جذب استثمارات تشغل نصف مليون متر في المناطق الصناعية السعودية

تخطت قيمتها الإجمالية 746 مليون دولار

تعمل السعودية على استقطاب الاستثمارات المحلية والدولية للنهوض بالقطاع الصناعي في البلاد (الشرق الأوسط)
تعمل السعودية على استقطاب الاستثمارات المحلية والدولية للنهوض بالقطاع الصناعي في البلاد (الشرق الأوسط)
TT

جذب استثمارات تشغل نصف مليون متر في المناطق الصناعية السعودية

تعمل السعودية على استقطاب الاستثمارات المحلية والدولية للنهوض بالقطاع الصناعي في البلاد (الشرق الأوسط)
تعمل السعودية على استقطاب الاستثمارات المحلية والدولية للنهوض بالقطاع الصناعي في البلاد (الشرق الأوسط)

تمكنت المناطق الصناعية السعودية خلال العام المنصرم من جذب واستقطاب العديد من الاستثمارات المحلية والعالمية بمساحات تتجاوز النصف مليون متر مربع، وذلك بعد إطلاق حزمة منتجات تستهدف خلق فرص مميزة وتقديم برامج مساعدة ومحفزة للمستثمرين.
وكشف تقرير حديث صادر من الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن» - اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه - عن استقطاب استثمارات محلية ودولية خلال العام الفائت بقيمة إجمالية تخطت الـ2.8 مليار ريال (746 مليون دولار).
ووفقاً للتقرير، استقطبت «مدن» مراكز بيانات شركات «تماسك ومحو البيانات» في المدينة الصناعية الثانية بالدمام باستثمارات تتجاوز 2 مليار ريال (533 مليون دولار)، وكذلك شركة «ألفا بايوفيز» في مدينة سدير للصناعة والأعمال لإقامة أول مصنع في المملكة لتصنيع مشتقات البلازما على مساحة 32 ألف متر مربع وبحجم استثمارات تصل إلى 300 مليون ريال (80 مليون دولار)، في حين أبرمت عقد توسعة أرض صناعية مع «إن أو في» العربية السعودية المحدودة في المدينة الصناعية الثالثة بالدمام بمساحة 26 ألف متر مربع للاستثمار في صناعة أنابيب الفايبر جلاس بنحو 49 مليون ريال (13 مليون دولار).
وبحسب التقرير فقد استطاعت «مدن» استقطاب شركة «تكوينات» في الجوف بتخصيص مصنع جاهز مساحته 1500 متر مربع للاستثمار في صناعة التعبئة والتغليف بنحو 32 مليون ريال (8.5 مليون دولار)، إضافة إلى شركة «كيربي» للصناعات الحديدية في سدير للصناعة والأعمال بتخصيص أرض صناعية مساحتها 70 ألف متر مربع للاستثمار في صناعة المباني سابقة الصنع بنحو 55 مليون ريال (14.6 مليون دولار).
ووقعت «مدن» خلال العام المنصرم عقود تطوير واستثمار مصانع جاهزة مختلفة المساحات في المدينة الصناعية بعسير، والمدينة الصناعية الثالثة بجدة، والمدينة الصناعية الثالثة بالرياض لخدمة رواد الأعمال، علاوة على تخصيص أرض خدمية لاستكمال منظومة الخدمات في المدينة الصناعية بوعد الشمال، والمدينة الصناعية الأولى بعسير، والمدينة الصناعية الأولى بجدة.
وخصصت «مدن» في العام السابق أكثر من 250 طلبا لأراض صناعية ومصنع جاهز بأنشطة متنوعة ذات قيمة مضافة عالية، وأبرمت عقد شراكة استراتيجية مع «طب الأسرة» للاستثمار الصحي بالمدينة الصناعية الثانية، في حين أطلقت أيضا فرصا استثمارية لإنشاء مناطق إيداع في المدن الصناعية وتوفير معلومات المواقع والأنشطة واشتراطات الترخيص والتشغيل.
وأفصح التقرير عن استقطاب شركة «ماسك للخدمات اللوجيستية» في المدينة الصناعية الثالثة بجدة مساحة إجمالية تتخطى 92 ألف متر وحجم استثمار يصل 90 مليون ريال (24 مليون دولار)، بالإضافة إلى مشروع آخر لذات الشركة في المدينة الصناعية الثالثة بالرياض في قطعتين على مساحة 53 ألفا و28 ألف متر مربع وبقيمة تبلغ 150 مليون ريال (40 مليون دولار).
وتقدم «مدن» مجموعة منتجات مبتكرة ومتنوعة ذات موثوقية عالية تدعم خطط الحكومة السعودية المتواصلة للنهوض بالقطاع الصناعي، وتسهم في تنويع مصادر الدخل باعتبارها إحدى ركائز تمكين الصناعة الوطنية وريادتها.
وتوفر «مدن» أرضا صناعية مطورة البنية التحتية والخدمات بمساحات مختلفة تبدأ بـ1700 متر مربع تلبية لاحتياجات المستثمرين الصناعيين، وذلك دعماً لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة لمزاولة أنشطتهم الصناعية، وكذلك إنشاء مصانع جاهزة كاملة الخدمات بمساحات متنوعة 700 متر مربع و1500 متر مربع للشركاء المستثمرين أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، كما تستهدف هذه المصانع الاستثمارات النسائية القائمة على المميزات النسبية لمناطق المملكة، وتحقق أعلى درجات المحافظة على البيئة والسلامة العامة مثل، صناعات المواد الغذائية والحُلي والتراث السعودي، والأدوية، والمستلزمات الطبية.
وتتيح «مدن» للمستثمرين خدمة التقديم على أرض صناعية والتمويل معاً كحزمة صناعية موحدة، وذلك عبر اتفاقية موقعة مع «صندوق التنمية الصناعية السعودي، بالإضافة إلى خدمة أخرى تتيح الحصول على مصنع جاهز وتمويل داخل منصة مشتركة.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

