ألغام «الحرس الثوري» تهدد حياة أبناء البادية السورية

TT

ألغام «الحرس الثوري» تهدد حياة أبناء البادية السورية

عجزت 6 حملات تمشيط عسكرية مشتركة بين قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية بإسنادٍ جوي روسي على مدار عام، عن القضاء على فلول تنظيم «داعش» في البادية السورية، ووقف نشاطه الذي تزايد مؤخراً ضد المواقع العسكرية لقوات النظام والميليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية. فيما الحرس الثوري الإيراني يصدر أوامر لميليشياته في البادية، بزراعة آلاف الألغام على مسافة من مواقعها، والتي تهدد حياة الأهالي والثروة الحيوانية في وسط البلاد وشرقها.
فخلال الآونة الأخيرة، تشهد البادية السورية نشاطاً عسكرياً جديداً لتنظيم «داعش»، من خلال استهدافه شبه اليومي بالكمائن للقوافل العسكرية لقوات النظام والميليشيات الإيرانية العابرة على الطرق البرية الواصلة بين بادية حمص وحماة ودير الزور والرقة. إضافة إلى تنفيذه هجمات مباغتة تستهدف المواقع العسكرية التابعة لقوات النظام والميليشيات الموالية لإيران منها لواء فاطميون (الأفغاني)، و«حزب الله» (العراقي)، في بادية حمص وباديتي دير الزور والرقة، والتي أسفرت عن مقتل وجرح أكثر من 80 عنصراً، وتدمير نحو 6 آليات وسيارات عسكرية، بحسب مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط».
وتضيف المصادر أن «نحو 28 عملية نفذها مقاتلو التنظيم ضد قوات النظام والميليشيات الإيرانية في البادية السورية خلال الآونة الأخيرة، بينها 3 هجمات استهدفت موقعين عسكريين لميليشيا (لواء فاطميون) (الأفغاني)، وموقع لقوات النظام (الفرقة الرابعة)، بمحيط منطقة السخنة والطيبة في بادية حمص، استخدم فيها عناصر التنظيم أسلحة رشاشة وسيارات دفع رباعي، وأسفرت عن مقتل 13 عنصراً وجرح عدد آخر. فيما نفذ مقاتلو التنظيم 4 هجمات استهدفت مواقع عسكرية لقوات النظام السوري والميليشيات الموالية لإيران منها (حزب الله) (العراقي)، بالقرب من جبل البشري جنوب غربي دير الزور والرقة. أعقبها هجومان على مستودعات عسكرية في منطقة الرصافة جنوب غربي مدينة الرقة. وأسفرت تلك العمليات عن مقتل وجرح ما لا يقل عن 20 عنصراً. فيما نفذ عناصر التنظيم 6 كمائن استهدفت حافلات نقل (مبيت) عسكرية، على الطريق البرية الواصلة بين مدينة الطبقة ومنطقة أثريا شرق حماة، وطريق دير الزور والسخنة شرق حمص، وأسفرت عن تدمير عدد من الحافلات وقتل وجرح عدد من عناصر قوات النظام، بينهم ضباط».
وعلى الرغم من أن «الحرس الثوري» اعتمد خطة تشكيل حزام أمني وعسكري، مؤلف من نحو 48 موقعاً ونقطة عسكرية في مناطق جبلية ومرتفعات تحيط بالبادية السورية، بدءاً من منطقة القلمون، شمال العاصمة دمشق، ومنطقة القريتين ومهين وتدمر والسخنة (بوابة بادية حمص) شرقاً، مروراً بخربة التياس ووادي العذيب ومناطق شاعر شرق حماة وجبل البشري والرصافة جنوب وغرب دير الزور والرقة، ويضم مقاتلين من الميليشيات الأفغانية والإيرانية والعراقية واللبنانية معززين بأسلحة دفاعية وقواعد صواريخ موجهة، ومحاطين بالسواتر الترابية والخنادق، فإن الهجمات التي تنفذها مجموعات تابعة لتنظيم «داعش» شكّلت مؤخراً حالة رعب دفعت بالحرس الثوري إلى الشروع بعملية زراعة الألغام ضد الأفراد والآليات، على مسافة من مواقعها لحمايتها من هجمات التنظيم، والتي تشكل في الوقت ذاته خطراً يهدد حياة المدنيين من أبناء المنطقة وتهديداً مباشراً للثروة الحيوانية، بحسب أحد أبناء منطقة السخنة شرق حمص. ويضيف «يتّبع الحرس الثوري (الإيراني) وميليشياته أسلوب زراعة الألغام، بمحيط مواقعه العسكرية ومناطق قد تبعد عنه ببضع كيلومترات، بطريقة عشوائية تغيب فيها الإشارات الدالّة على وجود ألغام، ومن دون مراعاة أمن المدنيين من مخاطر انفجارها. وهو ما قلّص مساحة رعي الأغنام في تلك المناطق بعد انفجار بعض الألغام بالمواشي ومقتل عدد من رعاتها. وفي الوقت ذاته تستنفر الميليشيات الإيرانية في المنطقة عقب كل انفجار وتوقف عدداً من المواطنيين للتحقيق معهم بأبشع الطرق والوسائل مع توجيه اتهامات بالانتماء إلى تنظيم داعش، ثم يتم إخلاء سبيلهم مقابل فدية مالية قد تصل إلى 10 ملايين ليرة سورية».
ويقول أحمد، وهو ناشط من مدينة تدمر شرق حمص: «تعتبر البادية السورية بعمقها الواسع بدءاً من حماة وحمص شرقاً، وصولاً إلى الحدود السورية - العراقية، ملاذ تنظيم داعش الأخير في سوريا، منذ أن خسر معقله الأكبر في شرق البلاد مطلع عام 2019 في ريف دير الزور الشرقي. ويتحرك مقاتلو التنظيم في البادية بكل سهولة، مستفيدين من معرفتهم بطبيعتها وتضاريسها الصعبة».
ويضيف: «سبق أن نفذت قوات النظام السوري بالاشتراك مع الميليشيات الإيرانية، 6 حملات تمشيط واسعة ضد فلول التنظيم في البادية السورية، مدعومة بسلاح الجو الروسي، خلال عام 2021، والحملة الأخيرة كانت للفيلق الخامس المدعوم من روسيا في يونيو (حزيران) من العام الحالي. إلا أن كل تلك الحملات لم تنجح في القضاء على عناصر التنظيم، بسبب اتباع الأخير أسلوب التخفي والاختباء وسط الجبال والمرتفعات الرملية في البادية، إضافة الى أسلوب دفاعي يتمثل بنصب الكمائن (الليلية والنهارية)، ضد مجموعات قوات النظام والميليشيات الإيرانية أثناء حملات التمشيط، مما أدى إلى مقتل المزيد من عناصرها وإفشال الحملات».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.