تركيا: لا تأجيل ولا إلغاء للعملية في شمال سوريا

قالت إنها تتعرض لاستهداف مسلح من منبج وتل رفعت

مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا يتجمعون على الخطوط الأمامية الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا يتجمعون على الخطوط الأمامية الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
TT

تركيا: لا تأجيل ولا إلغاء للعملية في شمال سوريا

مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا يتجمعون على الخطوط الأمامية الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا يتجمعون على الخطوط الأمامية الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)

أعلنت تركيا أنها لن تتراجع أو تؤجل عملية عسكرية ضد مواقع خاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» في شمال سوريا، مؤكدة أنها لن تستجيب لأي محاولات لثنيها عنها، وأنها تتعرض لاستهداف مسلح من جانب «وحدات حماية الشعب» الكردية؛ أكبر مكونات قسد.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن بلاده لن تتراجع أو تؤجل العملية العسكرية التي تخطط لتنفيذها ضد «قسد» في سوريا. ونفى أن تكون بلاده تلقت نصائح من أجل ثنيها عنها خلال قمة قادة دول «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» في مدريد مؤخراً.
ورغم أن أنقرة لم تحدد موعداً للعملية العسكرية التي أعلنت عنها للمرة الأولى في مايو (أيار) الماضي، مكتفية بالقول إنها ستنفذ حال استكمال التحضيرات، فإن أكار قال إنه يؤكد ما سبق أن قاله الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من أن العملية ستنفذ بين ليلة وضحاها. وقال أكار: «إننا مصممون وعازمون على القيام بذلك في المستقبل، ونحن قادرون على ذلك».
وأشار أكار، خلال كلمة أثناء لقائه قادة وضباط وجنود الوحدات العسكرية التركية في منطقة داغليجا الحدودية مع العراق بولاية هكاري، جنوب شرقي تركيا (الأحد)، إلى أن بلاده بصدد وضع خطط متعلقة بكل ما يجب القيام به، والإجراءات المتعلقة بالعملية وآلية تنفيذها.
وشدد الوزير التركي على أن بلاده لا تريد حدوث صدام وصراع ساخن مع الولايات المتحدة التي تدعم قوات «قسد» في إطار حربها ضد «داعش» في سوريا، لكنه أكد في الوقت ذاته تمسك أنقرة بالعملية. وأوضح أن بلاده «تقوم بإجراءات لتقليل مخاطر الصراع»، مضيفاً: «لن نقدم على عملية غير مفهومة للمجتمع الدولي، بل سنجري عملية بشكل يتفهمه المجتمع الدولي».
وأضاف أن بلاده ستواصل عملياتها العسكرية ضد «الوحدات» الكردية في شمال سوريا و«حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق، لمنع تشكيل ما سماه «الممر الإرهابي» على حدود تركيا الجنوبية. وقال إن «هناك مضايقات خطيرة ضد القوات التركية في منبج وتل رفعت، في ريف حلب، وتركيا تتابع هذه المضايقات من وجهة نظر الخدمة العسكرية والمسائل التكتيكية والفنية، ولديها خطط تعمل وفقها في سبيل ذلك». أعلنت تركيا أنها تتعرض لاستهداف مسلح من جانب «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية أكبر مكوناتها، لا سيما من منطقتي منبج وتل رفعت، اللتين سبق أن أعلنت أنقرة أنها تحضر للقيام بعملية عسكرية فيهما، من أجل استكمال حزام أمني بعمق 30 كيلومتراً في عمق الأراضي السورية على حدودها الجنوبية.
وتابع الوزير التركي بأن القوات التركية تواصل عملياتها لمكافحة الإرهاب داخل البلاد وخارجها «حتى القضاء على آخر إرهابي، وإحلال الأمن والسلامة في الحدود التركية». لافتاً إلى أن القوات التركية حيدت أكثر من 2200 مسلح في شمال سوريا والعراق، منذ بداية العام الحالي، من عناصر الوحدات الكردية وحزب «العمال» الكردستاني.
ويهدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان منذ أواخر مايو (أيار) الماضي، بإطلاق عملية عسكرية مفاجئة تستهدف مناطق سيطرة قوات «قسد» في منبج وتل رفعت في شمال سوريا، إلا أن العملية لم تنطلق حتى الآن بسبب تحذيرات من الولايات المتحدة وروسيا اللتين أعربتا عن معارضتهما لها، وأكدتا أنها ستعرض أمن المنطقة للخطر، فضلاً عن عرقلة جهود القضاء على خلايا تنظيم «داعش».
وتعتبر تركيا «وحدات حماية الشعب» الكردية في سوريا، ذراعاً لحزب «العمال» الكردستاني، المصنف لديها منظمة إرهابية، بينما تعتبرها الولايات المتحدة أوثق حليف في الحرب على «داعش». ويعد هذا التباين أحد الملفات الخلافية العالقة بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وتقول تركيا إن العملية العسكرية المحتملة تهدف إلى استكمال إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، بهدف إنشاء حزام أمني على الحدود الجنوبية لتركيا، لمنع الهجمات التي تتعرض لها من جانب «قسد». وحدد إردوغان العملية المحتملة بالمناطق الخاضعة لسيطرة «قسد»، في منبج وتل رفعت بريف حلب بين «ليلة وضحاها»، عندما تكتمل التحضيرات الخاصة بها.
ودفع الجيش التركي في الأيام الأخيرة بتعزيزات ضخمة إلى قواته المنتشرة في حلب، كما صدرت تعليمات إلى فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا برفع درجة الجاهزية والاستعداد. وقال بعض القادة العسكريين، إن العملية التركية باتت أقرب من أي وقت مضى، وستنفذ على جميع محاور القتال على هيئة هجمات شاملة خاطفة.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.