كبرى على سياساته.
وفي الوقت ذاته، يدرك الجانبان أن خطر فقدان الأسواق في الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو دول أخرى، نتيجة التدابير التقييدية ضد روسيا، عامل خطر برز من خلال تحذير رجال الأعمال الصينيين بشأن ضرورة ضبط العلاقات مع روسيا في إطار محدد. وحقاً، بعد مرور شهر واحد على اندلاع الحرب الأوكرانية، قال السفير الصيني لدى روسيا، تشانغ هانوي، خلال اجتماع مع رجال الأعمال الصينيين الذين يعيشون في موسكو، إن على الشركات الصينية في روسيا أن «تنتهز الفرصة وتسد الثغرات الناشئة في السوق الروسية».
يبدو التعويل الروسي على هذا الأمر كبيراً. ولا يخفي قطاع الأعمال الروسي الحاجة الماسة إلى توسيع الحضور الصيني في مجالات مثل الصناعات العالية التقنية (كالسيارات والأجهزة المنزلية... إلخ)، والمشروعات في قطاع التجزئة والخدمات (بشكل أساسي في مجال الفنادق). كما تتطلب مشروعات التعدين المتطورة بعد انسحاب الشركات الغربية من روسيا استثمارات وتكنولوجيا كبيرة.
ولكن رغم اللهجة المتفائلة للأوساط الدبلوماسية، يرى قطاع الأعمال الروسي أنه يجب ألا تكون هناك توقعات مبالغ فيها من جذب الشركات الصينية الكبرى، وتلك المتخصصة بالتقنية العالية. إذ تستغرق عملية الموافقة على أي مشروع من هذا القبيل - لو في حالة مستقرة ويمكن التنبؤ بها - عدة أشهر، إن لم يكن عدة سنوات.
وعموماً، تميل الشركات الصينية الصغيرة والمتوسطة الحجم إلى اتخاذ موقف الانتظار والترقب والمراقبة، ليس فقط بسبب تقلبات سعر صرف الروبل، بل أيضاً بانتظار جاهزية روسيا لاستيعاب المستثمرين الأجانب.

- شروط قديمة جديدة

الحساب الأساسي للصينيين منذ 8 سنوات – مع موجة العقوبات الأولى التي أعقبت ضم القرم في العام 2014 - هو أن روسيا يجب أن تمنح الصين «شروطاً خاصة ومميزة». وهذا يعني وفقاً لخبراء اقتصاديين في روسيا الحصول على ضمانات حكومية للمعاملات الاستثمارية، والقبول بدخول الصين إلى الصناعات الاستراتيجية (الموانئ والتعدين)، وتبسيط إجراءات تسجيل القوى العاملة من الصين، والاستيراد المعفى من الرسوم للمعدات والآلات لتنفيذ المشروعات الاستثمارية، وأخيراً عدد من المزايا غير المعلنة للمستثمرين من البلدان الأخرى.
طيلة 8 سنوات لم يحصل الصينيون على هذه التنازلات. بل برز الاستياء بسبب ذلك في بعض الحالات بشكل مباشر، من خلال الإشارات في محادثات خاصة إلى أن «روسيا حصلت من الصين بعد تدهور العلاقات مع الغرب أكثر مما تلقته الصين من روسيا».
وحقاً، لا يتوقع خبراء أن يتغير الوضع بشكل جذري خلال المرحلة المقبلة، على الرغم من حاجة موسكو الماسة إلى توسيع الحضور الاقتصادي والاستثماري الصيني في روسيا. وفي طليعة الأسباب...
1 - أن هذا لا يلبي مصالح روسيا التي لا تريد التحول من تبعية صناعية وتكنولوجية للغرب إلى تبعية للصين في هذا المجال. ثم إنها تسعى وفقاً لتعهدات عدة أطلقها الرئيس فلاديمير بوتين بحماية الصناعات الاستراتيجية من الوقوع تحت سيطرة رأس المال الأجنبي، والتركيز على أولوية استخدام المتخصصين المحليين وتوطين الإنتاج. وهذه هي «الركائز» التي تُبنى عليها سياسة الاستثمار الحالية في موسكو.
2 - أنه سيظل لدى رأس المال الصيني خيار الاستثمار في البلدان التي توجد فيها «دولة» أضعف بكثير وتعجز عن إملاء قواعدها على الشركاء الأجانب على الرغم من انخفاض مستوى القوة الشرائية للسكان. وراهناً يعمل الصينيون في مثل هذه البلدان بشكل مريح أكثر من روسيا.
3 – وهو لا يقل أهمية عن سابقيه، يكمن في المخاوف الروسية على المدى البعيد من زيادة تغلغل القوى البشرية الصينية في مناطق الشرق الروسي. وهذا خطر داهم نظراً للأزمة الديمغرافية الخانقة التي تعاني منها روسيا في هذه المناطق (أي شرق سيبيريا).
بصفة عامة، يتوقع الخبراء على المدى القصير أنه سيكون هناك مزيد من السلع الصينية في متاجر روسيا، ستحل محل المنتجات الغربية. وعلى المدى الاستراتيجي الأوسع سيكون من الممكن تنفيذ مشروعين أو 3 مشروعات رئيسية من نوع خطوط إمدادات «يامال». ومع ذلك، لن تشهد روسيا جذباً جماعياً للمستثمرين الصينيين. ولن يكون هناك تأثير لذلك بأي حال من الأحوال على قوة الشراكة الاستراتيجية الروسية الصينية.