الرسوم الجمركية في عهد ترمب... أداة تفاوض أم ضرورة لتمويل العجز؟

دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)
دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية في عهد ترمب... أداة تفاوض أم ضرورة لتمويل العجز؟

دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)
دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)

في خضم دوامة إعلانات الرسوم الجمركية التي يطلقها دونالد ترمب، يتشبث المحللون السياسيون بأمل واحد، وهو أن هذه الرسوم ليست سوى تهديد يستخدمه الرئيس الأميركي للضغط على شركائه التجاريين وانتزاع تنازلات منهم، أي أن تهديده سيكون أكبر من أفعاله الفعلية. لكن هذا الافتراض يغفل حقيقة أخرى مهمة: ترمب ليس فقط يلوّح بالرسوم الجمركية بوصفها سلاحاً تفاوضياً، بل هو بحاجة ماسة إلى الأموال.

فالوضع المالي للولايات المتحدة في حالة يرثى لها، حيث بلغ العجز في الموازنة أعلى مستوياته منذ عام 1975 خارج فترات الأزمات، فيما يتجه الدين العام للنمو بمعدل يفوق ضعف معدل نمو الاقتصاد خلال العقود المقبلة. ورغم هذا الوضع المتأزم، تعهد ترمب بتنفيذ تخفيضات ضريبية ضخمة تصل إلى 10 تريليونات دولار على مدى السنوات العشر المقبلة، مما يفاقم التحديات المالية، وفق صحيفة «التلغراف».

