طرابلس تتهيأ لمعارك مسلحة جديدة

تحركات عسكرية لقوات حكومتي الدبيبة وباشاغا رغم الوساطة الأميركية

جانب من التحشيدات العسكرية الموالية لحكومة الوحدة قرب مطار طرابلس (أ.ف.ب)
جانب من التحشيدات العسكرية الموالية لحكومة الوحدة قرب مطار طرابلس (أ.ف.ب)
TT

طرابلس تتهيأ لمعارك مسلحة جديدة

جانب من التحشيدات العسكرية الموالية لحكومة الوحدة قرب مطار طرابلس (أ.ف.ب)
جانب من التحشيدات العسكرية الموالية لحكومة الوحدة قرب مطار طرابلس (أ.ف.ب)

تستعد العاصمة الليبية طرابلس لمعارك جديدة بين الميليشيات المسلحة الموالية للحكومتين المتنازعتين على السلطة، رغم انضمام إيطاليا إلى مساعي الوساطة الأميركية بين رئيسيهما.
وأظهرت لقطات فيديو بثتها وسائل إعلام محلية، مساء أول من أمس، إطلاق نار لمسلحين تابعين لحكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على طائرة مسيرة دون طيار «درون» في ضواحي العاصمة، تزامنا مع مغادرة الميليشيات المسلحة مطار طرابلس للانتشار بمناطق جنوب العاصمة لصد أي تحرك لقوات أسامة الجويلي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق المحسوب على باشاغا. كما شوهدت تحشيدات لكتائب طرابلس في محيط المطار، بعد انتهاء اجتماع لقادتها، مقابل انتشار عناصر الجويلي بطريق الكريمية.
وقال العميد محسن الزويك، آمر «قوة دعم الدستور والانتخابات»، إن بيانا مرتقبا للقوات المجتمعة سيتضمن تحذيرا واضحا لكل من يريد المساس بأمن العاصمة وسلامة المواطنين، لافتا إلى استعدادات تجريها القوات العسكرية التابعة لحكومة الوحدة لإحياء الذكرى 82 لتأسيس الجيش الليبي، باستعراض عسكري في العاصمة طرابلس، وبدء توافد الوحدات العسكرية على مطار طرابلس الدولي.
في سياق ذلك، قالت تقارير محلية إن بعض قادة قوة «دعم الدستور» اتفقوا خلال اجتماعهم بمطار طرابلس على نشر قواتهم في مناطق جنوب طرابلس، تحسباً لأي تحرك من قوات الجويلي، ومواجهتها بالقوة في حال تحركها تجاه وسط العاصمة، أو الاستمرار في استفزازهم بالاستعراضات المسلحة، مشيرة إلى أنه تم إغلاق عدة طرق فرعية في طريق المطار ومحيطه، وطريق السواني بسواتر ترابية وسيارات مسلحة.
وكان أعضاء في مجلس النواب قد توقعوا دخول باشاغا طرابلس قريبا، وأبلغوا وسائل إعلام محلية أنه بصدد وضع الترتيبات الأخيرة لذلك، بعد أيام فقط من الاشتباكات العنيفة التي شهدتها المدينة. كما ترددت معلومات عن اتفاق عدد من قيادات مصراتة الداعمين لحكومة باشاغا على تشكيل لواء عسكري جديد برئاسة سالم جحا، لتمكينها من ممارسة أعمالها بطرابلس.
في المقابل، قدم محمد الحداد، رئيس الأركان العامة لقوات حكومة «الوحدة»، لدى اجتماعه مساء أول من أمس مع محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، ونائبيه إحاطة كاملة حول الإجراءات، التي اتخذها بعد قرار تكليفه بالمتابعة والإشراف على وقف إطلاق النار في طرابلس، عقب الأحداث التي شهدتها العاصمة فجر الجمعة الماضي، مع التأكيد على عدم تعريض حياة المدنيين، والممتلكات العامة والخاصة للخطر.
في غضون ذلك، وبعد يوم واحد فقط من إعلان السفير الأميركي عن جهود وساطة للتهدئة، دخلت إيطاليا على خط الأزمة بإعلان نيكولا أورلاندو، المبعوث الخاص لوزير الخارجية الإيطالي إلى ليبيا، اتفاقه في اتصال هاتفي مع فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» المدعومة من مجلس النواب، على ضرورة تجنب جميع الإجراءات التي من الممكن أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار والعنف، مشددا على أولوية الانتخابات، والحاجة الملحة إلى وجود سلطة تنفيذية موحدة وشمولية للوصول إلى ذلك، ودعا جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين لوضع ليبيا قبل مصالحهم الخاصة. وقال بهذا الخصوص: «أعدتُ التأكيد من جديد على أنه يجب الحفاظ على حياد المؤسسة الوطنية للنفط والمناصب السيادية، وعلى استخدام الموارد الوطنية بطريقة شفافة وعادلة».
بدوره، استغل عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الدبيبة، اجتماعه مساء أول من أمس مع عمداء بلديات المناطق الغربية والجنوبية والوسطى لتجديد تأكيده على أن الإجراءات، التي اتخذتها حكومته بشأن تسمية مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط؛ «تمت من أجل تصحيح الأوضاع القانونية للمؤسسة، والعمل على فتح النفط والغاز»، مشيرا إلى أن «التغيير لم يكن صفقة سياسية، أو بالتنسيق مع دولة معينة، كما يحاول الترويج له من أطراف سياسية هدفها إرباك المشهد الليبي الذي استقر خلال المدة الماضية». وقالت حكومة الدبيبة إن الاجتماع ناقش عددا من الملفات الخدمية، والخطوات المتخذة من قبل وزارة الحكم المحلي بشأن نقل الاختصاصات، وتفعيل الإدارة المحلية، ونقلت عن عمداء البلديات أن الانتخابات تعد هدفا للشعب الليبي، وتأكيد رفضهم لأي مراحل انتقالية، وإنشاء حكومات موازية بهدف إرباك المشهد.