- شراكة أم تحالف

على مدى السنوات العشر الماضية، اتخذ النقاش حول إنشاء تحالف عسكري شامل بين موسكو وبكين أبعاداً واسعة. ولقد نص الإعلان المشترك الذي أعقب زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ لروسيا في يونيو (حزيران) 2019 على ما يلي: «تم تطوير المبادئ الأساسية التي توجّه الأطراف في العلاقات الثنائية (...) الامتناع عن إقامة تحالفات أو محاور أو توجيه السياسات ضد أطراف ثالثة». وهكذا سُمي رفض التحالف بـ«المبدأ الأساسي» للعلاقات الثنائية، في وضع كانت فيه روسيا والصين فعلياً في حالة حرب اقتصادية ومواجهة عسكرية سياسية مع الولايات المتحدة.
في السياق ذاته، قال الرئيس بوتين في اجتماع «نادي فالداي» في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، رداً على سؤال حول إمكانية إنشاء تحالف عسكري بين روسيا والصين: «لقد انطلقنا دائماً من حقيقة أن علاقاتنا وصلت هذه الدرجة من التفاعل والثقة، ومن الناحية النظرية من الممكن تماماً تخيل مثل هذا الشيء».
وبدورها، اعتبرت وزارة الخارجية الصينية العلاقات الروسية الصينية «أعلى من علاقات التحالف». وعلى خلفية الأزمة الأوكرانية، أكدت وزارة الخارجية الصينية أن التعاون مع موسكو «ليست له حدود».
ثم إن «معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون» الروسية الصينية لعام 2001 (التي مُددت في عام 2021) تضمنت معياراً سمح بالتحوّل السريع للعلاقات إلى «تحالف عسكري» بحكم الأمر الواقع. إذ تنص المادة 9 من الوثيقة على ما يلي: «في حالة نشوء وضع يرى أحد الأطراف المتعاقدة أنه قد يشكل تهديداً للسلام أو يعطل السلام أو يؤثر على مصالح أمنه، وكذلك في حالة وجود تهديد بالعدوان على أحد الأطراف المتعاقدة، يتصل الطرفان المتعاقدان على الفور أحدهما بالآخر ويتشاوران بهدف القضاء على التهديد الذي نشأ».
وبالفعل، أنجز كثير من الأعمال التحضيرية على صعيد التقارب العسكري. وتجري روسيا والصين سنوياً، منذ زمن، تمارين عسكرية كبرى، وعددها وتعقيدها يتزايدان باطراد. ويستمر التعاون العسكري التقني النشط بين الجانبين، وسط خلفية الأزمة الأوكرانية، في مجال تدريب العسكريين.

