ثلث الطعام الذي نتناوله في خطر بسبب «الفراشات والنحل»

الفراشة الملكية هي واحدة من أكثر الحشرات شهرة وتميزاً في العالم (رويترز)
الفراشة الملكية هي واحدة من أكثر الحشرات شهرة وتميزاً في العالم (رويترز)
TT

ثلث الطعام الذي نتناوله في خطر بسبب «الفراشات والنحل»

الفراشة الملكية هي واحدة من أكثر الحشرات شهرة وتميزاً في العالم (رويترز)
الفراشة الملكية هي واحدة من أكثر الحشرات شهرة وتميزاً في العالم (رويترز)

حذر خبير أميركي من أن ثلث أنواع الأطعمة التي يتناولها البشر مهددة بالزوال نظراً لتعرض الفراشات والنحل لخطر الانقراض بسبب أزمة المناخ.
وتعرف الفراشات والنحل بأنها حشرات ملقحة، أي تساعد على تلقيح الفاكهة والخضراوات والنباتات الأخرى، ومن ثم فإن انقراضها قد يتسبب في مشكلة كبيرة لإمداداتنا الغذائية، وفقاً لما نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية.
وقال رون ماجيل، خبير الحياة البرية الأميركي إن «نحو 30 في المائة من الطعام الذي ينتهي به المطاف على طاولاتنا مرتبط بشكل مباشر بالحشرات الملقحة».
ووفقاً لهيئة الغذاء والدواء الأميركية، يعتبر التفاح والبطيخ والتوت البري والقرع والبروكلي واللوز من بين الأطعمة الأكثر عرضة للخطر جراء هذه المشكلة.
وتقول الهيئة إن النحل، على وجه الخصوص، مسؤول عن تلقيح نحو 90 محصولاً تجارياً.

ولفت ماجيل أيضاً إلى أن تأثير تعرض الفراشات والنحل للخطر قد يكون غير مباشر.
وأوضح قائلاً: «بمعنى آخر، تتناول الكثير من الدواجن والأبقار نباتات وفواكه وخضراوات تعتمد على الملقحات. ومن ثم فإن تعرض هذه الملقحات للخطر قد يقلل من عدد الدواجن واللحوم التي نتناولها في المستقبل».
وأضاف ماجيل: «كل شيء مرتبط بشكل معقد، سواء كنت تأكل الطعام الملقح مباشرة أو كنت تأكل شيئاً يعتمد على هذا الطعام الملقح».
وأثرت أزمة المناخ على الملقحات بشكل كبير خاصة الفراشات، نظراً لكونها من أكثر الحشرات حساسية للتغيرات في درجات الحرارة، وفقاً لماجيل.

ووجد تقرير للأمم المتحدة في عام 2019 أن هناك مليون نوع من الكائنات الحية معرض لخطر الانقراض في العقود المقبلة، مع تسارع أزمة المناخ. ويقول ماجيل: «إننا بدأنا نرى ذلك يحدث في مجموعات الحشرات».
وأضاف العلماء في الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة الشهر الماضي الفراشة الملكية، وهي واحدة من أكثر الحشرات شهرة وتميزاً في العالم، إلى قائمتهم الخاصة بالأنواع المهددة بالانقراض، مشيرين إلى أن تدمير موطنها وارتفاع درجات الحرارة التي تغذيها أزمة المناخ تهدد هذه الفراشات بشكل متزايد.
بالإضافة إلى ذلك، بدأت أعداد النحل في الانخفاض بشكل مزعج في عام 2006. ومن أبريل (نيسان) 2020 إلى أبريل 2021. فقد مربي النحل في الولايات المتحدة نحو 45 في المائة من مستعمراتهم، وفقاً لكلية الزراعة بجامعة أوبورن.
وأظهرت مجموعة من الدراسات العلمية أن الطفيليات القاتلة للنحل أصبحت أكثر انتشاراً في المناخات الأكثر دفئاً مما يعني أنه مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، يمكن أن تزدهر الطفيليات وتصبح كارثية بالنسبة للنحل.
وأشار ماجيل إلى أنه في حين أن هذه الانخفاضات في أعداد النحل والفراشات تحدث تدريجياً، فإنها ستكون في النهاية أكبر من أن تتغلب عليها النظم البيئية.


مقالات ذات صلة

البنك الدولي: موجات الجفاف تؤثر على نحو 70 مليون شخص سنوياً

الاقتصاد حذّر البنك الدولي من أن موجات الجفاف قد تطول نحو نصف سكان العالم في عام 2050 (واس) play-circle 00:30

البنك الدولي: موجات الجفاف تؤثر على نحو 70 مليون شخص سنوياً

قال البنك الدولي إن موجات الجفاف أصبحت، في ظل المناخ المتغير، أكثر تواتراً وشدة وانتشاراً، وهي تؤثر كل عام على نحو 70 مليون شخص في المتوسط.

عبير حمدي (الرياض)
بيئة مواطنون في حديقة بمدينة شوني بولاية أوكلاهوما الأميركية في نوفمبر 2024 (أ.ب)

2024 يتجه لتسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخ الأرض

سجلت درجة حرارة الأرض خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ثاني أعلى درجة حرارة في مثل هذا الشهر من أي عام.

«الشرق الأوسط» (برلين )
العالم العربي برامج البنك الدولي تساهم في التوعية بمخاطر التغير المناخي في اليمن (البنك الدولي)

تدهور الأراضي الزراعية في اليمن... ونصف مليون نازح بسبب المناخ

حذّر اليمن من تدهور الأراضي الزراعية بمعدل مقلق، بالتوازي مع إعلان أممي عن نزوح نصف مليون شخص خلال العام الحالي بسبب الصراع والتغيّرات المناخية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
الاقتصاد زوار يتجولون في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

278 مليار دولار سنوياً فجوة التمويل لمكافحة التصحر

أشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إلى وجود فجوة تمويلية هائلة تبلغ 278 مليار دولار سنوياً.

