ميقاتي ينأى عن تعطيل حكومته ويحشر عون دولياً

TT

ميقاتي ينأى عن تعطيل حكومته ويحشر عون دولياً

استبق «التيار الوطني الحر» ردّ رئيس الجمهورية ميشال عون على التشكيلة الوزارية التي تسلّمها من رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، وبادر إلى رفضها، بعد أن تولى تسريبها إلى معظم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وهذا ما أزعج ميقاتي، وكان وراء اتهام مصادر مقربة من دوائر القصر الجمهوري بأنها تولّت تسريبها، برغم أنه كتب أسماء الوزراء الواردة في التشكيلة بخط يده لقطع الطريق على تسريبها.
«التيار الوطني الحر»، كما تقول المصادر المقربة، لم ينتظر رد فعل عون على التشكيلة الوزارية، وسمح لنفسه بأن ينوب عنه في رفضها برعايته للحملة الإعلامية المنظّمة التي استهدفتها بطلب مباشر من النائب جبران باسيل، مع أنه يدرك سلفاً أن ما قام به ميقاتي يأتي في سياق صلاحياته الدستورية التي تمنحه حق اختيار الوزراء، ويعود لعون أن يطلب إدخال تعديلات عليها، أو يمتنع عن التوقيع على مرسوم تشكيلها.
كما أن «التيار الوطني الحر» وإن فوجئ بتوجّه ميقاتي إلى بعبدا لتسليم عون نسخة من التشكيلة الوزارية بعد أقل من 24 ساعة على انتهائه من الاستشارات النيابية، فإن مفاجأته تكمن بعدم تخصيص اللقاء الأول بينهما بعد الاستشارات، لإطلاع رئيس الجمهورية على نتائجها والتشاور معه في الإطار السياسي للتركيبة الوزارية المنشودة، إضافة إلى أنه سلّم عون التشكيلة إصراراً منه على عدم إدخال شريك ينوب عن عون، ويتولى التفاوض مع الرئيس المكلف، على غرار ما كان يحصل في السابق.
وربما أخطأ «التيار الوطني» في تقديره لعامل السرعة الذي أملى على ميقاتي اختيار التوقيت المناسب لإيداعه التشكيلة الوزارية لدى عون، لئلا يقحم نفسه في لعبة الابتزاز ورفع سقف المطالب؛ خصوصاً أن عون سيحيله على باسيل، ليس للوقوف على رأيه فحسب، وإنما لتلبية بعض شروطه؛ خصوصاً أن عون، كما يقول مرجع حكومي سابق لـ«الشرق الأوسط»، لا يحرّك ساكناً من وراء ظهر وريثه السياسي، فكيف إذا كانت المسألة تتعلق بتشكيل آخر الحكومات في عهد عون؟
ويلفت المرجع الحكومي إلى أن عون يخطئ إذا اعتقد أنه لا يزال في الموقع الذي يتيح له إملاء شروطه لأنه لن يجد من يشاركه وصهره باسيل في تعطيل تشكيل الحكومة العتيدة، وتحديداً في حال قرر الاعتماد على حليفه «حزب الله» الذي لن يجاريه في تصعيده السياسي، لأنه لا يعترض على التشكيلة الوزارية المطعّمة التي أعدها ميقاتي، وأمّن لها شبكة الأمان، لتوفير كل أشكال الحماية لحكومته التي يمكن أن يعيق عون ولادتها.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن «حزب الله» ليس في وارده تسجيل اعتراضه أو تحفّظه على التشكيلة الوزارية، وأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري وافق عليها، وهو لم ينقطع عن التواصل مع ميقاتي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي اتخذ قراره بتسهيل مهمة الرئيس المكلف، من دون أن يشارك في الحكومة، ويمكن أن يعيد النظر في موقفه باتجاه منحها الثقة، بعد أن أدى التعديل الوزاري إلى استبعاد الوزير عصام شرف الدين، المحسوب على النائب السابق طلال أرسلان، واستبداله بالوزير وليد عساف الذي يدور في فلك «اللقاء الديمقراطي».
فالحكومة المطعّمة التي تقدّم بها ميقاتي تُعتبر من وجهة نظر المرجع الحكومي السابق أفضل الممكن، وإن كانت أقل من المطلوب، ولا خيار أمام الرئيس المكلف سوى الإسراع في إعدادها، لأن ضيق الوقت لا يسمح بالمراوحة، وتأتي استجابته لإصرار معظم الكتل النيابية التي أيدت تكليفه بتشكيلها على ضرورة الإسراع في إنجازها.
لكن يبقى الأهم من وجهة نظر مصدر سياسي بارز أن ميقاتي أراد أن يوجّه رسالة يتجاوز فيها الداخل إلى الخارج، مع استعداد لبنان لاستضافة مؤتمر وزراء الخارجية غداً (السبت) لإعلام المؤتمرين بأنه يتحمّل مسؤوليته بالكامل، ولن يسمح بهدر الوقت وإضاعة الفرصة بتشكيل حكومة تأخذ على عاتقها مواصلة الجهود لإنقاذ البلد.
كما أن ميقاتي، بحسب المصدر نفسه، أراد أن يتوجّه بموقفه إلى المجتمع الدولي بأنه ماضٍ في تحمّل مسؤوليته ولن يستسلم للابتزاز أو للشروط التي تمنعه من الالتفات إليه طلباً لمساعدة لبنان لإخراجه من أزماته الكارثية، وهذا ما سيؤدي حكماً إلى إحراج عون، في حال بادر إلى تصعيد موقفه لمنع تشكيل حكومة لا تأتي على قياس باسيل وتلبي طموحاته.
وعليه، يتحصّن ميقاتي برعاية دولية وعربية، ليس لرفع المسؤولية عنه في تأخير تشكيل الحكومة فحسب، وإنما لمحاصرة عون الذي لن يكون أمامه خيار سوى رفض التشكيلة الوزارية، ما يضطر ميقاتي إلى إحراجه بطرح صيغة بديلة قد تكون الأخيرة، مع أن مثل هذا الخيار لم يتم التداول فيه، وقد يكون البديل الذي هو في متناول اليد الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال، وإنما هذه المرة على وقع اندلاع اشتباك سياسي لن يبقى محصوراً بعون وميقاتي، وإنما قد يتمدد باتجاه الدول الداعمة لاستمرار ميقاتي على رأس الحكومة.
ومع أن عون أبلغ معظم السفراء المعتمدين لدى لبنان أنه لن يبقى دقيقة واحدة في بعبدا بعد منتصف ليل 31 أكتوبر (تشرين الأول)، فإن فريقه السياسي يسعى الآن لابتداع «فذلكة» دستورية تجيز له التمديد لمنع إغراق البلد في الفراغ، في حال تعذّر انتخاب رئيس جديد خلال المهلة الدستورية، ويمكن إذا ما تقيّد بها أن تجلب الويلات له في ردّ فعل المجتمع الدولي حيال عدم التزامه بالدستور؛ خصوصاً أن الظروف الدولية والعربية التي كانت وراء عدم انتخاب رئيس خلفاً للرئيس أمين الجميل لم تعد قائمة، وهذا ما سيؤدي إلى إطباق الحصار الدولي على عون.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل تعلن تدمير أغلب الصواريخ «أرض - جو» في سوريا

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر قاعدة جوية عسكرية سورية تقع جنوب دمشق استُهدفت بضربات إسرائيلية (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر قاعدة جوية عسكرية سورية تقع جنوب دمشق استُهدفت بضربات إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعلن تدمير أغلب الصواريخ «أرض - جو» في سوريا

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر قاعدة جوية عسكرية سورية تقع جنوب دمشق استُهدفت بضربات إسرائيلية (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر قاعدة جوية عسكرية سورية تقع جنوب دمشق استُهدفت بضربات إسرائيلية (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي تدمير أكثر من 90 في المائة من الصواريخ «أرض - جو» في سوريا، التي كانت إسرائيل على علم بها، في الأيام الأخيرة.

وقال بيان للجيش الإسرائيلي، نقلته «وكالة الأنباء الألمانية»، إنه على الرغم من أن أنظمة الدفاع الجوي السورية كانت من بين أقوى أنظمة الدفاع الجوي بالشرق الأوسط، فإن الغارات الجوية الإسرائيلية حققت «نجاحاً كبيراً بفعل تفوق القوات الجوية الإسرائيلية في المنطقة».

وأضاف البيان أن إسرائيل ألحقت أيضاً أضراراً بالغة بأسلحة استراتيجية أخرى في سوريا؛ منها صواريخ أرض - أرض وطائرات مسيَّرة وطائرات مقاتِلة.

وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أن «هيئة تحرير الشام»، التي تقود الفصائل المعارِضة السورية، التي شكَّلت الحكومة الجديدة في دمشق، لم تعد قادرة على تهديد إسرائيل بالأسلحة المتقدمة التي كانت تمتلكها سوريا في عهد بشار الأسد.