القاضية عون تقتحم «مصرف لبنان» بحثاً عن سلامة

ميقاتي أسف لـ«طريقتها الاستعراضية» ودعا إلى توافق مسبق على حاكم جديد لـ«المركزي»

القاضية غادة عون تغادر مقر «مصرف لبنان» بعد تبلغها طلباً قضائياً بإخلاء المبنى (إ.ب.أ)
القاضية غادة عون تغادر مقر «مصرف لبنان» بعد تبلغها طلباً قضائياً بإخلاء المبنى (إ.ب.أ)
TT

القاضية عون تقتحم «مصرف لبنان» بحثاً عن سلامة

القاضية غادة عون تغادر مقر «مصرف لبنان» بعد تبلغها طلباً قضائياً بإخلاء المبنى (إ.ب.أ)
القاضية غادة عون تغادر مقر «مصرف لبنان» بعد تبلغها طلباً قضائياً بإخلاء المبنى (إ.ب.أ)

اخترقت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، أسوار وتحصينات مصرف لبنان، وتمكنت من دخوله للبحث عن حاكمه رياض سلامة ومحاولة توقيفه بموجب مذكرة الإحضار التي أصدرتها بحقه الشهر الماضي، إلا أنها لم تتمكن من تنفيذ مهمتها، ذلك أن القوى الأمنية المولجة حماية المصرف، لم تسمح للقوة التابعة لجهاز أمن الدولة التي رافقت عون، من الدخول، وأوصدت كافة الأبواب في وجهها، كما أن القاضية المذكورة اضطرت إلى مغادرة مبنى المصرف المركزي بناء لإشارة المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، لكونها تجاوزت صلاحياتها وانتقلت من جبل لبنان إلى بيروت لتنفيذ هذه المهمة.
هذه الخطوة أعادت إلى الأذهان مشاهد مداهمات القاضية عون لشركة «مكتف للصيرفة» العام الماضي ودخولها بواسطة الكسر والخلع، وأثارت استياء المراجع السياسية والقضائية، إذ عبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن أسفه «للطريقة الاستعراضية التي تعالج فيها ملفات قضائية، والتي تساهم بضرب سمعة لبنان المالية». فيما أوضح مصدر قضائي بارز لـ«الشرق الأوسط»، أن «تصرفات القاضية عون غير مقبولة ويجب وضع حد لها». وسأل: «هل يعقل أن الدولة تداهم مؤسسات الدولة؟ وهل عبر اقتحام مؤسسة بأهمية مصرف لبنان لها حصانتها ورمزيتها نكافح الفساد ونطبق القانون؟»، معتبراً أن المدعية العامة في جبل لبنان «تتعدى الإجراءات القانونية، وتترجم عبر تصرفاتها الخلفية السياسية التي تقف وراء ملاحقاتها لحاكم البنك المركزي».
يوم غادة عون الطويل، بدأ باكراً حيث كلفت دورية من جهاز أمن الدولة بمداهمة منزل سلامة في الرابية وتوقيفه، ولدى وصول الدورية إلى المنزل تبلغت أنه غير موجود في المنزل، عندها انتقلت على رأس قوة كبيرة من أمن الدولة إلى مقر مصرف لبنان في الحمراء لتوقيف سلامة، حيث تمكنت القاضية المذكورة من الدخول إلى مبنى المصرف، فيما لم تتمكن القوة الأمنية من الدخول، وما إن تبلغ المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش بالأمر، سارع إلى إعطاء أمر لقوى الأمن الداخلي المولجة حماية المصرف، بمنع عناصر أمن الدولة من دخول حرم مصرف لبنان، وطلب من القاضية مغادرة المكان لكونها تخطت صلاحياتها المحصورة ضمن نطاق جبل لبنان.
وأوضحت مصادر مطلعة أن المدعية العامة في جبل لبنان، وصلت إلى مكتب حاكم مصرف لبنان، وتبلغت من مديرة مكتبه أنه غير موجود في المصرف، عندها بدأت تفتيش المكاتب في الطابق المذكور بحثاً عنه، إلا أنها لم تعثر عليه ولم تضبط أي مستند، وهنا تلقت إشارة القاضي رجا حاموش التي طلب منها مغادرة مقر المصرف فوراً، وبالفعل خرجت من مبنى المصرف وقالت للصحافيين: «أبلغنا بأن الحاكم غير موجود في مبنى المصرف، كما أتتنا إشارة من القاضي رجا حاموش لإخلاء البنك المركزي».
وأثنى المصدر القضائي على قرار القاضي حاموش، ولفت إلى أن الأمر «يرتبط بعدم صلاحية القاضية عون بالدخول إلى مصرف لبنان وتنفيذ أي مهمة داخله، كون المصرف يقع في قلب العاصمة ويخضع لسلطة النيابة العامة في بيروت التي لم يجر التنسيق معها، وتفاجأت بخطوة عون الارتجالية». ورأى أن ما أقدمت عليه هذه القاضية «يعبر عن تهور أولاً لأنها اعتدت على صلاحيات نيابة عامة أخرى، وثانياً اعتدت على مؤسسة رسمية تتمثل بمصرف لبنان، بما له من رمزية وحصانة سياسية وقانونية جرى تجاهلها».
وعلى أثر هذه المداهمة، أعلن موظفو مصرف لبنان الإضراب، وقالت نقابة مصرف لبنان: «إننا نعلن الإضراب وإقفال المصرف مع اعتصام الموظفين داخل حرم المصرف، وذلك اعتراضا على التجاوزات القانونية والطريقة الميليشياوية التي تمارسها القاضية عون».
من جهته، عبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن أسفه لـ«الطريقة الاستعراضية التي تتم فيها معالجة ملفات قضائية حساسة، لها ارتباط بالاستقرار النقدي في البلاد مما يعرض البلد لاهتزاز لا تحمد عقباه».
ورأى في تصريح له أن «مداهمة المصرف المركزي بهذا الشكل الاستعراضي وسط تداخل الصلاحيات بين الأجهزة القضائية ليس الحل المناسب لمعالجة ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة». وقال ميقاتي: «لسنا متمسكين بأحد ولا ندافع عن أحد، بل نتمسك بالقضاء العادل بعيداً عن الاستنسابية مع الحرص على سمعة لبنان المالية دولياً»، مشيراً إلى أن «المطلوب أن تتم معالجة ملف حاكم مصرف لبنان بتوافق سياسي مسبق على حاكم جديد للبنك المركزي، ولتأخذ القضية مجراها القانوني المناسب».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تركيا تعلن استقرار الأمن على حدودها مع العراق بعد «تطهير زاب»

