برلماني إيراني: قد نطلب من المرشد التراجع عن «فتوى تحريم الأسلحة النووية»

عبداللهيان قال إن طهران بدأت ضخ الغاز في أجهزة الطرد المركزي... رداً على العقوبات الجديدة

عبد اللهيان يتحدث خلال مؤتمر في طهران أمس (إرنا)
عبد اللهيان يتحدث خلال مؤتمر في طهران أمس (إرنا)
TT

برلماني إيراني: قد نطلب من المرشد التراجع عن «فتوى تحريم الأسلحة النووية»

عبد اللهيان يتحدث خلال مؤتمر في طهران أمس (إرنا)
عبد اللهيان يتحدث خلال مؤتمر في طهران أمس (إرنا)

قال نائب إيراني إن البرلمانيين قد يوجهون طلباً إلى المرشد علي خامنئي للتراجع عن «فتوى تحريم الأسلحة النووية»، وذلك بعد ساعات من تراجع نسبي لـ«المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» عن تصريحات تنوقلت عن رئيس «المنظمة» محمد إسلامي بشأن امتلاك طهران قدرات لتصنيع الأسلحة النووية.
ونقلت وكالة «إيلنا» الإصلاحية عن النائب محمد رضا صباغيان بافقي قوله: «على العدو أن يعلم أنه إذا استمر في وقاحاته وتهديداته، فسوف نطلب من المرشد تغيير الاستراتيجية وفتوى إنتاج الأسلحة النووية، وهذا سهل جداً للشباب الإيراني».
والاثنين نقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن رئيس «الذرية» الإيرانية محمد إسلامي قوله إن إيران «لديها القدرة التقنية على إنتاج قنبلة ذرية، لكنها لا تنوي القيام بذلك».
وكرر إسلامي بذلك تصريحات وردت الأسبوع الماضي على لسان كمال خرازي، رئيس اللجنة الاستراتيجية للعلاقات الخارجية، الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي. وبعد خرازي؛ قال محمد جواد لاريجاني، المنظر الاستراتيجي ونائب رئيس القضاء السابق، إنه «لا أحد بإمكانه أن يمنع إيران إذا أرادت صناعة قنبلة نووية» وفق «رويترز».
بعد ساعات من تصريحات إسلامي، قال المتحدث باسم «الذرية» الإيرانية، بهروز كمالوندي، إن تصريحات إسلامي «أسيء فهمها»، معلناً في الوقت نفسه عن بدء إيران في ضخ الغاز بمئات من أجهزة الطرد المركزي؛ بما في ذلك أجهزة متقدمة من الجيل السادس، وقال إن طهران أبلغت «وكالة الطاقة الذرية» قبل بدء العملية.
وعلى هامش بداية مؤتمر المراجعة العاشر لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، في نيويورك، شدد وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، في بيان مشترك، على ضرورة منع إيران في الحصول على أسلحة نووية.
وفي المكان نفسه، دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، طهران إلى التعاون، وقال غروسي: «نحتاج، وأقول هذا بوضوح شديد، نحتاج إلى الوصول بشكل يتناسب مع اتساع وعمق تلك المشكلة النووية». وقال إنه من المهم لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» أن «تتمكن من تقديم الضمانات الضرورية والموثوقة بأن إيران تستخدم (الطاقة النووية) سلمياً».
وخلال الأيام الماضية، تداولت قنوات تابعة لـ«الحرس الثوري» على شبكة «تلغرام»، مقطع فيديو يتحدث عن جاهزية إيران للبدء بخطوات لتطوير أسلحة نووية في منشأة «فوردو» المحصنة تحت الأرض، إذا تعرضت منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم لهجوم إسرائيلي. وليست هذه المرة الأولى التي يلوح فيها مسؤولون إيرانيون باحتمال تغيير مسار البرنامج النووي؛ ففي فبراير (شباط) 2021، قال وزير الأمن السابق، محمود علوي، قبل أشهر من انتهاء مهامه الوزارية، إن الضغط الغربي قد يدفع بطهران إلى سلوك «قط محاصر» في السعي لامتلاك أسلحة نووية.
وصرح علوي حينها في مقابلة تلفزيونية بأن «المرشد (خامنئي) قال بوضوح في فتواه إن الأسلحة النووية تناقض الشريعة، وإن الجمهورية الإسلامية تعدّها محرمة دينياً، ولا تسعى لحيازتها، لكن قطاً محاصراً يمكن أن يتصرف بشكل مخالف لما يفعله عندما يكون طليقاً، وإذا دفعت (الدول الغربية) إيران في ذلك الاتجاه، فلن يكون الذنب ذنب إيران».
في غضون ذلك، انتقدت طهران، الثلاثاء، الحزمة الأخيرة من العقوبات الأميركية التي استهدفت شبكة شركات منخرطة في تصدير النفط الإيراني، متوعدة بـ«رد حازم» عليها، بينما يهيمن الجمود على المباحثات غير المباشرة بين الطرفين لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، قوله إن بدء إيران في ضخ الغاز بأجهزة الطرد المركزي، جاء رداً على العقوبات الأميركية.
