بروتوكولات تكشف الدور الإسرائيلي في لبنان ومجازر صبرا وشاتيلا

تقرير نشرته «يديعوت أحرونوت» بمناسبة مرور 40 عاماً على حرب 1982

TT

بروتوكولات تكشف الدور الإسرائيلي في لبنان ومجازر صبرا وشاتيلا

كُشف النقاب عن بروتوكولات حكومية قديمة تتعلق بحرب لبنان الأولى، أمس الجمعة، تبين كم كان عميقاً ومباشراً الدور الإسرائيلي في ارتكاب المجازر في مخيمي اللاجئين الفلسطينيين صبرا وشاتيلا، قرب بيروت، وأيضاً في فرض انتخاب الرئيس اللبناني الذي قتل لاحقاً، بشير الجميل، بلغت حد نقل أعضاء في البرلمان تحت تهديد السلاح، كي يصوتوا لصالحه وهو الذي كان في حينه زعيم حزب الكتائب، ووعد بتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل.
ويتضح مما ورد في هذه البروتوكولات، التي نشرها المتخصص في شؤون المخابرات، رونين بيرغمان، الذي يعمل في صحيفتي «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية و«نيويورك تايمز» الأميركية، أن المسؤولين العسكريين والأمنيين الإسرائيليين وقادة حزب الكتائب في ذلك الوقت عملوا معاً على تنسيق رواية تبعد عنهم المسؤولية المباشرة عن المجازر، التي راح ضحيتها نحو 1300 فلسطيني، في 16 و17 سبتمبر (أيلول) عام 1982. وقال بيرغمان إن مضمون البروتوكولات، التي وقعت بين يديه، يتناقض بالمطلق مع عدد كبير للغاية من بروتوكولات اجتماعات رسمية مشابهة عُقدت في تلك الفترة.
وتتناول البروتوكولات وقائع الاجتماع السري الذي عقده الإسرائيليون مع عدد من قادة الكتائب في قلب بيروت في 19 سبتمبر (أيلول)، أي بعد يومين من المجزرة، وشارك فيه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، رفائيل إيتان (رفول)، وقائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، أمير دروري، ورئيس شعبة «تيفيل» في الموساد المسؤولة عن العلاقات الخارجية، مناحيم نيفوت، ورافقتهم حاشية وحراس كثيرون. وبحسب بيرغمان، فإن «إيتان كان غاضباً خلال الاجتماع مع قيادة الكتائب، الذي ارتكب عناصره المجزرة انتقاماً لاغتيال زعيمهم ورئيس لبنان المنتخب، بشير جميل، على أيدي المخابرات السورية، قبل المجزرة بخمسة أيام. وكان العالم عاصفاً في أعقاب مشاهد مئات الجثث وحمل إسرائيل المسؤولية». وقد أراد الإسرائيليون هذا الاجتماع بهدف تقليص الأضرار. وكتب بيرغمان: «لم يهتم إيتان بالجانب الأخلاقي، ولم يكن يريد توبيخ قادة الكتائب بسبب ارتكابهم المجزرة، بعدما مكنتهم إسرائيل من دخول المخيمين، وإنما تنسيق الرواية التي ستُعرض أمام العالم». وأوضح إيتان لقادة الكتائب أنه يخشى أن تؤدي الضجة العالمية بعد المجزرة إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من بيروت، وقال: «يجب أن يقوم أحدكم ويشرح الموضوع بسرعة، ويقول إنكم شاركتم في مهمة محاربة مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية في المخيمات وأن ما حدث كان خارج عن سيطرتكم». واقترح دروري على الكتائب «نشر رواية تقول إن ما حصل هو امتداد لأحداث الدامور، أي المجزرة التي ارتكبتها قوات سورية ضد مسيحيين في لبنان، والتوضيح هذه ليست سياستكم. وبالإمكان القول إنه في الأماكن التي دخلتم إليها كانت تجري فيها معارك بين معسكرات داخل المخيمات وليس مع الكتائب فقط».وحسب التقرير، «قال أحد قادة الكتائب، خلال لقاء مع مسؤولين في الموساد، إنه بكل ما يتعلق بالقتال في بيروت، فإن قوات إيلي حبيقة ستعالج الموضوع مسبقاً». وحبيقة، وفقاً للتقرير، هو قائد مجموعة من القتلة المتعطشين للدماء الذين قادوا ارتكاب المجزرة في صبرا وشاتيلا.
وأشار التقرير الذي نشرته «يديعوت أحرونوت»، أمس، لمناسبة مرور 40 عاماً على حرب لبنان، إلى أنه رغم أن دروري كان يعلم جيداً أن الكتائب هم الذين ارتكبوا المجزرة، فإنه اقترح «رواية كاذبة، بأن قسماً من ضحايا المجزرة على الأقل قُتلوا في حرب داخلية بين سكان المخيمين».
وحسبما ورد في البروتوكول، رد جوزيف أبو خليل، وهو أحد قادة الكتائب، قائلاً إن «ما تريدونه عملياً هو أن نتحمل مسؤولية هذا الأمر، وهذا مستحيل في الوضع السياسي الحالي. وينبغي معالجة ذلك بصورة يومية، وبشكل ضبابي. لا يمكننا الاعتراف بأن الكتائب ارتكبت ذلك، من خلال الاستمرار بالنفي». ولخص إيتان النقاش بالقول إنه «أوضحنا موقفنا وهم (الكتائب) سيدرسون الأمر ويقررون، لكن الحقائق معروفة».