وفي هذا السياق، يُحذّر الخبراء من أن ترمب لا يرى في الرسوم الجمركية مجرد أداة للضغط الجيوسياسي، بل يعدها أيضاً مصدراً رئيساً لتمويل أجندته الضريبية، ما يعني أنها ستظل جزءاً أساسياً من سياساته الاقتصادية. وكما يوضح مايكل مارتينز، مؤسس شركة «أوفرتون أدفايزوري»، فإن «ترمب يرى في الرسوم الجمركية وسيلة لزيادة الإيرادات، وسيستخدمها فريقه مبرراً لخفض الضرائب». وقد أكد ترمب هذا التوجه في خطاب تنصيبه، عندما قال: «بدلاً من فرض الضرائب على مواطنينا لإثراء الدول الأخرى، سنفرض الرسوم الجمركية والضرائب على الدول الأجنبية لإثراء مواطنينا». كما شدّد مستشاره التجاري، بيتر نافارو، في حديث لشبكة «سي إن بي سي» على أن «الرسوم الجمركية ستكون جزءاً مهماً للغاية من نقاشات خفض الضرائب».

لكن التفاؤل بعودة الأمور إلى طبيعتها قد يكون في غير محله، إذ يشير مارتينز إلى أن «هذا النهج لن يختفي، ولا ينبغي لأحد أن يتفاجأ إذا واصل ترمب توسيع وزيادة الرسوم الجمركية»، مضيفاً أن «كثيراً من قادة العالم يستخفون بشغف ترمب بهذه السياسة».

ويتجلى عمق الأزمة المالية الأميركية بوضوح في تقرير مكتب الموازنة في الكونغرس، الذي يتوقع أن يصل العجز الفيدرالي الأميركي في السنة المالية 2025 إلى 1.9 تريليون دولار، أي ما يعادل 6.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يقارب ضعف متوسط العجز البالغ 3.8 في المائة خلال الخمسين عاماً الماضية. وهذه المشكلة ليست آنية، بل تزداد سوءاً، حيث يُتوقع أن يصل العجز إلى 2.7 تريليون دولار، أو 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035.

ويقول جيمس نايتلي، كبير الاقتصاديين الدوليين في بنك «آي إن جي»: «الوضع المالي للولايات المتحدة سيئ للغاية منذ البداية»، ما يعني أن الاقتراض سيواصل ارتفاعه بوتيرة متسارعة. وفي فبراير (شباط) الماضي، أصدرت هيئة المحاسبة الحكومية تحذيراً صارخاً مفاده أن الحكومة الأميركية تواجه «مستقبلاً مالياً غير مستدام». وبحلول عام 2027 سيصل الدين العام إلى مستوى قياسي جديد يبلغ 106 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وإذا لم يتم التعامل معه، فسوف يزداد بمعدل يفوق ضعف معدل نمو الاقتصاد ليصل إلى 200 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2047.

وتعتمد هذه التوقعات على فرضية انتهاء التخفيضات الضريبية التي أقرها ترمب في 2017 بحلول نهاية 2025، وهي التخفيضات التي شملت معظم معدلات ضريبة الدخل الشخصي. لكن ترمب يسعى إلى تمديدها، مما سيضيف 5.5 تريليون دولار إلى إجمالي الاقتراض خلال العقد المقبل. يقول نايتلي: «هذا هو الأساس الذي ننطلق منه، وهذا سيكلف 5.5 تريليون دولار دون أي فوائد مباشرة للمواطنين، لأن ذلك سيبقي معدلات الضرائب دون تغيير. لن يكون هناك أي تأثير مالي إيجابي، لكنه سيفاقم الأوضاع المالية الأميركية على المدى الطويل».

ولا يقتصر طموح ترمب على تمديد التخفيضات الضريبية الحالية، بل يتطلع إلى خطوات أوسع، مثل إلغاء الضرائب على العمل الإضافي، وهي خطوة قد تكلف أكثر من تريليوني دولار خلال العقد المقبل. كما أن خططه لإلغاء الضرائب على مزايا الضمان الاجتماعي ستضيف ما بين تريليون و1.5 تريليون دولار إلى العجز، بينما سيكلف إلغاء الضرائب على الإكراميات ما بين 200 و500 مليار دولار خلال الفترة نفسها. بالإضافة إلى ذلك، فإن خفض الضريبة على الشركات من 21 في المائة إلى 15 في المائة للشركات التي تركز إنتاجها في الولايات المتحدة سيكلف نحو 300 مليار دولار.