مقالات ذات صلة

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

شمال افريقيا «ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

حلت نجلاء المنقوش، وزيرة الشؤون الخارجية الليبية، أمس بتونس في إطار زيارة عمل تقوم بها على رأس وفد كبير، يضم وزير المواصلات محمد سالم الشهوبي، وذلك بدعوة من نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. وشدد الرئيس التونسي أمس على موقف بلاده الداعي إلى حل الأزمة في ليبيا، وفق مقاربة قائمة على وحدتها ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. وأكد في بيان نشرته رئاسة الجمهورية بعد استقباله نجلاء المنقوش ومحمد الشهوبي، وزير المواصلات في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، على ضرورة «التنسيق بين البلدين في كل المجالات، لا سيما قطاعات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والأمن».

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

أكدت السعودية أمس، دعمها لحل ليبي - ليبي برعاية الأمم المتحدة، وشددت على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، حسبما جاء خلال لقاء جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا ورئيس البعثة الأممية فيها. وتناول الأمير فيصل في مقر الخارجية السعودية بالرياض مع باتيلي سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، والجهود الأممية المبذولة لحل الأزمة. إلى ذلك، أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، فيما شهدت طرابلس توتراً أمنياً مفاجئاً.

شمال افريقيا ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

فتحت الانشقاقات العسكرية والأمنية التي عايشتها ليبيا، منذ رحيل نظام العقيد معمر القذافي، «بوابة الموت»، وجعلت من مواطنيها خلال الـ12 عاماً الماضية «صيداً» لمخلَّفات الحروب المتنوعة من الألغام و«القنابل الموقوتة» المزروعة بالطرقات والمنازل، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى. وباستثناء الجهود الأممية وبعض المساعدات الدولية التي خُصصت على مدار السنوات الماضية لمساعدة ليبيا في هذا الملف، لا تزال «قنابل الموت» تؤرق الليبيين، وهو ما يتطلب -حسب الدبلوماسي الليبي مروان أبو سريويل- من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في هذا المجال، مساعدة ليبيا، لخطورته. ورصدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تقر

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

أكدت السعودية دعمها للحل الليبي - الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، وضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، وجاءت هذه التأكيدات خلال اللقاء الذي جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في مقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض أمس عبد الله باتيلي وجرى خلال اللقاء بحث سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، إضافة إلى استعراض الجهود الأممية المبذولة لحل هذه الأزمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا «الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

«الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي، عن دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية (غرب البلاد) في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، وذلك في ظل توتر أمني مفاجئ بالعاصمة الليبية. وشهدت طرابلس حالة من الاستنفار الأمني مساء السبت في مناطق عدّة، بعد اعتقال «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، أحد المقربين من عبد الغني الككلي رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، بالقرب من قصور الضيافة وسط طرابلس. ورصد شهود عيان مداهمة رتل من 40 آلية، تابع لـ«جهاز الردع»، المنطقة، ما أدى إلى «حالة طوارئ» في بعض مناطق طرابلس. ولم تعلق حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذه التطورات التي يخشى مراقبون من اندلاع مواجهات جديدة بسببها،

خالد محمود (القاهرة)

10 قتلى بضربة مسيّرة استهدفت سوقاً في ولاية شمال دارفور

عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
TT

10 قتلى بضربة مسيّرة استهدفت سوقاً في ولاية شمال دارفور

عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)

قُتِل 10 أشخاص في نهاية الأسبوع جرّاء ضربة بواسطة طائرة مسيّرة على سوق مزدحمة في ولاية شمال دارفور السودانية، على ما أفاد به مسعفون لم يذكروا الجهة التي نفذت الهجوم.