وقال: «في الأسابيع الأخيرة بينما نستعد لمرحلة جديدة من المفاوضات، فجأة طرح الجانب الأميركي قراراً في (مجلس محافظي الوكالة الدولية) بهدف الحصول على امتيازات من إيران». وأضاف أن «العقوبات الأميركية غير منطقية». وتابع: «على الأميركيين ألا يتصوروا أنهم بهذه الخطوات يمكنهم الحصول على امتيازات على طاولة المفاوضات. يجب أن يتركوا المطالب المبالغ فيها جانباً... إذا أراد الجانب الأميركي أن يستمر في هذا الاتجاه؛ فلن نبقى مكتوفي الأيدي».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في بيان، إن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستبدي أولاً رد فعل حاسماً وحازماً وفورياً تجاه إصرار البيت الأبيض على مواصلة العقوبات، وثانياً ستستخدم جمع الإجراءات اللازمة لتحد من الآثار السلبية المحتملة لهذه العقوبات على تجارة واقتصاد البلاد».
وأعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الاثنين، فرض عقوبات على «6 كيانات تقوم بتسهيل المعاملات غير المشروعة المتعلقة بالنفط الإيراني» الذي يعدّ من «المصادر الرئيسية لإيرادات الحكومة الإيرانية». وتجمد هذه الإجراءات أي أصول مقرها الولايات المتحدة وتمنع بشكل عام الأميركيين من التعامل معها. ويخاطر كل من يشارك في معاملات معينة مع تلك الشركات أيضاً بالتعرض لعقوبات.
وتصر طهران على اتهام إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن بفرض عقوبات عليها، في إطار استكمال سياسة «الضغوط القصوى» التي اعتمدها سلفه دونالد ترمب ضدها، منذ قراره عام 2018 الانسحاب من الاتفاق النووي، بهدف التوصل إلى اتفاق أشمل يضمن إطالة أمد القيود النووية، ويعالج أنشطة إيران الإقليمية، ويلجم تطوير الصواريخ الباليستية.
وقال كنعاني: «لقد عدّ مسؤولو إدارة بايدن مراراً سياسة (الضغوط القصوى) من ترمب سياسة فاشلة وغير فعالة؛ لكنهم من الناحية العملية استمروا ووسعوا هذه السياسة الفاشلة أيضاً، لدرجة وصلت إلى عملية الجهود الجارية من أجل استئناف المفاوضات للعودة إلى الاتفاق»، واصفاً الإجراء بأنه «غير مثمر ومدمر»، وفق بيان منشور على الموقع الإلكتروني للوزارة.
وفشلت حتى الآن جهود إحياء الاتفاق؛ الذي فرضت إيران بموجبه قيوداً على برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الأميركية والعقوبات الأخرى، مما دفع بواشنطن إلى البحث عن طرق أخرى لزيادة الضغط على طهران. وتمثل هذه الخطوات ثالثة جولات العقوبات الأميركية المتعلقة بإيران على الشركات نفطية في الشهرين الماضيين.
والأسبوع الماضي، كشف وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الذي يتولى تنسيق المباحثات، عن أنه طرح على طهران وواشنطن مسودة تفاهم، وحضهما على قبولها لتفادي «أزمة خطيرة».
وجرى الاتفاق بشكل أساسي على الخطوط العريضة لإحياء الاتفاق في مارس (آذار) الماضي بعد 11 شهراً من المحادثات غير المباشرة في فيينا بين طهران وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. لكن المحادثات انهارت بعد ذلك بسبب عقبات؛ من بينها مطالبة طهران بضرورة أن تقدم واشنطن ضمانات بعدم تخلي أي رئيس أميركي عن الاتفاق مثلما فعل ترمب. وكذلك إلغاء إدراج «الحرس الثوري» من قائمة أميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

«عسكرة» النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية

 منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
TT

«عسكرة» النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية

 منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

كانت الأنظار متجهة صوب فيينا يوم الخميس مترقبة التصويت على مشروع القرار الذي تقدمت به «الترويكا» الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، والذي يندد بعدم تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمناسبة الاجتماع الربع السنوي لمحافظي الوكالة الـ35.