- عن عناصر التباعد

في مقابل كل ذلك، يشير خبراء إلى أن مستوى قابلية التشغيل البيني والمعايير الفنية التي تحققت داخل «ناتو» مثلاً، غير وارد بين روسيا والصين. إذ يستخدم الجانبان عناصر مختلفة في كثير من أنواع الأسلحة وأنظمة الاتصالات والتحكم، كما تختلف مقارباتهما لتكتيكات الحرب اختلافاً كبيراً.
ثم هناك عنصر آخر يعرقل إمكانية بناء حلف عسكري، وهو ينطلق من خطاب السياسة الخارجية الراسخ للبلدين وخصائص سياستهما الداخلية. إذ أمضت كل من موسكو وبكين عقوداً بعد «الحرب الباردة» في انتقاد التحالفات العسكرية والسياسية من حيث المبدأ باعتبارها «من بقايا ماضٍ مظلم وعامل مزعزع للاستقرار على الساحة الدولية». وكانت موسكو تفعل ذلك في سياق محاربة توسع «ناتو»، بينما تحاول بكين إحياء منظومة التحالفات الأميركية في المحيط الهادي وتعزيزها. ولهذا يبدو تشكيل تحالف روسي صيني صعباً للغاية من دون التخلي العلني عن عدد من المبادئ التوجيهية الأساسية للسياسة الخارجية للبلدين والتغيير الكامل في خطاب سياستهما الخارجية.
أخيراً، رغم كل ما سبق، يرى خبراء أن المستقبل قد يحمل مفاجآت، خاصة مع تدهور العلاقات الأميركية الصينية والتأزم العسكري والسياسي المحتمل في تايوان. إذ قد تبدأ الأمور في الانزلاق نحو الهاوية بسرعة... وخلال السنوات القليلة المقبلة قد ينشأ وضع يختفي فيه خطاب السياسة الخارجية القديم من تلقاء نفسه.

مرفأ شنغهاي (رويترز)

- نظرة إلى تاريخ تطور العلاقات التجارية الاقتصادية

> بعد وفاة الزعيم السوفياتي الأسبق جوزيف ستالين تدهورت العلاقات بين الاتحاد السوفياتي والصين. وأدى «الانقسام السوفياتي الصيني» إلى نزاع حدودي في جزيرة دامانسكي، أسفر عن جمود العلاقات في الفترة بين الستينات والثمانينات من القرن الماضي. ثم انطلقت جولة جديدة من العلاقات التجارية في أواخر الثمانينات، ولم تلبث العلاقات التجارية أن تعززت مع انهيار الاتحاد السوفياتي.
في ذلك الوقت، بدأ استيراد السلع الاستهلاكية المختلفة بنشاط إلى الشرق الأقصى وسيبيريا، لكنها توغلت تدريجياً في أجزاء أخرى من البلاد. ويقول عالم الصينيات يوري إلياخين أن «الصين ألبست روسيا الثياب والأحذية».
أيضاً، حينئذٍ - كما يتذكر العالم - كانت الشركات الخاصة تعمل بنشاط، وتزايد عدد الطائرات المحمّلة بكثافة بالإلكترونيات الاستهلاكية والملابس والأحذية ولعب الأطفال، في حين لم يكن بين السلع المقدمة لروسيا أي سلع ذات تقنية عالية تقريباً.
ويزيد خبير آخر، هو ألكسندر جابيف، إنه في أواخر التسعينات، اشترت الصين نحو 50 في المائة من الأسلحة التي أنتجها الاتحاد الروسي، وساعد في ذلك أن الصين كانت تحت العقوبات بعد «أحداث ميدان تيانانمين» عام 1989. ولم تكن لديها إمكانية الوصول إلى مصادر أسلحة متقدمة أخرى. ووفقاً ليوري إلياخين، في النصف الأول من التسعينات، دفعت الصين ثمن الأسلحة عبر تقديم السلع الاستهلاكية بنظام المقايضة من خلال شركات مرخصة كانت غالباً ما كانت مملوكة للجيش الروسي. بعدها تحولت بكين تدريجياً إلى الدفع بالعملة الأجنبية. وكانت هناك أيضاً تجارة في الموارد الطبيعية، وكان النفط ينقل بكميات صغيرة نسبياً عن طريق سكك الحديد لانعدام بنية تحتية مماثلة لخطوط الأنابيب الأوروبية. وفي عام 1998، بلغ حجم التجارة بين الجانبين 5.4 مليار دولار، لكن كانت الصادرات من روسيا ضعف الواردات من الصين.
اقرأ «العم شي»... على خطى ماو ودين
في عام 2001، وقّعت روسيا والصين اتفاقية حول «حسن الجوار والصداقة والتعاون». ونصت موادها الـ25 على العمل المشترك للبلدان في عدد من المجالات؛ التجارة، والاقتصاد، والمجال العسكري - التقني، والطاقة، ومكافحة الإرهاب. وأرسى هذا الاتفاق الأساس للنمو السريع للعلاقات، كما جذبت السياسة الاقتصاد معها، إذ ازداد حجم التجارة بشكل حاد. وتطور التعاون في مجال الطاقة بسرعة، بما في ذلك في الصناعة النووية. كذلك ارتفع حجم التبادل التجاري من بضع عشرات من المليارات من الدولارات بسرعة إلى ما قيمته 100 مليار دولار، وجرى توقيع اتفاقيات حول التعاون في قطاع النفط وإمدادات الغاز.
ثم عام 2014، ساهمت العقوبات الأوروبية في تحول أكثر نشاطاً لروسيا نحو الشرق. ومُد خط أنابيب غاز سيبيريا الذي يجلب الغاز من حقلين جديدين في شرق سيبيريا، حيث الموارد منهما تذهب فقط إلى السوق الصينية، وأطلقت مشروعات الغاز الطبيعي المسال. وعموماً، في عام 2013 استحوذت الصين على نحو 10.5 في المائة من حجم التجارة الروسية، قبل ارتفاع النسبة بنهاية عام 2021 إلى نحو 18 في المائة.
أيضاً، بلغ حجم التجارة الثنائية في نهاية عام 2021 إلى مستوى قياسي هو 140 مليار دولار، وبهذا احتلت الصين مكان الاتحاد الأوروبي كأكبر شريك اقتصادي تجاري لروسيا.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