وزير الدفاع التركي يسار غولر خلال استقبال نظيره العراقي سعيد ثابت العباسي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)
وزير الدفاع التركي يسار غولر خلال استقبال نظيره العراقي سعيد ثابت العباسي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)
TT

تركيا تعلن استقرار الأمن على حدودها مع العراق بعد «تطهير زاب»

وزير الدفاع التركي يسار غولر خلال استقبال نظيره العراقي سعيد ثابت العباسي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)
وزير الدفاع التركي يسار غولر خلال استقبال نظيره العراقي سعيد ثابت العباسي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)

قال وزير الدفاع التركي يشار غولر إن بلاده أرست الأمن بطول حدودها مع العراق، وذلك بعدما أجرى مباحثات مع نظيره العراقي ثابت العباسي في أنقرة، حول التطورات الأخيرة في سوريا، والتعاون بين البلدين في مكافحة «حزب العمال الكردستاني» وتأمين الحدود.

وأضاف غولر، في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية في أنقرة، الأحد، تناول فيه أنشطة القوات المسلحة على مدار العام، أنه تم تطهير منطقة زاب في شمال العراق بالكامل من عناصر «منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية» في إطار عملية «المخلب - القفل»، المستمرة منذ 17 أبريل (نيسان) 2022.

وتابع: «قمنا بتحييد 1136 إرهابياً في هذه المنطقة التي يعدها (العمال الكردستاني) مركزاً مهماً له، والتي تحتل موقعاً رئيسياً بين سوريا وجبل قنديل، معقل (العمال الكردستاني) في شمال العراق».