ويأتي الهجوم في وقت اشتدت المعارك في مناطق سودانية أخرى؛ ما دفع إلى إجلاء العاملين في مجال الإغاثة، الأحد، من مدينة كادوقلي الجنوبية المحاصرة والتي تعاني المجاعة.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان منذ 15 أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو عن مقتل عشرات الآلاف، وتسببت بنزوح نحو 12 مليوناً، وأدت إلى «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، وفق الأمم المتحدة.

وأوضح مجلس غرف طوارئ شمال دارفور، وهو إحدى مئات المجموعات التطوعية التي تنسق المساعدات في السودان، أن ضربة بطائرة مسيّرة «استهدفت، السبت، سوق الحارة بمحلية المالحة».

ولم يشر المجلس إلى الجهة التي نفّذت الهجوم، موضحاً أنه أدى إلى «وقوع حريق جزئي في المحال التجارية وخسائر مادية كبيرة». ولم يصدر تعليق فوري من الجيش السوداني أو من «قوات الدعم السريع».

وتتركز الحرب راهناً في جنوب كردفان، وتصاعدت حدة الاشتباكات في كادوقلي، عاصمة الولاية؛ حيث أسفر هجوم بطائرة مسيّرة، الأسبوع الفائت، عن مقتل 8 أشخاص في أثناء محاولتهم الفرار من المدينة الخاضعة لسيطرة الجيش.

وقال مصدر في منظمة إنسانية تعمل في كادوقلي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد، إن المنظمات الإنسانية «أجلت جميع عامليها» من المدينة بسبب الأوضاع الأمنية.

وجاء الإجلاء عقب قرار الأمم المتحدة نقل مركزها اللوجيستي من كادوقلي، بحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، لكنه لم يشر إلى الوجهة التي نُقل إليها العاملون. وتحاصر «الدعم السريع» وحلفاؤها كادوقلي ومدينة الدلنج المجاورة منذ اندلاع الحرب.

وأعلنت «قوات الدعم السريع»، الأسبوع المنصرم، سيطرتها على منطقة برنو، وهي خط دفاعي رئيسي على الطريق الذي يربط كادوقلي بالدلنج.

وبعد سيطرتها في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، ركّزت «قوات الدعم السريع» على إقليم كردفان الغني بالموارد، وهو خط استراتيجي يربط مناطق الشمال والشرق الخاضعة للجيش بدارفور التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في الغرب.

وأدت الحرب في السودان إلى تقسيمه فعلياً إلى شطرين، أولهما في قبضة الجيش الذي يسيطر على الشمال والشرق والوسط، بينما تسيطر «قوات الدعم السريع» على عواصم الولايات الخمس في دارفور، وعلى أجزاء من الجنوب مع حلفائها.


حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)
حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)
TT

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)
حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

دافع أسامة حمّاد، رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، عن الجهود التي تجريها سلطات شرق البلاد، وقال إن «ما تحقق من أمن واستقرار وتنمية يُجسّد المشروع الوطني الحقيقي لجمع الكلمة ولمّ الشمل، وبناء ليبيا على أسس الدولة والمؤسسات وسيادة القانون».

خالد حفتر يتوسط بلقاسم (يمين) وحماد (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

واستغل حمّاد افتتاحه عدداً من المشروعات التنموية في جنوب ليبيا، مساء السبت، وشدّد على أن «الحلول في بلادنا لن تأتي من الخارج، بل يصنعها الشعب الليبي بإرادته»، داعياً «أبناء الوطن كافة إلى الالتحاق بركب البناء والتنمية، بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية تعيق مسار بناء الدولة».

وكان حمّاد وعدد من الشخصيات النيابية والعسكرية، من بينهم نائب القائد العام لـ«الجيش الوطني» الفريق صدام حفتر، ورئيس الأركان العامة الفريق خالد حفتر، شاركوا في مراسم الافتتاح التي شهدتها مدينة سبها، وذلك عقب استكمال أعمال الصيانة والتطوير التي نفّذها «صندوق التنمية وإعادة الإعمار».

ويقول الصندوق الذي يترأسه بلقاسم حفتر إنه «يعمل ضمن خطة للنهوض بالبنية التحتية والخدمية في المنطقة الجنوبية»، وهي الجهود التي ينظر إليها متابعون بأنها «تخصم من رصيد سلطات العاصمة طرابلس في إطار معادلة تمدد النفوذ بين عسكر شرق ليبيا وغربها».

