مغامر مصري يعرّض نفسه للدغة «أم أربعة وأربعين»... وعلماء يحذّرون

حاول تقليد «اليوتيوبر» الأميركي بيترسون

صورة من تجرية الشاب المصري محمد وجيه (محمد وجيه)
صورة من تجرية الشاب المصري محمد وجيه (محمد وجيه)
TT

مغامر مصري يعرّض نفسه للدغة «أم أربعة وأربعين»... وعلماء يحذّرون

صورة من تجرية الشاب المصري محمد وجيه (محمد وجيه)
صورة من تجرية الشاب المصري محمد وجيه (محمد وجيه)

بالنسبة لمعظمنا، عندما نرى دبوراً أو أي نوع آخر من الحشرات والزواحف السامة، فإننا نبقى بعيدين قدر الإمكان، ولكن الوضع يبدو مختلفاً عند اليوتيوبر الأميركي ناثانيال بيترسون، الذي يبحث عن معظم الزواحف والحيوانات ذات اللدغات والعضات الأكثر إيلاماً على الأرض، ذلك لأن هذا الشاب المهووس، يكسب رزقه من ترك نفسه عُرضة للدغات والعضات، خلال تجارب ينقلها بالصوت والصورة عبر قناته بموقع «يوتيوب».
ويبدو أن الأرباح التي حققها بيترسون من قناته، والتي جعلته يجني ثروة قُدرت عام 2021 بـ«11 مليون دولار»، كما أعلن موقع «Money Inc» في أغسطس (آب) من العام الماضي، قد دفعت شاباً مصرياً يُدعى محمد وجيه، إلى تقليد اليوتيوبر الأميركي عبر قناة دشنها مؤخراً على موقع «يوتيوب»، مستهلاً نشاط قناته بتعريض نفسه للدغة حيوان الحريشة، والذي يُعرف أيضاً باسم «مئوية الأرجل» أو «أم أربعة وأربعين»، لاحتوائه على 44 زائدة.
ومثل اليوتيوبر الأميركي الذي تخرج في جامعة ولاية أوهايو عام 2004، بعد دراسة ليس لها أدنى علاقه بشغفه بالحياة البرية، فإن وجيه يفصله عام واحد عن الحصول على شهادة الليسانس في قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة دمنهور بمحافظة البحيرة «دلتا مصر»، كما قال لصحيفة «الشرق الأوسط».
ولا ينكر وجيه سعيه، في ظل ندرة الوظائف المتاحة لتخصصه الدراسي، أن يكون شغفه بالحياة البرية وزواحفها هو مصدر رزقه عبر قناته بـ«يوتيوب»، لكنه قال: «ربما لن أستطيع تعريض نفسي لهذا الكم من اللدغات والعضات التي عرّض اليوتيوبر الأميركي نفسه لها، رغم امتلاكي أغلب الزواحف التي أجرى عليها تجاربه، لأني لا بد أن أقيّم المخاطر في أثناء تنفيذ مثل هذا العمل».
وبالنسبة لوجيه، فإن تعريض نفسه للدغة «أم أربعة وأربعين»، كانت مخاطرة محسوبة، لسابق تعرضه للدغتها، ولكنه أراد من خلال الفيديو أن ينقل بالصوت والصورة تجربة لدغتها للجمهور، كي يتعرفوا على حجم الألم الذي تُحدثه، والعلامات التي تظهر على الجلد نتيجة اللدغة، وما ينبغي أن يفعلوه كإسعافات أولية.
وقبل هذه التجربة، قابل وجيه موجة شديدة من اعتراضات أفراد أسرته، ولكنه استطاع في النهاية إقناعهم، مثلما استطاع قبل نحو 10 سنوات، إقناعهم بألا يقفوا حجر عثرة في طريق هواية جمع زواحف وحيوانات البيئة البرية.
ويقول: «شغفي بالحياة البرية، وإصراري على الاستمرار في تلك الهواية، أقوى من أي مخاوف منطقية يُبديها الآخرون لإقناعي بالتخلي عن هذا الطريق».
وعلى عكس وجيه، حظي اليوتيوبر الأميركي بدعم كبير من والدته في بداية اهتمامه بعالم الزواحف والحشرات، ومع الحلقات الأولى من قناته على «يوتيوب»، ولكن مع إقدام بيترسون على تجارب أكثر خطورة مثل تعريض نفسه لعضة تمساح، أصبحت والدته هي العضو الوحيد في عائلته الذي يشعر بالقلق بشكل خاص على سلامته هذه الأيام، كما قال في لقاءات صحافية.