القوات التركية تواصل «عملية المخلب - القفل» في شمال العراق منذ أبريل 2022 (وزارة الدفاع التركية)

ولفت إلى أنه تم خلال العملية تدمير 3 آلاف و158 لغماً و1327 كهفاً وملجأ، وضبط ألفين و421 قطعة سلاح متنوعة، و957 من الأسلحة الثقيلة، وأكثر من 910 آلاف قطعة ذخيرة تستخدم في هذه الأسلحة، تم الاستيلاء عليها في منطقة زاب.

وعدَّ غولر زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى بغداد وأربيل في 22 أبريل (نيسان) الماضي بمثابة نقطة تحول في العلاقات التركية العراقية، مضيفاً أننا «نواصل المفاوضات لجعل التعاون بين بلدينا دائماً في مكافحة الإرهاب، وفي هذا السياق، عقدنا الاجتماع الرابع للآلية الأمنية رفيعة المستوى بين بلادنا والعراق، في أنقرة في 15 أغسطس (آب) الماضي، ووقعنا مذكرة تفاهم حول التعاون العسكري والأمني ​​ومكافحة الإرهاب».

وقال: «إننا نرحب بالقرار الذي اتخذه العراق، الذي بدأ يعتبر (حزب العمال الكردستاني) مشكلة له أيضاً، وإعلانه (منظمة محظورة)، ونتوقع من الحكومة العراقية أن تعلنه (منظمة إرهابية) في أقرب وقت ممكن».

تركيا والعراق وقعا مذكرة تفاهم للتعاون الأمني والعسكري في أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

وذكر غولر أن تركيا تراقب تحركات «حزب العمال الكردستاني» في شمالي العراق وسوريا، لافتاً إلى أن قسماً من الأسلحة التي قدمتها أميركا إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تعدّها حليفاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، أرسلتها الوحدات الكردية إلى شمال العراق، بعد التطورات الأخيرة في سوريا وتضييق الفصائل السورية الخناق عليها.

ولفت إلى أن «العمال الكردستاني» بات يواجه صعوبات في تجنيد عناصر له في شمال العراق، لذا شرع في نقل قسم من عناصره وأسلحته من سوريا إلى العراق.

وأضاف: «إلا أن العناصر المرسلة إلى شمال العراق إما يستسلمون للجيش التركي المنتشر بالمنطقة، أو يفرون من التنظيم في وقت قصير جداً لجهلهم بالمنطقة».

وكان غولر التقى نظيره العراقي، ثابت سعيد العباسي، في مقر وزارة الدفاع التركية في أنقرة مساء السبت.

جانب من مباحثات غولر والعباشي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)

وحسب مصادر تركية، تطرقت المباحثات إلى التطورات الأخيرة في سوريا والتعاون التركي العراقي في مكافحة «حزب العمال الكردستاني» وتأمين الحدود، كما تم استعراض التعاون في إطار مذكرة التعاون الأمني والعسكري ومكافحة الإرهاب الموقعة في أغسطس (آب) الماضي.

ونصت المذكرة على إنشاء مركز مشترك للتنسيق الأمني في بغداد إلى جانب مركز تدريب وتعاون مشترك في معسكر بعشيقة، بمحافظة نينوى، شمال العراق، الذي كانت توجد به قوات تركية.

وشهدت السنوات القليلة الماضية خلافات بين الجارتين، تركيا والعراق، حول عمليات عسكرية عبر الحدود تنفذها تركيا ضد مسلحي «حزب العمال الكردستاني»، التي تعدّها العراق انتهاكاً لسيادته، فيما تتمسك تركيا بأنها ضرورية لحماية أمن حدودها وشعبها.

وشهدت العلاقات بين البلدين في العامين الأخيرين تطورات إيجابية، سواء فيما يتعلق بالتعاون في المجالات الأمنية، أو على صعيد التعاون الاقتصادي والتجاري وفي مشروع «طريق التنمية».