قصف تركي يشعل خطوط التماس والتوتر شمال شرقي سوريا

«قسد» تستنكر استهداف قيادات من جناحها النسائي

TT

قصف تركي يشعل خطوط التماس والتوتر شمال شرقي سوريا

أشعل القصف التركي الذي استهدف قرى واقعة شمال غربي محافظة الحسكة لليوم الثاني على التوالي، المواجهات بين الجهات المتحاربة على طول خطوط التماس في هذه المنطقة المتشابكة والمتداخلة شمال شرقي سوريا، وقصفت المدفعية التركية بعشرات القذائف الصاروخية قرى شمال غربي بلدة تل تمر وحوض خشم الزركان وناحية أبو راسين، الخاضعة لنفوذ «قوات سوريا الديمقراطية».
واستهدف الجيش التركي (الاثنين) مواقع انتشار قوات «قسد» في قرى أسدية وخضراوي وتل حرمل وتل الورد وخربة الشعير والربيعات بريف ناحية زركان، ما أدى إلى حركة نزوح الأهالي باتجاه ناحية الدرباسية المجاورة. وقال مصدر طبي من بلدة تل تمر في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن القصف المستمر منذ 48 ساعة الماضية، أسفر عن مقتل مواطنين مدنيين وإصابة 10 آخرين بينهم نساء وأطفال، وطالت الهجمات التركية قرى تل شنان والدردارة شمال شرقي تل تمر ومحيط القاعدة الروسية بالمنطقة، إضافة إلى قرية مجيبرة الواقعة على الطريق الدولي (إم 4) كما استهدفت قرى سكر الأحيمر وتل جمعة وتل الطويل والغيبش والطويلة والدشيشة وقصر توما يلدا الواقعة غرب تل تمر.
وذكر مصدر عسكري من قوات «قسد»، أن حصيلة الهجمات سقوط 125 قذيفة على قرى تل تمر بريف الحسكة الشمالي، وأسفرت عن إصابة 3 من قوات «حرس الخابور» الآشورية المنضوية في صفوف القوات ومقتل جندي من الجيش السوري الموالي للأسد، إضافة إلى دمار ممتلكات سكان المنطقة من المدنيين وانقطاع التيار الكهرباء بعد استهداف محطة التحويل بالقرب من قرية أم الكيف. وأفاد المسؤول العسكري نبيل وردة، القيادي في «مجلس حرس الخابور الآشوري» بأن المنطقة تتعرص لقصف تركي ممنهج، وقال في اتصال هاتفي من بلدة تل تمر: «القصف خلف أضراراً مادية كبيرة في منازل المدنيين والكنائس ودور العبادة، كما أصيب 3 من مقاتلي (حرس الخابور) كانوا في مواقعهم يحرسون ممتلكات الأهالي وسكان المنطقة».
وفي ريف حلب الشمالي، قصفت المدفعية التركية (الاثنين) نقطة عسكرية تابعة للقوات النظامية السورية في قرية تل المضيق، بعد يوم من قصف مماثل، وقال مصدر عسكري وسكان محليون، إن المدفعية التركية قصفت قريتي حربل وأم الحوش بعشرات القذائف وجاءت هذه الهجمات بعد قصف عنيف شهدته المنطقة، الأحد، بأكثر من 60 قذيفة مدفعية، لتسفر عن إصابة جنديين من الجيش السوري في قرية أبين.
إلى ذلك؛ كشفت القيادة العامة لقوات «قسد» أن القياديات الثلاث ضحايا الطائرة المسيرة التركية استهدفت سيارة كانت تقلهن في الطريق الواصل بين مدينتي القامشلي والقحطانية، وكان بينهن قائدة وحدات مكافحة الإرهاب سلوى يوسف (جيان)، والقيادية في وحدات حماية الشعب (YPJ) جوانا حسو (روج خابور) المنحدرة من بلدة الدرباسية، والمقاتلة في وحدات (مكافحة الإرهاب) رُها بشار (بارين بوطان) المنحدرة من عفرين».
ونشر القائد العام مظلوم عبدي تغريدة على حسابه الشخصي بموقع تويتر، اتهم فيها تركيا باستهداف قائدة العمليات المشتركة مع التحالف الدولي جيان عفرين ورفيقاتها روج وبارين، قائلاً: «القياديات بطلات شاركن في الحرب ضد تنظيم (داعش) وإنقاذ البشرية من براثنه، واستهداف تركيا لهن انتهاك يقوض الحرب على التنظيم»، ودعا التحالف الدولي والولايات المتحدة إلى بذل المزيد من الجهود لردع تركيا وإيقاف اعتداءاتها.
من جهة ثانية، نفت «قسد» مسؤولية الهجوم على قرية «كويت الرحمة» بريف مدينة عفرين شمال محافظة حلب، وأدانت الأفعال التي تستهدف المناطق السكنية الآهلة بالمدنيين من أي طرف عسكري. وفي معرض الرد على الاتهامات التي طالت «قسد» بمسؤوليتها على هجوم القرية، قال فرهاد شامي لـ«الشرق الأوسط»: «قواتنا تدين مثل هذه الأفعال التي تستهدف المناطق السكنية الآمنة بالمدنيين بمنطقة مكتظة بالتنظيمات العسكرية التابعة لتركيا، وتؤكد على النية الجاهزة للتمويه على الفاعل الحقيقي».
وأشار إلى أن تركيا عمدت خلال الشهر الحالي إلى قصف مناطق سيطرت القوات بأكثر من 950 هجوماً صاروخياً، إلى جانب هجمات بطائرات مسيرة استهدفت المناطق الآهلة بالمدنيين.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.