وبمجموع هذه السياسات، ستحتاج إدارة ترمب إلى تمويل إضافي يُقدَّر بنحو تريليون دولار سنوياً. ورغم أن بعض هذه الإجراءات قد لا تُنفذ بالكامل - مثل إلغاء الضرائب على العمل الإضافي، الذي قد يواجه معارضة في الكونغرس بسبب تداعياته على الإنتاجية - فإن الفجوة التمويلية التي يجب سدها تظل هائلة. ويوضح مارتينز أن «ترمب يؤمن بالنهج العدواني أولاً، وسيدفع باتجاه خفض ضريبة الشركات إلى أقصى حد ممكن. علامته التجارية السياسية تقوم على كونه رجل أعمال سابقاً».

لكن تمرير هذه التخفيضات يتطلب إقناع الكونغرس، وكذلك الأسواق المالية التي ستراقب عن كثب مدى قدرة الحكومة على تمويل هذه السياسات. وحتى الآن، لم يتسبب ارتفاع العوائد على سندات الخزانة الأميركية في رفع أسعار الفائدة على الديون الحكومية طويلة الأجل إلى مستويات تنذر بأزمة مالية وشيكة، لكن هذا قد يتغير قريباً. وكما يحذر روبن بروكس، الزميل البارز في معهد «بروكينغز»، فإن «الولايات المتحدة تتمتع بامتياز مالي هائل – القدرة على تمويل عجز ضخم بأسعار فائدة منخفضة مع الحفاظ على عملة قوية – لكن لا أحد يعرف متى سينتهي هذا الامتياز». ويضيف: «نحن نلعب بالنار، لأن هذا الامتياز ليس من دون حدود. حقيقة أن الأسواق لم تسعّر هذا بعد، لا تعني أنها لن تفعل ذلك غداً».

أما الحل الآخر الذي يطرحه ترمب لموازنة المالية العامة، والمتمثل في الاعتماد على «وزارة الكفاءة الحكومية» بقيادة إيلون ماسك لتقليص الإنفاق الحكومي، فمن غير المرجح أن يسفر عن توفيرات كافية. فثلثا الإنفاق الحكومي الأميركي مخصص لبرامج إلزامية مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، ولا يمكن تقليص ذلك بسهولة. أما الثلث المتبقي، فهو إنفاق تقديري، لكن معظمه - أي نحو ثلثي هذا الجزء - يذهب إلى الدفاع العسكري، ما يعني أن الجزء القابل للتخفيض فعلياً ضئيل للغاية. حتى إيلون ماسك نفسه أقر بأن التوفير الفعلي قد يكون نصف الهدف المعلن، قائلاً: «إذا حاولنا خفض 2 تريليون دولار، فلدينا فرصة جيدة لتحقيق خفض بقيمة تريليون دولار».

كل هذا لا يعني أن الرسوم الجمركية ستكون بالضرورة مصدراً فعالاً أو كافياً للإيرادات. فوفقاً لمعهد «بيترسون» للاقتصاد الدولي، فإن فرض ترمب لرسوم بنسبة 10 في المائة على جميع السلع، و60 في المائة على الصين قد يجلب 225 مليار دولار سنوياً، لكن هذا الرقم لا يأخذ في الحسبان تأثير الرسوم على النمو الاقتصادي. ويوضح بروكس أن «زيادة الرسوم تؤدي إلى انخفاض الكميات المستوردة، مما يقلل من العائدات». وبحسب التقديرات، فإن الحد الأقصى للإيرادات التي يمكن تحصيلها من الرسوم الجمركية قد لا يتجاوز 100 مليار دولار سنوياً، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالفجوة المالية الهائلة.

وفي نهاية المطاف، يظهر بوضوح أن اعتماد ترمب على الرسوم الجمركية بوصفها مصدراً أساسياً للإيرادات ليس كافياً، مما قد يدفعه إلى البحث عن مصادر تمويل بديلة أو إلى إعادة النظر في بعض وعوده المالية.