وكان مدير الوكالة، رافاييل غروسي، قد زار طهران الأسبوع الماضي حيث أجرى جولة واسعة من المحادثات مع مسؤولي الملف النووي، بما في ذلك مع رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان. واللافت، هذه المرة، وجود تضارب في وجهات النظر بين غروسي والدول الغربية الأربع الساعية لتصعيد الضغوط على الجانب الإيراني، بالتوافق مع دول الاتحاد الأوروبي التي فرضت، مؤخراً، عقوبات جديدة على طهران بسبب الدعم الذي تقدمه لروسيا في حربها مع أوكرانيا.

كذلك، فإن عودة الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل تزيد من حدة الضغوط على إيران، ولكن أيضاً على الطرف الأوروبي الذي لم ينجح عام 2018 في ثني ترمب عن الخروج من الاتفاق النووي المبرم صيف 2016، ولا في تفعيل الآلية الأوروبية «أنستكس» التي تمكن طهران من الالتفاف على العقوبات الأميركية العابرة الحدود.

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة مع انطلاق اجتماع محافظي الوكالة في فيينا (إ.ب.آ)

غروسي والأوروبيون

لقد سعى غروسي إلى «تنفيس» تعبئة «الترويكا» التي أعدت، منذ أسابيع، مشروع قرار يدين إيران بسبب إخفاقها في التعاون الكامل مع الوكالة الدولية، ولكن من غير أن يذهب، علناً، إلى تهديدها بنقل ملفها إلى مجلس الأمن الدولي من أجل تفعيل ما يسمى «آلية سناب باك» التي ينتهي مفعولها في خريف عام 2025.

والحال أنه، في حال تفعيلها، ستفضي الآلية المعقدة إلى إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران التي «علقت» بفضل الاتفاق النووي بداية عام 2017؛ ولذا، سعى غروسي لإبراز «التنازل» الذي قدمته طهران، حيث إنها قررت «تجميد» إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة.

وقال غروسي الذي تلقى صباح الأربعاء مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، تضمنت وعوداً بالتعاون ولكن أيضاً تهديداً بالرد، إن ما تقوم به إيران يتم «للمرة الأولى»، ويعد «خطوة في الاتجاه الصحيح». وأضاف مدير الوكالة أن مفتشيها «تحققوا» من هذا الأمر وتبين لهم أن إيران «تقوم بالتحضيرات» الضرورية لتحقيق هذا الغرض.

والمعروف أن الدولة التي تمكنت بالتقنية من تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة قادرة على الارتقاء بالتخصيب إلى نسبة 90 في المائة الضرورية لإنتاج السلاح النووي. وتمتلك إيران حالياً أقل بقليل من 185 كلغ من اليورانيوم المخصب بهذه النسبة، ما يمكّنها من التحول إلى قوة نووية إذا سعت لذلك، وهو الأهم والذي تنفيه بقوة، لكونه يخالف «عقيدتها النووية».

وخلاصة غروسي الموجهة للغربيين تحذيرهم من «تصعيد لا طائل منه خصوصاً في منطقة عانت بسببه الكثير»، ونصحهم بـ«التزام الحذر» لجهة أن إيران «يمكن أن تتراجع عن قرارها» تجميد التخصيب في حال صوت مجلس المحافظين لصالح مشروع قرار «الترويكا»، مستعيداً بذلك تحذيرات عراقجي التي سمعها منه مجدداً صباح اليوم نفسه. لكن يبدو أن «تطمينات» وتحذيرات غروسي لم تكن كافية لإقناع الغربيين بالتراجع عن عرض نصهم المتشدد للتصويت.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

عسكرة البرنامج النووي الإيراني

تمثل عسكرة البرنامج النووي الإيراني لب الخلاف بين الغربيين وإسرائيل ودول أخرى عديدة في الإقليم وخارجه من جهة، وإيران من جهة ثانية، لأنها تمس موضوع اتفاقية الضمانات الإيرانية ومنطوق معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

وفي هذا الإطار، يندرج بيان الاتحاد الأوروبي يوم الخميس الذي يتهم إيران بانتهاك التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، فضلاً عن الاستمرار في مراكمة مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة وتركيب الآلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة الجديدة.