- جهد للتعاون بين إسرائيل اليهودية ولبنان المسيحي
ويذكر التقرير أن «بين أهداف إسرائيل في تلك الحرب، كان تنصيب بشير الجميل رئيساً. وكتب رئيس «تيفيل» نيفوت في مذكرة بعثها إلى قادة الجيش والاستخبارات الإسرائيلية أن «الأنشطة السياسية الداخلية (في لبنان) تستند إلى وجود متواصل للجيش الإسرائيلي. وبالنسبة للكتائب، هذا يمكن أن يستمر لعدة سنوات، طالما لم ينسحب السوريون والمخربون الفلسطينيون». وأضاف: «لقد بدأ مجهود مركز من أجل تطوير علاقات في مجالات الاقتصاد والثقافة بين الظاهرتين المميزتين، إسرائيل اليهودية ولبنان المسيحي... ونشهد فعلاً ظاهرة جديدة في علاقات إسرائيل ومكانتها الإقليمية، وهي ظاهرة لها احتمال وقوة اقتصادية وسياسية من الدرجة الأولى».
- شارون وقادة الكتائب خططوا لاحتلال بيروت
ويوضح التقرير أن وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه، أريئيل شارون، خطط سوية مع إيتان والكتائب لاحتلال بيروت بعملية عسكرية مشتركة، أطلق عليها تسمية «الشرار».
وفي موازاة ذلك تعهد شارون مراراً للحكومة والكنيست والرأي العام في إسرائيل بأن الجيش الإسرائيلي لن يدخل إلى بيروت أبداً. وقال: «لا أقترح أي هجوم على بيروت، وأي تحرك إلى داخل بيروت». لكن الأوامر التي أصدرها شارون للجيش، خلال اجتماع في مكتبه في 11 يوليو (تموز) 1982، كانت معاكسة: «ينبغي القضاء على القسم الجنوبي (من بيروت الذي تتواجد فيه المخيمات الفلسطينية ومقاتلو منظمة التحرير). يجب القضاء على كل ما بالإمكان القضاء عليه، وتدميره حتى أساسه». وطالب نائب وزير الدفاع، مردخاي تسيبوري، بعقد اجتماع للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية ودعوة قادة الجيش إليه، وسألهم تسيبوري «أسئلة ثاقبة». لكن التقرير نقل عن عزريئيل نيفو، السكرتير العسكري لرئيس الحكومة، مناحيم بيغن، قوله إنه بعد طرح تسيبوري أسئلته على الضباط «كان شارون ينظر إليهم. وواضح أنه يتوقع منهم إجابة معينة، وبإمكانك أن ترى أن الضباط كانوا يذبلون تحت نظراته».أضاف التقرير أن ضباطاً كباراً بدأوا يروون الحقيقة لنيفو، بشكل سري. والتقى أحد هؤلاء الضباط، برتبة لواء وكان يخشى شارون، مع نيفو سراً في مكان بعيد عن مكتبيهما من أجل أن يبلغ السكرتير العسكري بتقدم القوات الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية إلى مناطق تتجاوز تلك التي صادقت عليها الحكومة.
المعروف أن شارون ومستشاريه، ادعوا بعد مجزرة صبرا وشاتيلا بأنه لم يتم التعبير عن معارضة حقيقية في إسرائيل للتعاون مع الكتائب، إلا أن التقرير يعطي صورة أخرى. فحسب وثائق سرية لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) تبين أنها حذرت من أن «الكتائب يميلون إلى إخفاء حقائق والكذب وطمس أمور، تقاريرهم تتميز بعدم ملاءمة الواقع» وأن «مقاتلي الكتائب يستغلون وجود قواتنا من أجل التوغل في مناطق لم تكن تحت سيطرتهم من قبل. ويعتزمون ترسيخ وجودهم وتطهير هذه المناطق من خصومهم. ويوجد تخوّف من جانب السكان المحليين من أن يؤدي هذا الأمر إلى تصفية حسابات عنيفة».
كما حذرت وثيقة أخرى، من 15 سبتمبر، أي بعد مقتل بشير جميل، من أن «الاغتيال ينشئ ظروفاً لتشديد التقطب بين القوى في لبنان، التي تسعى إلى تصفية حسابات متبادلة والتدهور الذي سيحدث قد يتطور إلى حرب أهلية شاملة».
- بيغن يأذن لشارون باحتلال العاصمة اللبنانية
وتابع التقرير أنه في أعقاب مقتل بشير الجميل، حصل شارون على مصادقة بيغن على احتلال بيروت، لكن الحكومة الإسرائيلية لم تُبلغ بذلك إلا بعد احتلال بيروت. وتقرر احتلال بيروت بعد أسبوع من إعلان إيتان أنه بقي في العاصمة اللبنانية مكتب وعدد قليل من أفراد منظمة التحرير الفلسطينية، إلا أن «شارون ادعى فجأة أن هناك الآلاف. (إثر ذلك) سمح شارون للكتائب بالدخول إلى مخيمي اللاجئين من أجل «تطهيرهما» من «آلاف المخربين»، ما يعني أن شارون أصدر الأمر للكتائب بارتكاب المجزرة في صبرا وشاتيلا.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

