قرار المحكمة الأميركية العليا يشعل الصراع السياسي قبيل الانتخابات النصفية

بايدن وصف حظر الإجهاض بـ«الخطأ المأسوي» وسط ردود فعل دولية غاضبة

احتجاج ضد قرار المحكمة العليا حظر الإجهاض في بورتلاند أوريغون أول من أمس (أ.ف.ب)
احتجاج ضد قرار المحكمة العليا حظر الإجهاض في بورتلاند أوريغون أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

قرار المحكمة الأميركية العليا يشعل الصراع السياسي قبيل الانتخابات النصفية

احتجاج ضد قرار المحكمة العليا حظر الإجهاض في بورتلاند أوريغون أول من أمس (أ.ف.ب)
احتجاج ضد قرار المحكمة العليا حظر الإجهاض في بورتلاند أوريغون أول من أمس (أ.ف.ب)

بعدما وضع قرار المحكمة الأميركية العليا حظر الإجهاض الولايات المتحدة، من بين 3 دول فقط في العالم تفرض قيوداً على الإجهاض، يُتوقع أن تتحول القضية إلى واحدة من أكثر القضايا سخونة في الانتخابات النصفية التي ستجري في الخريف المقبل، وسط استعدادات سياسية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لاستغلالها كل لمصلحته.
الرئيس الأميركي جو بايدن، في كلمته للأميركيين مساء الجمعة، وصف قرار المحكمة بـ«خطأ مأسوي» نابع من «آيديولوجيا متطرفة»، وعدّه «يوماً حزيناً للمحكمة والبلد»، داعياً الأميركيين إلى الدفاع عن الحق في الإجهاض خلال انتخابات الخريف المقبل. وأضاف بايدن أن «صحة وحياة النساء في هذه الأمة في خطر الآن»، محذراً من أن حقوقاً أخرى قد تتعرض للتهديد مستقبلاً، مثل الزواج المثلي ووسائل منع الحمل.
أميركا محرجة أمام العالم
بيد أن موقف بايدن لم يكن وحيداً، حيث عمد العديد من الوزراء في إدارته إلى الإعلان عن مواقف رافضة لقرار المحكمة، وخصوصاً من وزيري الخارجية والدفاع، نظراً إلى انعكاساته على العاملين والموظفين في هاتين الوزارتين، والإحراج الذي تسبب به لصورة الولايات المتحدة، داخل البلاد وخارجها.
وأصدر وزير الخارجية أنتوني بلينكن بياناً قال فيه، إنه عادة ما يتجنب التعليق على قرارات المحكمة العليا «لكن قرارها إلغاء حق الإجهاض، أثار أسئلة ومخاوف مفهومة في جميع أنحاء العالم وداخل القوى العاملة لدينا... لكي أكون واضحاً، ستظل الخارجية في ظل هذه الإدارة ملتزمة تماماً بالمساعدة في توفير الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية وتعزيز الحقوق الإنجابية في جميع أنحاء العالم. وستبذل هذه الإدارة كل ما في وسعها لضمان حصول جميع موظفينا على خدمات الصحة الإنجابية، أينما كانوا، ولن نتراجع عن هذا الالتزام».
وزير الدفاع لويد أوستن قال في بيان: «ليس هناك ما هو أكثر أهمية بالنسبة لي أو لهذا القسم من صحة ورفاهية أعضاء خدمتنا والقوى العاملة المدنية وعائلات وزارة الدفاع... أنا ملتزم برعاية شعبنا وضمان جاهزية ومرونة قواتنا، ونقوم بفحص هذا القرار عن كثب وتقييم سياساتنا لضمان استمرارنا في توفير وصول سلس إلى رعاية الصحة الإنجابية على النحو الذي يسمح به القانون الفيدرالي». ووصف زعماء العالم والمدافعون عن حقوق الإجهاض الحكم بأنه «مروع ومرعب». وتجمعت بعض الحشود الاحتجاجية في مدن من بينها لندن وباريس وإدنبرة.
وبعد دقائق فقط من الحكم، كتبت رئيسة الوزراء الأسكوتلندية نيكولا ستورجون على «تويتر»: «أحد الأيام الأكثر ظلمة بالنسبة لحقوق المرأة في حياتي».
كما وصف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو القرار بأنه «مروع»، قائلاً: «لا ينبغي على أي حكومة أو سياسي أو رجل أن يخبر المرأة بما يمكنها فعله وما لا تستطيع فعله بجسدها».
وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على «تويتر»: «الإجهاض حق أساسي لجميع النساء. أعبر عن تضامني مع النساء اللواتي طعنت المحكمة العليا الأميركية في حرياتهن».
وقالت أكثر من 100 منظمة رعاية صحية عالمية، في بيان، الجمعة، إن الولايات المتحدة «لا تتماشى مع التزام المجتمع الدولي بالنهوض بحقوق الإنسان».
ورغم أن استطلاعات الرأي كانت قد أظهرت معارضة أكثر من 60 في المائة من الأميركيين إلغاء ما يعرف بقرار «رو ضد وايد»، الذي يعطي الحق للمرأة في الإجهاض الصادر عام 1973. ألغت المحكمة العليا الأميركية التي يهيمن عليها المحافظون القرار، لتسمح للولايات بالحق في تقييد الأمر كما كان سائداً قبل السبعينات. وهو ما تسبب بموجة صادمة في البلاد.
وأعلنت المحكمة أن «الدستور لا يمنح الحق في الإجهاض... تعاد سلطة تنظيم الإجهاض إلى الناس وممثليهم المنتخبين».
وعلى الفور، تفاعلت الولايات الأميركية بشكل متفاوت مع قرار المحكمة العليا، حيث خرجت مظاهرات واحتجاجات في عدد منها، مقابل مظاهرات مؤيدة له، وخصوصاً في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون. وتوقعت العيادات التي تقدم خدمات الإجهاض في بعض الولايات التي تتيح الإجهاض زيادة في أعداد النساء خاصة من خارج الولاية، وفق تقارير إعلامية عدة. وهناك 22 ولاية يسيطر عليها الجمهوريون، لديها قوانين جاهزة لحظر عمليات الإجهاض، ستبادر إلى تطبيقها بعد صدور قرار المحكمة العليا، مقابل 16 ولاية يسيطر عليها الديمقراطيون، لديها قوانين تحمي الحق بالإجهاض. في حين أن الولايات الباقية، التي ليس لديها هذا القانون، يستعد المشرعون فيها لإقرار قوانين تقيد الإجهاض أو تحميه.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» فإن بعض العيادات اتخذت إجراءات فردية فور صدور القرار، كما حصل في ولاية تكساس، رغم أن قانون حظر الإجهاض الذي أصدرته الولاية قبل أشهر، لن يدخل حيز التنفيذ قبل أسابيع، فإن عيادات تنظيم الأسرة أوقفت عمليات الإجهاض الجمعة. ويسمح قانون تكساس بحظر عمليات الإجهاض، حتى لو كان ناتجاً عن الاغتصاب أو سفاح القربى، ويتوقع أن يدخل حيز التنفيذ في غضون 30 يوماً بعد قرار المحكمة العليا.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

استطلاع: 2 بين كل 10 أميركيين يؤيدان قرار بايدن العفو عن نجله

TT

استطلاع: 2 بين كل 10 أميركيين يؤيدان قرار بايدن العفو عن نجله

هانتر بايدن (أ.ب)
هانتر بايدن (أ.ب)

أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجرته وكالة «أسوشييتد برس» ومركز «نورك» لأبحاث الشؤون العامة، أن نحو 2 من كل 10 أميركيين فقط يؤيدان قرار الرئيس الأميركي جو بايدن بالعفو عن نجله هانتر، بعدما تعهّد سابقاً بعدم القيام بمثل هذا الأمر.

ويتماشى هذا الاستياء مع ردود الفعل الغاضبة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في ظل تراجع الرئيس عن موقفه السابق. وأظهر الاستطلاع أن نسبة صغيرة نسبياً من الأميركيين تؤيد «بشدة»، أو «إلى حد ما» العفو الذي صدر بعد إدانة هانتر بتهم تتعلق بالسلاح والضرائب.

وقال نحو نصف المشاركين في الاستطلاع إنهم يعارضون «بشدة» أو «إلى حد ما» قرار العفو، في حين لم يبد نحو 2 من كل 10 تأييداً أو رفضاً.

وصرّح الرئيس الديمقراطي، مراراً وتكراراً، بأنه لن يستخدم سلطته في العفو لصالح عائلته، وواصل البيت الأبيض تأكيد موقف بايدن، حتى بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قبل أن يتغيّر الموقف بصورة مفاجئة.

وقال بيتر بريستيا، البالغ من العمر 59 عاماً، وهو جمهوري من وودلاند بارك بولاية نيوجيرسي، إنه يعارض بشدة هذه الخطوة، مضيفاً: «أعلم أنه ليس من الصواب أن نصدّق أقوال الساسة مقارنة بأفعالهم، لكن بايدن قال بوضوح: لن أعفو عن نجلي... الحقيقة هي أنه خان وعده».

وأظهر الاستطلاع أن نحو 4 من بين كل 10 ديمقراطيين يؤيدون العفو، في حين يعارضه نحو 3 من بين كل 10، ولم يبد نحو ربع المشاركين في الاستطلاع رأياً، في حين رفضت الغالبية العظمى من الجمهوريين ونحو نصف المستقلين قرار العفو.

كما أظهر الاستطلاع أن 6 من بين كل 10 بالغين بيض لا يؤيدون العفو، مقارنة بأقل من نصف البالغين من أصل إسباني ونحو 3 من كل 10 بالغين من السود.

ووجد الاستطلاع أن نسبة كبيرة نسبياً من الأميركيين السود واللاتينيين، نحو 3 من كل 10، كانت محايدة إزاء القرار.