وإذ حذر البيان من احتمال نشوب أزمة انتشار نووي في المنطقة بسبب ما تقوم به إيران، فإنه شدد على أن «ضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي هو أولوية أمنية أساسية بالنسبة لنا».

ويشكل البيان «مضبطة اتهام» لإيران، عادًّا أن «التطور الذي أحرزته إيران في المجال النووي على مدى السنوات الخمس الماضية هو مصدر قلق كبير»، وأن الوكالة الدولية «لم تتمكن على مدى أكثر من ثلاث سنوات من تنفيذ العديد من أنشطة التحقق والرصد الرئيسية المتعلقة بالاتفاق النووي مع إيران».

وخلاصته، كما في كل مرة، دعوة طهران إلى العودة إلى التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي دون مزيد من التأخير.

والواضح أن الغرض من البيان توفير الدعم الجماعي لـ«الترويكا» ولخطها المتشدد، وتحديداً في ملف «العسكرة».

«مضبطة الاتهام» تكررت في بيان «الترويكا» الذي تلته المندوبة الفرنسية، والذي ندد بـ«غياب الشفافية»، وبفشل إيران في توفير المعلومات التي طلبتها الوكالة، مذكرة بأن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تمتلك أسلحة نووية وتقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة مرتفعة.

ورداً على غروسي، ذكر البيان أنه «حتى لو أقدمت إيران على هذا الإجراء، فستظل تحتفظ بمخزون كبير للغاية من اليورانيوم عالي التخصيب بالإضافة إلى القدرة على استئناف التخصيب بنسبة 60 في المائة في أي وقت»؛ لذا، فقد طالب البيان إيران «ليس فقط بوقف عملية التخصيب (المرتفعة) بل بالتخلص الفوري من مخزون اليورانيوم عالي التخصيب». وبنظر الأوروبيين، فإن «سلوك إيران في المجال النووي يشكل تهديداً للأمن الدولي ويقوض نظام عدم الانتشار النووي العالمي».

غروسي وإسلامي في مؤتمر صحافي بطهران الأسبوع الماضي (د.ب.أ)

خيارات إيران

طالب البيان الأوروبي بستة إجراءات: وقف التصعيد النووي من جانب إيران وعكس اتجاهه والامتناع عن التهديد بإنتاج أسلحة نووية، والعودة إلى القيود التي فرضتها خطة العمل الشاملة المشتركة، ولا سيما تلك المتعلقة بالتخصيب، وتنفيذ البيان المشترك بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في مارس (آذار) 2023، والالتزامات التي تعهدت بها فيما يتعلق بالشفافية والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما في ذلك إعادة تطبيق جميع تدابير الشفافية التي أوقفتها في فبراير (شباط) 2021، والسماح للوكالة بتركيب معدات المراقبة والرصد عند الطلب، وإعادة تنفيذ بروتوكولها الإضافي والتصديق عليه بسرعة، وأخيراً التراجع الكامل عن قرارها الصادر في سبتمبر (أيلول) 2023 بسحب تعيينات المفتشين ذوي الخبرة. وما جاء على لسان المندوبة الفرنسية ورد أيضاً في الكلمة التي ألقتها المندوبة الأميركية.

الواضح اليوم أن هناك عملية «لي ذراع» بين طهران والغربيين، وأن الطرف الضعيف هو إيران. ومشكلتها أن ردها على تصويت مجلس المحافظين على مشروع القرار المطروح يزيد من إحراجها، إذ إنها لا تستطيع أن تطمر رأسها في الرمل وألا ترد على القرار الذي سيكون بمثابة تحذير بنقل ملفها إلى مجلس الأمن الدولي، ولا هي قادرة على اتخاذ إجراءات جذرية لرغبتها في الإبقاء على «شعرة معاوية» بينها وبين الإدارة الأميركية المقبلة. ولذا، فإنها ناورت ولكن من غير نتيجة وسعت إلى استمالة غروسي ومحاولة إحداث انقسام بين الأوروبيين والأميركيين. غير أنها فشلت أيضاً، لأن هؤلاء لا يريدون القطيعة مع ترمب وإدارته الجديدة. ولا يمكن فصل هذا الملف عما يجري في الإقليم وعن الضربة الإسرائيلية وترددها في الرد عليها. وكلها تبين أن إيران تجتاز مرحلة بالغة الدقة، وكل خطوة تقوم بها يفترض أن تحسب ألف مرة حساب النتائج والتبعات المترتبة عليها.