زيارة بايدن للسعودية ترفع سقف التوقعات بتعزيز شراكات الاستثمارات الثنائية

370 شركة أميركية عاملة في المملكة... واستثمارات السعوديين في الولايات المتحدة تتجاوز 800 مليار دولار

الرئيس الأميركي يزور السعودية وسط تقديرات بتزايد الشراكة الاستثمارية بين البلدين (رويترز)
الرئيس الأميركي يزور السعودية وسط تقديرات بتزايد الشراكة الاستثمارية بين البلدين (رويترز)
TT

زيارة بايدن للسعودية ترفع سقف التوقعات بتعزيز شراكات الاستثمارات الثنائية

الرئيس الأميركي يزور السعودية وسط تقديرات بتزايد الشراكة الاستثمارية بين البلدين (رويترز)
الرئيس الأميركي يزور السعودية وسط تقديرات بتزايد الشراكة الاستثمارية بين البلدين (رويترز)

بينما تتأهب السعودية لاستقبال أول زيارة للرئيس الأميركي جو بايدن منذ تسلمه مقاليد الحكم في البلاد، توقع اقتصاديون أن تثمر نتائج الزيارة عن رفع مستوى الشراكات الاقتصادية وزيادة التجارة والاستثمارات الثنائية، مرجحين أن تدفع الزيارة عودة الشراكة الاستراتيجية إلى سابق عهدها وفق قاعدة صلبة ورؤية محققة للمصالح المشتركة، وفي مقدمها أمن واستقرار المنطقة الضامن لأمن إمدادات الطاقة وبالتالي حماية الاقتصاد العالمي من تداعيات خطيرة سيكون تأثيرها الأكبر على الدول الصناعية الكبرى وفي مقدمها الولايات المتحدة.

الشريك الاستراتيجي
ومع إقرار الاقتصاديين في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، بأن أميركا شريك استراتيجي للمملكة، وأنها تمثل ثقلاً اقتصادياً وسياسياً لا يمكن المراهنة على إقصائها، إلا أنهم يرون أن المملكة تعد محورية في أمن واستقرار المنطقة اقتصادياً وسياسياً، فضلاً عن أنها مرتكز أساسي لاستقرار أسواق الطاقة والمحققة لأمن وسلاسل الإمدادات دولياً.
ويرى فضل البوعينين عضو مجلس الشورى السعودي، أن أهمية زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية، ستعزز علاقات البلدين اقتصادياً وتجارياً واستثمارياً، مبيناً أن بايدن أدرك أخيراً، أهمية المملكة في المنطقة واستدامة العلاقات الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن، متلافياً خطأه في محاولة إقصائها حينما كان يصرح لأنصاره منذ بداية ترشحه للرئاسة.
وقال البوعينين لـ«الشرق الأوسط»: «انظر إلى زيارة الرئيس الأميركي من جانب إصلاح بوصلة العلاقات السعودية الأميركية التي تسبب وحزبه الديمقراطي بالإضرار بها ما دفع المملكة للبحث عن مصالحها بمنأى عن غطرستها... يؤكد ذلك ما تضمنه مقال الرئيس بايدن الذي عنونه بـ(لماذا أنا ذاهب إلى السعودية؟) وذكر فيه أهمية علاقة بلاده بالمملكة الممتدة لأكثر من 80 عاماً».

التوازن الأمثل
ويعتقد البوعينين أن رؤية المملكة في علاقاتها الخارجية، باتت تعتمد على تحقيق التوازن الأمثل الضامن لتحقيق المصالح، وتعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة دون أن تسمح لها بالإضرار بمصالحها الداخلية والإقليمية والدولية، مقرّاً في الوقت ذاته بأن أميركا شريك استراتيجي للمملكة، كما أنها تمثل ثقلاً اقتصادياً وسياسياً لا يمكن المراهنة على إقصائها.
وبناء على ذلك، والحديث للبوعينين، أن الملفات الاقتصادية والاستثمارية والسياسية والأمنية ستكون حاضرة في زيارة الرئيس بايدن، بما يحقق المصالح المشتركة، متفائلاً بأهمية الزيارة لدى الطرفين، من حيث معالجتها للملفات العالقة والتحديات التي تسبب بها بايدن نفسه.
ويتوقع أن ملفات الزيارة، تضمن عودة الشراكة الاستراتيجية إلى سابق عهدها وفق قاعدة صلبة ورؤية محققة للمصالح المشتركة، وفي مقدمها أمن واستقرار المنطقة الضامن لأمن إمدادات الطاقة، وبالتالي حماية الاقتصاد العالمي من تداعيات خطيرة سيكون تأثيرها الأكبر على الدول الصناعية الكبرى وفي مقدمها الولايات المتحدة.
وأضاف: «نجحت المملكة في المضي قدماً بتنفيذ إصلاحاتها الاقتصادية ولم تلتفت للموقف الأميركي خلال العامين الماضيين، فالسوق العالمية مفتوحة والتقنيات متاحة في كثير من الدول البديلة. التحول نحو الشرق من أدوات تحقيق التوازن في العلاقات الاقتصادية ونقل التقنية وهو ما عززته التجارب الماضية والحالية... من الخطأ المتسبب بمخاطر كبرى الاعتماد على شراكة استراتيجية واحدة، وهو ما أدركته القيادة السعودية».