وحمّاد - الذي تحظى حكومته بدعم من «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر - دائماً يوجه انتقادات لغريمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة. وأمام جمع من سلطات شرق ليبيا المشاركين في عملية الافتتاح، أكد «الوقوف بحزم أمام كل محاولات الفتنة أو المساس بالأمن والاستقرار، وعدم السماح بإعادة البلاد إلى مربع الفوضى أو العبث بمصالح المواطنين».

وذهب حمّاد، حسب بيان حكومته، إلى أن «ما تشهده ليبيا اليوم من أمن واستقرار وإعمار يُمثل نقلة حقيقية وغير مسبوقة شملت مختلف المدن والمناطق شرقاً وغرباً وجنوباً»، مشيراً إلى أن «هذا التحول لم يكن ليتحقق لولا ترسيخ الأمن والاستقرار، وما قدّمه رجال القوات المسلحة من تضحيات جسام في سبيل حماية الوطن واستعادة هيبة الدولة».

ونوّه حماد بأن المشروعات التي افتُتحت اليوم شملت قطاعات حيوية، من بينها الإسكان والتعليم والصحة، إضافة إلى شبكات المياه والكهرباء، مع استمرار العمل في عددٍ من المشروعات الأخرى، إلى جانب إطلاق مشروعات جديدة في عدة مدن، بما يضمن وصول الإعمار إلى جميع مدن ومناطق الجنوب دون استثناء.

وتطرّق حمّاد إلى عملية المصالحة في ليبيا، بين القبائل والمدن، وأعلن «بلوغ المراحل النهائية لوضع ميثاق المصالحة الوطنية الشاملة موضع التنفيذ»، وبشّر مواطنين الجنوب بـ«إصدار القرارات اللازمة لتخصيص الأموال، تمهيداً للبدء في صرف تعويضات جبر الضرر للمتضررين، بما يُسهم في طيّ صفحة مؤلمة، وفتح صفحة جديدة قوامها العدل والمصالحة والتسامح».

عدد من قيادات شرق ليبيا خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

وحكومة حمّاد ليست على توافق مع البعثة الأممية، إذ سبق واتهمتها بـ«تجاوز القوانين والتشريعات الليبية والمواثيق والاتفاقيات الدولية المنظمة للعمل الدبلوماسي»، وذلك على خلفية إعلانها تلقيها «ترشيحات لـ(الحوار المهيكل) المتعلق بـ(خريطة الطريق) السياسية».

وبدا أن سلطات بنغازي آخذة في تمديد نفوذها، إذ سبق ووضع صدام حفتر، في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حجر الأساس لمشروع يتضمن «مباني خدمية وعسكرية متكاملة» في مدينة سبها. كما تحدّث عن «العمل على ربط مدن الجنوب بشبكات طرق حديثة، وتطوير بنية تحتية، ودعم المشروعات الزراعية التي تمثل ركيزة للأمن الغذائي حتى تكون مركزاً للإنماء والإنتاج، لا معبراً للمعاناة أو التهميش».

وتنقل وسائل إعلام محلية «فرحة سكان جنوب ليبيا مما تحقق في مناطقهم المهمشة من تنمية». وظل الجنوب يشتكي إلى بعثة الأمم المتحدة مما يعانيه من «الإقصاء والتمييز ونقص الخدمات الحكومية».

وكان وفد يتقدمه حمّاد ومدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، زار مدينة غات في أقصى الجنوب الغربي لليبيا على الحدود الجزائرية، وذلك للوقوف على أوضاع المدينة، ومتابعة سير العمل بالمشروعات الخدمية والتنموية.

ووضعت الحكومة زيارة غات في إطار «حرصها على الاطلاع الميداني على احتياجات المواطنين، وتقييم مستوى الخدمات العامة، ومتابعة أداء الجهات التنفيذية، وبحث آليات تعزيز الاستقرار ودعم جهود التنمية، بما يسهم في تحسين مستوى الخدمات وتلبية تطلعات أهالي المدينة».


مصر تشدد على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تشدد على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)

شدَّدت مصر على «دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه». وأشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«مستوى التعاون القائم بين الأجهزة المصرية والعراقية في المجال الأمني، وبجهود الدولة العراقية وسلطات إقليم كردستان - العراق الرامية إلى إحلال الاستقرار والسلام بالمنطقة».