ولكن القاسم المشترك بينهما، هو تأثير بيئة النشأة على الاهتمام بعالم الزواحف والحشرات، حيث نشأ بيترسون في بلدة ريفية في نيوبري بأوهايو، على بُعد نحو 20 ميلاً من كليفلاند، حيث كانت السناجب والظربان أكثر الحيوانات غرابة في هذه البيئة، وبدأ شغفه بالحيوانات في سن مبكرة جداً، وتلقى دعماً من والدته التي عرّفته على أنواع مختلفة من الحيوانات.
وفي بيئة قريبة من تلك البيئة، نشأ وجيه، والذي يقيم بمدينة رشيد بمحافظة البحيرة (شمال مصر) وهي مدينة فريدة في موقعها بين النهر والبحر، وذات طبيعة مميزة، وداخل هذه البيئة يوجد تنوع بالزواحف والحشرات التي يبحث عنها في رحلات الصيد التي يقوم بتنفيذها، كما قال لـ«الشرق الأوسط».
وعن أسباب اتجاهه لهذه الهواية الخطيرة، يقول: «أنا مثل الشاب الذي يقع في حب فتاة قد تكون غير جميلة، والجميع يسألون ما المميز فيها، ولكنه لا يهتم بما يقولون، لأن قلبه تعلق بها».
ولا تبدو هذه الإجابة مقنعة لإليسا شابارو، الباحثة في المختبر الخاص لعلم السموم التطبيقي بمعهد «بوتانتان» في ساو باولو بالبرازيل، والتي قالت متعجبةً عندما أرسلت لها «الشرق الأوسط» صورة من تجربة لدغة حيوان «أم أربعة وأربعين» التي نفّذها وجيه: «أنا لا أفهم حقاً كيف يمكن لشخص ما أن يفعل طواعية ما فعله هذا الشاب، لقد تعرضتُ خلال عملي لكثير من الحوادث في أثناء إجراء أبحاثي على هذا الحيوان، وبسبب الطبيعة السمية العصبية لسم هذا الحيوان، أستطيع أن أقول إنه حادث مؤلم بشكل خاص، ليس هذا فقط، ولكن إذا لم يتم علاجه بشكل صحيح أو سريع، فمن الممكن أن يستمر الألم لمدة شهر في الطرف المصاب».
وأضافت: «هذا النوع من الممارسة يقلقني، لأنه يمكن أن يحفّز المزيد من الناس على تكرار هذه الفكرة، وعلى الرغم من أن سم هذا الحيوان نادراً ما يكون قاتلاً، فقد تكون هناك حالات من الحساسية يمكن أن تعقّد الحالة السريرية».
وأبدى شو تسوكاموتو، من مختبر علم الحيوان في كلية الدراسات العليا للعلوم بجامعة «طوكيو متروبوليتان» باليابان، هو الآخر تحفظه على مثل هذه الممارسات، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «سم مئويات الأقدام ليس قاتلاً للإنسان، لكن ردود الفعل التحسسية للسم تسبب آثاراً ضارة، وأعرف صديقاً لديه تجربة فقدان الوعي مؤقت بسبب تعرضه للدغ بشكل متكرر من هذا الحيوان، إلى جانب ذلك، فإنه اللدغة قد تسبب بعض حالات ضيق التنفس الخفيف».
ومثل إليسا، أبدى استغرابه من تعريض الإنسان نفسه طواعيةً لمثل هذه الحوادث المؤلمة، مضيفاً: «لُدغت من الدبابير أكثر من مرة، وشعرت بألم شديد».
من جانبه، طالب محمود عمرو، أستاذ الطب المهني بجامعة القاهرة، ومؤسس المركز القومي للسموم بمصر، بضرورة وقف مثل هذه الممارسات وعدم السماح بها.
وقال بعد اطلاعه على فيديو التجربة: «ما حدث للشاب في الفيديو يخصه وحده، لأنه سبق وتعرض للدغ، كما قال بنفسه، ومن ثم تكونت لديه أجسام مضادة لسم مئويات الأرجل، وبالتالي لا يصح القول إنه ينفّذ الفيديو لتوعية الناس، لأن ردود الفعل عند الآخرين قد تختلف عمّا حدث له، لأنهم لم يتعرضوا للدغ مسبقاً».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