زينب علي (الرياض)

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
TT

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)

استقبل مسرح «الطليعة» في مصر أحد العروض الشهيرة للكاتب الآيرلندي الراحل صمويل بيكيت (1906- 1989)، «لعبة النهاية»، الذي رغم احتفاظه بالروح الأصلية للعمل الشهير المنسوب إلى مسرح العبث، فقد شكَّل إضاءة على مشاعر الاغتراب في الواقع المعاصر. وهو عرضٌ اختتم مشاركته في مهرجان «أيام قرطاج المسرحي» ليُتاح للجمهور المصري في المسرح الكائن بمنطقة «العتبة» وسط القاهرة حتى بداية الأسبوع المقبل.

على مدار 50 دقيقة، يحضر الأبطال الـ4 على المسرح الذي يُوحي بأنه غُرفة منسيّة وموحشة، فيتوسّط البطل «هام» (محمود زكي) الخشبة جالساً على كرسيّه المتحرّك بعينين منطفئتين، في حين يساعده خادمه «كلوف» ويُمعن في طاعته والإصغاء إلى طلباته وتساؤلاته الغريبة التي يغلُب عليها الطابع الساخر والعبثيّ المُتكرّر عبر سنوات بين هذا السيّد والخادم.

يَظهر والد «هام» ووالدته داخل براميل قديمة وصدئة، ويجلسان طوال العرض بداخلها، ولا يخرجان إلا عندما يستدعيهما الابن الذي صار عجوزاً، فيسألهما أسئلة عبثية لا تخلو من تفاصيل عجيبة، ويخاطبهما كأنهما طفلين يُغريهما بالحلوى، في حين يبادلانه أحاديث تمتزج بالذكريات والجنون، ليبدو كأنهما خارج العالم المادي؛ محض أرواح مُحتضرة تُشارك «هام» هلوساته داخل تلك الغرفة.

الأب يؤدي دوره من داخل أحد البراميل (مسرح الطليعة)

في المعالجة التي يقدّمها العرض، يحتفظ المخرج المصري السيد قابيل بأسماء الأبطال الأجنبية التي كتبها صمويل بيكيت من دون منحها أسماء محلّية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قدَّم المسرح المصري هذه المسرحية قبل 60 عاماً تقريباً في عرض للفنان الكبير الراحل سعد أردش، لكنه كان باللغة العربية الفصحى. اليوم، عالجتُ النص وأقدّمه بالعامية المصرية. احتفظت بالأسماء الأصلية للأبطال وهوياتهم، وكذلك بروح العمل وتفاصيل الحوار فيه، خصوصاً أنّ لهذا العرض الذي ينتمي إلى مسرح العبث فلسفته التي تمسّكتُ بها ضمن قالب جديد».

يؤدّي دور الخادم «كلوف» الفنان المصري محمد صلاح الذي اعتمد جزءٌ كبير من أدائه على الإفراط بحركات سير متعرّجة في محاولاته المُتسارعة لتلبية طلبات سيّده الأعمى، إذ يبدو كأنه في مَهمّات لا نهائية، منها ترتيب البيت الخالي بشكل فانتازي. بالإضافة إلى تردّده الدائم على نافذة الغرفة التي يظّل سيّده يطلب منه وصف ما يدور خارجها، فيصف له الضوء والبحر اللذين لا يدرك إذا كانا موجودَيْن بالفعل أم محض خيال.

على مدار العرض، يظلُّ الخادم يسأل: «لماذا أطيعك في كل شيء؟»، و«متى جئتُ إلى هذا البيت لخدمتك؟»، فيكتشف أنه قضى عمره داخل جدرانه المخيفة، فيقرّر في خطوة خلاص مغادرة خدمة سيّده، فتكون لحظة فتحه باب البيت هي عينها لحظة نهاية اللعبة، حتى وإنْ ظلّ واقفاً أمامه، متوجّساً من الخروج إلى العالم الحقيقي ومواجهة المجهول. لحظة تحدّيه سيطرة سيّده «هام» سرعان ما تبدو كأنها لا تختلف عن «الفراغ» الذي أمامه، بما يعكس فلسفة صمويل بيكيت عن سخرية الحياة، حيث لا يبدو الهروب من عبثها ممكناً أبداً.

الأب والأم في أحد مَشاهد المسرحية (مسرح الطليعة)

يشير مخرج العرض السيد قابيل إلى أنّ «للقضية التي تطرحها المسرحية صيغة إنسانية عابرة للمكان والزمان، وتصلُح لتقديمها في أي وقت؛ وإنْ كُتب النصّ الأصلي لبيكيت في الخمسينات. فكثير من نصوص شكسبير، والنصوص اليونانية القديمة العائدة إلى ما قبل الميلاد، لا تزال قابلة لإعادة تقديمها، وصالحة لطرح أسئلة على جمهور اليوم. وفي هذا العرض أدخلنا بعض الإضافات على الإضاءة والموسيقى للتعبير بصورة أكبر عن دراما الأبطال، ومساعدة المتلقّي على مزيد من التفاعُل».

الفنان محمود زكي في مشهد من العرض (مسرح الطليعة)

وعكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية والتكرار العدميّ والخضوع التام. فإذا كان السيّد الأعمى والمشلول يعتمد على خادمه في مواصلة لعبة عبثية يتسلّى بها في عزلته، فإنّ الخادم يظلُّ غير قادر على تصوُّر الحياة بعيداً عن قواعد تلك «اللعبة».