وأجرى السيسي محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق، مسرور بارزاني، في القاهرة، الأحد، بحضور رئيس المخابرات العامة في مصر حسن رشاد، ووزير داخلية إقليم كردستان - العراق رايبوار أحمد، ورئيس جهاز مخابرات إقليم كردستان - العراق محسن كمال.

وبحسب إفادة للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، فإن الرئيس السيسي أكد خلال اللقاء «دعم مصر الكامل والمستمر للعراق الشقيق، ولوحدة وسلامة أراضيه، ومساندته في مواجهة التحديات الكثيرة التي تمر بها المنطقة، لا سيما الإرهاب».

في حين أعرب بارزاني عن تقدير حكومة إقليم كردستان - العراق لدور مصر والرئيس السيسي في «دعم العراق، وفي استعادة السلام والاستقرار في المنطقة»، مؤكداً أن «حكومة إقليم كردستان - العراق تتطلع لمواصلة تعزيز علاقات التعاون مع المؤسسات المصرية».

وتعليقاً على اللقاء ومخرجاته، قال الأمين العام لـ«المجلس المصري للشؤون الخارجية»، نائب وزير الخارجية الأسبق، السفير علي الحفني لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات بين مصر والعراق، تاريخية وقوية، وقائمة على الاحترام المتبادل»، مؤكداً أن «القاهرة حريصة على متابعة موقف بغداد حيال القضايا التي تمثل أولوية واهتماماً، وأيضاً تُشكِّل تحديات خاصة لدولة تربطنا بها مصالح كثيرة».

وأوضح أنه «من الأهمية أن تبقى هناك لقاءات على هذا المستوى والمستويات الأخرى، بحيث يكون هناك تبادل لوجهات النظر، والتنسيق في المواقف، واستطلاع كل الفرص التي من الممكن توظيفها لكل من الجانبين، فمصر تشعر بارتياح أنها تستمع لمختلف القوى في العراق، وتتبادل معها وجهات النظر».

مصر شددت على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه (الرئاسة المصرية)

وزار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، العراق، في يناير (كانون الثاني) الماضي، وبحث مع رئيس وزراء العراق، محمد شياع السوداني، «العلاقات بين البلدين، وتعزيز التعاون والشراكة، وتنسيق المواقف إزاء التحديات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وأكد السوداني حينها «توفر أرضية خصبة للتعاون والشراكة، والتبادل التجاري والاقتصادي والتنموي والثقافي والعلمي بين البلدين»، بينما قال مدبولي: «إن هناك تطابقاً كاملاً بين الرؤى المصرية والعراقية في الشأن السياسي، وبشأن التحديات التي تواجه المنطقة العربية، وعلى رأسها حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 67 وعاصمتها القدس الشرقية، والرفض التام لأي إجراءات من شأنها أن تؤدي إلى التهجير القسري للفلسطينيين إلى أي دولة من دول الجوار».

وبحسب متحدث الرئاسة المصرية، الأحد، فإن المحادثات تناولت كذلك علاقات التعاون الاقتصادي بين مصر والعراق، بما في ذلك إقليم كردستان. وأكد السيسي «حرص مصر على تعميق التعاون الاقتصادي بصوره كافة بين الجانبين»، مبرزاً في هذا الصدد القدرات الكبيرة للشركات المصرية، لا سيما في مجالات الطاقة والبنية الأساسية، والخبرات التي تتمتع بها في مصر وخارجها، داعياً حكومة كردستان للاستفادة من قدرات هذه الشركات على تنفيذ المشروعات بجودة عالية وتكلفة تنافسية.

وفي الإطار ذاته، رحَّب بارزاني بدور الشركات المصرية في العراق، مشدداً على أنه يتطلع خلال زيارته للعمل مع الجهات المصرية المعنية على بحث سبل تعزيز التعاون، والاستفادة من الخبرات المصرية في عدد من القطاعات ذات الأولوية بالنسبة لحكومة إقليم كردستان - العراق.

وحول أبرز الملفات التي تناولتها المحادثات، أشار الأمين العام لـ«المجلس المصري للشؤون الخارجية» إلى أنه تمت مناقشة ملف الحرب في قطاع غزة وتطوراتها المتسارعة، وكذا الملف السوري، والوضع في لبنان، لافتاً إلى أن «توقيت الزيارة مهم للغاية، فمصر تكثف مشاوراتها للحد من أي تصعيد في المنطقة».

ووفق متحدث الرئاسة المصرية، فإن اللقاء شهد «تبادل الرؤى حول عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك»، حيث استعرض الرئيس السيسي الرؤية المصرية لسبل استعادة الأمن والاستقرار بالمنطقة، كما استمع لتقدير رئيس حكومة إقليم كردستان - العراق في هذا الصدد.