شراكات أخرى
وأوضح أن السعودية عززت من شراكاتها مع الدول الأخرى لضمان استدامة البناء والحصول على أجود التقنيات الصناعية من مصادر مختلفة لتحقيق الكفاءة والأمن الاستراتيجي وضمان الاستدامة، مستدركاً في الوقت نفسه أنه رغم أهمية الميزة التقنية والمعرفية الأميركية، فإنها باتت متاحة في دول صناعية أخرى، حيث للمملكة حرية الاختيار وفق مصالحها الخاصة على حدّ تعبيره.

الطاقة والسياسة
وحول أهمية التعاون الثنائي لاستقرار أسواق الطاقة العالمية وكبح جماع آثار الأزمة الروسية الأوكرانية من حيث مشكلات الطاقة والغذاء، قال البوعينين: «منذ اليوم الأول أعلنت المملكة موقفها الرسمي من النزاع الروسي الأوكراني، وشددت على أهمية المعالجة الدبلوماسية للأزمة، إلا أن المملكة لا ترغب لأن تكون ترساً في عجلة الأزمة الروسية الأوكرانية، وتنأى بنفسها عنها، إلا من خلال الوساطات الدبلوماسية».
ولفت إلى أن المملكة حريصة على التعامل مع أزمات المنطقة المفتعلة بنفس آلية تعامل الغرب مع الأزمة الروسية الأوكرانية، وعلى أسس من العدالة، ومع هذا لم تستغل المملكة الأزمة للتأثير على سوق الطاقة والإمدادات، بل التزمت باتفاق «أوبك» الذي كانت الولايات المتحدة جزءا منه في فترة الرئيس السابق دونالد ترمب.
وشدد على أن السعودية، تعدّ محور استقرار أسواق الطاقة والمحققة لأمن الإمدادات وسياستها النفطية معلنة وثابتة، مبيناً أنها تقوم على تحقيق مصالح المنتجين دون الإضرار بمصالح المستهلكين والمساهمة الفاعلة في حماية الاقتصاد العالمي وتعزيز نموه.
وأكد على ضرورة الاعتراف بأن أزمة الطاقة الحالية وأزمة الغذاء كان من الممكن تفاديها بقليل من الحكمة في التعامل مع المخاوف الروسية وعدم دفع الأطراف لحافة النزاع العسكري، كما أن معالجتها اليوم ممكنة بالرجوع إلى العقلانية وتغليب الحكمة وإنهاء الأزمة بطريق دبلوماسية ووقف تغذيتها من أطراف أخرى.

ضبط البوصلة
ويعتقد البوعينين أن زيارة الرئيس بايدن إلى السعودية، تعدّ فرصة جيدة لإعادة ضبط بوصلة العلاقات المشتركة، وإصلاحها، مبيناً أنه من الجيد أن يدرك الرئيس الأميركي أن هناك تساؤلات شعبية واسعة عما سيقدمه بايدن للمملكة، بما يعزز ثقتها بشريكها الاستراتيجي الذي جاهر بعدائها ومحاولة نبذها دون أسباب منطقية تبرر له ذلك الموقف العدائي منها.

توقعات متفائلة
من جهته، أكد رجل الأعمال السعودي، عبد الله بن زيد المليحي «أن الاقتصاد والأسواق العالمية تنظر للسعودية وزيارة بايدن كمخلص لأزمات المنطقة والعالم الاقتصادية من خلال المباحثات الثنائية الشفافة لمواجهة الأزمات الاقتصادية الحالية، إذ تعدّ أميركا شريكا رئيسيا للمملكة على مر السنين، حيث كان وما زال النفط هو المحرك الرئيسي، وتعتبر أميركا من أوائل الدول التي استثمرت فيها السعودية كما أن المملكة من أوائل الدول التي تستثمر في أميركا».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه في ظل الظروف الاقتصادية الحالية يعتبر السوق السعودي هو السوق الأول للاستثمار في ظل ارتفاع أسعار النفط، حيث ضخت الحكومة مبالغ ضخمة في تطوير مختلف المجالات، مستطرداً: «نتوقع في الفترة المقبلة دخول عدد كبير من الشركات الأميركية للسوق السعودي بمشاركة الحكومة والقطاع الخاص، إذ تجري في الفترة الحالية مفاوضات شركات سعودية مع شركات أميركية مهتمة بالدخول في مجال الإسكان للاستثمار وتطوير التقنيات وإنشاء مصانع في السعودية».

مجالات أربعة
وأضاف المليحي: «بعد إطلاق ولي العهد لرؤية المملكة 2030، بدأت في تطوير مجالات الاستثمار والاستفادة من الخبرات الأميركية في مجال التقنية والتحول الرقمي، إذ تخطط المملكة للدخول في شراكة مع الشركات الأميركية في استثمارات لتطوير هذا المجال، وكذلك مشاريع الطاقة الخضراء والهيدروجين، بينما تجاوز حجم الاستثمارات الأميركية في السوق السعودية 350 مليار ريال (93.3 مليار دولار)، فيما بلغ عدد الشركات المستثمرة 373 شركة تنوعت نشاطاتها ما بين النشاط الخدمي والصناعي والعقاري والعلمي والفني والتراخيص الموقتة».
ووفق المليحي، فإنه في بيان سعودي أميركي سبق الزيارة، نشرته وزارة التجارة الأميركية، فإنه تم اختيار المجالات الأربعة بناء على الأهداف المشتركة للبلدين في إنشاء أسواق مفتوحة ومزدهرة، وتحقيق النمو الشامل، موضحة أنها تتبنى المجالات الـ4 «الاقتصاد الأخضر، وتعزيز دور المرأة، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الابتكار، وزيادة الاستثمارات ثنائية الاتجاه».

لائحة الشركاء
ووفقاً للمليحي، فإن بيانات «آي تي تريد» تتصدر السعودية لائحة شركاء الولايات المتحدة التجاريين بين الدول العربية، مبيناً أن المملكة هي الدولة الوحيدة التي تتجاوز قيمة صادراتها إلى الولايات المتحدة قيمة وارداتها، ويعود ذلك إلى صادرات النفط الخام، مشيراً إلى أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في حواره مع مجلة «أتلانتيك»، الأميركية أوضح أن إجمالي الاستثمارات السعودية في أميركا يقدّر بحوالي 800 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

أعلنت مجموعة «ميزوهو» المالية، الخميس، إطلاق صندوق مؤشرات متداولة، وإدراجه في بورصة طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة).

عبير حمدي (الرياض)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
TT

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الخميس، اكتمال الاستحواذ على حصة تُقارب 15 في المائة في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين في «توبكو».

وبالتزامن، استحوذت شركة «أرديان» الاستثمارية الخاصة على قرابة 22.6 في المائة من «إف جي بي توبكو» من المساهمين ذاتهم عبر عملية استثمارية منفصلة.

من جانبه، عدّ تركي النويصر، نائب المحافظ ومدير الإدارة العامة للاستثمارات الدولية في الصندوق، مطار هيثرو «أحد الأصول المهمة في المملكة المتحدة ومطاراً عالمي المستوى»، مؤكداً ثقتهم بأهمية قطاع البنية التحتية، ودوره في تمكين التحول نحو الحياد الصفري.

وأكد النويصر تطلعهم إلى دعم إدارة «هيثرو»، الذي يُعدّ بوابة عالمية متميزة، في جهودها لتعزيز النمو المستدام للمطار، والحفاظ على مكانته الرائدة بين مراكز النقل الجوي الدولية.

ويتماشى استثمار «السيادي» السعودي في المطار مع استراتيجيته لتمكين القطاعات والشركات المهمة عبر الشراكة الطويلة المدى، ضمن محفظة الصندوق من الاستثمارات الدولية.