منذ نحو 10 سنوات، أصدر لبنان قانوناً يحمل رقم 174 للحدّ من التدخين. يومها، لم يجد سبيلاً لتطبيقه لأسباب عدّة، بينها اعتراض نقابة أصحاب المطاعم عليه من جهة، وتلكؤ الدولة في تطبيقه من جهة ثانية.
اليوم، تحاول وزارتا الصحة والتربية، بدعم من شركة «الصبّاح أخوان» للإنتاج، سلوك طريق أخرى تُسهم في الوقاية من مخاطر هذه الآفة. ووقع الاختيار على الجيل الثالث لتوكيله بالمهمّة. ومن باب توعية تلامذة المدارس من عمر 8 إلى 12 عاماً، تُنظَّم حملة «طفّيها قبل ما تطفيك».
من أهم الخطوات التي ستساعد الوزارتين على تحقيق هذه الغاية، هي زيارة 1800 مدرسة رسمية وخاصة، والالتقاء بتلامذتها ليسهموا في الحدّ من التدخين. ومن خلال مسابقة مدرسية تنفّذها «الصبّاح»، وتستمر حتى 31 مايو (أيار) المقبل، يُطلب من التلامذة تصوير فيديوهات قصيرة ينبغي ألا تتجاوز الـ30 ثانية، تتناول فكرة مبتَكرة تُسهم في الوصول إلى هذا الإنجاز.
الأحفاد، إذن، هم مَن سيتولّون إقناع الأكبر منهم سناً بالامتناع عن التدخين. وضمن نموذج حيّ قدّمته مدرسة الـ«آي سي» في بيروت، انطلقت الحملة، وكانت مناسبة تحمل رسالة صريحة من الوزارتين.
وبالتعاون مع «الصبّاح» ممثَّلة بصادق الصبّاح، وبحضور الوزيرين فراس أبيض وعباس الحلبي، افتُتحت الحملة. استُهلت بعرض فيديو من إنتاج الشركة يحاكي شعار «طفّيها قبل ما تطفيك»، لتتوالى بعدها كلمات المشاركين في تنظيم الحدث ودعمه.
وأشار رئيس الجامعة الأميركية في بيروت فضلو خوري، في كلمته، إلى أنّ نسبة التدخين عند اللبنانيين تلامس الـ70 في المائة، ونصفهم تقريباً، هم من المدمنين على السجائر. بدوره، لفت وزير التربية إلى أنّ من شأن هذه الحملة توعية الجيل الجديد بخطورة التدخين، وإلا فسيدفع المدخّنون الثمن غالياً من صحتهم ومستقبلهم.
كذلك، شدّد رئيس الخطة الوطنية لمكافحة السرطان البروفيسور عرفات طفيلي على أهمية الوقاية من السرطان، لافتاً إلى أنّ الدخان يُعدّ من أبرز مسببات هذا المرض. وتابع أنّ اختيار التلامذة للتوجُّه إليهم في حملة التوعية هذه، جاء من منطلق الحرص على تحصينهم من التدخين عندما يكبرون. وقال إنّ الأهم هو مشاركة فاعلة ممَن سيُطلب منهم إعداد فيديو من 30 ثانية حول كيفية محاربة هذه الآفة، وذلك ضمن مسابقة ستُعلَن نتائجها في 31 مايو تزامناً مع اليوم العالمي للحدّ من التدخين.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، أكد وزير الصحة فراس أبيض بأنه متفائل بهذه الحملة. ورأى أنّ عدم تطبيق قانون 174 ناتج عن ضعف الدولة في ظلّ أزمات عدّة تواجهها، وتابع: «سنحاول تطبيقه، لكننا نتمسّك بالوقاية عبر التوعية. سنزور جميع تلامذة لبنان في 1800 مدرسة لنشرح لهم المخاطر، ونلفت انتباههم إلى مشكلة الإدمان التي يواجهها المدخّنون».
وأضاف: «في لبنان، ثمة مَن يحاول العمل ضدّ هذا التيار. إنه (لوبي) شرس قد يفعل المستحيل لإبقاء الإدمان على الدخان قاعدة عامة. اليوم، يُدرك الجميع الكلفة الباهظة التي يتكبّدها المدخّن، وفي مقدّمتها مرض السرطان. لا مفرّ من تطبيق قانون منع التدخين رقم 174».
أما مدير شركة «الصبّاح» للإنتاج صادق الصبّاح، فتوجّه في كلمته خلال المؤتمر إلى حفيده فارس، طالباً منه عدم الانجرار وأصدقائه خلف هذه الآفة. وتمنّى لو كان هذا النوع من الحملات حاضراً في الماضي، لكان وفّر عليه وعلى غيره تجربة التدخين المُرّة. وتابع لـ«الشرق الأوسط»: «قصدتُ مشاركة قصة حفيدي لأنّ الحملة موجَّهة للتلامذة في سنّه، واقتنعنا في الشركة بضرورة مساندتها والمساهمة في إنتاجاتها. علينا قبل بداية عطلة الصيف بذل كل ما بوسعنا لضمان وقاية الجيل الجديد من الإدمان على التدخين».
ومن ناحيته، أكد الفنان جورج خباز المُشارك في الحدث لـ«الشرق الأوسط»، بأنه اتّخذ قرار التوقّف عن التدخين منذ نحو 4 أشهر. وحضر للمساهمة في الحملة ليُشكّل نموذجاً حيّاً عن تغييرات إيجابية عاشها منذ اتّخاذه هذا القرار.