السلطة الفلسطينية تتهم جهات إقليمية بالوقوف خلف المسلحين بالضفة

العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)
العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)
TT

السلطة الفلسطينية تتهم جهات إقليمية بالوقوف خلف المسلحين بالضفة

العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)
العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)

اتهمت السلطة الفلسطينية جهات إقليمية بالسعي لتصعيد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، مستخدمةً المسلحين في مناطق في الضفة الغربية، فيما تعهدت بأن العملية في مخيم جنين شمال الضفة، ستستمر حتى السيطرة على المخيم.

وقال الناطق باسم قوى الأمن الفلسطينية، العميد أنور رجب، في مؤتمر صحافي في جنين، الخميس: «بعض الجهات الإقليمية تحاول تصعيد الأوضاع في فلسطين، من خلال الخارجين على القانون»، مهاجماً بعض وسائل الإعلام، التي قال إنها تبث الأكاذيب عن جنين.

وتشن السلطة عملية في جنين ضد مسلحين في المخيم، منذ نحو 4 أسابيع، في بداية تحرك هو الأقوى والأوسع من سنوات طويلة، ويُفترض أن يطول مناطق أخرى، في محاولةٍ لاستعادة المبادرة وفرض السيادة، لكنّ المسلحين في المخيم رفضوا تسليم أسلحتهم وأنفسهم، مما حوَّل العملية إلى مكلفة بشرياً، ومثار جدل داخلي.

أحد أفراد قوات الأمن الفلسطينية يقف حارساً ببندقية هجومية في مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتستمر العملية في جنين ضد المسلحين على الرغم من الخسائر البشرية والمادية، وتوسُّع الخلافات، والاتهامات الداخلية بين السلطة وفصائل أخرى، وعلى صعيد النسيج الاجتماعي، وعلى الرغم من أن إسرائيل بدأت عملية هي الأخرى ضد مناطق في شمال الضفة بعد هجوم مسلح قُتل فيه، الاثنين الماضي، 3 إسرائيليين قرب قلقيلية.

وأكد رجب أنه منذ بدء العملية منتصف الشهر الماضي قُتل 3 من المسلحين، واعتقل 247 من الخارجين عن القانون، 41 منهم تعرضوا للإصابة خلال مقاومتهم الاعتقال واشتباكهم مع الأجهزة الأمنية.