العالم زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

أدلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمزيد من التصريحات بشأن مكالمة هاتفية جرت أخيراً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في أول محادثة مباشرة بين الزعيمين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال زيلينسكي في كييف، الجمعة، بعد يومين من الاتصال الهاتفي، إنه خلال المكالمة، تحدث هو وشي عن سلامة الأراضي الأوكرانية ووحدتها «بما في ذلك شبه جزيرة القرم (التي ضمتها روسيا على البحر الأسود)» وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

تبرأت الصين، اليوم (الجمعة)، من اتهامات وجهها خبراء من الأمم المتحدة بإجبارها مئات الآلاف من التيبتيين على الالتحاق ببرامج «للتدريب المهني» تهدد هويتهم، ويمكن أن تؤدي إلى العمل القسري. وقال خبراء في بيان (الخميس)، إن «مئات الآلاف من التيبتيين تم تحويلهم من حياتهم الريفية التقليدية إلى وظائف تتطلب مهارات منخفضة وذات أجر منخفض منذ عام 2015، في إطار برنامج وُصف بأنه طوعي، لكن مشاركتهم قسرية». واكدت بكين أن «التيبت تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والوحدة العرقية وموحّدة دينياً ويعيش الناس (هناك) ويعملون في سلام». وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن «المخاوف المز

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

أثار كتاب التاريخ لتلاميذ المدارس الصينيين الذي يذكر استجابة البلاد لوباء «كورونا» لأول مرة نقاشاً على الإنترنت، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). يتساءل البعض عما إذا كان الوصف ضمن الكتاب الذي يتناول محاربة البلاد للفيروس صحيحاً وموضوعياً. أعلن قادة الحزب الشيوعي الصيني «انتصاراً حاسماً» على الفيروس في وقت سابق من هذا العام. كما اتُهمت الدولة بعدم الشفافية في مشاركة بيانات فيروس «كورونا». بدأ مقطع فيديو قصير يُظهر فقرة من كتاب التاريخ المدرسي لطلاب الصف الثامن على «دويين»، النسخة المحلية الصينية من «تيك توك»، ينتشر منذ يوم الأربعاء. تم تحميله بواسطة مستخدم يبدو أنه مدرس تاريخ، ويوضح

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.