استنكر قادة وكيانات من شرق السودان صمت القادة العسكريين الذين يسيطرون على السلطة في البلاد، إزاء تدخل إريتريا السافر، بدعوتها زعماء قبائل وقادة سياسيين من الشرق لحضور مؤتمر يناقش الأزمة في الإقليم.
وذهبت معظم التوقعات داخل البلاد إلى أن السلطات ستستدعي السفير الإريتري في الخرطوم على نحو عاجل، للاحتجاج على هذا المسلك الذي يعد انتهاكاً للسيادة الوطنية.
وأوقفت السلطات الأمنية أول من أمس على الحدود الشرقية وفد زعماء القبائل المتجه إلى العاصمة الإريترية أسمرة عبر أحد المعابر البرية المغلق منذ سنوات، أبرزهم ناظر عموم قبائل «الهدندوة» محمد الأمين «ترك» المقرب جداً من العسكريين، ومنعتهم من العبور وأعادتهم إلى داخل البلاد.
وأفادت مصادر عديدة تحدثت لـ«الشرق الأوسط» بأن السفير الإريتري في الخرطوم، عيسى أحمد عيسى، تحرك على الفور وأجرى اتصالات مكوكية مع قادة في الخرطوم وأسمرة للسماح للوفد بدخول الأراضي الإريترية، لكن محاولاته باءت بالفشل.
وكان السفير الإريتري وجّه دعوة لعدد من نظار القبائل والقادة السياسيين المؤيدين والرافضين لمسار الشرق في «اتفاق جوبا» للسلام لحضور الاجتماع، الذي كان مقرراً انعقاده اليوم السبت.
وتفاقمت الأزمة في شرق السودان عقب «اتفاق السلام»، وخرج تكتل قبلي تحت مسمى «المجلس الأعلى لنظارات البجا» يطالب بإلغاء المسار والاتفاق على ترتيبات جديدة لمشاركة الإقليم. وساهمت أزمة الشرق في الإطاحة بالحكومة الانتقالية التي كان يرأسها عبد الله حمدوك.
ورجّح مقرر المجلس الأعلى لعموديات ونظارات البجا، عبد الله أوبشار، أن يكون منع عبور الوفد إلى إريتريا بسبب «خطأ إجرائي» لعدم وجود تنسيق بين السلطات في ولاية كسلا والسلطات المركزية في الخرطوم، مشيراً إلى أن المعبر الحدودي مغلق منذ العام 2017، وبالتالي فهي مسالة تتعلق بالأمن. فيما قال قيادي آخر إن قرار المنع جاء من أعلى قيادة عسكرية في المنطقة الشرقية.
وأوضح أوبشار أن الدعوة لا تزال قائمة وتجري ترتيبات لتحديد موعد جديد للمؤتمر. ورأى أن التدخل الإريتري في الشرق عبر دعوة نظار القبائل جاء بعد فشل السلطات السودانية في حل الأزمة، ما فتح الباب إلى تدويلها.
ورأى أن عدم جدية السلطات الحاكمة في إيجاد حل من الداخل، وفشل اللجنة المكلفة بالملف برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي) في إدارة الأزمة، أتاح الفرصة للخارج للتدخل.
وقال: «كان على السلطات أن ترفض هذا التدخل، لان أي تدخل خارجي له ثمنه». وأشار إلى أن التسويف والمماطلة لدى السلطة الحاكمة للبلاد بعد 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سمحا بتدخل إريتريا التي بدورها لا تملك رؤية لحل الأزمة.
أضاف إن لجنة «حميدتي بدلاً من أن تعمل على حل مشكلة الشرق بإلغاء المسار، عملت على تعقيدها أكثر، واستخدمت سياسة فرّق تسد لضرب وحدة صف أهل الشرق وتفتيت المجلس الأعلى لنظارات البجا بالترضيات وصرف أموال طائلة في شراء المواقف. لذلك طالبنا بتكليف أي شخص آخر للإدارة ملف الشرق».
وأوضح أوبشار أن التدخل الإريتري في قضية الشرق جاء على خلفية المبادرة التي كان قد تقدم بها الرئيس الإريتري أسياس أفورقي لرئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان في أبريل (نيسان) الماضي، من أجل التوسط لحل الأزمة السياسية في السودان بعد إجراءات 25 من أكتوبر (تشرين الأول).
وأبدى القيادي الأهلي سابقاً في الشرق، حامد محمد علي، استغرابه من تساهل السلطات وصمتها عن التدخل الإريتري الفاضح بدعوة مواطنين سودانيين للمشاركة في اجتماع يناقش أزمة الإقليم، واعتبره انتهاكاً للسيادة الوطنية.
وقال «إن الرئيس الإريتري لم يكن ليسمح بمثل هذا الفعل إن جاء من السودان»، مشيراً إلى أن الدعوة لبعض زعماء القبائل لحضور الاجتماع جاءت مباشرة من السفير الإريتري في الخرطوم و«هو أمر يكشف مدى التدخل الإريتري في الشؤون الداخلية في السودان».
كما وجهت قبيلة «الشكرية» التي لها امتدادات كبيرة في شرق السودان، انتقادات حادة للسلطات العسكرية الحاكمة في البلاد، ودعتها إلى وقف التدخل الإريتري عبر سفارتها في الخرطوم. وقالت في بيان مزيّل باسم ناظر عموم القبيلة أحمد محمد حمد ابوسن، إن القبيلة ترفض هذا التصرف من الحكومتين الإريترية والسودانية على حد سواء، بترك أمر شرق السودان حكراً على بعض المكوّنات وتجاهل الأغلبية، وحذرت من أن هذا التدخل السافر سيحدث فتنة بين مكوّنات الإقليم، وطالبت السلطات السودانية بتوضيح موقفها مما يجري التحضير في العاصمة الإريترية أسمرة.
انتقادات للتدخل الإريتري في الشأن السوداني
الخرطوم تمنع وفد زعماء القبائل من حضور مؤتمر في أسمرة
انتقادات للتدخل الإريتري في الشأن السوداني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة