سيناريوهات «غامضة» باتت تحاصر تنظيم «الإخوان» الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً» مع تصاعد حدة النزاع بين قيادات الخارج في لندن وإسطنبول على القيادة؛ الأمر الذي عدّه مراقبون بأنه «يدفع بالفعل في اتجاه تقسيم التنظيم الذي يقبع مرشده وقياداته داخل السجون المصرية». ووفق متخصصين في الشأن الأصولي في مصر تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، فإن «قيادات الإخوان في السجون المصرية، هي التي ستحسم السيناريوهات القادمة للتنظيم، وإن الخلافات والصراعات الداخلية لن تهدأ، وسوف تحدث انقسامات أكثر وأكثر».
النزاع الأخير بين «جبهة إسطنبول» بقيادة الأمين العام السابق للتنظيم محمود حسين، و«جبهة لندن» بقيادة القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير تصاعد إثر تشكيل «جبهة لندن لمجلس شورى جديد»؛ ليكون بديلاً عن «مجلس شورى إسطنبول» التابع لجبهة محمود حسين.
وهنا يرى الخبير في الحركات الأصولية في مصر أحمد بان، أن «التنظيم مشغول الآن بالنزاع بين جبهتي (لندن وإسطنبول)»؛ لكنه رجّح في الوقت نفسه، «ألا يعكس ذلك إلا حالة 10 في المائة من الصف الإخواني، والنسبة الباقية مشغولة بالبحث عن واجهة جديدة للتنظيم، أو محاولة لاكتساب ثقة المجتمعات». ويقول أحمد بان «يبدو أن هذا الطرح قد حظي برضا قيادات الإخوان في السجون المصرية؛ لأنه حتى الآن لم تمنح هذه القيادات صوتها لأي من جبهتي لندن أو إسطنبول».
وأكد بان، أن «ادعاء الجبهتين بدعم مرشد الإخوان محمد بديع مشكوك فيه جداً؛ لأن بديع لا يمكن أن يمنح صوته لمنير أو محمود حسين، وليس في مصلحته دعم جبهة على أخرى؛ حتى لا يُعزز فكرة الانقسام داخل التنظيم»، لافتاً إلى أن «استراتيجية بديع هي الصمت». و«يقبع بديع وأغلب قيادات التنظيم داخل السجون المصرية وبحقهم أحكام بالإعدام والسجن المؤبد و(المشدد) في قضايا عنف وقتل».
وكانت «جبهة إسطنبول» قد زعمت في مايو (أيار) الماضي تلقيها «رسالة منسوبة» لبديع تشير إلى دعمه وتأييده للجبهة. في حين زعم قيادي بـ«جبهة لندن» في الوقت نفسه، بتلقي الجبهة رسالة منسوبة لبديع، تشير إلى «دعم شرعية منير في إدارة المرحلة الحالية».
أحمد بان، يشير إلى أن «قيادات إخوان مصر في السجون المصرية، هي من ستحسم السيناريوهات المقبلة للتنظيم... فهي تنتظر الآن معاينة نشاط كل من منير وحسين، أو المجموعات الإخوانية الأخرى في أوروبا، وبقدر ما تحقق هذه الجبهات من نجاحات، ستحظى بدعم قيادات السجون، وسنكون وقتها أمام رؤية جديدة، أو تنظيم بشكل جديد لـ(الإخوان)».
وكانت الخلافات بين جبهتي «لندن وإسطنبول» قد شهدت تصعيداً لافتاً عقب قيام «مجلس شورى إسطنبول» بتشكيل «اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام» لتقوم بمهام المرشد العام بقيادة مصطفى طُلبة، وعزل إبراهيم منير من منصبه؛ لكن «جبهة لندن» عزلت طُلبة، معلنة «عدم اعترافها بقرارات جبهة إسطنبول أو ما يسمى مجلس الشورى»، مؤكدة أن «شرعية التنظيم يمثلها منير فقط».
عن تداعيات «مجلس شورى لندن» الجديد. قال بان، إن «كل طرف يستخدم أسلحته في كسب المعركة، سواء إعلامياً أو تنظيماً؛ لكن القطاعات الأكبر داخل التنظيم تراهن من جديد على العمل الدعوي، والدخول في حالة كمون والابتعاد عن السياسة».
وكانت «جبهة لندن» قامت بتشكيل «مجلس شورى جديد» وأعفت أعضاء «شورى إسطنبول» الستة ومحمود حسين من مناصبهم، عقب بيان لـ«جبهة إسطنبول» أعلنت فيه فصل إبراهيم منير وجميع قيادات جبهته نهائياً من التنظيم.
وعن تزايد الانقسامات داخل التنظيم، يرى أحمد بان، أن «التنظيم منقسم بالفعل الآن إلى 4 جبهات: جبهتا لندن وإسطنبول وبعض عناصر التنظيم التي تعمل كمجموعات في أوروبا، ومجموعة محمد كمال التي لا تزال تراهن على فكرة العنف». وقُتل محمد كمال، مؤسس الجناح المسلح لـ«الإخوان» ولجانه النوعية، في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016.
ووفق المتخصص في الشأن الأصولي خالد الزعفراني، فإن «الخلافات والصراعات لن تهدأ داخل تنظيم الإخوان، وسوف تحدث انقسامات أكثر وأكثر، فهذا هو الحال داخل التنظيمات، يحدث لها انقسامات على مدار تاريخها، وتنقسم إلى مجموعات صغيرة».
من جهة ثانية، يشرح أحمد بان، أن «التنظيم بما راكمه من خبرات وتحركات خلال العقود الماضية، قد يكون مستفيداً من الوضع الحالي، وقد يكون هذا الشكل الذي عليه الصراع الآن (أي بين جبهتي لندن وإسطنبول) مثالياً لإعادة التموضع للانطلاق من جديد، وفي هذا السياق قد يؤجّل أي ممارسة للسياسة أو أي محاولات للصدام مع بعض حكومات الدول». وأضاف، أن «هناك مساعي من بعض عناصر الإخوان في أوروبا وإنجلترا والأميركيتين وبعض الدول الأخرى، للاهتمام بالجانب الدعوي بالعودة لما كان عليه التنظيم قبل الصعود للحكم في بعض الدول، والابتعاد عن السياسة».
«إخوان مصر»... سيناريوهات «غامضة» ونزاع على القيادة يتفاقم
جبهتا «لندن وإسطنبول» تدفعان باتجاه تقسيم التنظيم
«إخوان مصر»... سيناريوهات «غامضة» ونزاع على القيادة يتفاقم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة