بعد عدة أيام من التوتر وتبادل الاتهامات والإجراءات والتهديدات، تبادل المسؤولون في كل من تل أبيب وموسكو رسائل التطمين الرامية إلى خفض التوتر وتخفيف حدة الأزمة بين روسيا وإسرائيل، بلغت أوجها بتصريحات الرئيس الإسرائيلي، يتسحاك هيرتسوغ، الذي دعا المسؤولين الإسرائيليين إلى غلق أفواههم. وقال: «روسيا دولة مهمة في المنطقة بأكملها وبشكل عام. وكلما قلّ الحديث عن الخلافات بينها وبين إسرائيل كان ذلك أفضل».
وقال رئيس الوزراء، يائير لبيد، المعروف بأنه غير مرغوب به في موسكو: «تستند العلاقات الإسرائيلية الروسية إلى تاريخ طويل وتواصل مستمر ومصالح متبادلة».
وكانت أزمة العلاقات بين البلدين قد انفجرت بشكلها الحاد في الأيام الأخيرة عندما كشف عن أن السلطات الروسية، أبلغت الوكالة اليهودية بأنها ستحاكمها بتهمة خرق القانون وجمع وتخزين معلومات خارج البلاد عن مواطنين روس بغرض ترحيلهم إلى إسرائيل. وردت إسرائيل بتهديدات باتخاذ إجراءات عقاب لروسيا، بالتلميح بأنها يمكن أن تزيد دعمها لأوكرانيا في حربها مع روسيا. فأعلنت موسكو عن اتساع رقعة الخلاف، وقررت حظر نشاط منظمات يهودية أخرى واعتقلت مواطنين روس ممن حصلوا على الجنسية الإسرائيلية، وراحت تلمح بأنها ستتخذ إجراءات أشد ضد إسرائيل في الساحة السورية، وماطلت في منح تأشيرة دخول لوفد إسرائيلي قانوني للعمل على تسوية الخلاف حول الوكالة اليهودية.
وعلى أثر ذلك بدأت تسمع انتقادات واسعة للحكومة ولرئيسها لبيد على طريقة إدارة هذه الأزمة، ووصفتها بـ«أساليب صبيانية». وفي اليمين المعارض اعتبر «تصرف لبيد الضعيف هو سبب تفاقم الأزمة»، وبأن لبيد متبجح بلا عمود فقري. فقد اعتبر موقف روسيا من الوكالة اليهودية «حدثاً خطيراً»، يمكن أن يؤثر على العلاقات بين البلدين، لكنه لم يتصرف كقائد يمنع التدهور بل راح يتحدث عن عقوبات وهمية لروسيا. وأشارت قيادات يمينية إلى أنه «لو كان بنيامين نتنياهو في الحكم لما نشبت أزمة كهذه».
وراح مسؤولون سياسيون وعسكريون ينتقدون لبيد أيضاً، ويحذرون من أن فقدان العلاقات مع روسيا سيكلف إسرائيل ثمناً باهظاً، على صعيد اليهود وعلى صعيد المصالح الأمنية. كما وجهت انتقادات إلى مسؤولي الوكالة اليهودية في روسيا، كونهم «لم يحذروا الجهات الحكومية الإسرائيلية المعنية، بحجم الأزمة وإمكانية أن تتطور إلى حد إصدار روسيا قراراً قضائياً يحظر عمل الوكالة على أراضيها، رغم أن الوكالة تلقت في بداية عام 2021 مؤشرات على أن الروس غير راضين عن أنشطتهم».
وعلى أثر ذلك، توجه الرئيس هيرتسوغ إلى عدد من المسؤولين طالباً إعطاءه فرصة تسوية الأزمة مع موسكو، مشترطاً أن تتوقف تصريحات المسؤولين. وأفصح هيرتسوغ عن مضمون محادثاته هذه قائلاً: «الموضوع الذي شغلنا في الأيام الأخيرة فيما يتعلق بأنشطة الوكالة اليهودية في روسيا، يلزمه أمران، الأول «الصمت وتقليل الحديث، مما سيسمح بالتعامل الصحيح مع القضية، والثاني هو العمل بالتعاون مع رئيس الوزراء بثقة تامة». وتابع: «نحن نعمل من أجل إسرائيل ومن أجل الشعب اليهودي وحيث يمكنني المساعدة سأساعد».
ثم تبين أن هناك محادثات تجري خلف الكواليس بعثت خلالها موسكو رسائل مطمئنة لتل أبيب، مفادها أنه «لا يوجد تدهور في العلاقات السياسية بين الدولتين وأنه لا ينبغي النظر إلى قضية الوكالة أكثر من أنها قضية قانونية». ووجهت إسرائيل من جانبها رسائل طمأنة إلى روسيا، تقول فيها إنها «تتطلع إلى تسوية الأزمة وتهدئة التوترات». وخرجت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروف، بتصريح قالت فيه، إن الإجراءات المتعلقة بأنشطة الوكالة اليهودية في روسيا قانونية بحتة. وأدلى بتصريحات مشابهة، المتحدث باسم الرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف. ورد عليه المتحدث باسم رئيس الوزراء، لبيد، قائلاً: «إذا كانت هناك بالفعل قضايا قضائية تتعلق بالأنشطة الهامة للوكالة اليهودية في روسيا، فإسرائيل، وكما هو الحال دائماً، على استعداد تام للحوار بخصوص ذلك مع الحفاظ على العلاقات بالغة الأهمية التي تربط الدولتين ببعضهما البعض». ومع أن بعض المسؤولين الإسرائيليين يخشون من أن تكون العلاقات قد شهدت كسراً، وأنه يصعب التكهن بمواقف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إذ يمكنه أن يقلب الأمور من جديد، فإن مقربين من هيرتسوغ، أكدوا أنه بالإمكان تسوية هذه الأزمة بشكل عميق وعودة العلاقات إلى مجراها الطبيعي.
موسكو وتل أبيب تتبادلان رسائل تهدئة لخفض التوتر
الرئيس الإسرائيلي يطلب من المسؤولين «أن يصمتوا» ليحل الأزمة
موسكو وتل أبيب تتبادلان رسائل تهدئة لخفض التوتر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة