بوتين يسعى لـ«ضبط الساعات» مع إردوغان ورئيسي

من لقاء سابق بين بوتين ورئيسي في عشق آباد (تركمانستان) في 29 يونيو 2022 (أ.ب)
من لقاء سابق بين بوتين ورئيسي في عشق آباد (تركمانستان) في 29 يونيو 2022 (أ.ب)
TT

بوتين يسعى لـ«ضبط الساعات» مع إردوغان ورئيسي

من لقاء سابق بين بوتين ورئيسي في عشق آباد (تركمانستان) في 29 يونيو 2022 (أ.ب)
من لقاء سابق بين بوتين ورئيسي في عشق آباد (تركمانستان) في 29 يونيو 2022 (أ.ب)

أثار إعلان الكرملين، الثلاثاء، عن زيارة مرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران الأسبوع المقبل، تساؤلات عدة، حول التوقيت، وأجندة النقاشات المنتظرة على خلفية المواجهة المفتوحة بين روسيا والغرب، وتداعيات الحرب في أوكرانيا على الملفات الإقليمية، وخصوصاً على صعيد التطورات المنتظرة في سوريا وحولها.
جاء الإعلان عن الزيارة في هذا التوقيت مفاجئاً لكثيرين، رغم أنها كانت مقررة منذ وقت طويل؛ لكن تم تأجيلها عدة مرات خلال العامين الأخيرين. وقبل أسابيع كان الكرملين قد أعلن أن الزيارة قد تتم قبل نهاية الصيف، من دون أن يحدد تفاصيل إضافية.
يذكر أن اللقاء الأخير على المستوى الرئاسي لضامني مسار آستانة (روسيا وتركيا وإيران) كان قد انعقد قبل عامين عبر تقنية «الفيديو كونفرنس»، واتفق الأطراف في حينها على عقد لقاء مباشر للرؤساء في طهران «عندما تسمح الظروف الوبائية بذلك». ومع تراجع حدة انتشار الوباء في الفترة الأخيرة، برزت رزمة من التطورات البارزة، على رأسها الحرب في أوكرانيا، ما دفع إلى ترجيح أن انشغال الكرملين بالحرب والمواجهة المتصاعدة مع الغرب سوف يسفران عن تغييب الانخراط الروسي المباشر في الملفات الإقليمية، بما في ذلك في سوريا. لكن بالعكس من ذلك، جاء الإعلان الحالي عن تحديد موعد القمة الثلاثية التي تجمع بوتين بنظيره الإيراني إبراهيم رئيسي والتركي رجب طيب إردوغان، ليربط الزيارة بالتطورات المحيطة بروسيا، وحاجتها إلى تعزيز التنسيق مع شركائها في الملفات المطروحة للبحث.
لم يحمل الإعلان المقتضب الذي صدر عن الكرملين، تفاصيل تكشف أهداف الزيارة ومضامينها، إذ اكتفى الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف بالقول إنه يتم التحضير لزيارة الرئيس إلى طهران في 19 يوليو (تموز)، مع إشارة إلى أنه سيناقش الملف السوري مع نظيريه الإيراني والتركي. وذكر الكرملين أن بوتين سيعقد محادثات منفصلة مع إردوغان، فضلاً عن اللقاء المنتظر مع رئيسي.
اللافت أنه مع التكتم الرسمي على جدول أعمال الزيارة، فقد حرصت أوساط مقربة من الخارجية على نفي أن يكون اختيار التوقيت أو سرعة تنظيم الزيارة المؤجلة منذ وقت طويل مرتبطاً بزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة، وقال دبلوماسي روسي لـ«الشرق الأوسط»، إن تحرك بوتين يأتي «ضمن جدول مُعَد سلفاً، واستناداً لعمل دبلوماسي دؤوب بين المسؤولين في موسكو وطهران وأنقرة، وهي ليست زيارة مفاجئة، أو مرتبطة بأي شكل بزيارة بايدن إلى المنطقة. فروسيا لا تستند في مواقفها السياسية أو في أنشطتها الدبلوماسية إلى منطق رد الفعل».
وتقوم توقعات الأوساط الروسية الرسمية على أن «سياسة روسيا واضحة وشفافة فيما يتعلق بالوضع الإقليمي والدولي، وفيما يخص منطقة الشرق الأوسط تحديداً؛ حيث تتشابه مواقف الدول الضامنة لمسار آستانة (روسيا وإيران وتركيا) بخصوص الأزمة السورية والقضية الفلسطينية، وغيرها من القضايا».
ورغم الإشارة إلى أن الملف النووي الإيراني سيكون حاضراً خلال لقاء بوتين ورئيسي، قال المصدر إن التركيز الأساسي خلال المباحثات «سينصب بطبيعة الحال على الوضع السوري، مع حاجة الأطراف إلى مناقشة التطورات التي شهدتها سوريا ومحيطها منذ اللقاء الرئاسي الأخير، وعلى ضوء الاجتماعات التي جرت في نور سلطان وفي عواصم أخرى».
في المقابل، أشار خبراء روس إلى أن اختيار توقيت الزيارة ومضمونها له أهمية خاصة للغاية في هذه الظروف؛ خصوصاً لجهة أن الوضع ازداد سخونة حول سوريا في الفترة الأخيرة، وبرزت تكهنات حول احتمال انزلاق الموقف نحو مواجهة روسية- أميركية، فضلاً عن التطورات المحيطة بالعملية العسكرية التركية المحتملة في مناطق الشمال الشرقي، والوضع في الجنوب؛ حيث تدور نقاشات بشأن أهمية إنشاء منطقة آمنة.
وقالت لـ«الشرق الأوسط» ماريانا بيلينكايا، المعلقة السياسية لشؤون الشرق الأوسط في صحيفة «كوميرسانت»، وهي كبرى الصحف الروسية، إنه «إذا لم تتم هذه الزيارة حالياً، فلن يكون من الممكن التكهن متى ستسمح الظروف بتنظيمها لاحقاً، على ضوء التطورات المتسارعة حول سوريا وفي المنطقة والعالم». وفقاً للخبيرة، فإن الملفات الأساسية المطروحة للبحث هي العملية العسكرية التركية، والموقف الثلاثي حيال الضربات الإسرائيلية المتواصلة على مواقع في سوريا، والتي تعمدت موسكو إدانتها بشكل حاسم أخيراً، ما يعني تبلور سياسة روسية واضحة تجاهها.
بالإضافة إلى ذلك، في حقيبة بوتين، كما يبدو: «الشكاوى المستمرة التي تصل إلى موسكو من إسرائيل والأردن وأطراف عدة، حول التمدد الإيراني في سوريا، والمخاوف من تطورات متعلقة بهذا الشأن».
وعموماً، ترى الخبيرة أن الوضع حول سوريا «بات مقلقاً، ويستدعي التنسيق وإعادة ضبط الساعات بين الأطراف الثلاثة». وبعبارة أخرى، فإن الزيارة رغم عدم توقع خروجها باتفاقات معلنة أو تصريحات مشتركة تشكل تطوراً صارخاً؛ فإنها تمهد لتفاهمات يمكن أن تظهر تأثيراتها خلال الفترة اللاحقة؛ خصوصاً على صعيد العناصر الرئيسية التي تتركز في توضيح الموقف حيال الوضع في الجنوب، وملف التمدد الإيراني والمخاوف المحيطة به، وحيال التطورات المحتملة في الشمال، وخصوصاً لجهة العملية العسكرية التركية التي يبدو واضحاً أن موسكو رغم أنها لا ترحب بها فإنها لن تكون قادرة على منعها.
بالإضافة إلى ذلك، سيكون موضوع التعامل مع الجانب الأميركي في سوريا، خلال المرحلة المقبلة، بين أولويات السياسة الروسية، ما يحتاج تنسيقاً أقوى مع الشريكين الإيراني والتركي.
واللافت أنه مع التأكيدات على عدم ربط الزيارة مع توقيت زيارة بايدن إلى المنطقة، وكون هذا التزامن «مجرد مصادفة»؛ فقد كان واضحاً في الوقت ذاته أن الإشارات المتزايدة إلى أن زيارة بوتين إلى طهران رغم أن عنوانها سوري؛ فإنها مرتبطة بشكل مباشر بالوضع العام الذي كرسته الحرب الأوكرانية والمواجهة القائمة مع الغرب. ورأت أوساط روسية أن تصريحات الجانب الأميركي حول أن إيران عازمة على تسليم طائرات مُسيَّرة مسلحة إلى روسيا، تحمل مؤشرات مهمة لهذا الربط؛ خصوصاً أنها استبقت زيارة بايدن إلى المنطقة، وكون هذا الموضوع سيكون مطروحاً في الغالب خلال المحادثات الثنائية بين موسكو وطهران. والحديث يدور عن طائرات إيرانية تسعى روسيا، وفقاً للجانب الأميركي، إلى استخدامها في أوكرانيا لتعزيز قدراتها الهجومية مقابل تعزيز الغرب عمليات تسليح كييف.
وبهذا المعنى، فإنه فضلاً عن خصوصية مناقشة الملف السوري في أجندة بوتين في طهران، فإن الحرب الأوكرانية وآلية إدارة التحالفات في المرحلة المقبلة تغدو عنواناً رئيساً يربط بين زيارتي بايدن وبوتين.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

عشرات آلاف اليمنيين يسقطون من قوائم المساعدات الأممية

نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)
نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)
TT

عشرات آلاف اليمنيين يسقطون من قوائم المساعدات الأممية

نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)
نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

طالب عشرات الآلاف من المستحقين للمساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية بإعادة النظر في قرار إسقاط أسمائهم من قوائم المستحقين، في حين ذكر برنامج الأغذية العالمي أن 1.4 مليون شخص في مناطق سيطرة الحوثيين تلقوا مساعدات غذائية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي ضمن الاستجابة السريعة للطوارئ.

وذكرت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» أنها تلقت شكاوى عشرات الآلاف من السكان في مختلف المحافظات جراء قرار برنامج الأغذية العالمي إسقاط أسمائهم من قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية.

نموذج من شكاوى سقوط أسماء اليمنيين المستفيدين من المساعدات الأممية (إعلام محلي)

وأكدت المصادر أن الجانب الحكومي حاول ولا يزال عدم تقليص عدد المستفيدين إلا أنه لم يتمكن من ذلك، بسبب العجز الكبير في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، مع وجود آمال في أن تتم معالجة هذه الحالات في مرحلة مقبلة إذا ما حصلت خطة الاستجابة الإنسانية على تمويلات إضافية.

ومع ذلك، يؤكد ناشطون يمنيون أن عشرات الآلاف من الذين أسقطوا هم ممن يستحقون المساعدات الغذائية التي يقدمها البرنامج الأممي منذ سنوات، وليس هناك من هو أكثر منهم استحقاقاً، على حد تعبيرهم.

ورأى الناشطون أن إجراء كهذا وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها اليمن ستكون له انعكاسات خطيرة على حياة المحرومين، وطالبوا بتحرك حكومي مع المنظمات الدولية والجهات المانحة للتراجع عن هذه الخطوة.

من جهتها استغربت الأحزاب والتنظيمات السياسية في محافظة تعز (جنوب غرب) إسقاط أسماء كثيرة من المستفيدين من مساعدات برنامج الغذاء العالمي «بصورة غير مبررة» تزامناً مع موجة ارتفاع الأسعار القاتلة، وحملت الحكومة المسؤولية المباشرة عن التواصل والمتابعة مع البرنامج والمنظمات المعنية لإصلاح وتصحيح أوضاع المستفيدين الذين يمثلون الفئات الأكثر فقراً وحاجة.

5 ملايين مستفيد

وأعلن برنامج الأغذية العالمي اكتمال التوزيعات في إطار استجابته السريعة للطوارئ، حيث ساعد 1.4 مليون شخص في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية. كما بدأ توزيع الدورة الثالثة للمساعدات الغذائية في العام الحالي التي تستهدف 3.6 مليون شخص في مناطق سيطرة الحكومة، وقال إنه ولتغطية الاحتياجات في المناطق المتضررة من الفيضانات الأخيرة، قدم مساعدات غذائية لـ157 ألف شخص متضررين في جميع أنحاء البلاد خلال الشهر ذاته.

ونبه البرنامج إلى أنه مع استمرار تدهور وضع الأمن الغذائي، تضاعفت مستويات الحرمان الغذائي الشديد (سوء استهلاك الغذاء) تقريباً خلال العام الماضي في المناطق الخاضعة لسلطات الحوثيين. وفي المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً، وصلت تكلفة سلة الغذاء الدنيا إلى ذروة تاريخية وزادت الآن بنسبة 23 في المائة على أساس سنوي.

نحو نصف سكان اليمن يعانون من استهلاك غير كافٍ للغذاء (الأمم المتحدة)

وبشأن مواصلة الاستجابة لحالات الطوارئ على الساحل الغربي لليمن، قدم البرنامج مساعدات غذائية طارئة في المناطق المتضررة من الفيضانات. وفي المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، استكمل برنامج الأغذية العالمي الاستجابة السريعة للطوارئ في سبتمبر (أيلول)، حيث قدم المساعدة إلى إجمالي 1.4 مليون شخص في 34 مقاطعة منذ بدء عمليات التوزيع في أغسطس (آب).

كما بدأ برنامج الأغذية العالمي الجولة الأولى من المساعدات في 39 مقاطعة متضررة من الفيضانات في مناطق سيطرة الحوثيين وساعد 155300 شخص. وقال إنه في ظل الموارد المحدودة ولتعزيز تدابير الضمان، يقوم بإجراء عملية إعادة استهداف وتسجيل المستفيدين.

وفي المناطق التي تنفذ فيها برامج المساعدات الصغيرة، واصل برنامج الأغذية العالمي، بالتنسيق مع السلطات المحلية، الاستعدادات لجولة توزيع أغذية لمرة واحدة في المنطقتين التجريبيتين كمرحلة أخيرة من المشروع التجريبي.

أما في مناطق سيطرة الحكومة، فقد تم الانتهاء من جمع البيانات عن 3.6 مليون مستفيد، وبدأت المرحلة الأولى من تحديد الأولويات، والتي ستحدد عدد حالات المساعدة الغذائية المنقحة.

آلية الاستجابة السريعة

وساعدت آلية الاستجابة السريعة المشتركة بين الوكالات الأممية في اليمن 181 ألف شخص على مستوى البلاد. ومن بين هؤلاء، كان 99 في المائة من بين الأسر المتضررة من الفيضانات الشديدة الأخيرة، وواحد في المائة من الأسر التي نزحت بسبب الصراع.

كما قدم الأغذية العالمي المساعدة إلى 762 ألف امرأة وفتاة حامل ومرضع وطفل في إطار برامجه التغذوية المنتظمة، كما عمل في إطار علاج سوء التغذية الحاد والمتوسط على تقديم المساعدة إلى 671 ألف طفل وطفلة.

91 ألفاً من النساء الحوامل والأطفال اليمنيين حصلوا على مساعدات لمواجهة سوء التغذية (إعلام محلي)

وبخصوص تأثير نقص التمويل على مساعدات التغذية، ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه وفي ظل نقص التمويل المستمر، يعاني 2.3 مليون طفل من المجموعة الخاصة من نقص الغذاء. في حين أنه قدم المساعدة لـ760 ألف طالب في سبتمبر (أيلول) في إطار برنامج التغذية المدرسية الذي ينفذ في 1706 مدارس في 15 محافظة.

وبحسب البرنامج، استؤنف مشروع المطابخ الصحية في مناطق سيطرة الحكومة، حيث قدمت وجبات طازجة لـ22300 تلميذ في 16 مدرسة، إذ أثر نقص التمويل على التغذية المدرسية للعام الدراسي الحالي، وبلغ عدد الطلاب الذين يرتادون هذه المدارس شهرياً 990 ألف طالب. كما قدم الدعم لـ81 ألف شخص في إطار برنامج الصمود والتعافي.

ووزع البرنامج الأممي مليون دولار في شكل تحويلات نقدية إلى المشاركين في المشروع الخاص بسبل العيش، حيث عمل المشاركون على 177 من الأصول، بما في ذلك إعادة تأهيل الطرق الريفية، وحصاد المياه والمشاريع الزراعية في أربع محافظات.

تدهور الأمن الغذائي

وأظهرت البيانات الحديثة التي وزعها برنامج الغذاء العالمي أن هناك 2.4 مليون يمني يتلقون المساعدات من البرنامج، وأن 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي ويعيشون في المرحلتين الثالثة والرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

وكشفت هذه البيانات عن وجود 6 ملايين شخص في حالة طوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

وطبقاً للبرنامج الأممي فإن هناك 7.7 مليون يمني في حاجة إلى دعم غذائي، في حين استمر تدهور وضع الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد، حيث يواجه 64 في المائة من السكان استهلاكاً غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى مستوى سجله برنامج الأغذية العالمي على الإطلاق في اليمن.

وأعاد البرنامج التذكير بالمخاطر المرتبطة بسلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، وقال إن هناك 13 موظفاً من موظفي الأمم المتحدة -بمن في ذلك موظف محلي واحد من البرنامج- اعتقلتهم قوات الأمن التابعة للحوثيين في أوائل يونيو (حزيران) ولا يزالون قيد الاحتجاز حتى الآن.