اندلعت حركة احتجاجية ضد الأزمة الاقتصادية الخانقة في سريلانكا منذ أشهر. وتعهد الرئيس غوتابايا راجاباكسا بالاستقالة بحلول 13 يوليو (تموز) بعد إجباره على مغادرة قصره، في ظل أزمة غير مسبوقة منذ استقلال هذه الجزيرة في عام 1948، والتي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة.
فيما يلي بعض أبرز أسباب هذه الأزمة، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
الأخوان راجاباكسا
تسلم غوتابايا راجاباكسا (73 عاماً) الرئاسية منذ عام 2019، وهو أحد أفراد عائلة هيمنت على الحياة السياسية في سريلانكا لمدة عقود. أما شقيقه ماهيندا (76 عاماً)، فشغل رئاسة البلاد لعقد حتى عام 2015. في عهده، تحولت سريلانكا إلى دولة مُرتبطة بالصين بشكل كبير، إذ جرى التعاقد معها على ديون ضخمة لتمويل مشاريع بنية تحتية كبرى حامت حولها شبهات الفساد.
يلقى ماهيندا دعم الغالبية العرقية السنهالية، لأنه هزم مقاتلي نمور التاميل في عام 2009، مُنهياً بذلك 37 عاماً من الحرب الأهلية. آنذاك، كان غوتابايا وزير الدفاع كما قاد القوات المسلحة والشرطة. عند توليه الرئاسة، عين شقيقه غوتابايا في منصب رئيس الوزراء، لكن ماهيندا اضُطر إلى الاستقالة في مايو (أيار) بعد اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين.
تدهور الاقتصاد.
عانى قطاع السياحة الذي يعد حيوياً لاقتصاد الجزيرة، تداعيات الهجمات الإرهابية في أبريل (نيسان) 2019 على الكنائس والفنادق (279 قتيلاً بينهم 45 أجنبياً)، ثم جائحة (كوفيد - 19).
كما أدت أكبر تخفيضات ضريبية في تاريخ الجزيرة، منحها غوتابايا عند توليه الرئاسة، إلى إفراغ خزائن الدولة. ووجدت سريلانكا نفسها بدون عملات أجنبية كافية لاستيراد ما تحتاج إليه من طعام ودواء ووقود.
رغم المساعدات من الهند ودول أخرى في أبريل 2022، تخلفت الدولة عن سداد ديونها الخارجية البالغة 51 مليار دولار، وتسعى إلى الحصول على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.
نقص الغذاء
يعيش السريلانكيون منذ أشهر في ظل نقص الغذاء والدواء وانقطاع التيار الكهربائي، بسبب شح الوقود الذي يحد أيضاً من التنقل. وفاقم التضخم المتسارع، الذي بلغ 55 في المائة في يونيو (حزيران) وحده، أزمة غلاء المعيشة. وحذرت الأمم المتحدة من أن البلاد تواجه خطر أزمة إنسانية كبيرة، بعدما اضطر أكثر من ثلاثة أرباع السكان إلى تقليص نظامهم الغذائي.
وبعد أشهر من التظاهرات، هاجم أنصار الرئيس المتظاهرين بعنف في مايو. وقُتل تسعة أشخاص، كما أُصيب المئات في الاشتباكات التي أدت إلى استقالة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا، شقيق الرئيس.
ومع ذلك، تمكن غوتابايا من التمسك بالسلطة عبر تعيين السياسي المخضرم رانيل ويكرمسينغ رئيساً للحكومة. وأضرم المتظاهرون في التاسع من يوليو النار في منزل الأخير، وأجبروا الرئيس على الفرار من القصر الرئاسي الذي اقتحموه، قبل أن يعلن عزمه على الاستقالة الأسبوع المقبل.
الخطوات المقبلة
بحسب القانون، سيكون أمام البرلمان شهر لاختيار خليفته. لكن رئيس البرلمان وعد بقرار في هذا الشأن في نهاية الأسبوع، إلا أنه قد يكون من الصعب تحقيق هذا الوعد، لأن لا أحد من أعضاء البرلمان يبدو قادراً على الحصول على الدعم الكافي.
وقال النائب دارمالينغام سيثادثان الذي ينتمي إلى أقلية التاميل لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن مقبلون على فترة خطيرة من عدم اليقين». وأضاف: «كان ينبغي على غوتا أن يستقيل على الفور لتفادي فراغ السلطة».