قائد «الجنجويد» في دارفور ينفي أمام الجنائية الدولية ارتكابه جرائم حرب

صورة من المحكمة الجنائية الدولية تظهر القائد السابق في ميليشيا «الجنجويد» السودانية، علي كوشيب، خلال جلسة استماع لتأكيد التهم المتعلقة بجرائم الحرب (أ.ف.ب)
صورة من المحكمة الجنائية الدولية تظهر القائد السابق في ميليشيا «الجنجويد» السودانية، علي كوشيب، خلال جلسة استماع لتأكيد التهم المتعلقة بجرائم الحرب (أ.ف.ب)
TT

قائد «الجنجويد» في دارفور ينفي أمام الجنائية الدولية ارتكابه جرائم حرب

صورة من المحكمة الجنائية الدولية تظهر القائد السابق في ميليشيا «الجنجويد» السودانية، علي كوشيب، خلال جلسة استماع لتأكيد التهم المتعلقة بجرائم الحرب (أ.ف.ب)
صورة من المحكمة الجنائية الدولية تظهر القائد السابق في ميليشيا «الجنجويد» السودانية، علي كوشيب، خلال جلسة استماع لتأكيد التهم المتعلقة بجرائم الحرب (أ.ف.ب)

نفى زعيم ميليشيا سوداني، اليوم (الجمعة)، أمام المحكمة الجنائية الدولية، الاتهامات الموجّهة إليه بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور، بما فيها جرائم اغتصاب وقتل وتعذيب، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وبدأت هذا الأسبوع في لاهاي محاكمة علي محمد علي عبد الرحمن، الملقّب بـ«علي كوشيب»، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور خلال الحرب الأهلية التي عصفت بالإقليم الواقع غرب السودان.

وأمام المحكمة، قال المتّهم: «أنا لست علي كوشيب. أنا لا أعرف هذا الشخص».

وحسب المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، فإنّ «كوشيب» كان يتزعّم ميليشيا «الجنجويد» السودانية وحليفاً للرئيس المخلوع عمر البشير.

ومدى ثلاثة أيام استمعت المحكمة الجنائية الدولية إلى المرافعات النهائية في هذه القضية.

وعبد الرحمن الذي سلّم نفسه للمحكمة طوعاً في 2020 متّهم بارتكاب هجمات عنيفة على قرى في منطقة وادي صالح بوسط دارفور في أغسطس (آب) 2003.

وهذا الرجل متّهم بارتكاب 31 جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، بما فيها جرائم قتل واغتصاب وتعذيب ونهب ومعاملة وحشية.

لكنّ المتّهم أكّد أمام المحكمة أنّ «لا علاقة له» بأيّ من هذه الاتهامات.

حتى أنّه مضى إلى حدّ إنكار أن يكون علي كوشيب الحقيقي، مشيراً إلى أنّه ادّعى ذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية لأنّه كان «يائساً» وقلقاً من أن يتم اعتقاله من قبل السلطات السودانية الجديدة.

وقال المتّهم مخاطباً هيئة المحكمة: «لقد انتظرت طوال شهرين مختبئاً (...). كنت خائفاً أن يتمّ اعتقالي» من قبل السلطات السودانية التي تولّت الحكم بعد سقوط البشير.

وأضاف: «لو لم أقل ذلك لما استقبلتني المحكمة ولكنت ميتاً» الآن.

وكان المدّعي العام للمحكمة قال الأربعاء إنّ المتّهم كان عضواً بارزاً في «الجنجويد»، وشارك بفاعلية و«عن طيب خاطر وحماسة» بارتكاب الجرائم المتّهم بها.

ووفقاً للأمم المتحدة، خلّفت الحرب في دارفور من 2003 وحتى انتهائها في 2020 حوالي 300 ألف قتيل و2.5 مليون نازح ولاجئ.