وقال رجب: «أبطلنا مفعول 17 سيارة مفخخة، وتم تفجير مركبتين، وسيطرنا على 3 معامل لتصنيع العبوات والمتفجرات، وجميعها كانت بين أماكن سكنية للمواطنين، كما سيطرنا على 16 موقعاً يستخدمها المسلحون لتخزين الأسلحة والغذاء، بعضها في مساجد أو جمعيات خيرية».

وأكد أن العملية طالت التمويل الخارجي للمسلحين، وهو تمويل -كما قال- يستهدف إدامة حالة الفوضى وتعزيزها. وحسبه، فقد اعتقلت السلطة 8 أشخاص متورطين بتمويل المسلحين في جنين وسيطرت على كثير من الخطوط التي كان يصل إليهم من خلالها التمويل الخارجي، وشمل ذلك «مصادرة مبالغ ضخمة من الدولار والشيقل كانت في طريقها للخارجين عن القانون».

وشدد رجب على أن الحملة هدفها بسط سيادة القانون في الأراضي الفلسطينية، وستستمر «حتى اعتقال كل الخارجين عن القانون وتفكيك هذه الحالة داخل المخيم».

مسلحون خلال تشييع جثمان الصحافية الفلسطينية شذى الصباغ في مخيم جنين (أرشيفية - رويترز)

الإعلان عن أن الحملة مستمرة، جاء على الرغم من عدة تدخلات ومطالبات مسؤولين وفصائل ومنظمات أهلية بالوصول إلى توافق داخلي خشية تمدد الاقتتال إلى مناطق أخرى في الضفة.

وكلَّفت الاشتباكات الفلسطينيين أكثر من 12 قتيلاً، نصفهم من الأجهزة الأمنية، وبينهم الصحافية شذى صباغ، وأب وابنه، وجميعهم يقول المسلحون إن السلطة قتلتهم، فيما تقول السلطة إن المسلحين هم الفاعلون.

وتدعم «منظمة التحرير الفلسطينية» وحركة «فتح» العملية في جنين، فيما تندد بها حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وفصائل. وانتقل هذا الخلاف الواسع إلى مواقع التواصل الاجتماعي بين فريق يؤيد عملية السلطة وآخر يعارضها، وتحول إلى مناسبة للشتم والتخوين والتحريض والتهديد.

تأتي اشتباكات جنين في مرحلة حساسة، وتعد اختباراً مهماً لقدرة السلطة على فرض نفسها في الضفة الغربية قبل قطاع غزة.

وحسب القناة 12 العبرية فإن كثيرين في إسرائيل «يراقبون عن كثب تصرفات السلطة الفلسطينية في جنين ووضعوا إنذاراً نهائياً في محادثات مغلقة مع كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، وأبلغوهم أنه إذا لم تأخذ السلطة زمام الأمور وتمكنت من التصرف، فإن إسرائيل ستدخل إلى هناك (مخيم جنين) وستتصرف».

تشييع أحد أفراد الأمن الفلسطيني بعد مقتله داخل مخيم جنين (أرشيفية - رويترز)

وترفض السلطة ربط العملية بإسرائيل، وتقول إنها مهمة للمصالح العليا للشعب الفلسطيني. لكنّ الإسرائيليين تحركوا في الضفة من جديد، وبدأوا عملية واسعة في الشمال، تستثني حتى الآن مخيم جنين. وبدأت العملية بعد قتل 3 إسرائيليين في هجوم تبنَّته «كتيبة جنين» التي تشتبك السلطة معها في مخيم جنين.

وتعهدت إسرائيل بالوصول إلى المنفّذين ومرسليهم. وتقول إسرائيل أيضاً إن إيران تحاول إشعال الضفة من خلال «حماس» و«الجهاد».

وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إنه خلال الأيام الماضية، نفّذت القوات الإسرائيلية عملية واسعة في منطقة الأغوار وشمال الضفة استهدفت كتائب «حماس» و«الجهاد» التي تعمل بتمويل وحماية إيرانية. وتتهم مصادر إسرائيلية إيران بالعمل على إنشاء جبهة في شمال الضفة.

وأشارت «معاريف» إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد لسيناريوهات متطرفة تشمل اختراق جدار الفصل ومحاولات للاستيلاء على مستوطنات في مناطق التماس في سيناريو يحاكي هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وبعد هجوم الاثنين، وسَّعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية وحوَّلتها إلى «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات.